بعد زيادة انقطاع الكهرباء في مصر.. هل يستمر تصدير الغاز المسال؟

بينما كان المصريون يستعدون لانتهاء أزمة تخفيف الأحمال، جاء قرار انقطاع الكهرباء ساعتين في مصر -رسميًا-، و4 ساعات بشكل غير معلَن، ليربك كل الحسابات، لكنه يثير في الوقت نفسه تساؤلات حول تصدير الغاز المسال المصري إلى أوروبا.

وجاء إعلان المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري المستشار سامح الخشن، في 28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بشأن تراجع إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، من 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، إلى "صفر"، بمثابة إنذار بإمكان استمرار الأزمة لمدة طويلة.

في الوقت نفسه، وبالتزامن مع قرار انقطاع الكهرباء ساعتين في مصر رسميًا، تعمل القاهرة على تلبية التزاماتها التعاقدية مع بعض دول أوروبا بشأن تصدير الغاز المسال المصري إليها، على الرغم من توقّف واردات الغاز الإسرائيلي التي كانت تعتمد عليها في التصدير.

وأوضحت مصادر، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن انقطاع الكهرباء تضاعف إلى 4 ساعات، ولكن بشكل غير معلن، مؤكدة أن مصير أزمة تخفيف الأحمال خلال المرحلة القادمة ما زال مجهولًا.

ويثير الوضع الحالي كثيرًا من التساؤلات حول قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها، أو اللجوء إلى البيع في الأسواق الفورية من باب آخر، بهدف توفير العملة الصعبة "الدولار"، وفي الوقت نفسه تلبية احتياجات محطات الكهرباء المحلية، لتجنّب تعميق أزمة الانقطاعات التي تتفاقم بشكل واضح.

هل يستمر تصدير الغاز المسال المصري؟

مع زيادة مدة تخفيف الأحمال، وتحول قرار انقطاع الكهرباء ساعتين إلى 4 ساعات، بشكل غير رسمي، شهد البرلمان المصري تقدُّم نواب بطلبات إحاطة عاجلة لمعرفة سبب مضاعفة المدة دون إعلان رسمي.

في الوقت نفسه، تتزايد تخوفات المصريين من أن تزداد هذه المدة -التي تنقسم إلى ساعتين في النهار وساعتين في الليل- بشكل أكبر، لا سيما مع توقّف صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر بشكل كامل.

وبالتزامن مع هذا، حصلت منصة الطاقة على معلومات بشأن مغادرة 3 شحنات من الغاز المسال المصري، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري 2023، وهي الخطوة التي جاءت في وقت تواجه فيه القاهرة أزمة ضخمة تتعلق بنقص الوقود، وأدت إلى اتخاذ قرار انقطاع الكهرباء ساعتين في مصر.

وقالت المصادر، إن صادرات الغاز المسال المصرية استؤنفت، خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في ظل حاجة البلاد إلى تأمين مصادر العملة الصعبة "الدولار"، إذ خرجت 3 شحنات غاز مسال من محطات الإسالة المصرية منذ بداية الشهر، رغم تراجع إمدادات الغاز الإسرائيلي -حينها- .

ومع توقّف الإمدادات الإسرائيلية بالكامل، توقعت المصادر أن يتراجع عدد الشحنات خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مشددة على وجود تعليمات حكومية بمنح الأولوية لصادرات الغاز المسال المصرية، خلال الأيام الحالية، لتأمين العملة الصعبة في ظل تراجع الحالة الاقتصادية للبلاد.

وأوقفت إسرائيل صادراتها من الغاز إلى مصر والأردن تدريجيًا، إذ بدأت بتعليق الإنتاج من حقل تمار، الذي كان يمدّ القاهرة بما يتراوح بين 150 و200 مليون قدم مكعبة يوميًا، ثم تحويل مسار الغاز إلى الخط العربي، قبل أن تتوقف الإمدادات بشكل كامل، وتتراجع إلى "صفر" مؤخرًا.

خطر متوقع في أوروبا شتاءً

في ضوء هذا السيناريو، لجأت القاهرة إلى قرار انقطاع الكهرباء ساعتين يوميًا، بهدف مواجهة أزمة نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات، إذ كشفت المصادر أن زيادة عدد ساعات تخفيف الأحمال تستهدف ترشيد استهلاك الوقود، وتوجيهه إلى التصدير.

وكان تقرير حديث لشركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي"، في 20 أكتوبر/تشرين الجاري، قد توقّع أن تواجه سوق الغاز الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط تهديدات مباشرة، جراء مواصلة الحرب في غزة، التي أدت لتراجع إمدادات الغاز إلى كل من مصر والأردن لاحقًا.

ومع استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، توقّع التقرير أن تتأثر إمدادات الغاز المسال من مصر إلى أوروبا، وخصوصًا خلال فصل الشتاء المقبل، إذ إن قرار تل أبيب بإغلاق حقول الغاز الإسرائيلية سيترك أثرًا عميقًا، وفق التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضح أنه رغم امتلاك إسرائيل فائضًا كبيرًا من الغاز يمكن أن يلبي احتياجات صادرات الغاز إلى مصر والأردن، فإن الحرب ستؤثّر في الحقول وخطط إنتاجها وتطويرها، ومن ثم ستؤثّر في صادرات مصر من الغاز المسال إلى أوروبا.

صادرات الغاز الإسرائيلية إلى مصر

بلغ إنتاج الغاز الطبيعي في مصر، خلال المدة بين يناير/كانون الثاني 2023 وأخر أغسطس/آب الماضي، نحو 5.06 مليار متر مكعب، وذلك في مقابل إنتاج 5.62 متر مكعب خلال المدة نفسها من العام الماضي 2022.

في الوقت نفسه، تستورد مصر ما يصل إلى 7 مليارات قدم مكعبة سنويًا من الغاز الطبيعي من حقلي تمار وليفياثان الإسرائيليين، وفق بيانات شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وعلى الرغم من أن شركة شيفرون الأميركية، التي تدير حقل تمار الذي أمرت إسرائيل بإغلاقه، تؤكد أنها تحترم بعض عقودها مع مصر، فإنها تمنح الأولوية للسوق المحلية في إسرائيل، وهو ما يُلزمها به القانون، وهو الأمر الذي أسهم بشكل غير مباشر في اتخاذ قرار انقطاع الكهرباء ساعتين في مصر رسميًا، وزيادتها إلى 4 ساعات بشكل غير معلن.

وشكّل حقل تمار نصف إنتاج الغاز الإسرائيلي خلال 2022، في حين يرجّح محللون أنه إذا تفاقم الصراع وأدى إلى إغلاق حقل ليفياثان، ستواجه دول المنطقة -خاصة مصر- انتكاسة كبيرة، إذ إن وارداتها مؤخرًا ضعف الكميات المتعاقد عليها مع إسرائيل، الأمر الذي يهدد خطط تصدير الغاز المسال لأشهر عديدة.

وبلغت صادرات حقل ليفياثان الإسرائيلي إلى مصر خلال العام الماضي 2022 نحو 4.9 مليار متر مكعب، بينما بلغت صادراته خلال المدة بين يناير/كانون الثاني 2023 ونهاية يونيو/حزيران الماضي نحو 3.1 مليار متر مكعب، وفق تقديرات ريستاد إنرجي.

بدوره، قال المحلل في شركة إنرجي إسبكتس (Energy Aspects)، ليو كابوش، إن مدة انقطاع الغاز غير معلومة، رغم أهمية الغاز الإسرائيلي لمصر بعد تراجع إنتاجها محليًا، ولكن حال استمرار العمل في حقل ليفيثيان بمعدلاته الطبيعية وزيادة إنتاج حقل "كاريش"، يمكن أن يعود الغاز الإسرائيلي إلى مصر، وفق ما نقل عنه موقع ورلد أويل (worldoil).

موضوعات متعلقة..

• مصادر مصرية: انقطاع الكهرباء لن ينتهي قريًبا.. وقد نضطر لزيادة عدد الساعات
• ماذا لو أُغلقت حقول الغاز الإسرائيلية؟.. مصر والأردن وأوروبا في خطر (تحليل)
• مصادر: 3 شحنات غاز مسال تغادر مصر رغم أزمة الكهرباء

اقرأ أيضًا..

• الغاز المغربي ينتعش بقرار مهم لتطوير احتياطيات ضخمة
• أنس الحجي يحذر من أزمة طاقة حادة.. ما علاقة استثمارات النفط والغاز؟
• قطاع الطاقة في أفريقيا.. 4 دول تتجه لخفض الاعتماد على الغاز في الكهرباء