أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

استحواذ إكسون موبيل على بايونير.. أنس الحجي يكشف 3 مخاطر كبيرة (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن استحواذ إكسون موبيل على بايونير ناتشورال ريسورسز (Pioneer Natural Resources)، تحيط به العديد من الإشكالات.

وأوضح الحجي، خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها بمنصة "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان "عمليات استحواذ شركات النفط الأخيرة وأثرها في دول الخليج"، أن قيمة صفقة الاستحواذ بلغت نحو 60 مليار دولار.

وأضاف أن صفقة استحواذ إكسون موبيل على بايونير تزامنت مع صفقة أخرى، وهي استحواذ شركة شيفرون الأميركية على شركة هيس، والتي بلغت قيمتها 53 مليار دولار، ولكنها تختلف في طبيعتها عن الصفقة الأولى.

كيف نشأت شركات النفط الكبرى؟

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إنه قديمًا كانت هناك شركة تسمى "ستاندرد أويل"، وكان مالكها هو "جون روكفلر"، الذي كان معروفًا -قبل ظهور عمالقة المال بسبب الثورة الإلكترونية قبل 20 عامًا مثل "بيل غيتس" و"إيلون ماسك"- بأنه قارون العصر.

وأضاف: "شركة ستاندرد أويل ذهبت في التاريخ بصفتها إحدى الشركات العملاقة الاحتكارية التي سيطرت على أشياء كثيرة، نظرًا لسيطرتها على 90% تقريبًا من تجاره النفط في الولايات المتحدة، وكان لها باع طويل في الأسواق العالمية".

وعن طريقة تحجيم الشركة، قال، إن الولايات المتحدة تبنّت قانونًا يسمى "قانون شيرمان" المعادي للاحتكار، وكان ذلك في عام 1892، وحاولوا تطبيقه على روكفلر وفشلوا، ووصل الأمر إلى المحكمة العليا في عام 1911، التي حكمت بأن "ستاندرد أويل" احتكارية، ويجب تفتيتها.

وأوضح أن الشركة خضعت للتفتيت بالفعل، إلى نحو 35 شركة، ومن بين هذه الشركات كل من إكسون وموبيل، اللتان اندمجتا لاحقًا، وكذلك شيفرون وتكساكو، التي ابتلعتها شيفرون، ولكن عندما نتكلم عن إكسون، نتكلم عن شيفرون وتكساكو.

شعار شركة إكسون موبيل على أحد مشروعاتها
شعار شركة إكسون موبيل على أحد مشروعاتها

وتابع الدكتور أنس الحجي: "هذه الشركات هي أمهات أرامكو السعودية، إذ إنها هي التي أسستها، فشركة أرامكو كانت تتكون في البداية من 4 شركات قبل أن تستحوذ عليها الحكومة السعودية، وحينها كانت هذه الشركات تحمل أسماء مختلفة، ولكنها تحولت لاحقًا إلى إكسون موبيل وشيفرون وتكساكو".

الغريب في الأمر، وفق الحجي، أنه بعد تطبيق قوانين الاحتكارات لمدة طويلة من الزمن، تجاوزت 100 عام، الآن نعود ونرى هذه الشركات نفسها تعود وتندمج، فنرى هذه الاندماجات الكبيرة، مثل استحواذ إكسون موبيل على بايونير، تواجه مشكلات كثيرة.

ولفت إلى أن إكسون موبيل -بصفتها شركة عالمية ضخمة- قيمتها السوقية بحدود نحو 440 مليار دولار، وهي تشتري الآن شركة بايونير بنحو 60 مليار دولار، وهي موجودة بنحو 100 دولة في العالم، ولديها كل ما يمكن أن يتصوره الإنسان من عمليات استكشاف النفط حتى بيعه في المحطات.

وأردف: "طبعًا أغلب شركات النفط الكبيرة تخلصت من موضوع المحطات، في السنوات الأخيرة كانت تشرف على التوزيع، ولكن تخلصت من هذا الموضوع، ولكن -تاريخيًا- كانت شركة من المنبع إلى المصب، يعني من بداية التنقيب عن النفط حتى بيع البنزين للمستهلك".

وعن شركة "بايونير"، قال، إنها شركة متخصصة في النفط الصخري، وخصوصًا في غرب حوض برميان، مضيفًا: "ابن صاحب بايونير ورث عن جده لأمه بعض آبار النفط، إذ إن هناك ملكية خاصة للنفط في الولايات المتحدة، وكانت كنيته "بارسلي"، وهو اسم الشركة نفسه، وقد موّلتها الشركة التي أعمل فيها، فنحن من موّلها لتكبر".

مقر شركة بايونير الأميركية
أحد مقارّ شركة بايونير الأميركية - الصورة من موقعها الرسمي

وأوضح الدكتور أنس الحجي أنه عندما كبرت شركة بارسلي اشترتها بايونير، أي إن الأب اشترى ابنه، ثم باعوها الآن لشركة إكسون موبيل، فحصّتهم العائدة تقريبًا تتجاوز 20 مليار دولار، أو 24 مليار دولار للأب وابنه الآن من عملية البيع التي حصلت.

3 إشكالات أمام عملية الاستحواذ

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن إكسون موبيل استحوذت على شركة بايونير، التي تنتج النفط الصخري في غرب تكساس، وهو أمر يؤدي إلى عدد من الإشكالات والمخاطر.

الخطر الأول، أو الإشكال الأول، وفق الحجي، هو أن العالم يحتاج إلى استثمارات إضافية، لوجود نقص بالاستثمارات في مجال النفط، لذلك نجد أن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ورئيس أرامكو المهندس أمين الناصر، يتحدثان عن نقص الاستثمارات.

وأضاف: "في هذا المناخ، نجد أن إكسون موبيل بدلًا من أن تستثمر 60 مليار دولار في أماكن جديدة لجلب احتياطيات جديدة وإنتاج جديد، تشتري شيئًا موجودًا بالفعل، ومن ثم فإن هذا الأمر يخلق مشكلة كبيرة، لأنه بالأصل هناك نقص في الاستثمارات، وهناك حاجة لزيادتها، وبدلًا من ذلك نرى عمليات استحواذ".

 

وأوضح أن الخطر الثاني هو أن معدلات النضوب في آبار الصخري عالية، إذ إنه بالنظر إلى معدلات النضوب في دول الخليج، نجدها بحدود 3 إلى 5% في أسوأ الظروف، إذا انخفضت الأسعار بشدّة، ومع انخفاض الاستثمارات يمكن أن تصل إلى 6%.

استثمارات النفط

ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، معدل النضوب في آبار الصخري يصل في بعض الأحيان إلى 70%، لذلك فإن أغلب ما يمكن إنتاجه من بئر للنفط الصخري يؤخذ في العامين الأولين بما يتراوح بين 1000 و1300 برميل يوميًا، وبعدها تُنتج البئر ما بين 50 و60 برميلًا، ويبقى كذلك لسنوات عدّة.

لذلك، فإن دورة الاستثمار في النفط الصخري قصيرة جدًا، بينما بالنظر للاستثمارات الكبيرة -خاصة في المياه البحرية العميقة والأماكن المختلفة- في دول أوبك وغيرها، نجدها بين 25 و30 عامًا، أي إن هناك دورة طويلة وأخرى قصيرة، والدورة القصيرة هي معدلات النضوب العالية، لذلك فإن إكسون موبيل أخذت 60 مليار دولار من دورة استثمارية طويلة المدى، وحوّلتها لدورة قصيرة، وهذا خطر.

أمّا الخطر الثالث، فهو أن النفط الصخري يُنتج نفطًا عالي الجودة، خفيفًا أو خفيفًا جدًا وحلوًا، وأميركا الآن هي أكبر منتجي النفط في العالم، ومن أكبر مصدّريه، وصادراتها تتجاوز 5 ملايين برميل يوميًا، أي إن صادراتها أكثر من أيّ دولة في أوبك، عدا السعودية.

وأوضح الحجي أن أميركا تصدّر هذه الكميات، ولكنها تستورد نحو 6 ملايين برميل يوميًا، وذلك بسبب اختلاف النوع، لأن المصافي الأميركية تأخذ النفط الخفيف الحلو والأنواع الأخرى الأثقل والأكثر حموضة، القادم من دول أخرى، وهذه المصافي وصلت حدّ الإشباع من النفط الخفيف الحلو، ومن ثم لا توجد له سوق محلية، فأيّ زيادة فيه يجب تصديرها.

وتابع: "أميركا أكبر مستهلك للنفط في العالم، إذ تستهلك 20 إلى 21 مليون برميل يوميًا، فإذا كانت أكبر مستهلكة للنفط العالم قد وصلت حدّ الإشباع من النفط الخفيف والخفيف جدًا، فما بالك بالدول الأخرى؟ فقد يأتي وقت سيكون هناك إشباع للمصافي عالميًا، فما الذي ستفعله إكسون موبيل حينها؟ وأين ستذهب بهذا النفط؟".

وأردف: "هناك مشكلة كبيرة أمام إكسون في هذا الاختيار، بجانب إشكالات أخرى لأن بعضهم يقولون، إن تحويل هذه الأموال أو الاستثمارات بدلًا من استثمارها في بلاد أوضاعها السياسية مضطربة، ومن ثم فإن المخاطرة عالية، والآن تأتي إلى أماكن آمنة غرب تكساس في بلاد مستقرة سياسيًا، ومن ثم فهي خفضت المخاطرة".

ويُردّ على ذلك، وفق الحجي، بأن المخاطر القانونية ومخاطر تغيير القوانين في الولايات المتحدة قد تكون الأكبر بعد دول أوروبا، ومن ثم هناك تخفيف للمخاطر السياسية، ولكن المخاطر القانونية تحصل دائمًا، لذلك يجب معادلة المخاطرة، خاصة في ضوء سياسات التغير المناخي، فهذا جزء من مشكلات استحواذ إكسون موبيل على شركة بايونير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق