طاقة متجددةالتقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

مشروعات طاقة الرياح تواجه معارضة من الأثرياء والبيض (دراسة)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تؤدي مشروعات طاقة الرياح دورًا مهمًا في جهود الحياد الكربوني
  • معارضة شرسة لمشروعات مزارع الرياح من قبل البيض والأثرياء
  • تمثّل طاقة الرياح أكثر من 10% من إجمالي معدلات توليد الكهرباء المحلية في الولايات المتحدة الأميركية
  • واجه 17% من مشروعات طاقة الرياح معارضة قوية في أميركا
  • من المتوقع نمو سعة طاقة الرياح المركبة حول العالم بوتيرة ملحوظة على المدى الطويل

تبرز مشروعات طاقة الرياح لاعبًا محوريًا في جهود تحول الطاقة العالمية التي ترتكز على توليد الكهرباء النظيفة المستدامة، لتخلف نظيرتها المولدة بمصادر الوقود الأحفوري، لكن قد تواجه تلك المشروعات عدم قبول من بعض الشرائح والفئات المجتمعية في هذه الدولة أو تلك، لأسباب أو لأخرى، ما قد يعرقل الأهداف الطموحة المرتبطة بها.

وتستأثر طاقة الرياح بأكثر من 10% من إجمالي معدلات توليد الكهرباء المحلية في الولايات المتحدة الأميركية، كما أنها تؤدي دورًا محوريًا في تحقيق أهداف الرئيس جو بايدن للوصول إلى الكهرباء النظيفة بنسبة 100% بحلول أواسط العقد المقبل (2035) واقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية بحلول منتصف القرن الحالي (2050)، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا الإطار، من المرجح أن تلقى مشروعات طاقة الرياح في الولايات المتحدة الأميركية وكندا معارضةً شرسة من قبل الأثرياء ومجتمعات البيض، وفق ما خلصت إليه نتائج دراسة بحثية حديثة نشرتها شبكة "سي إن إن" الإخبارية.

وشملت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، ما يزيد على 1400 من مشروعات طاقة الرياح البرية المنتشرة في أميركا وكندا خلال المدة بين عام 2000 و عام 2016، وحللت العوامل التي دفعت بعض المجتمعات –دون غيرها- لمعارضة تلك المشروعات الخضراء.

معارضة البيض والأثرياء

قالت الباحثة الرئيسة في الدراسة والأستاذة المشاركة للسياسة البيئية بجامعة كاليفورنيا ليا ستوكس: "إحدى النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسة، والتي قد تكون مفاجئة، هي أن معارضة مشروعات طاقة الرياح تظهر في مجتمعات البيض".

ووفق ستوكس، وجدت الدراسة أن مشروعات طاقة الرياح تلقى كذلك معارضة في كندا، وتحديدًا بين المجتمعات الثرية.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، واجه 17% من مشروعات طاقة الرياح معارضة قوية، بينما زادت تلك النسبة إلى 18% في كندا، على مدار الـ16 عامًا التي غطّتها الدراسة، مع استمرار تزايد هاتين النسبتين في كلتا الدولتين بمرور الوقت، بحسب الدراسة.

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- سعة طاقة الرياح التراكمية في العالم:

سعة طاقة الرياح التراكمية حول العالم

السياسة غير الحسابات

أشارت الدراسة البحثية إلى أن الأوضاع السياسية في دولة ما لا تحدد بالضرورة مدى قبول أو معارضة مشروعات طاقة الرياح بها، مستشهدةً بحقيقة مفادها أن معارضة تلك المشروعات في الولايات المتحدة الأميركية تبدو شديدة في الولايات الليبرالية الواقعة شمال شرق البلاد.

في المقابل، تلقى هذه المشروعات رواجًا كبيرًا في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون، بدعم من الطفرة التي تشهدها طاقة الرياح، مثل تكساس وأوكلاهوما.

وفي هذا الصدد، قالت الباحثة الرئيسة في الدراسة والأستاذة المشاركة للسياسة البيئية بجامعة كاليفورنيا ليا ستوكس: "هوية الحزب لا تهمّ بالنسبة لمعارضة مشروعات طاقة الرياح".

وأوضحت: "لديك أماكن مثل تكساس، على سبيل المثال، حيث يُبنى الكثير من طاقة الرياح، كما لديك أماكن أخرى (يسيطر عليها الديمقراطيون) مثل الشمال الشرقي التي تعارض بشدة تلك المشروعات".

انقسام حزبي في كندا

أشارت ستوكس إلى أن هناك انقسامًا حزبيًا واضحًا بشأن مشروعات طاقة الرياح في مقاطعة أونتاريو الكندية، لأن الحزب الليبرالي في البلاد عارضَ إنشاء الكثير من تلك المشروعات.

وقال كبير محللي الطاقة في اتحاد العلماء المعنيين "يو سي إس" -منظمة غير ربحية للدفاع عن العلوم، مقرّها الولايات المتحدة- الذي لم يشارك في الدراسة، جون روجرز، إن جزءًا من تنامي معارضة مشروعات طاقة الرياح في شمال شرق الولايات المتحدة الأميركية قد يُعزى إلى الكثافة السكانية المرتفعة، وقلة مساحات الأراضي لتركيب توريبنات الرياح.

وأوضح روجزر: "إذا كنت تفكر بحزام الرياح في منطقة الغرب الأوسط، وصولًا إلى السهول الكبرى السفلى في تكساس، فهناك الكثير من الأراضي بها، إضافة إلى كثافة سكان منخفضة جدًا".

وتابع: "وإذا كنت تفكر في المكان الذي تتجه إليه الرياح في نيو إنغلاند، فهي على خطوط القمم".

وقال روجرز، إن المجتمعات الملونة التي تتركز بالقرب من محطات الكهرباء العاملة بالفحم أو الغاز، تميل في نهاية المطاف إلى معارضة مشروعات طاقة الرياح.

وبالمثل، قالت الباحثة الرئيسة في الدراسة والأستاذة المشاركة للسياسة البيئية بجامعة كاليفورنيا ليا ستوكس: "لدينا محطات كهرباء ومحطات غاز عاملة بالفحم، في تلك المجتمعات".

وواصلت: "إذا توقفتَ عن بناء موارد طاقة نظيفة، لأنك لا ترغب فيها، فإنك تتسبب بتلوث الأماكن التي يعيش فيها أشخاص من خلفيات وأيديولوجيات أخرى".

مزرعة رياح في أميركا
مزرعة رياح في أميركا - الصورة من سي إن بي سي

معارضة مزارع الرياح.. لماذا؟

لفت كبير محللي الطاقة في اتحاد العلماء المعنيين جون روجرز إلى أنه بينما تحتاج مشروعات طاقة الرياح إلى موافقة المجتمعات التي تُطَوَّر فيها، أفادت الدراسة التي أجرتها جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا بأن المجتمعات البيضاء والغنية لديها كميات أكبر من الكهرباء التي تتيح حرية الاختيار بين قبول مشروعات مزارع الرياح أو رفضها.

وأردف: "نحتاج إلى التفكير في طريقة تضمين مزايا الكهرباء ومجتمعات البيض والأثرياء في عملية صنع القرار ذات الصلة".

واختتم روجرز تصريحاته بقوله: "هناك أناس كثيرون في مجتمعات عديدة، يرون قيمة حقيقية في تنمية مشروعات طاقة الرياح، ولا ينبغي علينا السماح للبيض أو الأثرياء بإملاء ما يجب أن يحدث وما لا يجوز، في مجتمعاتنا".

تنامي السعة في أميركا

خلال العقود القليلة الماضية، شهدت صناعة طاقة الرياح في الولايات المتحدة الأميركية نموًا كبيرًا، حتى أصبحت تمثّل –الآن- حصة كبيرة من إنتاج الطاقة المتجددة في أكبر الاقتصادات العالمية، وفق ما أورده موقع إنترستنغ إنجنيرينغ Interesting Engineering.

ووفق تقييم حديث أجراه المختبر الوطني للطاقة المتجددة "إن آر إي إل"، من الممكن أن يتوسع قطاع الرياح في أميركا أكثر على مدار السنوات الـ10 المقبلة.

ووجدت الدراسة أن 80% من طاقة الرياح التي لها جدوى اقتصادية، ربما تُستغل أحسن الاستغلال في أميركا نتيجة التطورات التكنولوجية التي تغزو الأسواق التجارية –حاليًا- أو في المستقبل القريب، وهو ما قد يُسهم بتحقيق أهداف الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة الأميركية.

وتشمل أمثلة التقنيات التي غطّتها الدراسة شفرات التوربينات الطويلة، والأبراج الطويلة، ورافعات التسلق، ومعدّات التوجيه.

وقال المحلل في المختبر الوطني للطاقة المتجددة "إن آر إي إل" أوين روبرتس، الذي شارك في إعداد الدراسة المذكورة: "هذه النتائج تُظهر فرصة غير متوقعة لاستغلال مشروعات طاقة الرياح أكثر في المناطق التي تتوافر بها البنية التحتية الخاصة بنقل الكهرباء، أو المناطق التي يمكن بناء خطوط نقل إضافية بتكلفة فاعلة نسبيًا".

وأضاف روبرتس: "نشر مشروعات طاقة الرياح في تلك المناطق سيقلل حاجة الحكومات والمرافق لاستيراد الكهرباء من مناطق نائية لسدّ الطلب المحلي، كما أنه سيُسهم في خلق وظائف محلية، ويحفّز النمو الاقتصادي المحلي نتيجة تأجير الأراضي والعائدات الضريبية".

ونمت سعة طاقة الرياح بأسرع وتيرة في الولايات الأميركية التي تتوافر فيها موارد الرياح، واللوائح المنظمة لتلك الطاقة النظيفة.

مزرعة رياخ برية
مزرعة رياح برية - الصورة من energy.gov

تحديات قائمة

تقع بعض أكبر مشروعات طاقة الرياح في ولايات مثل تكساس وأيوا وأوكلاهوما وكانساس وكاليفورنيا، والتي تسهم أيضًا كثيرًا في إجمالي إنتاج البلاد من طاقة الرياح.

لكن يرى المختبر الوطني للطاقة المتجددة أن هناك إمكانًا لبناء مزيد من سعة طاقة الرياح في المناطق الأقلّ تطورًا.

ومع ذلك، تبقى هناك تحديات تعترض نمو وازدهار مشروعات طاقة الرياح في الولايات المتحدة الأميركية، من بينها الاستثمارات في البنية التحتية، والقضايا ذات الصلة بتوليد الكهرباء، ومنح التراخيص، وصعوبات إيجاد الأماكن التي تُركَّب فيها توربينات الرياح، وقضايا دمج الشبكة، والآثار المحتملة على الحيوانات والطبيعة.

السعة العالمية

من المتوقع أن تشهد السعة التراكمية لطاقة الرياح المتصلة بالشبكة الكهربائية نمو سنويًا مركبًا يبلغ 10.1% على أساس سنوي، ليلامس 2.38 تيراواط بنهاية عام 2032، وفق ما ورد في تقرير صادر عن شركة الأبحاث العالمية وود ماكنزي.

وعزا التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة التوقعات الإيجابية إلى النشاط المتزايد لمشروعات طاقة الرياح في الأسواق الغربية وأفريقيا، على الرغم من التحديات قصيرة الأجل، المتمثلة في التكاليف المرتفعة واضطرابات سلاسل الإمدادات.

وسبق أن توقعت وود ماكنزي، في تقرير منفصل، نمو سعة طاقة الرياح المركبة تراكميًا إلى 1 تيراواط بنهاية العام الجاري (2023)، للمرة الأولى على الإطلاق.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق