هيدروجينتقارير الهيدروجينرئيسية

قطارات الهيدروجين في ألمانيا تواجه اتهامات بتبديد الأموال وعدم الجدوى

أسماء السعداوي

اقرأ في هذا المقال

  • اهتمام واسع بقطارات الهيدروجين في ألمانيا ضمن أهداف خفض الانبعاثات.
  • انتقادات تتعلق بالتكلفة الباهظة لقطارات الهيدروجين.
  • دعوة للكهربة المباشرة للسكك الحديدية بوساطة البطاريات.
  • قطارات الهيدروجين تحتاج لصيانة أكثر وأعقد.
  • قطارات البطاريات مناسبة أكثر بسبب نطاق التشغيل والتكلفة والصيانة.

تبرز قطارات الهيدروجين في ألمانيا بوصفها إحدى وسائل الاستعاضة عن مصادر الوقود الأحفوري لصالح الطاقة النظيفة، وصولًا إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045.

ويُعَد الهيدروجين مصدر طاقة منخفض الانبعاثات الكربونية المسبّبة للاحتباس الحراري، وقادرًا على كهربة قطاعات يصعب تقليل بصمتها الكربونية مثل الصلب والكيماويات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ورغم ذلك؛ فقد وجّه اتحاد ركاب السكك الحديدية "برو بان" (Pro Bahn) انتقادات تنسف جدوى قطارات الهيدروجين في ألمانيا، قائلًا إنها مكلفة وتؤخر تفعيل خيارات أخرى أكثر جدوى مثل القطارات العاملة بالبطاريات، بحسب تقرير نشرته منصة "هيدروجين إنسايت" (hydrogen insight).

ويُسلِّط التقرير الضوء على انتفاء الجدوى الاقتصادية والعملية لقطارات الهيدروجين، داعيًا إلى توجيه الجهود والأموال لصالح الكهربة المباشرة للسكك الحديدية عبر البطاريات.

أول خط سكك حديدية يعمل بالهيدروجين

احتفل أكبر اقتصاد في أوروبا خلال نهاية شهر أغسطس/آب من العام الماضي (2022) بإطلاق أول خط سكك حديدية يعمل بالكامل بخلايا وقود الهيدروجين في ولاية ساكسونيا السفلى، ليحل بدلًا من القطارات العاملة بالديزل.

نالت الخطوة التي وُصفت بأنها "سابقة عالمية" إشادة إعلامية واسعة النطاق؛ إذ -بحسب السلطات- ستجنب البلاد إطلاق 4 آلاف و400 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

ورغم ذلك؛ فقد فشل الأسطول الجديد الذي كلف خزينة الدولة 93 مليون يورو (99.2 مليون دولار أميركي) في تحقيق مبتغاه بعد أقل من عام على إطلاقه، عقب إعلان الولاية في أغسطس/آب 2023 استبدال قطارات الديزل لديها بأخرى كهربائية تعمل بالبطارية، معللة الخطوة بأنها أرخص من قطارات الهيدروجين.

(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا)

وانطلاقًا من تلك التجربة، انتقد فرع اتحاد ركاب السكك الحديدية "برو بان" في ولاية بافاريا، مساعي الولاية لتشغيل قطارات تعمل بالهيدروجين ضمن مساعيها لإزالة الكربون من قطاع النقل.

ودعت المنظمة غير الربحية، ولاية بافاريا إلى التريث، قائلة إن قطارات الهيدروجين في ألمانيا مكلفة للغاية وتؤخر استعمال خيارات أخرى اقتصادية من أجل الكهربة المباشرة للقطارات.

وأبرمت حكومة بافاريا عقدًا لتشغيل أول قطار يعمل بالهيدروجين مع شركة سيمنس في مارس/آذار 2022، وكان من المقرر اختباره الأسبوع الماضي، على أن يدخل الخدمة في العام المقبل (2024).

يقول رئيس اتحاد ركاب السكك الحديدية في بافاريا، لوكاس إيفلاندر، إن الغاية الأهم من استعمال الهيدروجين بقطاع النقل في بافاريا هي أنها فرصة ليلتقط السياسيون الصور، وتحويل الانتباه بعيدًا عن الأساسيات وإهدار أموال دافعي الضرائب.

يأتي تصريح إيفلاندر اللاذع تعليقًا على ظهور وزير اقتصاد الولاية هيوبرت أيوانغر وهو مدافع شرس لاستعمال الهيدروجين في ألمانيا بقطاع النقل، بمعرض السيارات الدولي في ميونخ في مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2023.

وأضاف: "لم تكن تلك المشروعات التجريبية لتنجح دون الكثير من أموال الضرائب والتي لا تحمل أي معنى سوى إتاحة الفرصة لالتقاط صور باهظة الثمن".

ويوضّح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- وجود ألمانيا على قائمة الدول المرشحة لإنتاج الهيدروجين:

قطارات الهيدروجين في ألمانيا

تفوُّق واضح للبطاريات

يقول اتحاد ركاب السكك الحديدية إن محركات القطارات التي تستعمل البطاريات وخطوط الكهرباء العلوية انتصرت على العاملة بخلايا وقود الهيدروجين خلال عطاءات أجرتها ولايات ألمانية أخرى.

يؤكد ذلك تصريح لمدير المبيعات في شركة ستادلر (Stadler) لتصنيع عربات السكك الحديدية سيتيفان أوبست، الذي قال إن القطارات التي تعمل بالبطارية مناسبة لنطاق الـ500 خط التي ما زالت تعمل بالديزل، كما أن تكلفة تشغيلها وصيانتها أقل.

وأضاف أن الفرصة الوحيدة لتفوز فيها قطارات الهيدروجين في ألمانيا بالعطاءات هي عند طلبها بصورة محددة، بحسب تقرير نشرته منصة "هيدروجين إنسايت" واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتابع: "لاحظنا أن البطارية تنتصر دائمًا على الهيدروجين إذا كانت العطاءات مفتوحة لكل التقنيات، والشرط الوحيد هو محرك خالٍ من الكربون".

وبحسب المسؤول؛ فنطاق السكك الحديدية في وسط أوروبا يلغي جدوى قطارات الهيدروجين في ألمانيا، فالمسافة بين محطات خطوط الشحن العلوية لا تقل عن 80 كيلومترًا عادة، ويمكن استعمالها لشحن بطارية بقدرة 15 ألف فولت، كما أن الشحن لمدة 15 دقيقة فقط قادر على تسيير قطار لمسافة تتراوح بين 50 و150 كيلومترًا.

وأشار إلى أن خلايا وقود الهيدروجين تتطلب صيانة أكثر من البطاريات، ويلزم استبدالها كل 3 سنوات في المتوسط، كما أن قطارات الهيدروجين بحاجة لبطارية كهربائية احتياطية.

بدائل أقل تكلفة

يؤكد مدير فرع اتحاد ركاب السكك الحديدية "برو بان" في ولاية بافاريا، لوكاس إيفلاندر، أنه بالإمكان تحقيق الكهربة الكاملة لخطوط النقل بالولاية خلال وقت قصير وبمجهود ضئيل.

وقدّم تحليل أجراه الاتحاد توصيات إلى الحكومة لنشر قطارات كهربائية تعمل بالبطارية، وفي الوقت نفسه تركيب خطوط علوية على طول مسار السكك الحديدية.

وتشير التقديرات إلى أن إقامة بنية الشحن للقطارات الكهربائية بالبطارية داخل شبكة الغابات بولاية بافاريا العاملة بالديزل بطول 72 كيلومترًا، تستلزم إنشاء خطوط كهرباء علوية بطول 10 كيلومترات بالإضافة لنقاط شحن بالمحطات.

ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع 31.8 مليون يورو (33.9 مليون دولار)، لكن سرعة إصدار الموافقات لتلك النوعية من مرافق البنية الأساسية قد تؤخّر انطلاق المشروعات التي من المقرر أن تبدأ في 2030 حتى 2034.

في المقابل، من المتوقع أن يكلف البرنامج التجريبي لقطارات الهيدروجين في ألمانيا "العديد من الملايين" باعتراف وزير النقل في بافاريا كريستيان برنرايتر، وهو ما يثير تساؤلات بشأن المانع من إنفاق أموال التجربة لإنشاء بنية نقل لكهربة السكك الحديدية مباشرة.

كانت دراسة أجرتها ولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية قد قالت إن إقامة خط سكك حديدية يعمل بالهيدروجين لمدة 30 عامًا ستكلف 476 مليون يورو (508 ملايين دولار)، مقارنة بـ262 مليون يورو (279.6 مليون دولار) لآخر يعمل بالتقنية الهجينة التي تستعمل البطارية.

إستراتيجية الهيدروجين في ألمانيا

يبرز الهيدروجين في ألمانيا بوصفه طوق نجاة للدولة الأوروبية الساعية للتخلي عن الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات تحقيقًا لوعودها المناخية، وكذلك لتجنب أزمة الطاقة التي سببها خروج روسيا من مشهد الطاقة في أعقاب غزو أوكرانيا في العام الماضي (2022).

ولذلك، أدخلت تعديلات جديدة على إستراتيجية الهيدروجين في 26 يوليو/تموز 2023، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ووفق التعديلات، ستسعى ألمانيا إلى مضاعفة قدرات أجهزة المحلل الكهربائي إلى 10 غيغاواط على الأقلّ بحلول عام 2030، بالإضافة إلى إنشاء شبكة أنابيب لنقل الهيدروجين بطول أكثر من 1800 كيلومتر لربط سلاسل الإنتاج والاستيراد والتخزين بالعملاء بحلول 2030.

كما ستقدم الحكومة مساعدات لإقامة مشروعات المحلل الكهربائي بقدرة 2.5 غيغاواط خلال العام الجاري (2023)، وستخصص 700 مليون يورو (775 مليون دولار) لإجراء أبحاث تستهدف تحسين إنتاج الهيدروجين.

ورغم الهدف الأسمى للإستراتيجية الرامي إلى إزالة الكربون وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري؛ فقد نالت انتقادات بسبب اعتمادها المفرط على الواردات من الخارج.

وبسبب محدودية موارد الطاقة المتجددة، تستهدف ألمانيا -بموجب التعديل الجديد للإستراتيجية- استيراد ما يتراوح بين 50% و70% من الطلب المحلي على الهيدروجين، الذي يُتوقع أن يتراوح بين 95 و130 تيراواط/ساعة في 2030.

يُشار هنا إلى أن بعض دول أوروبا تستعمل وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها؛ ويعادل غيغاواط/ساعة 3.2 مليون قدم مكعبة غاز، وتيراواط/ساعة 3.2 مليار قدم مكعبة غاز.

كما يقول خبراء إنها تسمح بإنتاج الهيدروجين من مصادر الوقود الأحفوري، لكن الهيدروجين الأخضر فقط هو الذي سيحصل على الدعم الحكومي المباشر.

وحاليًا، يشكّل الهيدروجين الرمادي، المُنتج من الغاز الأحفوري وصاحب الانبعاثات الكربونية الكثيفة، الحصة الأكبر من إنتاج الهيدروجين في ألمانيا.

يوضّح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج:

قطارات الهيدروجين في ألمانيا

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق