المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

أسباب حظر تصدير الوقود الروسي وتداعياته على الأسواق (مقال)

فيلينا تشاكاروفا* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • جاء القرار لتحقيق الاستقرار في أسعار الوقود المحلية بحسب بيان صحفي للحكومة
  • يشتري التجّار محليًا بالأسعار الروسية، ثم يبيعونها في الخارج بأسعار مرتفعة
  • قيود التصدير المؤقتة على البنزين والديزل لا تشمل الشحنات إلى دول الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي
  • تعمل الحكومة على صياغة إستراتيجيات شاملة لاستباق نقص الوقود في المستقبل
  • خطوة الحكومة هي مجرد حيلة للتفاوض على شروط أفضل مع شركات تصنيع الوقود
  • روسيا عززت صادراتها النفطية إلى دول في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط

فرضت موسكو حظرًا مؤقتًا على صادرات الوقود الروسي، على خلفية الارتفاع الكبير في أسعار الجملة للبنزين والديزل، إذ أعلنت الحكومة "إجراءات صارمة" لمعالجة أزمة الوقود قبل يوم واحد فقط.

وأعلن رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، قيود التصدير المؤقتة على بنزين السيارات والديزل، وجاء القرار، الذي دخل حيز التنفيذ في 21 سبتمبر/أيلول، لتحقيق الاستقرار في أسعار الوقود المحلية، بحسب بيان صحفي للحكومة.

وقد منح مجلس الوزراء شركة ترانسنفط استثناءً من حظر التصدير الوقود الروسي، ما سمح لها بتصدير المشتقات النفطية التي تمّت الموافقة على نقلها قبل سريان الحظر، كما هو مبيّن في قرار مجلس الوزراء.

وينصّ الاستثناء على أن الحظر لن يؤثّر في البضائع التي تمّت الموافقة سابقًا على نقلها بالسكك الحديدية الروسية، أو تلك التي لديها طلبات شحن موجودة مسبقًا لدى السفن البحرية، وفي 23 سبتمبر/أيلول، أُضيفَ تعديل يشمل شركة ترانسنفط بموجب هذا البند.

وأوضحت وزارة الطاقة الروسية أن هذه الخطوة تهدف إلى الحدّ من صادرات السوق الموازية من الوقود، إذ يشتري التجّار المنتجات المحلية بالأسعار الروسية، ثم يبيعونها في الخارج بأسعار مرتفعة.

ويرمي هذا الإجراء إلى تعزيز العرض المحلي، ما قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار، ولم تحدد السلطات مدة هذا الحظر.

وألمح نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، في 20 سبتمبر/أيلول، إلى اتخاذ "إجراءات أكثر صرامة" لمعالجة أزمة الوقود في روسيا.

بالمثل، أشار النائب الأول لوزير الطاقة، بافيل سوروكين، إلى "إجراءات قوية" وشيكة للحدّ من الصادرات الموازية من المنتجات النفطية، وفي عام 2022، بلغت صادرات البنزين من روسيا 5.2 مليون طن، وفي النصف الأول من عام 2023، وصل الرقم إلى 3.5 مليون طن، بارتفاع 30%.

استثناءات حظر تصدير الوقود الروسي

ينصّ قرار رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، على أن قيود التصدير المؤقتة على البنزين والديزل لا تشمل الشحنات إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، التي تضمّ، إلى جانب روسيا، قازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا وقيرغيزستان، بالإضافة إلى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.

وتستثني القيود الشحنات بموجب الاتفاقيات الحكومية الدولية، والشحنات العابرة، والمساعدات الإنسانية، ودعم العمليات العسكرية الروسية في الخارج، والسلع الشخصية للاستعمال الفردي.

وأشار نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، إلى أنه على الرغم من عدم وجود ندرة في المنتجات النفطية في السوق حاليًا، وأن الإنتاج آخذ في الارتفاع مع انخفاض أسعار الجملة، فإن وزارة الطاقة تستعد لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة.

إلى جانب اتخاذ تدابير قوية للحدّ من الصادرات الموازية، تعمل الحكومة الروسية على صياغة إستراتيجيات شاملة لاستباق نقص الوقود الروسي في المستقبل.

في منتصف سبتمبر/أيلول، علّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قضية أسعار البنزين، وشعر أن الحكومة لم تستجب بسرعة لتحولات السوق العالمية الناجمة عن تصاعد أسعار النفط.

تحميل عربات النقل بالسكك الحديدية بمجمع تانيكو لتكرير النفط والبتروكيماويات في روسيا
تحميل عربات النقل بالسكك الحديدية بمجمع تانيكو لتكرير النفط والبتروكيماويات في روسيا – الصورة من بلومبرغ

وبدأ الارتفاع في تكاليف البنزين بالجملة في ربيع عام 2023، عندما كشف وزير المالية، أنطون سيلوانوف، خططًا لخفض التعويضات المقدّمة لشركات النفط عن تحديد سقف لأسعار المنتجات النفطية المحلية (مثبط ضغط الوقود) من 60 مليار إلى 30 مليار روبل (618,07 إلى 309,03 مليون دولار) شهريًا.

وفي يوليو/تموز، حظي هذا التعديل على قانون الضرائب بموافقة الرئيس بوتين، كما ذكرنا في مقال نشرته منصة الطاقة المتخصصة. وشهدت أسعار الديزل بالجملة ارتفاعًا حادًا في أوائل أغسطس/آب.

وبحسب وزير الطاقة الروسي، نيكولاي شولغينوف، فقد ارتفعت صادرات الوقود الروسي الموازية لعام 2023 إلى عدّة ملايين من الأطنان، على الرغم من أن روسيا أنتجت 21.8 مليون طن من البنزين و44.1 مليون طن من الديزل في النصف الأول من ذلك العام، وسرعان ما انعكس الارتفاع في أسعار الجملة في تكاليف التجزئة.

من نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022 إلى 17 سبتمبر/أيلول 2023، بلغت الزيادة التراكمية في أسعار البنزين والديزل 9.35% و9.44% على التوالي، مع إجمالي معدل تضخم يزيد قليلًا عن 4%، وفقًا لتقديرات اللجنة الحكومية الروسية للإحصاء "روستات".

وفي أوائل سبتمبر/أيلول، شهد الجزء الأوروبي من روسيا سعر البنزين المُحسّن بريميوم 95 في بورصة سانت بطرسبرغ الدولية للسلع والمواد الخام يحطم الأرقام القياسية لأيام متتالية، إذ وصل في النهاية إلى 75 ألف روبل للطن.

وفي 19 سبتمبر/أيلول، بلغ سعر الديزل ذروته عند 75.036 روبل للطن، وبحلول نهاية الصيف، ظهرت تقارير عن نقص البنزين في شبه جزيرة القرم وغيرها من المناطق الروسية.

وأشار رئيس شركة سيفاستوبول، ميخائيل رازفوزاييف، إلى أن شبه الجزيرة تتلقى الوقود عبر الطرق البحرية، وأيّ طقس مضطرب أو قيود على النقل البحري تؤدي إلى تعطيل الجدول الزمني للتسليم.

وأكد وزير الطاقة، نيكولاي شولغينوف، أن سيناريو البنزين في جنوب روسيا لم يكن يتعلق بالتحديات اللوجستية بقدر ما يتعلق بجهات معينة تتلاعب بالسوق، مثل إغلاق محطات الوقود وخلق نقص ملفّق.

(الروبل الروسي = 0.010 دولارًا أميركيًا)

تداعيات حظر تصدير الوقود الروسي

إلى جانب الحظر المؤقت على تصدير الوقود الروسي، فكرت السلطات في موسكو بإستراتيجيات بديلة لمواجهة ارتفاع أسعار الوقود.

وتضمَّن أحد الاقتراحات فرض تعرفة وقائية بقيمة 250 دولارًا للطن على جميع المنتجات النفطية، وفي الوقت الحالي، تبلغ رسوم التصدير 6.4 دولارًا للطن على المشتقات النفطية الخفيفة والزيوت، و21.4 دولارًا للطن على الزيوت الثقيلة.

وناقشت الحكومة الروسية إنشاء دليل للمصدرين وتشجيع تراخيص التصدير، إذ اعترضت وزارة التنمية الاقتصادية على قائمة المصدرين، واقترحت بدلًا من ذلك نظام تراخيص التصدير دون إعلان قائمة المصدرين والشركات التابعة لهم (وهي خطوة يُنظر إليها على أنها محفوفة بالمخاطر نظراً للعقوبات الغربية).

وشهدت أسعار البنزين انخفاضًا بنسبة 7% خلال الأسبوع، وذلك فقط بسبب تكهنات السوق فيما يتعلق بإجراءات حظر تصدير الوقود الروسي.

ويبدو أن حظر تصدير البنزين والديزل مناسب، إذ إن التشبُّع الفوري للسوق أمر بالغ الأهمية، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء.

ونحن نعرف سابقًا الممارسة السنوية التي تتبعها قازاخستان لوقف صادرات النفط لمدة شهرين تقريبًا، بما في ذلك النقل بالسكك الحديدية، لإغراق السوق خلال صيانة المصافي.

ويشتبه بعضهم في أن خطوة الحكومة هي مجرد حيلة للتفاوض على شروط أفضل مع شركات تصنيع الوقود، ومن غير المتوقع حدوث نقص في السوق إذا حُدِّدَت مدة الحظر بـ3 أشهر، ومع ذلك، فإن الكثير يتوقف على قدرة المصدرين على التكيف.

ويظل لتقييم الروبل الروسي تأثير مهم بالأسعار في الدول التي من المحتمل أن تتأثر بالحظر المفروض على صادرات الوقود الروسية

ويمكن لفرض حظر مؤقت على تصدير البنزين والديزل من قبل السلطات الروسية، بدءًا من 21 سبتمبر/أيلول، أن يسبّب تحديات المشتريات لدول مثل جورجيا وتركيا والبرازيل.

وقد تواجه جورجيا أصعب معركة شاقة فيما يتعلق بتأمين مصادر بديلة للوقود، ومن ناحية أخرى، عززت تركيا مؤخرًا استحواذها على وقود الديزل الروسي لتلبية احتياجات سوقها المحلية، وفي الوقت نفسه صدّرت وقود الديزل المحلي.

ناقلة تحمل ديزل روسي تعبر مضيف البوسفور
ناقلة تحمل ديزل روسي تعبر مضيف البوسفور - أرشيفية

وفي ظل هذا الحظر، قد تحتاج تركيا إلى إعادة التفكير في إستراتيجيتها، والاحتفاظ بالمزيد من وقود الديزل المنتج محليًا للاستهلاك المحلي.

وفي أعقاب هذا القرار الروسي، شهدت أوروبا ارتفاعًا في أسعار الديزل في بورصة إنتركونتيننتال إكتشينح، بنسبة 4.5%، وتجاوزت علامة 1000 دولار للطن.

يمكن أن يكون حظر تصدير الوقود الروسي هذا فعالًا في رفع أسعار الديزل في السوق الأوروبية، ورغم أن دول الاتحاد الأوروبي فرضت حظرًا على واردات المشتقات النفطية الروسية في 15 فبراير/شباط، فإنها تظل متشابكة مع ديناميكيات السوق العالمية، ومن ثم تتأثر بها.

الدول التي تشتري الوقود الروسي

في أعقاب القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على واردات المنتجات النفطية الروسية، أعادت روسيا توجيه تركيزها، وعززت صادراتها النفطية إلى دول في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.

ويرى المحللون أن هذا التحول الإستراتيجي مكّن دولًا، على سبيل المثال، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا، من زيادة صادراتها إلى السوق الأوروبية.

الجدول أدناه، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض حجم صادرات الوقود الروسي (الديزل- البنزين) خلال الربع الأول من 2023، مقارنة بالمدة نفسها من 2022:

تصدير المشتقات النفطية الروسية

وخلال النصف الأول من عام 2023، شهدت صادرات روسيا من الديزل البحري ارتفاعًا بنسبة 10.9%، لتصل إلى 25.28 مليون طن. وارتفعت صادرات البنزين بنسبة 25.1% إلى 3.09 مليون طن.

وأفاد معهد الطاقة والمالية أنه في شهر يوليو/تموز وحده ارتفعت صادرات الديزل بنسبة 17.6% إلى 3.34 مليون طن، وارتفعت صادرات البنزين بنسبة كبيرة بلغت 85.7% إلى 0.39 مليون طن.

وتشير توقعات وزارة التنمية الاقتصادية إلى أنه بحلول نهاية عام 2023، ستصل صادرات روسيا من المنتجات النفطية إلى نحو 128 مليون طن، وهي زيادة متواضعة مقارنة بـ 127.4 مليون طن في عام 2022، وصدرت هذه التوقعات في 22 سبتمبر/أيلول، بعد يوم واحد من إعلان حظر التصدير المؤقت.

الجدول أدناه، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض أبرز مستوردي البنزين الروسي خلال الربع الأول من 2023، مقارنة بالمدة نفسها من 2022:

أبرز مستوردي لبنزين الروسي

الجدول أدناه، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض أبرز مستوردي الديزل الروسي خلال الربع الأول من 2023، مقارنة بالمدة نفسها من 2022:

أبرز مستوردي زيت الديزل الروسي

وفي الوقت الحالي، تبرز تركيا بوصفها المشتري الرئيس للديزل الروسي، وفي الأشهر الـ6 الأولى من عام 2023، وصلت واردات تركيا إلى 7.77 مليون طن (تشكّل أكثر من 30% من إجمالي الإمدادات البحرية لروسيا)، ما يمثّل زيادة بمقدار 4 أضعاف عن العام السابق.

تاريخيًا، كانت تركيا مستوردًا كبيرًا للديزل الروسي، على سبيل المثال، في عام 2021، حصلت الدولة على 4.35 مليون طن (تمثّل 9.7% من الصادرات البحرية).

على النقيض من ذلك، شهدت دول، مثل البرازيل والمملكة العربية السعودية، التي اشترت سابقًا كميات ضئيلة من الديزل من روسيا (90 ألفًا و40 ألف طن في عام 2022 على التوالي)، ارتفاعًا كبيرًا في وارداتها خلال النصف الأول من عام 2023، إذ وصلت الأرقام إلى 2.8 مليونًا و 2.8 مليون طن، 2.76 مليون طن.

إضافة إلى ذلك، تعدّ نيجيريا نفسها المستورد الرئيس للبنزين الروسي هذا العام، وفي المدة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران، استوردت نيجيريا 963.2 ألف طن، أي ما يقرب من 9 أضعاف حجمها في العام السابق.

وتحتلّ دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الثاني في استيراد البنزين الروسي، إذ بلغت وارداتها 634.9 ألف طن، بزيادة 4 أضعاف عن إحصائيات 2022.

وابتداءً من هذا العام، قامت المملكة العربية السعودية بتوريد المنتجات النفطية الروسية بشكل استباقي، وفي الوقت نفسه تعزيز صادراتها الأوروبية.

وفي الربيع، حلّت الإمدادات الروسية محلّ واردات الديزل من الدول الأخرى بشكل شبه كامل، وتشير تقارير شركة كبلر إلى أنه بحلول أبريل/نيسان، تجاوزت الرياض الولايات المتحدة من حيث صادرات الديزل، مع توجيه 35% منها إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق