تقارير النفطتقارير الغازرئيسيةغازنفط

مستقبل الطاقة في المكسيك أمام اختبار انتخابات الرئاسة (تقرير)

أسماء السعداوي

يترقب قطاع الطاقة في المكسيك نتائج الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في يونيو/حزيران من العام المقبل (2024)، بعد انتهاء مدة حكم الرئيس الحالي أندريس مانويل لوبيس أوبرادور.

ويواجه المرشحون المحتملون اختبارًا صعبًا للتوفيق بين استثمارات النفط الداعمة لخزينة الدولة، والطاقة المتجددة التي أصبحت ضرورة في ظل معاناة الدولة الواقعة بأميركا اللاتينية من تبعات خطيرة لتغير المناخ، أبرزها الجفاف وندرة المياه، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتتزايد احتمالات أن يكون الرئيس المقبل امرأة، وذلك لأول مرة في تاريخ المكسيك؛ إذ تتصدّر السباق رئيسة بلدية مكسيكو سيتي سابقًا كلوديا شينباوم، ممثلة عن حزب مورينا الحاكم وصاحب الأغلبية في البرلمان.

وعلى الجانب الآخر، تأتي ممثلة أحزاب المعارضة سوتشيل غالفيس من حزب العمل الوطني المكسيكي.

وبينما تعهدت ممثلة المعارضة بدعم صريح للطاقة المتجددة والانفتاح على الاستثمارات الخاصة، تقول ممثلة حزب مورينا (الأكثر حظًا وفق استطلاعات الرأي)، إن دعم الموارد النظيفة وحماية البيئة لا يجوز أن يكون على حساب "خيانة الشعب المكسيكي"، حسب وصفها.

مرشحة الحزب الحاكم

تأتي المكسيك في المرتبة الـ11 على قائمة أكبر منتجي النفط في العالم، إلّا أنها الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي لم تضع هدف الحياد الكربوني، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

كما حلّت في المركز الـ15 بين أكبر مطلقي الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري عالميًا، ومن المتوقع أن تواصل الانبعاثات الضارّة ارتفاعها حتى عام 2035.

تتباين آراء المتسابقتين البارزتين على انتخابات الرئاسة بشأن أولويات قطاع الطاقة في المكسيك، ثاني أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية.

ويُنظر إلى كلوديا شينباوم البالغة من العمر 61 عامًا على أنها خليفة الرئيس اليساري الحالي، ويعدُّها كثيرون أنجيلا ميركل أميركا اللاتينية الجديدة؛ إذ إن الاثنتين عملتا بالسياسة، وتحملان درجة الدكتوراة، وذاتا خلفية علمية.

وعلى مدار الأعوام الـ5 التي قضتها في رئاسة شؤون العاصمة مكسيكو سيتي، أشرفت على كهربة حافلات المدينة، وغطت سقف سوق الغذاء الضخم "سنترال دي أباستو" بالألواح الشمسية، كما وضعت هدف زراعة ملايين الأشجار.

ورغم ذلك، طالتها الانتقادات بسبب إعطاء الأولوية للنمو الحضري على حساب الحفاظ على البيئة.

وربما كان عملها بوصفها عالمة ومسؤولة حكومية أيضًا هو ما دفع بعضهم للاعتقاد بأنها ستكون مدافعة عن قضايا المناخ، إلّا أن الشؤون السياسية لا تكون بمثل هذه البساطة، بحسب تقرير بلومبرغ.

وكانت شينباوم طالبة مهووسة بكفاءة الطاقة ومواقد الخشب والمصابيح، وعن ذلك قالت في آخر جولاتها الانتخابية بولاية نويفو ليون: "كرّستُ نفسي لنمذجة استهلاك الطاقة في المكسيك وكيفية استعمالها ومجالاتها والموارد التي تسمح بتلبية احتياجات الشعب".

مرشحة الحزب الحاكم كلوديا شينباوم
مرشحة الحزب الحاكم كلوديا شينباوم - الصورة من رويترز

بنظرة إلى سياسات الرئيس الحالي المحبوب لوبيز أوبرادور، يمكن استشراف مواقف خليفته المحتملة وتلميذته كلوديا شينباوم التي من غير المحتمل أن تحيد عن طريقه، بحسب التقرير.

فمنذ تولّيه مقاليد السلطة في عام 2018، خصص مليارات الدولارات لدعم شركة النفط المملوكة للدولة بيميكس (Pemex)، قائلًا، إنها ضرورية للسيادة الوطنية.

ولدى شركة بيمكس تاريخ سيئ السمعة من الافتقار لمعايير السلامة البيئية، وسجل الباحثون في العام الماضي (2022) حادثتي تسرب ضخمتين لغاز الميثان من أحد الحقول البحرية.

ولذلك، هدد المقرضون بوقف الاستثمارات ما لم تتوقف عن التلوث.

وافتتحت حكومته مصفاة تكرير في ولاية تاباسكو، وحاولت حل المعهد الوطني للبيئة وتغير المناخ بوصفه أحد الإجراءات التقشفية، كما انخفضت استثمارات القطاع الخاص في مصادر الطاقة المتجددة منذ تولّيه الحكم.

وفي جولة انتخابية في ولاية ميتشواكان غربي البلاد، وعدت شينباوم بمواصلة دفع الطاقة المتجددة وحماية البيئة، ولكن "دون خيانة الشعب المكسيكي"، على حدّ وصفها.

وفي تجمّع آخر في شهر مارس/آذار المنصرم (2023)، أكدت الموقف نفسه، قائلة: "بالطبع، جميعنا يريد الإسهام في خفض غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، وكلنا يريد مدنًا لا يتلوث هواؤها، ويمكن تحقيق ذلك عبر إنتاج أو استعمال الطاقة النظيفة، ولكن ذلك لا يعني أن يأتي على حساب كل شيء آخر".

ويقول مدير مركز الولايات المتحدة والمكسيك بمعهد بيكر في جامعة رايس، إن شينباوم ستضطر إمّا للدفاع عن السياسات الحالية، أو شق طريق بعيد عن الرئيس لوبيز أوبرادور.

تغير المناخ والطاقة المتجددة

يفرض تغير المناخ مخاطر متزايدة على مواطني المكسيك، فارتفاع درجات الحرارة القاتلة تسبَّب في وفاة نحو 400 شخص منذ مارس/آذار المنصرم (2023)، كما ألقى بعبء إضافي على شبكة الكهرباء الوطنية.

وتؤثّر موجات الجفاف في مساحات شاسعة من الأراضي، وتترك المدن دون ماء، كما تسبَّب ارتفاع منسوب مياه البحار في ابتلاع منازل مطلة على السواحل.

وتعهدت المكسيك بخفض الانبعاثات بنسبة 35% بحلول عام 2030، ويشكّل توليد الكهرباء المصدر الرئيس لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، إذ يُنتَج 72% من الكهرباء من مصادر الوقود الأحفوري.

وتقيم الحكومة مزرعة شمسية ضخمة بالقرب من الحدود مع الولايات المتحدة، إلّا أن محللين يقولون، إن الرئيس المقبل يجب أن يسرّع وتيرة إنتاج الكهرباء النظيفة لإحداث تأثير حقيقي.

وكانت مرشحة المعارضة غالفيس سوتشيل صريحة في دعمها للطاقة المتجددة، وقالت، إن بمقدورها إجراء تحسينات بيئية سريعة بمساعدة القطاع الخاص، حسب تقرير نشرته منصة مكسيكو بيزنس (mexicobusiness) وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

مرشحة المعارضة سوتشيل غالفيس
مرشحة المعارضة سوتشيل غالفيس - الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية

وما يميز غالفيس هو أن أصولها تنحدر من جماعة السكان الأصليين المحرومين اقتصاديًا، وهو ما قد يجعل بينها وبين فقراء المكسيك رابطًا قويًا.

وتتمحور حملتها حول دعم الشركات والصناعات مثل التعدين، والتي واجهت عقبات بسبب سياسات الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور.

كما أكدت أهمية الاستثمار في الهيدروجين والطاقة الشمسية، وعدَّتهما أساسيين لتنمية المكسيك.

وانتقدت الحكومة الحالية بسبب التباطؤ في صناعة الطاقة النظيفة، وتخصيص الأموال لصالح شركة بيمكس، والإنفاق الزائد على مشروعات باهظة التكاليف، وتواجه تأخيرات.

وأكدت غالفيس الحاجة للاستثمارات الخاصة في قطاع الطاقة في المكسيك، وفيما يتعلق بشركة النفط بيميكس المثقلة بالديون، قالت، إنها تعتزم إصلاحها دون خصخصتها، مستشهدة في ذلك بشركة بتروبراس (Petrobras) البرازيلية التي تُتداوَل أسهمها بالبورصة، رغم أنها مازالت تحت سيطرة الحكومة.

وقالت، إن المكسيك ليس لديها موارد لتحقيق تحول الطاقة والاقتصاد، ولذلك يجب الترحيب باستثمارات القطاع الخاص لتسريع التنمية، بحسب حوار أجرته معها وكالة بلومبرغ.

وتابعت: "لدينا مشكلة خطيرة للغاية، وهي أن شركات الدولة سيئة في إدارة أموال المكسيكيين، ولذلك أتطلّع باتجاه القطاع الخاص".

كما أشارت إلى أنها ترغب في إعادة فتح الباب لإقامة جولات العطاء بقطاع النفط، والتي أوقفها الرئيس الحالي، بعد تولّيه منصبه في 2018.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق