تقارير الكهرباءسلايدر الرئيسيةكهرباء

السوق العربية المشتركة للكهرباء.. هل يتحقق الحلم بعد الخطوة المصرية السعودية؟

لتأمين التغذية الكهربائية وتحقيق الاستدامة

محمد فرج

اقرأ في هذا المقال

  • بُدِئ مشروع ربط دول حوض النيل الشرقي وإنشاء سوق لتبادل الكهرباء في عام 2004
  • تمّ التخطيط لتنفيذ ربط كهربائي بين مصر والسودان وإثيوبيا
  • تكلفة الربط الكهربائي بين دول حوض النيل تصل إلى ملياري دولار
  • تعدّ خطوط الربط الكهربائية ضرورية لإنشاء أسواق للكهرباء
  • مقترح بتطوير مشروعات الربط العربي لتبادل الكهرباء وإنشاء أسواق إقليمية فرعية

تعقد الدول العربية آمالًا كبيرة على مشروعات الربط الكهربائي لتحقيق استقرار الطاقة وتأمين التغذية الكهربائية، ومنذ عشرات السنين برزت جهود كبيرة لتنفيذ مشروعات عديدة، أهمها: الربط الكهربائي الثُماني، و الربط الكهربائي الخليجي، والربط الكهربائي المصري السعودي، والربط الكهربائي الليبي التونسي، والربط الكهربائي لدول حوض النيل.

وتأتي هذه الجهود ضمن الخطة الكبرى لإنشاء سوق عربية مشتركة للطاقة الكهربائية تضم خبرات جميع الدول العربية وتؤمّن جميع الاحتياجات.

السوق العربية

الربط الكهربائي الخليجي

تأسست هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أجل الربط بين شبكات الطاقة الكهربائية للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (الإمارات، البحرين، السعودية، عمان، قطر، الكويت) لتخفيض حجم الاستثمارات الرأسمالية المطلوبة لإقامة البنية التحتية، وتسهيل وصول الطاقة الكهربائية، وتعزيز موثوقية الشبكة في كل دولة من هذه الدول.

ويعدّ الربط الكهربائي الخليجي من أهم مشروعات البنية الأساسية المشتركة التي أقرّها قادة دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز أمن الطاقة ورفع مستوى الموثوقية والأمان للأنظمة الكهربائية.

ويسهم تنفيذ مشروع الربط الكهربائي المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي في تمهيد الطريق للدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي للربط الكهربائي مع شبكة الربط الكهربائي العربية، وبعد ذلك مع شبكة الربط الكهربائي الأوروبية.

وتحتوي دول مجلس التعاون على ثلثي الاحتياطي الدولي من النفط والغاز، ولذلك فإن مشروع الربط الكهربائي سيمكّن منطقة مجلس التعاون الخليجي لتكون مُصدِّراً للكهرباء إلى البلدان الآسيوية والأوروبية، وهذا بدوره سيسهم في القيمة المضافة لقطاع الكهرباء في الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل على تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني.

والمخطط العامّ لشبكة الربط لدول مجلس التعاون الخليجي، أن يُنفَّذ المشروع على 3 مراحل، الأولى تتضمن ربط محطة الزور في الكويت بمحطات الفاضلي وغونان وسلوى في السعودية، وبمحطة الجسرة في البحرين، ومحطة الدوحة الجنوبية في قطر، كل ذلك على جهد 400 كيلوفولت.

وتشكّل هذه الخطوط الجزء الشمالي من الربط، أمّا المرحلة الثانية، التي تشكّل الجزء الجنوبي، فستربط شبكات الإمارات وعمان. وقد اكتملت الأعمال المشمولة في تلك المرحلة عام 2012. وأخيرًا تمّ في المرحلة الثالثة ربط الجزء الشمالي بالجزء الجنوبي لتكتمل كل أعمال المشروع في منتصف عام 2014، ويدخل في الخدمة. ويجري حاليًا تشغيل المشروع من جانب هيئة الربط الخليجي.

مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية

الربط الكهربائي المصري السعودي

اتفقت مصر والسعودية على تنفيذ مشروع للربط الكهربائي بين البلدين لتبادل قدرات كهربائية تبلغ 3 آلاف ميغاواط، وبتمويل من صناديق ومصارف عربية.

وطوال السنوات الماضية، عانى المشروع من التأجيل في التنفيذ بسبب أحداث سياسية مختلفة أو جوانب فنية في التنفيذ، مثل تعديل مسارات الخطوط لتنفيذ مشروع نيوم.

الأسبوع الماضي، قررت مصر والسعودية التغلب على التحديات، والمضي قدمًا في تنفيذ المشروع، الذي تصل تكلفته المقدرة إلى نحو 1.8 مليار دولار، إذ وُقِّعَت العقود عبر تقنية التواصل المرئي.

وتبلغ القدرات الكهربائية المنتجة في البلدين أكثر من 150 غيغاواط، إذ تصل القدرات الكهربائية المولّدة في الرياض إلى قرابة 90 غيغاواط، بينما تصل القدرات الكهربائية المنتجة في مصر إلى 60 غيغاواط.

يبلغ إجمالي أطوال شبكات النقل الكهربائي بين البلدين قرابة 140 ألف كيلومتر، إذ يصل إجمالي أطوال شبكات النقل الدائري في مصر إلى 51 ألف كيلومتر، بينما تبلغ أطوال شبكات النقل الدائري في السعودية 89 ألف كيلومتر.

وقال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان: إن "مشروع الربط الكهربائي سيكون البداية لإنشاء خط الربط الكهربائي العربي المشترك، ويعزز من قدرات الكهرباء في الدول العربية".

مشروع الربط الليبي التونسي

ربما لا يعدّ هذا المشروع قائمًا بذاته، لكنه جزء من مشروع حلقة الربط حول المتوسط؛ إذ استُكمل هذا الربط على جهد 220 كيلوفولت عام 2005، إلّا أن تجارب التشغيل لم تكن ناجحة؛ نظرًا لوجود اهتزازات في الجهد أدّت لفصل الخط نتيجة لتجاوز تلك الاهتزازات حدود الوقاية على الشبكات.

وقد أُجريت دراسة لمحاولة خفض هذه الاهتزازات وإعادة ضبط حدود أجهزة الوقاية، وإعادة التجربة مرة أخرى، وتم ذلك خلال شهر أبريل 2010، إلّا أن التجربة لم تكن ناجحة؛ إذ لم يُتمَكن من الاحتفاظ بالربط بالتزامن لمدة تتجاوز 3 ساعات.

وبناءً على ذلك يُدرس حاليًا مقترح استخدام تقنية التيار المستمر لتجاوز مثل هذه المشكلة عن طريق محطة تحويل من تيار متردد إلى تيار مستمر، وتقارن تلك الدراسة بين وضع المحطة بين ليبيا وتونس أو بين مصر وليبيا.

السوق العربية

مشروع ربط دول حوض النيل الشرقي

بُدِئت دراسة هذا المشروع عام 2004، بما يعرف بمشروع الـ"إنترو" الذي انتهى عام 2008، وقد شمل المشروع وضع تصور لربط كل من إثيوبيا والسودان ومصر، وإنشاء سوق لتبادل الطاقة الكهربائية بين هذه الدول.

كما يهتم هذا المشروع باستخدام الطاقة المائية المتاحة بإثيوبيا، والتي تُقدَّر بـ30 ألف ميغاواط.

وشملت المرحلة الأولى من المشروع تقييمًا لخطط الدول الثلاث لإنشاء مشروعات توليد الكهرباء ونقلها، وتقدير الطلب على الكهرباء حتى عام 2030.

كما شملت التخطيط التنسيقي لمشروعات إنتاج الكهرباء في الدول الثلاث، وبدائل للربط الكهربائي بين شبكاتها، والتحليل الاقتصادي لبدائل الربط الكهربائي، وتحديد الأفضل، وتقييم موثق هيكلة نظم الكهرباء في كل دولة، ووضع إستراتيجية للتنفيذ.

السوق العربية

دراسة جدوى التنفيذ

شملت المرحلة الثانية دراسة جدوى للربط الكهربائي بين الدول الـ3، وقد أظهرت الدراسات إمكان تصدير طاقة كهربائية من إثيوبيا لكل من السودان ومصر قدرها 3200 ميغاواط، نصيب السودان منها 1200 ميغاواط، ومصر 2000 ميغاواط.

ويشمل مشروع الربط الكهربائي 4 دوائر جهد 500 كيلوفولت باستخدام التيار المتردد من محطة ماندايا بإثيوبيا إلى محطة محولات كوستي في السودان بطول 570 كيلومترًا، و2 دائرة جهد 600 كيلوفولت باستخدام التيار المستمر من محطة كوستي بالسودان إلى محطة محولات نجع حمادي بطول 1650 كيلومترًا، بالإضافة إلى محطتي تحويل بين نظام التيار المتردد المستمر في كوستي بالسودان، والعكس بنجع حمادي بمصر.

وتُقدَّر التكلفة الاستثمارية للمشروع بـ1.860 مليار دولار، وقد أظهرت دراسة الجدوى الاقتصادية أن مدة استعادة التكلفة تتراوح بين 7 و8 سنوات.

شراكة دولية

شمل المشروع دراسة إمكان إنشاء خط الربط على أسس تجارية، مثل إنشاء شركة دولية تشارك فيها هيئات الكهرباء بالدول الثلاث وجهات إقليمية أخرى تتولى إنشاء المشروع بنظام البناء والملكية والتشغيل.

وطُوِّر المشروع من خلال إدخاله ضمن منظومة وعاء الطاقة لدول شرق أفريقيا؛ إذ انتهى وضع رمز الشبكة وقواعد التجارة والتسوية التي تؤسس لإنشاء سوق كهربائية بين دول الشرق الأفريقي، ويشمل المشروع 10 دول أفريقية منها دول عربية هي: مصر، والسودان، وجيبوتي.

الخبرة العالمية في إنشاء الأسواق

تعدّ خطوط الربط الكهربائية ضرورية لإنشاء أسواق للكهرباء، ولكنها غير كافية في حدّ ذاتها.

وتعدّ التجربة الأوروبية إحدى التجارب الثرية في الربط الكهربائي وإنشاء أسواق للكهرباء؛ لما تتشابه فيه مع الدول العربية من ناحية اتّساع المساحة الجغرافية، ولكثرة عدد الدول المشاركة، إلّا أنه لا توجد فوارق هيكلية ناتجة من التوزيع الديموغرافي للسكان بين دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية.

إضافة إلى ذلك؛ فإن كثافة شبكات الكهرباء أدت لأن تصبح منظومة الربط الكهربائي الأوروبي مماثلة لشبكة عنكبوتية، بينما تتّسم منظومة الربط الكهربائي العربي بالسلاسة.

وبدأت الشبكة الأوروبية الموحدة في بداية الخمسينيات، ثم توسعت لتشمل جميع الدول الأوروبية، بما فيها بعض دول شرق أوروبا والتي انضمت حديثًا إلى الاتحاد الأوروبي.

السوق العربية

قواعد التشغيل الآمن

اهتمت الشبكة الأوروبية بوضع قواعد تضمن التشغيل الآمن لكامل منظومة الربط وحرية تبادل الطاقة الكهربائية، وجرى ذلك من خلال وضع الحدّ الأدنى للمتطلبات الفنية، وإجراءات التشغيل لخطوط الربط المشتركة بين الدول.

أمّا على مستوى إنشاء سوق أوروبية للكهرباء، فقد تعذّر إنشاء سوق موحدة حتى الآن، إلّا أن التخطيط الأوروبي لذلك شمل إنشاء عدّة أسواق إقليمية للكهرباء، بلغ عددها 7 أسواق.

ويجرى حاليًا البدء في ربط هذه الأسواق مع بعضها بعضًا، وتطلّب ذلك إنشاء هيئات أوروبية لتحقيق هذا الربط، ثم توحيد المنظمات المختصة بأنشطة نقل الكهرباء في مناطق الاتحاد المختلفة تحت منظمة واحدة.

وتهدف هذه المنظمة لتكون المرجع الأوروبي لكل الشؤون الخاصة بمشغّلي الشبكات، وتشمل مهمتها العمل على ضمان الإنتاجية، وتأمين التغذية، وتوفير المناخ المناسب لعمل سوق حرة للكهرباء، مع العمل على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد.

ووُضعت خطة طموحة للوصول إلى سوق أوروبية متكاملة للكهرباء، وتشمل تلك الخطة العمل على وضع قواعد موحدة للشبكات الكهربائية الأوروبية، وكذلك قواعد موحدة للأسواق الكهربائية.

إنشاء سوق عربية للطاقة الكهربائية

بناءً على الخبرة الأوروبية في هذا المجال، فإنه يُقترح تطوير مشروعات الربط العربي لتبادل الكهرباء لإنشاء أسواق إقليمية فرعية، وتشمل: "السوق العربية لدول الربط الثماني، السوق المغربية، سوق دول مجلس التعاون الخليجي، سوق حوض نهر النيل".

ويجري ذلك على مرحلتين: التقارب في النواحي التنظيمية بين الدول المشاركة في تلك الأسواق، ووضع قواعد موحدة لشبكات النقل لتلك الدول وقواعد للتجارة والتسوية لأسواق الكهرباء.

وقد أخذت كل من مصر، والسعودية، والأردن، والجزائر، ولبنان، وفلسطين، المبادرة في إنشاء المنتدى العربي لمنظمي الكهرباء العرب ليكون مدخلًا نحو تعاون عربي يهدف لإنشاء سوق عربية للكهرباء، بما يعود على الدول العربية بالفائدة من خلال تأمين التغذية الكهربائية وخفض التكلفة من خلال التعاون الجماعي، والتعاون نحو تنمية مصادر الطاقة المتجددة للوصول إلى منظومة كهربائية عربية آمنة ومستدامة.

السوق العربية
مدير تنظيم مرفق الكهرباء المصري الأسبق حافظ سلماوي

خبراء ومتخصصون يرصدون المزايا

يرى رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء المصري الأسبق، حافظ سلماوي، أن إنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء، "حلم" تسعى الدول العربية لتحقيقة منذ أكثر من 10 سنوات، وعُقِدت العديد من المناقشات وجلسات الاستماع للوصول إلى أفضل قرار بشأن مشروعات الربط الكهربائي بين الدول العربية.

وأوضح أن هناك فوائد متعددة لإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء، إذ تُوَفَّر الإمدادات الكهربائية لجميع الدول بانتظام وبأفضل كفاءة، لاسيما أن مزيج القدرات الكهربائية يعتمد على النفط والغاز والطاقة المتجددة والوقود الحيوي في إنتاج الكهرباء.

وكذلك الجدوى الاقتصادية وتخفيض الأسعار بما يتناسب مع طبيعة كل دولة، وأيضًا إمكان تحقيق فوائد مالية حال تصدير الكهرباء الزائدة عن الاحتياج إلى الدول الأوروبية.

وقال نقيب المهندسين المصريين، هاني ضاحي، إن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيكون النواة والبداية الحقيقية لإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء، إذ يتيح تبادل 3 آلاف ميغاواط، والموقع الجغرافي للقاهرة والرياض يجعلهما محورًا رئيسًا ومركزًا لإنتاج الطاقة في الوطن العربي.

وأكد أن هناك مزايا عديدة للتعاون العربي في مجال الكهرباء، خاصة بعد التطور الكبير الذي يشهده العالم، وتنويع مصادر إنتاج الطاقة لتوفير طاقة نظيفة تحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

واتفق معه رئيس هيئة الطاقة المتجددة المصرية الأسبق، محمد صلاح السبكي، مؤكدًا أن جميع الدول العربية سوف تستفيد من إنشاء السوق العربية المشتركة للكهرباء، وسيكون هناك طفرة هائلة بمجال الكهرباء والطاقة المتجددة مع وجود سوق قوية قادرة على التجارة وتداول الطاقة بكل موضوعية وشفافية.

وأوضح أن الدول العربية تتمتع بإمكانات هائلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويمكن استغلالها في مشروعات مثل إنتاج الهيدروجين وتخزين الطاقة، ومن ثم يدخل ضمن التبادل والتجارة بين الدول العربية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق