سياراتتقارير السياراترئيسية

بعد انهيار أسعار المعادن الأرضية النادرة.. هل تنتعش السيارات الكهربائية؟

تحمل أسعار المعادن الأرضية النادرة أهمية بالغة لمسيرة تحول الطاقة؛ إذ تُستَعمل بصورة رئيسة في تقنيات الطاقة المتجددة وبطاريات السيارات الكهربائية.

وسجّلت أسعار تلك المعادن سقوطًا مدويًا خلال العام الجاري (2023)، مقارنة بالعام الماضي الذي حلّقت فيه عاليًا؛ ما دفع صناع السيارات الكهربائية إلى حدود القلق، ووصف الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا (Tesla) الأميركية إيلون ماسك، أسعار الليثيوم بالجنونية.

وبعد مرور عام ونصف العام على تصريح ماسك، انقلبت ديناميكيات السوق رأسًا على عقب، فانخفضت أسعار الليثيوم بنحو 70% حتى هذا الوقت من العام، كما تراجع سعر النيكل بنحو 40% والكوبالت أيضًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة.

وحاليًا، توجد المعادن الـ3 بين السلع الأسوأ أداءً في العالم، بسبب تراجع نمو مبيعات السيارات الكهربائية، وتجاوز العرض للطلب، وزيادة الإنتاج في الصين وإندونيسيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

يحمل ذلك تأثيرًا كبيرًا في صناعة السيارات الكهربائية التي قد تنخفض أسعارها في ضوء أسعار معادن البطاريات الحالية، لكن ما زال هناك تباين في آراء المحللين بشأن استمرار انخفاض أو ارتفاع أسعار المعادن خلال الأعوام المقبلة في ضوء متغيرات عدة.

كما يلقي الوضع الحالي بظلاله على قطاع التعدين الذي شهد إغلاق وتأجيل خطط لإقامة مناجم جديدة بالفعل، مع توقعات باستمرار ذلك الاتجاه في العقد المقبل.

أسعار المعادن الأرضية النادرة في 2023

تؤكد التقلبات في أسعار المعادن الأرضية النادرة الأساسية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، أن طريق التحول إلى مصادر وقود أنظف لن يكون مفروشًا بالورود.

وتعليقًا على انخفاض أسعار المعادن الأرضية النادرة في 2023، يقول المدير العام لأبحاث السلع في شركة "بي إم أو كابيتال ماركتس ليمتد" (BMO Capital Markets Ltd)، كولين هاميلتون، إن هناك -بالتأكيد- معروضات كافية في الوقت الحاضر، مضيفًا أن أسعار معادن البطاريات ارتفعت بشكل كبير للغاية لدرجة تحول دون تحقيق الاستدامة.

وبحسب التقرير، ألقت عدة عوامل بظلالها على انخفاض الأسعار في 2023، ومنها التوسع المفاجئ في تعدين الليثيوم ذي الجودة المنخفضة في الصين، وكذا وفرة إنتاج النيكل من المصانع التي تمولها الصين في إندونيسيا.

كما يجري إنتاج المزيد من معدن الكوبالت بشكل رئيس من مناجم النحاس في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومشروعات النيكل في إندونيسيا.

أحد مناجم الليثيوم في زيمبابوي
أحد مناجم الليثيوم في زيمبابوي - الصورة من منصة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"

ونتيجة لذلك، تتوقع شركة "بنشمارك مينرال إنتيليغنس" (Benchmark Mineral Intelligence) للاستشارات الصناعية أن يكون هناك فائض في المعروض من المعادن الثلاثة خلال السنوات القليلة المقبلة.

كما لن يكون هناك عجز في أسواق النيكل والليثيوم حتى عامي 2027 و2028 على الترتيب، في حين سيتجاوز الطلب حاجز المعروض بالنسبة للكوبالت بدءًا من عام 2026، بحسب الشركة.

بدوره، توقّع المحلل في شركة "شيامن تشيانغ يو نيو إنرجي" (Xiamen Xiangyu New Energy) التجارية لي جيا هوي، خلال مؤتمر عُقد في شهر أكتوبر/تشرين الأول (2023)، استمرار تعرض أسعار الليثيوم لضغوط نزولية في عامي 2024 و2025 المقبلين، نتيجة لتجاوز المعروض من الإنتاج الجديد حاجز الطلب.

على العكس تمامًا من تلك التوقعات، تقول شركة سيتي غروب (Citigroup) -في مذكرة بحثية الشهر الماضي- إن هناك مخاطر بصعود أسعار المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في البطاريات، مشيرة إلى أن ذلك الاحتمال يتزايد بسبب إندونيسيا التي تنتج أكثر من نصف النيكل في العالم، والتي قد تتخذ إجراءات بهدف زيادة الأسعار.

كما أرجعت توقعاتها إلى خطط صينية لزيادة المخزونات الإستراتيجية من الكوبالت المهم لصناعة الدفاع والفضاء بالإضافة إلى بطاريات السيارات الكهربائية.

ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، أكثر 10 دول تنتج المعادن الأرضية النادرة في العالم:

أسعار المعادن الأرضية النادرة

السيارات الكهربائية

ما زالت مبيعات السيارات الكهربائية آخذة في الارتفاع، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة وحالة عدم اليقين التي تغلف المشهد في الاقتصادات الكبرى تدفع باتجاه تراجع الطلب.

يتجلّى هذا التباطؤ في الصين صاحبة أكبر سوق للسيارات بالعالم، والتي سجّلت تباطؤًا على أساس سنوي في نمو الطلب على السيارات الكهربائية.

بدورها، أصدرت شركة "إيه إن زد غروب هولدينغز ليميتد" (ANZ Group Holdings Ltd) مذكرة بحثية، في الأسبوع الماضي، تقول فيها إن الزيادة الضخمة في قدرات إنتاج البطاريات الصينية المدعومة من سياسات الحكومة، تعني أن العرض يفوق الطلب بمقدار 2 إلى 1.

وقال الباحثان بالشركة دانيل هاينز وسوني كوماري، في المذكرة، إن ذلك كان وراء قيام صناع البطاريات الصينيين بخفض كل من الإنتاج والمخزون.

كما توقعا استمرار تراجع أسعار الليثيوم والنيكل والكوبالت على المدى القصير.

ولذلك، فمن المتوقع أن يمنح تراجع أسعار المعادن الأرضية النادرة شعورًا بالراحة لشركات صناعة السيارات الكهربائية ومنتجي البطاريات، كما من الممكن أن يؤدي إلى انخفاض أسعار السيارات الكهربائية بالنسبة للمستهلكين.

وبالفعل، استفادت شركتا "بي واي دي" (BYD) أكبر شركة لتصنيع السيارات الكهربائية في الصين، و"كونتمبوراري أمبريكس تكنولوجي" (Contemporary Amperex Technology) أكبر مصنّع للبطاريات في الصين، من انخفاض تكلفة الليثيوم هذا العام (2023).

تأثير تقلبات الأسعار في التعدين

يقول مديرون تنفيذيون إن أسعار المعادن الأرضية النادرة تشكّل تهديدًا كبيرًا لعدد ضخم من المشروعات ذات التكلفة العالية.

وتثير تلك الموجة النزولية للأسعار مخاوف من أن تدفع الشركات لإلغاء أو تأخير خطط لإنشاء مناجم أو مصافٍ جديدة خلال العقد المقبل، وخصوصًا في غياب الدعم الحكومي للسياسات الرامية لبناء سلاسل توريد خاصة.

يؤكد ذلك شركة ألبيمارل (Albemarle) أكبر منتج لليثيوم في العالم، التي تقول إن تلك المخاوف حقيقية، وإن السيناريو المذكور يحدث بالفعل.

وتوضح مديرة تحول الطاقة والمعادن الخام للبطاريات في شركة "وود ماكنزي" (Wood Mackenzie) للاستشارات، سو شاو أن الاضطرابات لن تنتهِ بعد، حتى لو اقتربت الأسواق من سن الرشد.

وأكدت: "ستظل أسعار المواد الخام للبطاريات متقلبة، إلا أن دورات الإنتاج المستقبلية ستكون أكثر استدامة مع ظهور علامات النضج".

واختتمت بالقول: "الضغط من أجل التسليم ضخم حتى مع إعادة التدوير".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق