طاقة متجددةالتقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير الكهرباءتقارير دوريةرئيسيةغازكهرباءوحدة أبحاث الطاقة

كيف يمكن لمصادر الطاقة المتجددة تغيير مستقبل أسواق الكهرباء العالمية؟ (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • الطاقة المتجددة حققت نتائج تنافسية كبيرة في أوروبا خلال السنوات الأخيرة.
  • الحرب الأوكرانية أربكت حسابات العالم ومنحت الوقود الأحفوري فرصة أطول.
  • حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الأوروبي قد ترتفع إلى 65%.
  • مصادر الطاقة المتجددة ستحدث توزانًا سعريًا مع الغاز الطبيعي.

ما زال الجدل مستمرًا حول قدرة مصادر الطاقة المتجددة على تعويض الوقود الأحفوري الذي يعتمد عليه أغلب سكان العالم لتلبية احتياجات الكهرباء منذ عقود طويلة.

وتراهن الخطط المناخية العالمية على الطاقة المتجددة بوصفها البديل الوحيد القادر على إنقاذ البشرية وكوكب الأرض من أسوأ تداعيات مناخية محتملة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتُصنف مصادر الطاقة المتجددة بأنها منخفضة أو منعدمة الكربون، في حين يعد الوقود الأحفوري كثيف الانبعاثات الكربونية، مع اختلاف درجات الكثافة من مصدر لآخر بداية من الغاز والنفط حتى الفحم الأكبر تلويثًا وانبعاثًا.

ويعلق الخبراء -منذ سنوات- آمالًا كبيرة على مصادر الطاقة المتجددة في تغيير مستقبل أسواق الكهرباء العالمية، والهيمنة على قدرات التوليد خلال العقود المقبلة، مع زيادة التوسع في مشروعاتها وتقنياتها بالتوازي مع هجر الوقود الأحفوري.

الحرب الأوكرانية أربكت الحسابات

اصطدمت الطموحات المناخية بالحرب الروسية الأوكرانية المفاجئة في عام 2022؛ ما أربك حسابات الشركات والحكومات على مستوى أوروبا والعالم، وفقًا لمجموعة وود ماكنزي المتخصصة في أبحاث الطاقة واستشاراتها.

ويُعَد ما حدث خلال العام الماضي بمثابة طلقة في ذراع صناعة توليد الكهرباء منخفضة الكربون، على حد تعبير كبير الباحثين في وود ماكنزي كريس سيبل.

ودخلت مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية في منافسة قوية حول التكلفة مع مصادر التوليد من الوقود الأحفوري منذ سنوات، وحققت إنجازات كبيرة وملحوظة حتى عام 2021، ما قبل الحرب الأوكرانية المندلعة في فبراير/شباط 2022.

وبحسب التقرير، تجاوز حجم الاستثمار العالمي في مصادر الطاقة المتجددة حجم الاستثمارات في قطاع النفط والغاز في عام 2021، ثم جاء الغزو الروسي لأوكرانيا، لتصعد قضايا أمن الطاقة إلى أعلى هرم جدول أعمال الطاقة العالمي، وسط مخاوف آنية عاجلة بشأن الإمدادات التقليدية للكهرباء.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- حجم استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا في 15 عامًا:

استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا خلال 2022

ودفعت ظروف الحرب الأوكرانية الحكومات إلى التشدد في دعم مشروعات الطاقة المتجددة التي استفادت من اشتعال أسعار الغاز وحققت مكاسب قياسية دفعت بعض قادة الاتحاد للمطالبة بتعديل معايير التسعير في سوق الكهرباء الأوروبية.

هدف الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي

مع عودة الوقود الأحفوري على الساحة من جديد مع أزمة الطاقة؛ فإن تحقيق أهداف الطاقة النظيفة أصبح أكثر صعوبة، خاصة مع زيادة الطموحات.

على سبيل المثال، يستهدف الاتحاد الأوروبي زيادة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في إمدادات الكهرباء إلى ما يقرب من 70% بحلول عام 2030، ما يتطلب زيادة السعة السنوية للمشروعات الجديدة بمعدلات ضخمة للوصول إلى هذا الهدف الطموح في نهاية العقد الحالي، وفق خطة "ريباور إي يو"، المُعدة بصفة خاصة للابتعاد عن الوقود الأحفوري الروسي.

وتستلزم خطة الاتحاد زيادة السعة السنوية لمشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أوروبا من 50 غيغاواط في الوقت الحالي إلى 100 غيغاواط بحلول 2030؛ ما يمثل فرصة استثمارية هائلة للقطاع.

ويتوقع المحللون في شركة وود ماكنزي وصول حصة مصادر الطاقة المتجددة في إمدادات الكهرباء الأوروبية إلى 65% بحلول عام 2030، ليكون أقل من المستهدف عند 70%.

تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي يستهدف زيادة حصة المصادر المتجددة في مزيج الطاقة بصفة عامة إلى 45% بحلول عام 2030.

اتفاقيات شراء الكهرباء في أوروبا

تتوقع وود ماكنزي تسارع معدلات بناء مشروعات الطاقة المتجددة خلال السنوات المقبلة، مع زيادة عدد الشركات والفاعلين الصناعيين الراغبين في توقيع اتفاقيات شراء طويلة الأجل مع منتجي الكهرباء المتجددة.

ومن المرجح أن تسهم اتفاقيات شراء الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة في توفير بدائل تمويلية واسعة للمشروعات الخضراء؛ ما سينعكس على سرعة البناء والتوليد، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وينظر كثير من الشركات إلى اتفاقيات شراء الكهرباء بوصفها وسيلة تأمين ضد أخطار تقلبات الأسعار؛ ما دفع البعض إلى بدء النظر في اتفاقيات الشراء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لمشروعات الطاقة المتجددة المتصلة مع تخزين الكهرباء.

كما يراهن البعض على مصادر الطاقة المتجددة في إحداث نوع من توازن المرونة السعرية مع الغاز الطبيعي المتوقع زيادة الطلب عليه تدريجيًا بالتوازي مع خطط التخلي عن الفحم.

ويرتبط الفحم بالغاز الطبيعي تاريخيًا، من حيث التسعير، بوصفهما منافسين في توليد الكهرباء؛ ما يعني أن ارتفاع أسعار أحدهما يدفع إلى زيادة الطلب على الآخر الأقل سعرًا، والعكس صحيح.

وتقود الولايات المتحدة وأوروبا اتجاهًا عالميًا قويًا لإغلاق محطات الفحم كثيفة الانبعاثات الكربونية بمعدلات متسارعة؛ أملًا في التخلص منه تدريجيًا حتى تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

الطاقة المتجددة ستوازن أسعار الغاز

من المتوقع أن يؤدي خروج محطات الفحم من السوق إلى اختفاء المرونة السعرية مع الغاز الطبيعي في مجال توليد الكهرباء، مع اختفاء المنافس البديل.

وفي هذه الحالة، سيزداد الطلب على الغاز الطبيعي؛ ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعاره وزيادة تكاليف التوليد على الحكومات والشركات بصورة ستجعل التقلب في أسعار الكهرباء للمستهلكين أمرًا لا مفر منه.

ويوضح الرسم التالي، الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، مزيج الكهرباء العالمي في عامي 2021 و2022:

مزيج الكهرباء العالمي في 2022

ويراهن الخبراء في وود ماكنزي على مصادر الطاقة المتجددة لإنقاذ أسواق الطاقة العالمية من الوقوع في أسر الغاز الطبيعي بعد خروج الفحم من الأسواق؛ ما سيحمي المستهلكين -أيضًا- من تقلبات أسعار الكهرباء نتيجة دخول منافس جديد للغاز بدلًا من الفحم.

ويتوقف هذا الرهان على انخفاض تكلفة مشروعات الطاقة المتجددة عبر تطوير تقنياتها وانخفاض أسعار المعادن الأرضية النادرة مع زيادة مصادر استكشافها عالميًا.

كما يتصل الرهان بمدى السرعة في إعادة تهيئة البنية التحتية لقطاع الكهرباء في دول العالم، لتشجيع المنتجين والمطورين على التوسع في مصادر الطاقة المتجددة وضخ استثمارات أكبر بحلول 2030، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومن المتوقع أن تسهم زيادة حصة الطاقة المتجددة في زيادة معدلات مرونة خيارات الطاقة البديلة؛ ما يمنح الحكومات والشركات هامش حركة أوسع على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي.

على سبيل المثال، تتوقع وود ماكنزي زيادة قدرة الكهرباء المولّدة من الرياح والطاقة الشمسية على تلبية الطلب المحلي بنسبة 50% في بعض ساعات اليوم في المملكة المتحدة، في حين ستقل هذه النسبة في أوقات أخرى متصلة بنشاط الرياح أو سطوع الشمس.

تعزيز الاستثمارات ضرورة ملحّة

تتزايد المخاوف من تقلبات الطقس وآثارها في تكلفة التوليد وأسعار الشراء التي ارتفعت بشدة خلال موسم جفاف الرياح في أوروبا لمدة 12 يومًا في مارس/آذار 2021؛ ما أثار المخاوف من تقلبات الطاقة المتجددة ومدى موثوقيتها.

ويوصي خبراء وود ماكنزي بالتوسع في استثمارات مشروعات الطاقة المرنة وتطوير تقنيات تخزين الكهرباء مثل البطاريات، وسط توقعات بأن تقود الولايات المتحدة هذا الاتجاه بعد إعلانها أكبر حزمة إعفاءات ضريبية لمشروعات الطاقة المتجددة في أغسطس/آب 2022 (قانون خفض التضخم).

وتراهن الولايات المتحدة على إغراء الشركات المطورة بأكثر من 370 مليار دولار، لتطوير سلاسل توريد شبه مستقلة عن الصين المهيمنة على سوق المعادن الأرضية النادرة المستعملة في الصناعات المتجددة بفروعها كافة في الوقت الحالي.

وأسهم قانون خفض التضخم الأميركي في دفع عدد من مصنعي وحدات الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة إلى إعلان خطط طموحة لإضافة 50 غيغاواط من الكهرباء النظيفة، كما يتجه الاتحاد الأوروبي لتنفيذ تعديلات جديدة على خطة الصناعة وحدود الكربون في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

الاستقلال عن الصين صعب

رغم جهود الولايات المتحدة وأوروبا في هذا الاتجاه؛ فإن قدرتهما على فك الارتباط بالصين أو منافستها بصورة جادة ما زالت صعبة؛ إذ ينخفض سعر الألواح الشمسية الصينية -على سبيل المثال- بنسبة 40% عن نظيرتها الأوروبية؛ ما يرجح استمرار الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية لسنوات ليست بالقصيرة.

وتدرس أوروبا منذ أشهر تعديل قواعد التسعير في سوق الكهرباء على مستوى الاتحاد، بعد ارتفاع أسعار المستهلكين بصورة قياسية في عام 2022، واستفادة منتجي الطاقة المتجددة من اشتعال أسعار الغاز بصورة غير مباشرة، أثارت انتقادات بعض قادة الاتحاد مثل فرنسا التي طالبت بفك ارتباط تسعير الطاقة المتجددة بالغاز الطبيعي.

وينصح الخبراء في وود ماكنزي الفاعلين على مستوى الاتحاد الأوروبي بوضوح السياسات واتخاذ إجراءات تحفيزية للمطورين؛ تجنبًا لضعف الاستثمار في قطاع صار شديد الحيوية بالنسبة إلى أمن الطاقة الأوروبي، فضلًا عن مساهمته في خفض الانبعاثات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق