نفطالتقاريرتقارير الغازتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةغازوحدة أبحاث الطاقة

لماذا يبدو استقلال الطاقة في المكسيك هدفًا بعيد المنال؟ (تقرير)

في ذكرى الاستقلال عن إسبانيا عام 1810

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • المكسيك تستعد لوقف صادرات النفط الخام لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود
  • احتياطيات النفط والغاز تتدهور بشدة على مدار العقدين الماضيين
  • الولايات المتحدة أكبر مورد للغاز إلى المكسيك عبر خطوط الأنابيب
  • النمو السكاني والالتزامات المناخية قيود أخرى على تحقيق الاستقلال

ما يزال استقلال الطاقة في المكسيك معضلة صعبة التحقق في الأمديْن القريب أو المتوسط، مع انخفاض احتياطياتها من النفط والغاز، وزيادة اعتمادها على الاستيراد لتلبية الطلب المحلي.

واحتفل المكسيكيون في 16 سبتمبر/أيلول 2023، بالذكرى السنوية للاستقلال عن إسبانيا في عام 1810، لكن مشهد الطاقة في البلاد ما زال أكثر اعتمادًا على الخارج، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ووعدت الحكومة المكسيكية في نهاية عام 2021، بوقف صادرات النفط الخام خلال عام 2023، وتكرير جميع الإنتاج محليًا، ضمن إجراءات تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية الطلب المحلي على الوقود.

ومن المتوقع تنفيذ قرار وقف صادرات المكسيك من النفط الخام خلال الأشهر المقبلة، في إطار وعود الرئيس اليساري أندريس مانويل لوبيز، الذي تولى السلطة في 2018 لمدة 6 أعوام قابلة للتجديد في 2024.

وقف صادرات النفط قريبًا

توقع تقرير حديث صادر عن شركة إنرجي أوتلوك أدفايزرز، اصطدام طموحات الرئيس اليساري لتحقيق استقلال الطاقة في المكسيك بتحديات كبيرة على مستوى النفط والغاز معًا.

ورجح التقرير -على سبيل المثال- مواجهة المكسيك تحديات فنية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من البنزين حتى بعد تنفيذ قرار وقف صادرات النفط الخام، لأن بعض خامها غير مناسب لإنتاج كميات كبيرة من هذا الوقود.

وتعرضت المصافي والمنشآت النفطية في المكسيك لسلسلة واسعة من الانفجارات والحرائق خلال السنوات الماضية، ما يزيد من مخاوف تكرارها في المستقبل دون التحوط من آثارها المحلية وتحدياتها المحتملة لطموحات تحقيق استقلال الطاقة في المكسيك.

وإذا نفّذت المكسيك قرارها وقف الصادرات، فقد يجعلها مستوردًا صافيًا للنفط، أكثر من أنه سيحل مشكلات البلاد أو يحقق لها الاكتفاء الذاتي على المدى الطويل لأسباب أخرى متصلة بانخفاض احتياطيات النفط والغاز في البلاد بصورة كبيرة خلال العقدين الماضيين، بحسب التقرير.

وفي تحدٍّ آخر أمام استقلال الطاقة في المكسيك، يبلغ معدل استغلال قدرة مصافي التكرير الـ7 في البلاد 55%، ما يجعلها لا تكفي لتلبية الاستهلاك المحلي رغم أن طاقتها الإجمالية 1.64 مليون برميل يوميًا.

وبلغت صادرات المكسيك من النفط 1.172 مليون برميل يوميًا خلال 2022، منها 992 ألف برميل يوميًا من الخام، و181 ألف برميل يوميًا من المنتجات النفطية، في المقابل تستورد البلاد 1.24 مليون برميل يوميًا من المشتقات النفطية، وفق بيانات معهد الطاقة البريطاني.

ويرصد الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- صادرات المكسيك من النفط الخام والمشتقات النفطية تاريخيًا:

صادرات المكسيك من النفط الخام والمشتقات النفطية

التزامات المناخ ونمو السكان.. تحديات أخرى

أشار التقرير إلى مشكلات أخرى ستواجه استقلال الطاقة في المكسيك، أبرزها الالتزامات المناخية التي قطعتها البلاد على نفسها في خفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.

وتواجه المكسيك طلبًا محليًا متزايدًا على الطاقة لسكان يصل عددهم إلى 128.5 مليون نسمة في 2023، ومن المتوقع نموه بـ29 مليون نسمة بحلول عام 2050 ليصل إلى 175 مليون نسمة، بحسب تقديرات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

كما يتوقع زيادة الهجرة الداخلية إلى المدن والمناطق الحضرية خلال العقدين المقبلين، ما يستلزم الاستعداد لتلبية معدلات طلب أكبر، ما قد يشكّل عقبة أخرى أمام استقلال الطاقة في المكسيك.

وإذا لم تستطع المكسيك زيادة احتياطياتها من النفط والغاز، أو توليد الكهرباء من الطاقة النووية، فستصبح أكثر اعتمادًا على الواردات أكثر من أي وقت مضى، ما يخالف طموحات الحكومة، بحسب تقديرات إنرجي أوتلوك أدفايزرز.

ورغم توقف انخفاض احتياطيات النفط والغاز الممتد لعقدين من الزمان، خلال السنوات الأخيرة، بفضل زيادة الاستثمارات الخاصة في التنقيب عن الموارد المكسيكية، فإن الكميات المتبقية من الاحتياطيات القابلة للاستخراج لن تنتج ما يكفي لدعم الإيرادات الحكومية والطلب المحلي على الطاقة.

ويستعرض الرسم التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، احتياطيات النفط المؤكدة في المكسيك منذ عام 1980 وحتى 2022:

احتياطيات النفط في المكسيك

واستنادَا إلى ذلك، تتوقع إنرجي أوتلوك أدفايزرز زيادة اعتماد البلاد على واردات الطاقة، لا سيما الغاز الطبيعي، الذي تستورد البلاد بكثافة من الولايات المتحدة في الوقت الحالي، ما قد يمثّل معضلة مزمنة تعوق أحلام استقلال الطاقة في المكسيك.

وإذا لم تقدم الولايات المتحدة مزيدًا من الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب في المستقبل، فستضطر المكسيك إلى استيراد كميات كبيرة من الغاز المسال من بلدان العالم الأخرى.

ووصلت صادرات الغاز الأميركية إلى المكسيك لأعلى مستوياتها الشهرية على الإطلاق في يونيو/حزيران 2023، مسجلة 6.8 مليار قدم مكعبة يوميًا، ما يمثّل 66% من إجمالي صادرات الأنابيب الأميركية خلال النصف الأول من 2023، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

تدهور احتياطيات النفط وإنتاجه

بلغت احتياطيات النفط المؤكدة في المكسيك 5.9 مليار برميل بنهاية عام 2022، دون تغيير ملحوظ عن المستويات المسجلة عام 2021، بحسب تقديرات أويل آند غاز جورنال.

ويقل مستوى الاحتياطيات بصورة حادة للغاية حال مقارنتها بأعلى مستوى تاريخي مسجل بين عامي 1982 و1983 عند 55 مليار برميل، ما يشير إلى أن أحلام استقلال الطاقة في المكسيك ما زالت بعيدة المنال.

وبلغ إنتاج النفط في المكسيك ذروته عند 3.8 مليون برميل يوميًا في عام 2004، ليدخل بعدها في مراحل انخفاض تدريجية، إلى أن وصل لـ1.928 مليون برميل يوميًا في عام 2021، ثم ارتفع فوقها بقليل عام 2022، مسجلًا 1.944 مليون برميل يوميًا.

ويوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية في المكسيك منذ عام 1965 وحتى 2022:

استقلال الطاقة في المكسيك يصطدم بتراجع إنتاج النفط الخام

وتستحوذ الولايات المتحدة على غالبية صادرات النفط المكسيكية، إلا أنها في تراجع مستمر منذ عام 2010، بسبب الانخفاض المزمن في إنتاج المكسيك، وانتعاش إنتاج النفط الأميركي في المقابل خلال السنوات الأخيرة.

ورغم ذلك، ما زالت المكسيك رابع أكبر منتج للنفط الخام والسوائل والمكثفات الغازية في الأميركتين بعد الولايات المتحدة وكندا والبرازيل، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

احتياطيات الغاز

بلغت احتياطيات الغاز المؤكدة لدى المكسيك 7.1 تريليون قدم مكعبة (0.2 تريليون متر مكعب) بنهاية العام الماضي (2022)، دون تغير ملحوظ عن المستويات المسجلة في 2021، بحسب تقديرات أويل آند غاز جورنال.

ولم تزد هذه الاحتياطيات منذ عام 2015، كما تقل عن ذروتها التاريخية البالغة 2.1 تريليون متر مكعب في عقد الثمانينيات، بحسب بيانات المراجعة الإحصائية الصادر عن معهد الطاقة البريطاني.

ويرصد الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- احتياطيات الغاز الطبيعي في المكسيك منذ عام 1980 وحتى 2022:

احتياطيات الغاز في المكسيك

في المقابل، ارتفع إنتاج المكسيك من الغاز الطبيعي بنسبة 5.2% إلى 40.4 مليار متر مكعب (3.9 مليار قدم مكعبة يوميًا) خلال 2022، في حين بلغ استهلاكها المحلي في العام نفسه 96.6 مليار متر مكعب، حسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

وتشير بيانات الاستهلاك إلى أن حلم استقلال الطاقة في المكسيك ما زال بعيدًا جدًا -خاصة في الغاز-، إذ لا يكفي الإنتاج الطلب المحلي، ما يجعلها مستوردًا صافيًا للغاز، وتعتمد استيراد 60% من احتياجاتها من الخارج، وأغلبها يأتي من أميركا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق