طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسية

مشروعات الطاقة المتجددة في تونس.. هل تهبّ "ثورة الياسمين" الخضراء قريبًا؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تونس تسرّع وتيرة تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة
  • تونس تتبنّى إستراتيجية طموحة لتحول الطاقة
  • تستهدف توليد ما نسبته 30% من إجمالي معدلات الكهرباء لديها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول نهاية 2030
  • خلال المدة بين عام 2010 و2021، شهد قطاع الطاقة التونسي تراجعًا نسبته 4% على أساس سنوي
  • الاضطرابات السياسية تهدد أحلام تونس في قطاع الطاقة المتجددة

تتسارع وتيرة تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة في تونس، السنوات الأخيرة، من منطلق التزام الحكومة باستكشاف مصادر الطاقة النظيفة، وتحسين كفاءة الطاقة، بوصفها خطوة حاسمة في مسار التنمية المستدامة.

وعبر استغلال طاقة الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر، تستطيع تونس تقليص اعتمادها على الوقود الأحفوري، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام المرتكز على الكهرباء النظيفة، وضمان توفير إمدادات طاقة آمنة ومستقرة لمواطني البلد البالغ عددهم نحو 12 مليونًا و500 ألف نسمة، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

لكن الأحلام المعقودة على قطاع مشروعات الطاقة المتجددة في تونس تصطدم بصخرة التحديات، وعلى رأسها الاضطرابات السياسية، التي قد تحول دون تعزيز توليد الكهرباء النظيفة لتلبية الطلب المحلي المتنامي.

في هذا المسار، تخطو تونس خطوات واسعة في مجال التنمية المستدامة، مدفوعةً بنمو سكاني مطّرد، وطلب متنامٍ على الكهرباء؛ ما دفع الحكومة إلى الإقرار بالحاجة الملحّة لتنويع مصادر الطاقة، وتحسين كفاءتها، بحسب ما أورده موقع "آر إي في إي" REVE المتخصص.

وعبر تكثيف مشروعات الطاقة المتجددة في تونس، تمهّد الحكومة الطريق أمام تحقيق النمو المستدام، ساعيةً لأن تقدّم نموذجًا مثاليًا يُحتذى به من قبل الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط.

أهداف طموحة

حددت الحكومة التونسية أهدافًا طموحة للطاقة المتجددة؛ إذ تستهدف توليد ما نسبته 30% من إجمالي معدلات الكهرباء لديها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد الجاري (2030)؛ ما يمثّل قفزةً كبيرةً من النسبة الحالية للكهرباء المولدة من المصادر النظيفة والبالغة 3%.

ولتحقيق هذا المستهدف الطموح، نفّذت الحكومة سلسلة من السياسات والمبادرات التي تستهدف تعزيز تنمية مشروعات الطاقة المتجددة في تونس، وتحسين كفاءة الطاقة.

ولعل أحد المحركات الرئيسة وراء هذا الدفع الكبير باتجاه تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في تونس هو حاجة البلاد إلى تقليل اعتمادها على مصادر الوقود الأحفوري الحساسة بيئيًا.

وتستورد تونس في الوقت الحالي ما يزيد على 90% من احتياجاتها من الطاقة، لا سيما في شكل نفط وغاز طبيعي، وفق بيانات رسمية رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وهذا الاعتماد على الواردات أدى إلى عجز تجاري كبير، بل وجعل البلاد عُرضة للتقلبات المستمرة في أسعار الطاقة العالمية.

ومن ثَم، فإنه عبر الاستثمار بمشروعات الطاقة المتجددة في تونس، تستطيع الحكومة تقليص اعتمادها على الواردات، أو حتى فطم نفسها عنها تمامًا على المدى الطويل، وتحقيق الاستقرار في إمدادات الكهرباء، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام بوجه عام.

مزرعة رياح برية في تونس
مزرعة رياح برية في تونس - الصورة من omdena

طاقة الشمس والرياح

تبرز طاقة الشمس والرياح مصدرين رئيسين من مصادر الطاقة المتجددة التي تُستَكشَف -حاليًا- في تونس بدعم من الموقع الجغرافي الفريد وتوافر السطوع الشمسي، إلى جانب ظروف الرياح المواتية؛ ما يجعل البلد مرشحًا قويًا للّحاق بركب تطوير مشروعات طاقة الشمس والرياح.

وفي السنوات الأخيرة، دشّنت الحكومة العديد من مشروعات الطاقة المتجددة في تونس، لا سيما طاقة الشمس والرياح الضخمة، في حين ما يزال هناك العديد من تلك المشروعات قيد التطوير.

وتشتمل قائمة مشروعات الطاقة المتجددة في تونس على محطة توزر للطاقة الشمسية الكهروضوئية سعة 10 ميغاواط، التي دخلت حيز التشغيل في عام 2019.

ويُصنّف هذا المشروع الذي طورته الشركة التونسية للكهرباء والغاز "إس تي إي جي"، أكبر محطة طاقة شمسية في البلاد، ومن المتوقع أن يولّد كهرباء تكفي لتشغيل ما يزيد على 10 آلاف منزل.

إلى ذلك، طرحت الحكومة مناقصة في الشهور الأخيرة لبناء محطة طاقة شمسية سعة 70 ميغاواط في منطقة القيروان وسط البلاد، وهو ما يعزز التزامًا حكوميًا بتعزيز سعة مشروعات الطاقة المتجددة في تونس، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وعلى الجانب الآخر، تكتسب مشروعات طاقة الرياح -أيضًا- زخمًا ملحوظًا في تونس، مع دخول العديد من تلك المشروعات حيز التشغيل، في حين ما تزال أعداد كبيرة أخرى قيد التطوير.

ودخلت أول مزرعة رياح في تونس سعة 190 ميغاواط، وتقع في ولاية بنزرت الواقعة أقصى شمال البلاد، الخدمة في عام 2012، تلتها مشروعات أخرى عديد في تلك الصناعية النظيفة.

وحددت الحكومة التونسية كذلك مستهدفًا لتركيب سعة طاقة رياح قدرها ألف ميغاواط بحلول عام 2030؛ ما يبرز أهمية الحصة التي تُسهم بها طاقة الرياح في مزيج الكهرباء المتجددة الوطني.

أنظمة الكهرباء المتجددة اللامركزية

إلى جانب مشروعات الطاقة المتجددة الضخمة في تونس، تشجع الحكومة على بناء أنظمة الكهرباء المتجددة اللامركزية الصغيرة، مثل الألواح الشمسية على الأسطح، وتوربينات الرياح الصغيرة، التي يمكنها إتاحة الكهرباء النظيفة إلى الأسر والشركات؛ ما يخفض العبء الواقع على الشبكة الوطنية، ويعزز أمن الطاقة في بلد يشهد اضطرابات سياسية واقتصادية ضاغطة.

ولدعم نمو الطاقة المستدامة في البلاد، استحدثت الحكومة حزمة من المبادرات والإجراءات التنظيمية التي تبدو ذات جدوى في هذا الخصوص، وتشتمل على تعرفات التغذية لمنتجي الطاقة المتجددة، والإعفاءات الضريبية لمعدّات وأدوات الطاقة المتجددة، إلى جانب تسهيل عملية استصدار التراخيص لمشروعات الطاقة المتجددة في تونس.

وساعدت تلك التدابير على توفير بيئة مواتية للاستثمار بقطاع مشروعات الطاقة المتجددة في تونس؛ إذ جذبت المستثمرين المحليين والأجانب على حدّ سواء.

محطة طاقة شمسية في تونس
محطة طاقة شمسية في تونس - الصورة من solarquarter

الهيدروجين الأخضر

تضم مشروعات الطاقة المتجددة في تونس الهيدروجين الأخضر؛ الذي تتطلع البلاد لأن تصبح مركزًا عالميًا لإنتاجه وتصديره؛ إذ تستهدف إنتاج 8.3 ملايين طن سنويًا بحلول أواسط القرن الحالي (2050).

وجاء إعلان هذا الهدف الطموح على لسان المدير العام للكهرباء وتحول الطاقة بوزارة الصناعة والمعادن والطاقة التونسية، بلحسن شيبوب، خلال ورشة عمل في تونس، نُظِّمت بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي "جي آي زاد" Giz.

وترتكز إستراتيجية الهيدروجين الأخضر لعام 2050 على تطوير البنية التحتية للطاقة، وإنتاج الأسمدة، وتوليد الكهرباء النظيفة.

ويشتمل جانب مهم في تلك الرؤية الطموحة على زيادة واسعة في استغلال الكهرباء المتجددة في قطاعي الصناعة والنقل؛ ما يجعل تلك الإستراتيجية متعددة الأوجه متّسقة مع التزام تونس بتوفير مستقبل أكثر استدامة ووعيًا بالبيئة.

وتعطي مشروعات الهيدروجين الأخضر في تونس دفعة قوية للحكومة لتحقيق فائض في سعة الكهرباء النظيفة المولدة من هذا الوقود المتجدد؛ ما يتيح الوصول بتلك السلعة الإستراتيجية إلى أسواق الصادرات العالمية.

وفي هذا السياق، تستهدف تونس تصدير ما يتراوح بين 5.5 و6 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا إلى أوروبا بحلول عام 2050، وفق البيانات الصادرة عن مبادرة تهدف إلى بناء عمود فقري للهيدروجين في أوروبا، وهي مجموعة تضم 31 مشغلًا أوروبيًا لأنظمة نقل الغاز، بحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويمثّل هذا حصة تونس من واردات الهيدروجين التي تترقب أوروبا استقبالها من أميركا الشمالية، والبالغة سعتها الإجمالية 11 مليون طن سنويًا.

وتعكس مساعي تونس لأن تصبح دولة مصدّرة رائدة للهيدروجين الأخضر تحولًا عالميًا نحو مصادر الطاقة المتجددة المستدامة، وبينما تتطلق الدول نحو بدائل طاقة نظيفة تحلّ محلّ مصادر الوقود الأحفوري، يبرز الهيدروجين الأخضر المرشح الأوفر حظًا في سباق تحول الطاقة المحموم.

كما تُسلّط مساعي تونس وطموحاتها في هذا المجال الضوء على الجهود الجماعية اللازمة لاستغلال إمكانات الهيدروجين الأخضر مصدرًا للطاقة المتجددة، يمتلك القدرة على إعادة رسم خريطة الطاقة العالمية.

محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر
محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر - الصورة من bestandssm

الوقود الأحفوري ونصيب الأسد

رغم جهود الحكومة المتسارعة في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة في تونس، ما تزال البلاد تعتمد في توليد قرابة 97% من الكهرباء على مصادر الوقود الأحفوري، وخصوصًا الغاز الطبيعي المستورد من الجزائر، الذي نجح بأن يسدّ 45% من احتياجات الطاقة في تونس في العام قبل الماضي (2021)، حسبما أورد موقع فاناك fanack.

وخلال المدة بين عام 2010 و2021، شهد قطاع الطاقة التونسي تراجعًا نسبته 4% على أساس سنوي، بينما سجل الطلب نموًا مطّردًا بنسبة 2% سنويًا إبان المدة ذاتها.

ويتألف مزيج الطاقة الآن من غاز طبيعي بنسبة 53%، ومواد النفط الخام بنسبة 44%، بينما لا تُسهم مصادر الطاقة المتجددة سوى بنسبة 3% فقط.

الاضطراب السياسي أبرز التحديات

تواجه مشروعات الطاقة المتجددة في تونس مجموعة من التحديات التي تهدد بانحراف البلاد عن المسار الذي تمضي فيه نحو التحول الأخضر؛ من بينها اللوائح التنظيمية ذات الصلة بسياسات الطاقة، وانعدام الأهداف الواضحة، والأطر التنظيمية غير المستقرة، والاحتكار السائد في سوق الطاقة، وهي العوامل التي تقوّض تنمية القطاع الناشئ في البلاد.

إلى جانب ذلك، تبرز الاضطرابات السياسية عاملًا بارزًا في عرقلة تدفّق الاستثمارات الأجنبية المباشرة اللازمة لإقامة مشروعات الطاقة المتجددة في تونس، ورغم مساعيها المتكررة لم تحقق الحكومة بعد هدفها الطموح المتمثل في تنفيذ برامج طويلة الأجل لمواجهة التحديات الهيكلية الراهنة.

ويُعزى هذا -جزئيًا- إلى النخبة التونسية التي ما تزال أسيرةً لفكر رأسمالي يعطي أولوية للأرباح الخاصة، على الصالح العام؛ ما قد يقف حجر عثرة أمام تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة في تونس.

وهذا يتطلب إصلاح نظام الطاقة بأكمله في تونس، ومنح الطاقة المتجددة أولوية في خطة الحكومة، عبر جذب الاستثمارات الأجنبية، وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ومع ذلك، يظل الاستقرار السياسي كلمة السر بتحول الطاقة في تونس، ولا سيما فيما يتعلق بالمساواة الاقتصادية الاجتماعية، والحريات السياسية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق