غازالتقاريرتقارير الغازتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا.. هل تسرّعت الحكومة بقرار خاطئ؟ (تقرير)

قد يُحدث عجزًا كبيرًا في السوق المحلية

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • الحكومة ترجح كفاية الاكتشافات الحالية لتلبية الطلب حتى 2042
  • وود ماكنزي تشكك في التقديرات الحكومية وترجح عجزًا كبيرًا
  • مشروع محطة الغاز المسال الثانية يواجه تحديات تعوق تقدمه
  • 3 اكتشافات بحرية محتملة ما زالت تحت التقييم وتواجه عوائق

أثار إعلان وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا جدلًا واسعًا بين الخبراء والمتخصصين داخل أسواق الطاقة في أميركا اللاتينية؛ ما بين مُرحب لأسباب بيئية ومتحفظ لأسباب واقعية ومخاوف مستقبلية.

وأثار تقرير تحليلي حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- مخاوف واسعة من ضعف قدرة اكتشافات النفط والغاز الحالية في البلاد على تلبية الطلب المحلي على الطاقة خلال العقود المقبلة.

وتوصل التقرير، الصادر عن شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي"، إلى أن قرار وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا سابق لأوانه، ويضع البلاد في حالة عدم يقين بشأن أمن الطاقة على المدى الطويل.

متى أوقفت كولومبيا التراخيص الجديدة؟

أكدت الحكومة، خلال نسخة منتدى دافوس للاقتصاد العالمي (يناير/كانون الثاني 2023)، التزامها بالابتعاد عن الوقود الأحفوري عبر وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا.

وتعتقد الحكومة الكولومبية أن الاكتشافات المحلية الحالية يمكن أن تجعلها مكتفية ذاتيًا من الغاز، ما يساعد في تركيزها على تسريع مسار تحول الطاقة وخفض الانبعاثات، لكن هذا الاعتقاد غير دقيق ويغفل مجموعة من المخاطر، بحسب تقرير وود ماكنزي.

وكانت وزارة المناجم والطاقة الكولومبية قد نشرت تقريرًا في ديسمبر/كانون الأول 2022، يؤكد قدرة البلاد على تلبية احتياجاتها المستقبلية من الغاز عبر احتياطيات الغاز البحرية المكتشفة خلال السنوات الأخيرة، بحسب ما نقله موقع أبستريم أونلاين المتخصص (upstream online).

,وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا
الرئيس الكولومبي غوستافو بترو - الصورة من رويترز

ورجح تقرير الوزارة كفاية الإنتاج المحلي من الاحتياطيات القابلة للاستخراج اقتصاديًا، لتلبية الطلب على الغاز لمدة 20 عامًا وحتى عام 2042، ما قد يجعل البلاد تصل إلى مرحلة متقدمة من تحول الطاقة بحلول هذا التاريخ.

وبعد صدور هذا التقرير، أعلنت حكومة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو -المنتخب في يونيو/حزيران 2022- وقف جميع تراخيص النفط والغاز في كولومبيا، لكن جدية الحكومة في تنفيذ هذا القرار ما زالت محل شك، مع صدور تصريحات لاحقة من بعض أعضاء الحكومة تفيد باستعداد البلاد لمنح تراخيص جديدة في قطاع التنقيب.

وصرّح وزير التجارة الكولومبي جيرمان أومانا في 26 مايو/أيار 2023، بأن بلاده تدرس منح تراخيص جديدة، وذلك بعد ظهور نتائج تقرير حكومي مقلق بشأن تراجع احتياطي البلاد من النفط والغاز، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ ورصدته وحدة أبحاث الطاقة في حينه.

لماذا يُعد القرار متسرعًا؟

لا تؤيّد وود ماكنزي قرار وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا، وتعده قرارًا جدليًا متسرعًا، بالنظر إلى حقائق الانخفاض المطرد في إنتاج الغاز المحلي خلال السنوات الأخيرة.

وبلغ إنتاج كولومبيا من الغاز الطبيعي 12.4 مليار متر مكعب (1.20 مليار قدم مكعبة يوميًا) في عام 2022، بانخفاض 1.1% عن مستواه البالغ 12.6 مليار متر مكعب (1.22 مليار قدم مكعبة يوميًا) عام 2021.

بينما بلغ استهلاك الغاز في البلاد 12.6 مليار متر مكعب (1.21 مليار قدم مكعبة يوميًا) في عام 2022، بانخفاض طفيف على أساس سنوي، وفق بيانات المراجعة الإحصائية السنوية الصادرة عن معهد الطاقة البريطاني (2023).

وتشير هذه البيانات إلى وجود عجز حالي في إنتاج الغاز المحلي مقارنة بحجم الاستهلاك، وهو ما تتوقع وود ماكنزي تفاقمه إلى 560 مليون قدم مكعبة يوميًا بحلول عام 2030، مع تراجع الإنتاج بوتيرة سريعة.

كما توقعت وود ماكنزي مواجهة البلاد نقصًا إجماليًا في إمدادات الغاز الطبيعي قبل نهاية العقد الحالي، استنادًا إلى تحليل العقود التجارية الحالية حتى بعد أخذ القدرة على الاستيراد في الحسبان، ما يشير إلى مخاطر حقيقية لقرار وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا.

استيراد الغاز المسال في خطر

لدى كولومبيا منشأة وحيدة لإعادة التغويز -أي تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي صالح للاستهلاك المباشر- تقع في مدينة قرطاغنة (Cartagena)، وقادرة على استيراد 400 مليون قدم مكعبة يوميًا.

وتخطط شركة بروميغاز (Promigas) -صاحبة حصة الأغلبية في المنشأة- لزيادة قدرة الاستيراد نحو 130 مليون قدم مكعبة يوميًا بحلول النصف الثاني من عام 2026.

ومن المقرر تشغيل 50 مليون قدم مكعبة يوميًا من هذه القدرة الإضافية في عام 2024، بحسب تقديرات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير وود ماكنزي.

وتخطط كولومبيا لإضافة منشأة استيراد أخرى بطاقة 400 مليون قدم مكعبة يوميًا، يطلق عليها باسفيك للغاز الطبيعي المسال "Pacific LNG"، لكنها تعاني حالة الارتباك بعد استبعاد التحالف الوحيد الذي قدّم عرضًا في مناقصة إنشائها بتكلفة 900 مليون دولار.

وتعتقد وود ماكنزي، أن وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا سيترك البلد اللاتيني ذات الـ52 مليون نسمة، دون إمدادات محلية إضافية من الغاز، ما سيعرّضه لمخاطر عجز كبير في المستقبل.

3 اكتشافات محتملة تحت التقييم

يراهن اتجاه وقف تراخيص النفط والغاز في كولومبيا على 3 اكتشافات بحرية كبيرة محتملة، وإذا نجحت في تطويرها، فستكون أول مشروعات المياه العميقة في البلاد بمناطق غورغون (Gorgon)، وأوتشوفا (Uchuva)، وأوركا (Orca).

ورغم ذلك، فما زالت هذه الاكتشافات في مراحل التقييم، ما يُلقي بظلال من عدم اليقين بشأن أحجام إنتاجها المحتلمة والجداول الزمنية لها وتكاليفها، بحسب مخاوف وود ماكنزي التي حللت 60 سيناريو محتملًا لهذه الاكتشافات، للوصول إلى تقييم نقطة التعادل المحتملة -تساوي التكلفة والإيرادات- لهذه المشروعات.

وقفت تراخيص النفط والغاز في كولومبيا
منصة حفر غاز بحرية في كولومبيا - الصورة من offshore-energy

وانتهى التحليل إلى ضرورة أن تكون هذه المشروعات البحرية ذات إنتاجية عالية وفاعلية من حيث التكلفة، حتى تتمكن من تلبية معايير نطاق التعادل، وهو أمر ما زال تحت التقييم.

كما يتخوّف التحليل من أن تؤدي الخدمات اللوجستية إلى زيادة تكاليف الاستثمار في المشروعات، نظرًا إلى بُعد بعض الحقول عن البنية التحتية القائمة وقدرة النقل المحدودة للغاز من الساحل إلى المناطق الداخلية في كولومبيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق