تقارير النفطالتقاريررئيسيةنفط

إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يقلص الواردات.. ما علاقة مصافي التكرير الأوروبية؟

هبة مصطفى

فتحَ إلغاء دعم الوقود في نيجيريا النار على أكثر من اتجاه، رغم عوائد تلك الخطوة على خزينة الدولة، إذ ارتبط إلغاء الدعم بصورة مباشرة بخفض الواردات إثر انخفاض الطلب المحلي ومحاصرة السوق السوداء.

وأدى ذلك لتكدّس الإمدادات لدى المُورّدين إلى نيجيريا، وعلى رأسهم مصافي التكرير الأوروبية، خاصة أن الدولة الواقعة غرب أفريقيا اعتمدت بصورة مفرطة على الواردات لسنوات عدّة، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويرجع انخفاض الطلب إلى تراجع إقبال مهربي الوقود -خاصة البنزين- عن نقل الشحنات من أبوجا إلى الأسواق المجاورة، وأبرزها (الكاميرون، وتوغو، وبنين)، بعدما دفع إلغاء الدعم نحو تقليص جدوى الاستفادة من فارق الأسعار المدعمة والمبيع بها لدى الأسواق الخارجية، ووفق تقرير نشرته وكالة رويترز.

وعقب خطوة إلغاء دعم الوقود في نيجيريا، يبدو أن الدولة الأفريقية تتجه للبحث عن منافذ بديلة تستورد من خلالها الإمدادات بأسعار زهيدة، وربما تجد في مصافي الشرق الأوسط أو الإمدادات الروسية ضالّتها، بعدما اعتمدت سنوات طويلة على الأسواق الأوروبية.

وفي التقرير التالي، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة تأثير إلغاء دعم الوقود في المصافي الأوروبية، وواقع ما قد ينتج عن هذا القرار من تغير خريطة صادرات البنزين الأوروبية.

إلغاء الدعم وانخفاض الطلب

أُلغي دعم الوقود في نيجيريا بموجب قرار من الرئيس الجديد بولا تينوبو، نهاية مايو/أيار الماضي، في محاولة لتخفيف الأعباء عن الحكومة، إذ كلّفها الدعم خلال العام الماضي 2022 ما يُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار.

وانعكست مستويات الأسعار الجديدة على معدلات الطلب وحجم الواردات، وسجل الطلب على البنزين انخفاضًا بنسبة 28%، طبقًا لبيانات رسمية.

مصفاة دانغوتي في نيجيريا
مصفاة دانغوتي في نيجيريا - الصورة من Premium Times Nigeria

وبالتوازي مع ذلك، تراكمت مخزونات البنزين لدى الدولة الأفريقية إلى أن بلغت 960 ألف طن، ارتفاعًا من 613 ألف طن خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني حتى يونيو/حزيران)، استنادًا إلى تقديرات محلل شركة الاستشارات "سي آي تي إيه سي" المعنية بصناعة التكرير وسوق الطاقة الأفريقي "جيريمي باركر".

ومما زاد مستويات الطلب سوءًا تأثُّر السوق السوداء بالأسعار المرتفعة الجديدة خلال مرحلة ما بعد إلغاء دعم الوقود في نيجيريا، وتوقُّف مهربي النفط عن نقل شحنات الوقود إلى الكاميرون وتوغو وبنين.

وتُشير بيانات رسمية وخاصة إلى أن أحجام البنزين المُهرّبة كادت تتجاوز ثلث الإمدادات المتاحة في مخازن شركة النفط الوطنية، وكانت تُباع بصورة غير قانونية لتحصيل المزيد من المكاسب التي قضى إلغاء الدعم عليها.

هبوط الواردات

سنوات طويلة، اعتمدت نيجيريا على الواردات، رغم أنها تعدّ أكبر منتجي الخام في القارة السمراء، بعدما تسبَّبت سرقة النفط وضعف قدرات التكرير المحلية في عدم قدرة الدولة على تلبية الطلب.

ومقابل ذلك، واجهت أبوجا تحديًا آخر مع ضعف العملة المحلية "النايرا" مقابل الدولار الأميركي في يونيو/حزيران، وتسبَّب ذلك في اتخاذ التضخم منحنى صعوديًا لمستوى قياسي زاد من صعوبة استمرار الاعتماد على الواردات.

ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم إنتاج نيجيريا من النفط الخام خلال السنوات من 2019 حتى العام الماضي 2022:

إنتاج النفط الخام في نيجيريا

وأدى إلغاء دعم الوقود في نيجيريا إلى تغيير خريطة واردات المنطقة من البنزين، وسجّل متوسط واردات غرب أفريقيا من البنزين تراجعًا بنسبة 56% خلال الربع الثاني من العام (من أبريل/نيسان حتى يونيو/حزيران)، حسب بيانات رفينيتيف أيكون.

ويؤثّر تراجع الطلب النيجيري في الوقود بحجم الواردات مباشرةً، خاصةً في ظل تكدّس الإمدادات بالمخازن المحلية إثر ارتفاع الأسعار، في حين توقَّع محللون استمرار وتيرة الطلب على معدلها الحالي، إذ تشهد الآونة الحالية إعادة ترتيب أوراق السوق بعد قرار إلغاء دعم الوقود في نيجيريا.

مصير المصافي الأوروبية

تعدّ نيجيريا سوقًا رئيسة لصادرات البنزين الأوروبية، ومن شأن تراجع الطلب المحلي أن يشكّل ضغطًا على مصافي تكرير القارة العجوز التي تنتج براميل تفوق معدل الاستهلاك، وكانت تجد في الدولة الواقعة غرب أفريقيا بيئة خصبة للتصدير.

واعتمدت مصافي التكرير الأوروبية على التصدير لدول الغرب الأفريقي -وأبرزها نيجيريا- وأميركا الشمالية، لتعزيز مكاسبها في ظل زيادة إنتاج المشتقات خاصة البنزين.

ومن بين عوامل عدّة (تشمل المنافسة بين المورّدين في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية)، كان قرار إلغاء دعم الوقود في نيجيريا أبرز العوامل المؤثرة في إلقاء المزيد من الضغوط على مصافي التكرير الأوروبية

وتُصدَّر غالبية شحنات الوقود الأوروبية إلى غرب أفريقيا عبر منطقة مواني "أمستردام.. روتردام.. أنتويرب" المعروفة باسم منطقة "إيه آر إيه"، وخلال شهر يونيو/حزيران -الشهر اللاحق لقرار إلغاء دعم الوقود في نيجيريا- بلغت صادرات الوقود الأوروبية إلى أبوجا وجيرانها 629 ألف طن.

وينخفض هذا المعدل عن حجم صادرات الشهر ذاته العام الماضي (2022)، التي سجلت 895 ألف طن، وعن صادرات العام السابق له أيضًا (2021)، المقدَّرة بنحو 1.2 مليون طن.

وتواصلَ معدل انخفاض صادرات الوقود الأوروبية إلى غرب أفريقيا خلال شهر يوليو/تموز الجاري، مسجلة 627 ألف طن، مقارنة بنحو 1.5 مليون طن خلال الشهر ذاته من العام الماضي، و1.4 مليون طن من العام السابق له.

خريطة الصادرات

في أعقاب إلغاء دعم الوقود بنيجيريا، لجأت منطقة "إيه آر إيه" لزيادة صادراتها من الوقود إلى السوق الأميركية، لتعويض نقص الطلب من غرب أفريقيا.

وصدّرت المصافي الأوروبية شحنات وقود بلغت 695 ألف طن خلال شهر يوليو/تموز الجاري إلى أميركا، مقارنة بنحو 449 ألف طن العام الماضي 2022.

مصفاة تكرير في ألمانيا
مصفاة تكرير في ألمانيا - الصورة من The New York Times

ويبدو أن زيادة صادرات الوقود الأوروبية إلى أميركا لم تكن كافية لتعويض طلب الغرب الأفريقي، وقفزت مخزونات البنزين لدى منطقة "إيه آر إيه" بحسب بيانات إنسايتس غلوبال.

ومقابل ذلك، يبحث المشتري النيجيري عن أسواق تمنحه أسعارًا أقلّ من السوق الأوروبية بعد إلغاء الدعم الحكومي، خاصة أن دخول مصفاة "دانغوتي" المحلية مرحلة الإنتاج الكامل (650 ألف برميل يوميًا) لن يكون قبل الربع الثاني من عام 2025.

بدائل نيجيريا

فتح إلغاء دعم الوقود في نيجيريا المجال أمام أسواق جديدة لتصبح مُورّدًا رئيسًا لأوروبا بدلًا عن مصافي التكرير الأوروبية، وتمتعّت دول الشرق الأوسط والخليج وكذلك روسيا بحظّ وافر في هذا الشأن لانخفاض أسعارها.

وقُدِّرت أسعار شحنات وقود الشرق الأوسط بما يتراوح بين 35 و50 دولارًا للطن بالكامل، وهو نطاق أسعار يُبشّر بزيادة واردات نيجيريا غرب أفريقيا من وقود هذه الأسواق.

وربما كانت السوق الأفريقية مغرية لروسيا أيضًا، لا سيما أن الحظر الأوروبي والسقف السعري المفروض على مشتقات موسكو النفطية قلّصا من نشر شحناتها بصورة أو بأخرى.

وشهد شهر يناير/كانون الثاني تزايدًا في شحنات البنزين من روسيا إلى غرب أفريقيا، وقُدِّرت أحجام هذه الشحنات مؤخرًا بنحو 800 ألف طن سنويًا.

ورغم أن الشحنات من روسيا والشرق الأوسط ليست ضخمة، فإنها تشكّل حجرًا إضافيًا تتعثّر به مصافي التكرير الأوروبية التي فقدت سوقًا جيدة في غرب أفريقيا إثر إلغاء دعم الوقود في نيجيريا.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق