تقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

أنظمة الكهرباء في الخليج تعاني بسبب تغير المناخ.. هل تنقذها الطاقة المتجددة؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • أنظمة الكهرباء في الخليج رهينة للتغيرات المناخية
  • تشهد دول مجلس التعاون الخليجي ارتفاعًا مطردًا في درجات الحرارة نتيجة التغيرات المناخية
  • تقود درجات الحرارة المرتفعة تلك إلى ذروة الطلب على الكهرباء خلال أشهر الصيف
  • تتأثر تقنيات الطاقة النظيفة كذلك بدرجات الحرارة المتزايدة
  • يحتاج موردو الطاقة إلى استعمال تصميمات أكثر مرونة لمحطات طاقة الرياح

تبرز أنظمة الكهرباء في الخليج رهينة للتغيرات المناخية التي ازدادت حدتها في دول المنطقة في السنوات الأخيرة، التي تؤثر سلبًا في كفاءة أداء محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري، ما يخفض معدلات توليد تلك السلعة الحيوية التي لا غنى عنها لأغراض التنمية الشاملة.

وتشهد دول مجلس التعاون الخليجي ارتفاعًا مطردًا في درجات الحرارة نتيجة التغيرات المناخية، ما يرفع الطلب على الكهرباء بسبب الاستعمال المكثف لأجهزة التكييف، من بين عوامل أخرى عديدة، ما يضغط على الحكومات لمواكبة هذا الطلب، عبر البحث عن موارد متجددة بديلة تخلف مصادر الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويُعد الخليج واحدًا من المناطق الأكثر تضررًا جراء التغيرات المناخية، ويمثّل هذا تحديًا لأنظمة الكهرباء التي تواجه ضغوطًا شديدة لسد متطلبات النمو الاقتصادي.

نظرة متشائمة

نتجت بعض من الاضطرابات العالمية الحاصلة منذ بداية العام الماضي (2022) عن الظروف المناخية المتفاقمة، ومن المرجح أن تزداد تلك الاضطرابات خلال العقود المقبلة، وفق تقرير نشره موقع "آرابيان غلف بيزنس إنسايت" Arabian Gulf Business Insight .

وسلطت محللة سياسات الطاقة والبيئة في وكالة الطاقة الدولية جينسون ليم، الضوء على أهمية أن تكون أنظمة الكهرباء في الخليج قادرة على التكيف مع المناخ، مضيفة أن تلك المسألة أضحت أكثر أهمية من ذي قبل.

وأوضحت ليم، أنه وقياسًا بالمدة التي سبقت المرحلة الصناعية (تحديدًا من عام 1850-1900)، زاد متوسط درجات الحرارة في منطقة الخليج بواقع 1.2 درجة مئوية، بأعلى من المتوسط العالمي (0.9 درجة مئوية)، وفق أرقام تضمنها تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية.

ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في دول مجلس التعاون الخليجي بمقدار 2.5 درجة مئوية خلال المدة من 2081 إلى 2100، من مستوياتها قبل المرحلة الصناعية في سيناريو الانبعاثات الكربونية المنخفضة، وبنحو 6.3 درجة مئوية في سيناريو الانبعاثات الكربونية المرتفعة.

محطة كهرباء أبو ظبي

محطة كهرباء أبوظبي - الصورة من constructionweekonline

عُمان مثال حي

من المرجح أن تقود درجات الحرارة المرتفعة إلى ذروة الطلب على الكهرباء خلال أشهر الصيف، مع تزايد استعمال أجهزة التكييف الهوائي على نطاق واسع، بحسب ليم.

وساقت كاتبة المقال مثالًا على ذلك في سلطنة عمان التي ارتفعت فيها ذروة الطلب على الكهرباء من 6.060 ميغاواط في عام 2015 إلى 7.081 ميغاواط في عام 2021، وهو ما يرجع بوجه عام إلى الاستعمال المكثف لأجهزة التكييف.

ومن المتوقع أن تواصل ذروة الطلب على الكهرباء الزيادة بنحو 4% سنويًا حتى عام 2027، بحسب الكاتبة.

ويحد هذا الطلب المرتفع -أيضًا- من كفاءة توليد الكهرباء، وأداء الشبكات، ما يضيف بدوره ضغوطًا على الإمدادات، وفق الكاتبة.

فعلى سبيل المثال يمكن أن يتأثر أداء محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي، التي تستأثر بنصيب الأسد من معدلات توليد الكهرباء في الخليج (أعلى من 70%)، سلبًا بالكتل الهوائية الساخنة الداخلة إلى ضاغط التوربين الغازي.

ووفق تقييم وكالة الطاقة الدولية، تواجه قرابة 90% من السعة المركبة لمحطات الكهرباء العاملة بالغاز في منطقة الخليج إضافة سنوية تزيد بواقع 20 يومًا ساخنًا (عندما ترتفع درجات الحرارة في حدها الأقصى عن 35 درجة مئوية) خلال المدة من عام 2081-2100 في سيناريو الانبعاثات المنخفضة.

ويزيد هذا إلى أكثر من 60 يومًا ساخنًا في سيناريو الانبعاثات المرتفعة.

الطاقة النظيفة لم تسلم

قد تتأثر تقنيات الطاقة النظيفة كذلك بدرجات الحرارة المتزايدة، إذ تقول كاتبة المقال، إن الألواح الشمسية وتوليد الكهرباء بطاقة الرياح مُصممان للعمل في درجات حرارة 25 درجة مئوية، لكنها تصبح أقل كفاءة خلال موجات الحرارة.

وتتسبّب درجات الحرارة المرتفعة كذلك في تسخين خطوط الكهرباء، أو تمددها أو حتى انكماشها، ما يقلل سعة نقل الكهرباء ويقود إلى خسائر عالية في تلك السلعة الإستراتيجية.

وستشهد معظم سعة الألواح الشمسية المركبة في الخليج زيادة سنوية بواقع أعلى من 20 يومًا ساخنًا في سيناريو الانبعاثات المنخفضة، وبأعلى من 60 يومًا في سيناريو الانبعاثات المرتفعة.

ويمكن أن يتعرّض أكثر من 75% من محطات طاقة الرياح لزيادة بأكثر من 60 يومًا ساخنًا على أساس سنوي، في سيناريو الانبعاثات المرتفعة، رغم أن مستوى هذا التعرض قد ينخفض إلى 20 يومًا ساخنًا في سيناريو الانبعاثات المنخفضة.

ولمواجهة الزيادة المتوقعة في ظروف الحرارة المرتفعة المتطرفة، يحتاج موردو الطاقة إلى استعمال تصميمات أكثر مرونة لمحطات طاقة الرياح، وتقنيات تبريد ابتكارية لمحطات الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية.

في المقابل ينبغي أن يسارع مستهلكو الكهرباء لتعزيز كفاءتها في أجهزة التبريد، بهدف إدارة ذروة الطلب المتزايد على الكهرباء في الصيف.

محطة طاقة شمسية في الخليج

محطة طاقة شمسية في الخليج - الصورة من atalayar

أضرار الفيضانات المفاجئة

بالإضافة إلى درجات الحرارة المرتفعة، تُزيد الأمطار التي تتساقط بصورة متكررة مخاطر حصول فيضانات مفاجئة، ما يُشعل مخاوف إضافية لقطاع الكهرباء في المنطقة.

ويمكن للأمطار الغزيرة والفيضانات أن تسبب اضطرابات في أنظمة الكهرباء في الخليج، ما يتسبّب في تلفيات مادية للبنية التحتية للكهرباء، وفق محللة سياسات الطاقة والبيئة في وكالة الطاقة الدولية جينسون ليم.

فعلى سبيل المثال تسبّبت الفيضانات الناجمة عن الأمطار في انقطاع التيار الكهربائي في مدينة جدة السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، وأيضًا في مدينتي الداخلية والباطنة العمانيتين في مايو/أيار (2021).

ورأت ليم، أنه إذا لم تهدأ حدة التغيرات المناخية فستقفز معدلات هطول الأمطار، بما يتراوح نسبته من 21% إلى 58% خلال المدة من 2081-2100، مقارنة بالمدة التي سبقت المرحلة الصناعية في المنطقة.

ولخفض الأضرار الناتجة عن الأمطار والفيضانات، يحتاج موردو الطاقة إلى مراعاة إدخال تحسينات في أنظمة الكهرباء في الخليج مثل إقامة جدران الفيضانات، والسدود، ومرافق التحكم في الرواسب عند المنبع، وإدارة أحواض تصريف المياه، إلى جانب نقل المحطات الفرعية، وفق ما اقترحته كاتبة المقال.

وأوصت ليم كذلك بتركيب أنظمة مراقبة الفيضانات في الوقت الفعلي مع أجهزة الإنذار المبكر، التي يمكن أن تساعد موردي الكهرباء في تفعيل خطط الطوارئ في الوقت المناسب.

دور الحكومات

تطرقت الكاتبة إلى الدور الذي ينبغي أن تضطلع به حكومات دول الخليج في هذا الخصوص، موضحة أن بمقدورها دعم بناء المرونة المناخية عبر نشر معلومات المخاطر المقترنة بالفيضانات، وتنسيق أعمال الطوارئ وجهود التعافي.

وعلى المدى الطويل، يمكن أن تستحدث تلك الحكومات إطار سياسة بشأن مرونة أنظمة الكهرباء في الخليج، وتشجيع دمج الاعتبارات المناخية عند تطوير مشروعات الكهرباء.

لكن الكاتبة أشارت إلى أن دعم الجهود الحالية والمستقبلية لبناء مرونة المناخية وأمن الطاقة في الخليج، يتطلب -أيضَا- تعاونًا دوليًا.

وفي هذا الصدد تعمل وكالة الطاقة الدولية مع البلدان الخليجية، وتساعد الشركات على تنفيذ تقييمات تتعلق بالمخاطر المناخية لأنظمة الكهرباء في الخليج.

وفي النهاية دعت الكاتبة الأطراف كافّة إلى العمل معًا لفهم أحدث سيناريوهات المخاطر المناخية، واستحداث الإجراءات المناسبة لتعزيز المرونة المناخية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق