النشرة الاسبوعيةالمقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات الهيدروجينهيدروجين

الهيدروجين ليس وقودًا نظيفًا.. وتأثيراته في البيئة كارثية (مقال)

الدكتورعبدالله النعيمي*

يبرز الهيدروجين بوصفه عنصرًا رئيسًا في إطار تسابق الدول على مستوى العالم على البحث عن بديل للوقود الأحفوري بعد أكثر من 200 عام من الاستعمال الصناعي المفرط.

ويأتي السباق المحمود نتيجة للعديد من الأسباب والدوافع، ربما يكون أهمها أن الوقت قد حان للبحث عن بديل لما بعد نضوب الوقود غير المتجدد.

كما أن تلوّث البيئة والتغيرات المناخية بدآ يظهران بشكل جلي، وحُددت أسبابهما بشكل واضح؛ إذ تشير أصابع الاتهام إلى الوقود الأحفوري باعتباره صاحب النصيب الأكبر من هذه التأثيرات، وذلك بجانب الأسباب الجيوسياسية الأخرى.

حامل نظيف للطاقة

غاز الهيدروجين أحد هذه البدائل الممكنة، الذي بدأ العمل على اعتماده والسير في إنتاجه واستعماله بشكل محدود خلال العقد المنصرم؛ إذ يُعَد الهيدروجين حاملًا نظيفًا للطاقة ومتعدد الاستعمالات ويمكن استعماله لأغراض مختلفة، مثل توليد الكهرباء والنقل والعمليات الصناعية.

ومع ذلك، يواجه الهيدروجين بوصفها وقودًا محتملًا العديد من التحديات والعوائق، مثل تكاليف الإنتاج المرتفعة ونقص البنية التحتية وعدم اليقين في السياسات، بالإضافة إلى مشكلات الأمن والسلامة والأمور التشغيلية.

علاوة على ذلك، يأتي معظم الهيدروجين المنتج حاليًا من الوقود الأحفوري، مثل الغاز الطبيعي والفحم، التي تنبعث منها غازات الدفيئة وتسهم في رفع درجة حرارة الأرض وأحد مسببات تغير المناخ.

كما أن استعمال الهيدروجين في خلايا الوقود والتشغيل يمكن أن ينتج مجموعة من أكاسيد النيتروجين (NOX)، التي تضر صحة الإنسان والبيئة؛ إذ إن رطلًا واحدًا من أكسيد النيتروز (N2O)، وهو نوع من أكاسيد النيتروجين، يمكن أن يكون تأثيره 265 ضعفًا من الاحتباس الحراري عن رطل واحد من ثاني أكسيد الكربون.

كما يولّد الهيدروجين تلوثًا عند حرقه؛ إذ تنتج عنه انبعاثات من أكاسيد النيتروجين أكثر من الغاز الطبيعي؛ لذلك لا يُعَد الهيدروجين وقودًا نظيفًا بكل معنى الكلمة، وتأثيراته السلبية في البيئة قد تكون خطيرة وربما كارثية.

استثمارات الخليج

تستثمر العديد من البلدان حول العالم في الهيدروجين بوصفه حلًا محتملًا لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وتحقيق أهدافها في تحييد الكربون وانبعاثات غازات الدفيئة الأخرى.

ودخلت دول الخليج، شأنها شأن الدول الأخرى، في سباق إيجاد البديل والاستفادة من الهيدروجين؛ إذ لديها موارد شمسية وفيرة يمكن استعمالها لإنتاج هيدروجين أخضر عبر التحليل المائي وكذلك عن طريق تبخير غاز الميثان SMR. ذلك باعتبارها تملك المصدر الأهم في إنتاج الهيدروجين؛ ألا وهو الغاز الطبيعي.

تخطط دول الخليج كذلك للاستثمار في صناعة الهيدروجين؛ إذ تشير التقارير إلى أن المملكة العربية السعودية تنوي بناء مدينة مستقلة تعمل بالهيدروجين، وكذلك سلطنة عمان التي تخطط لبناء أكبر مصنع للهيدروجين في العالم، كما أن هناك برامج لدول أخرى من الدول المنتجة للنفط والغاز تسير على الخطى نفسها.

الهيدروجين الأخضر

تحديات تواجه الهيدروجين

في ظل الاهتمام بالهيدروجين لا بد أن نكون على دراية بالقيود والمخاطر المترتبة على الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري لإنتاج الهيدروجين.

أولًا: كل أنواع الوقود الأحفوري موارد محدودة ستنفد في نهاية المطاف، ووفقًا لبعض التقديرات، سينفد النفط والغاز والفحم بحلول أعوام 2072 و2075 و2136 على التوالي، وقد تختلف هذه التواريخ اعتمادًا على أنماط الاستهلاك واكتشاف الاحتياطيات الجديدة، لكنها تشير إلى أن العالم بحاجة إلى التحضير لعصر ما بعد الوقود الأحفوري.

ثانيًا: الهيدروجين ليس مصدر طاقة أوليًا، بل هو حامل طاقة ولا بد من إنتاجه من مصادر أخرى؛ لذلك ليس هناك في كثير من الأحيان منطق فعال أو مثالي لتحويل الطاقة المتجددة إلى هيدروجين ثم إعادة استعمال المنتج بوصفه وقودًا؛ فمن الأفضل استعمال الطاقة المتجددة مباشرة عندما يكون ذلك ممكنًا، مثل المركبات الكهربائية أو التطبيقات المتصلة بالشبكة.

لا بد من التعامل مع الهيدروجين بوصفه وقودًا مساعدًا للوقود الأحفوري وليس بديلًا عنه، وتحديدًا يمكن الاستفادة من الهيدروجين في الاستعمالات الصناعية المعقدة وكذلك في وسائل النقل الثقيلة مثل النقل الجوي؛ لكون الهيدروجين غازًا خفيف الوزن.

ثالثًا: الهيدروجين ليس تكنولوجيا ناضجة بعد، ويتطلب المزيد من البحث والتطوير لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة والاستدامة، وتحتاج تقنيات وحلول الهيدروجين إلى التغلب على التحديات التقنية، مثل تحسين المتانة والأداء لخلايا الوقود والمحولات المائية، وتطوير مواد وعوامل حفز جديدة، وتعزيز أنظمة تخزين الهيدروجين وتوزيعه، وضمان معايير السلامة ولوائحها.

علاوة على ذلك، يحتاج الهيدروجين إلى أن يصبح أقل تكلفة وأكثر تنافسية من تقنيات وحلول منخفضة انبعاثات الكربون الأخرى، مثل البطاريات والوقود الحيوي والوقود الصناعي والطاقة النووية والتقاط الكربون وتخزينه (CCS) والتقاط الكربون واستعماله (CCU).

لا يمكنه حل جميع مشكلات الطاقة

لذلك، يجب على دول المنطقة أن تدرك أن الهيدروجين ليس رصاصة فضية يمكنه حل جميع المشكلات المتعلقة بالطاقة، وبلا شك فإن غاز الهيدروجين هو خيار واعد يمكنه أن يؤدي دورًا رئيسًا في إزالة الكربون من بعض قطاعات الاقتصاد التي يصعب نزع الكربون منها، ومع ذلك، يواجه الهيدروجين أيضًا العديد من التحديات والعوائق التي لا بد من معالجتها من خلال الابتكار والتعاون العلمي والمعرفي.

كما يجب على دول الخليج والدول المنتجة للنفط والغاز تنويع محفظتها المتعلقة بالطاقة النظيفة واستكشاف خيارات ومصادر مختلفة لإنتاج الهيدروجين بطريقة مستدامة بعيدًا عن الغاز الطبيعي كاللجوء إلى البحار.

كما يجب عليها الاستمرار في الاعتماد على الطاقة الشمسية وغيرها من المصادر المتجددة التي يمكنها توفير طاقة نظيفة ووفيرة لسد متطلبات التنمية المحلية والاستعداد لتصدير الهيدروجين الأخضر بعد حل مشكلاته المرتبطة بالإنتاج والنقل والتخزين.

* الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي وزير التغير المناخي والبيئة الإماراتي السابق.

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. احب ان اوضح نقطه، الهيدروجين لا ينتج الا اذا تم الاحتراق على بدرجات حراره عاليه كأي وقود اخر. ولكن هناك طرق تحت البحث والتطوير قد تساعد في تخفيض درجة الحرارة وتباعاً انبعاثات

  2. كلام جميل النيتروجين هو مسبب تلوث ودوخه لازم هيدروجين مزال النتروجين منه النيتروجين يسبب دوار
    من يوم طكا غاز الهيدروجين ونحس بدوار كانه تلوث بيئي هذا النيتروجين افتدت جدا مشكور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق