التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

تشيلي تتوسع في استعمالات الهيدروجين الأخضر رغم المعارضة الشعبية

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • حماسة كبار المسؤولين تجاه الهيدروجين أصبحت شائعة، وخصوصًا في الصناعات التي تصعب كهربتها
  • • توقعات بارتفاع الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر بشكل كبير خلال العقود المقبلة
  • • إنتاج الهيدروجين المحايد كربونيًا يكلّف نحو 3 أضعاف نظيره القائم على الوقود الأحفوري
  • • بعض المجتمعات تعارض استعمال الهيدروجين الأخضر على المستوى المحلي

يشهد الهيدروجين الأخضر استعمالات واسعة النطاق في مختلف أنحاء تشيلي، إذ يعمل على دفع الغاز بخطوط الأنابيب في منطقة كوكيمبو، وتزويد الرافعات الشوكية بالوقود في مركز توزيع وول مارت في العاصمة سانتياغو.

بالإضافة إلى ذلك، يُصَنَّع هذا النوع من الوقود النظيف، مع ثاني أكسيد الكربون لإنتاج البنزين المحايد كربونيًا في إقليم ماجلان، وفق ما جاء في تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المقرر أن يُستعمل الهيدروجين الأخضر، خلال العام المقبل (2023)، بتشغيل قطار في مدينة أنتوفاغاستا وتبريد محطة للكهرباء في فالبارايسو، بحسب ما نشرته مجلة أميركاز كوارترلي (americasquarterly.org).

وأصبح اهتمام كبار المسؤولين تجاه الهيدروجين ملحوظًا، وخصوصًا في الصناعات التي يصعب كهربتها، مثل الصلب والشحن والطيران، وفي المقابل، يرى بعضهم أن الحكومة لا تقوم بدورها لنقل الهيدروجين الأخضر إلى المستوى التجاري.

الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر

من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر بشكل كبير خلال العقود المقبلة، وتهدف تشيلي إلى تصدير ما قيمته 30 مليار دولار من الموارد المتنوعة بحلول عام 2050.

وعلى الرغم من أن البلاد تتمتع بإمكانات وافرة في مجال الطاقة المتجددة لتحقيق هذه الغاية، فإنه يلزمها التغلب على العقبات الأساسية لتجنّب ذلك.

وتتمتع مبادرة الهيدروجين الأخضر بدعم رفيع المستوى من معظم الطيف السياسي في تشيلي، وهي إنجاز نادر في عصر الاستقطاب.

في أواخر عام 2020، أعلنت حكومة يمين الوسط للرئيس السابق، سيباستيان بينيرا، إستراتيجية وطنية لإنشاء صناعة الهيدروجين الأخضر لمنافسة قطاع تعدين النحاس العملاق في البلاد.

وتهدف البلاد إلى أن تصبح المنتج الأقلّ تكلفة في العالم بحلول عام 2030، وأن تكون من بين أكبر 3 مصدرين للهيدروجين بحلول عام 2040، بفضل الشحنات الافتتاحية المستهدفة للمدة 2027-2028.

الهيدروجين الأخضر

وتكرَّر تأجيل خطة العمل لطرح القواعد التنظيمية، وحوافز السوق، والتمويل الإضافي، وقد بدأ هذا يثير قلق المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص في الاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد على الإمدادات المستقبلية من تشيلي لتلبية متطلباته الطموحة في مجال الطاقة النظيفة.

لجنة إستراتيجية لصياغة خطة عمل

في يوليو/تموز، كلّف رئيس تشيلي، غابرييل بوريك، لجنة إستراتيجية لصياغة خطة عمل، ما يعكس الدعم السياسي الواسع النطاق لهذه الصناعة.

وشجع هذا الإجماع على ازدهار مقترحات مشروعات الهيدروجين من شركات مثل إيه إي إس، وإينيل وإي دي إف، وسيمنس، وأنتوفاغاستا مينرالز التي تهدف إلى الاستفادة من المزايا الطبيعية في تشيلي، وتحديدًا الشمس الساطعة في صحراء أتاكاما لتوسيع الطاقة الشمسية والرياح المستمرة في الجنوب لبناء طاقة الرياح.

تجدر الإشارة إلى أن الهيدروجين يصبح "أخضر" عند فصله عن الماء باستعمال الطاقة النظيفة، بدلًا من الوقود الأحفوري الذي يمثّل تقريبًا كل إنتاج الهيدروجين الحالي في جميع أنحاء العالم، بحسب ما نشرته مجلة أميركاز كوارترلي (americasquarterly.org).

وكان الافتقار إلى القوانين الواضحة، واستثمار رأس المال، وحوافز السوق، سببًا في تراجع الاهتمام.

وقال المدير التنفيذي لمجموعة إتش 2 تشيلي H2Chile التجارية، ماركوس كولكا، لمجلة أميركاز كوارترلي: "ما تزال هناك حماسة في القطاع الخاص، ولكن بإحساس مختلف في الواقع".

وأضاف "لكي تنطلق هذه الصناعة، عندما لا تزال التكاليف غير قادرة على المنافسة، يتعين على الدولة أن تؤدي دورًا رائدًا".

إزاء ذلك، ينتظر مطوّرو الهيدروجين خطة العمل المؤجلة، إذ يفوز المصدّرون الطموحون الآخرون، مثل أستراليا والولايات المتحدة، بالمزيد من العقود.

توفير الحوافز

قال رئيس قسم السياسات والأبحاث في وزارة الطاقة التشيلية، أليكس سانتاندر، لمجلة أميركاز كوارترلي، إن خطة العمل يجب أن تكون "طموحة و"عملية للغاية".

وأوضح سانتاندر أن الخطة ستحدد خطوات لتيسير التراخيص وتعزيز التمويل وتسريع التخطيط الإقليمي وتخفيف مخاطر تكلفة الطاقة الأساسية.

وفي قمة الهيدروجين الأخضر، التي انعقدت يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، في سانتياغو عاصمة تشيلي، قال وزير الطاقة، دييغو باردو، إن خطة العمل ستُنشَر للتعليق العام بحلول نهاية العام بعد دورتين إضافيتين للّجنة الإستراتيجية، وكان من المفترض في البداية أن تصدر الوثيقة في أغسطس/آب.

من ناحيتها، تقوم وزارة المالية بإعداد حوافز ضريبية لمشروعات الهيدروجين الأخضر، استكمالًا لتسهيل ائتماني جديد مدعوم دوليًا بقيمة مليار دولار، أُعلِن في يونيو/حزيران.

وقد تعهدت مؤسسات مثل بنك التنمية للبلدان الأميركية، والبنك الدولي، وبنك التنمية الألماني، وبنك الاستثمار الأوروبي، بقروض من شأنها حشد استثمارات تبلغ نحو 12.5 مليار دولار لتطوير صناعة الهيدروجين في تشيلي، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال وزير المالية التشيلي السابق، أندريس فيلاسكو، لمجلة أميركاز كوارترلي: "إن خط الائتمان هذا هو البداية، ولكنه ليس قريبًا بدرجة كافية من المجتمع الدولي".

وأردف: "لدى المطورين والمستثمرين شكوى مشروعة للغاية بشأن فشل النظام الدولي في التوصل إلى طريقة واضحة للغاية، وبأسعار معقولة، للحصول على المزيد من رأس المال في هذه الاستثمارات".

مشروع لإنتاج الهيدروجين
مشروع لإنتاج الهيدروجين – الصورة من موقع مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة

على الصعيد العالمي، ما يزال إنتاج الهيدروجين المحايد كربونيًا يكلّف نحو 3 أضعاف نظيره القائم على الوقود الأحفوري.

على صعيد آخر، يمكن للآليات الدولية مثل ضرائب الكربون أن تقطع شوطًا طويلًا في جعل الهيدروجين أكثر قدرة على المنافسة في مراحله المبكرة، ومن المتوقع أن تنخفض الأسعار بشكل كبير مع تبلور وفورات الحجم.

عند تحقيق ذلك، ستركّز خطة عمل تشيلي على وضع البلاد في موقع يسمح لها بالاستفادة القصوى من الدعم الدولي، لإثبات ما هو ممكن.

وكان للتقدم الذي أُحرِزَ في تشيلي وأماكن أخرى تأثيرات كبيرة بالفعل، مثل خفض أسعار المحللات الكهربائية، وهي المجموعة الأساسية التي تسحب الهيدروجين من الماء.

معارضة الهيدروجين الأخضر في تشيلي

يعارض بعض المجتمعات استعمال الهيدروجين الأخضر على المستوى المحلي، وتنطلق مثل هذه المقاومة من منطقة ماجلان في أقصى الجنوب، حيث تخطط الشركات الأوروبية، بالشراكة مع شركة النفط المملوكة للدولة في تشيلي، إناب، لمشروعات ضخمة لتصدير الهيدروجين.

ومن شأن ذلك تركيب أكثر من 3 آلاف توربين رياح والبنية التحتية ذات الصلة، مثل مصانع الأمونيا ومحطات التصدير.

وعلى عكس شمال تشيلي الغني بالنحاس، حيث تمتلك الدولة جزءًا كبيرًا من الأراضي، واعتادت المجتمعات المحلية على الصناعات الثقيلة، تشتهر منطقة ماجلان بمزارع الأغنام والسياحة البيئية، بحسب ما نشرته مجلة أميركاز كوارترلي (americasquarterly.org).

وفي أغسطس/آب، أعلنت مجموعة جديدة من المجتمع المدني -وهي لجنة المواطنين المعنية بالهيدروجين في منطقة ماجلان- أن خطط صناعة الهيدروجين ترقى إلى مستوى الاستخراج الذي من شأنه أن يحوّل المنطقة إلى "منطقة جديدة كبيرة للتضحية لتلبية احتياجات وضرورات العالم الأول". "

وتشكّل هذه المعارضة معضلة سياسية فريدة من نوعها بالنسبة للرئيس التشيلي، غابرييل بوريك، الذي تولّى منصبه العام الماضي، واعدًا بتشكيل حكومة "بيئية" طليعية.

وكانت عاصمة ماجلان، بونتا أريناس، هي مسقط رأسه، والمنتقدون هناك وفي سانتياغو هم أعضاء أساسيون في دائرته الانتخابية التقدمية.

ورغم اعتراف المدافعين عن الهيدروجين في تشيلي بحتمية المقايضات البيئية المحلية، فإنهم يقولون، إن التأخير من شأنه أن يؤدي إلى التنازل عن الفرصة لصالح لمنافسين، وعرقلة أهداف تشيلي المناخية، وخسارة الوظائف ذات المهارات العالية والإيرادات اللازمة للإنفاق الاجتماعي.

إن تنفيذ خطة العمل سيكون بمثابة اختبار لتعهد إدارة بوريك بتحقيق التوازن بين تطوير الصناعة واستدامتها، وقال سانتاندر من وزارة الطاقة، إن هناك الكثير من الأمور، "إذا أخطأنا في هذا الأمر، فهو أمر لا رجعة فيه تقريبًا".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق