التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

الاقتصاد الدائري.. كيف تساعد إعادة التدوير الإمارات على تحقيق الحياد الكربوني؟

يعوّل العديد من الدول على الاقتصاد الدائري لأداء دور حيوي في خفض الانبعاثات؛ لتخفيف آثار تغير المناخ وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وعملت الإمارات على طرح عدد من المبادرات والبرامج والمساهمة الفعالة في الجهود الدولية لحماية البيئة ومواجهة التغيرات المناخية.

وتكتسب المبادرات، التي في مقدمتها مبادرات خاصة بتعزيز دول الاقتصاد الدائري، زخمًا متصاعدًا مع إعلان 2023 "عام الاستدامة"، تحت شعار "اليوم للغد"، وهو العام الذي تستضيف فيه الإمارات قمة المناخ كوب 28 في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ما هو الاقتصاد الدائري؟

يُعنى الاقتصاد الدائري بالابتعاد عن استخدام المواد الخام الثمينة، وإنتاج السلع التي ينتهي بها المطاف في مكب النفايات، وهو نموذج اقتصادي للشركات التجارية التي تركز على الإنتاج والاستهلاك المستدامين.

الاقتصاد الدائري - صورة تعبيرية من وكالة أنباء الإمارات
الاقتصاد الدائري - صورة تعبيرية من وكالة أنباء الإمارات

كما يهدف إلى تقليل استخراج الموارد الطبيعية وتحسين كفاءة استخدامها وتمديد دورة حياة المواد والمنتجات من خلال تبني تدابير صديقة للبيئة.

واعتمد مجلس الوزراء الإماراتي، في يناير/كانون الثاني 2021، سياسة الاقتصاد الدائري 2021-2031، التي تُعَد إطارًا شاملًا يحدد اتجاهات الإمارات في تحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الفعّال للموارد الطبيعية.

وتهدف الإستراتيجية إلى تبّني أساليب وتقنيات الاستهلاك والإنتاج بما يضمن جودة حياة الأجيال الحالية والمستقبلية وتعزيز كفاءة استهلاك الموارد الطبيعية وتقليل الهدر.

أهداف رئيسة

تشمل سياسة الاقتصاد الدائري عددًا من الأهداف الرئيسة تتضمن تعزيز الصحة البيئية ودعم القطاع الخاص في تحوله إلى تبني أساليب الإنتاج الأنظف وتقنياته، والحد من الإجهاد البيئي وتلبية الاحتياجات الأساسية، وصولًا إلى تحقيق رؤية الإمارات بأن تكون أحد الرواد العالميين في مجال التنمية الخضراء.

وتُعَد سياسة الإمارات للاقتصاد الدائري إطار عمل يهدف إلى تحديد أولويات البلاد في تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري في عدد من القطاعات ذات الأولوية، وهي البنية التحتية الخضراء، والنقل المستدام، والتصنيع المستدام، وإنتاج الغذاء المستدام واستهلاكه، إلى جانب مجالات أخرى مشتركة مثل التكنولوجيا والابتكار والبحث والتطوير، وزيادة الوعي وبناء القدرات، وإنشاء الشراكات ومنصات تعاون، والإدارة المتكاملة للنفايات.

وتُسهِم السياسة بمخرجاتها في تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة للدولة، وتخفيف الضغط البيئي وتأمين توريد المواد الخام وزيادة القدرة التنافسية وتحفيز الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

وفي عام 2021، تم تشكيل مجلس الإمارات للاقتصاد الدائري، إذ يتولى عدة مهام منها:

  • الإشراف على إعداد آلية تطبيق سياسة الاقتصاد الدائري بالتنسيق مع جميع الجهات.
  • اعتماد مؤشرات الأداء الخاصة لتنفيذ السياسة.
  • تعزيز مشاركة القطاع الخاص في المشروعات والمبادرات والبرامج ذات الصلة بالاقتصاد الدائري.
  • تشجيع مشروعات الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.
  • تعزيز وتطوير الدراسات والبحوث العلمية في المجالات ذات الصلة بالاقتصاد الدائري.
  • تعزيز التعاون الدولي والشراكات الدولية فيما يخص تطبيق الاقتصاد الدائري على المستوى العالمي.

خطوات متسارعة

في مارس/آذار 2023، اعتمد مجلس الوزراء الإماراتي أجندة الاقتصاد الدائري 2031، والتي تمثل إطارًا عامًا لتنفيذ أجندة الدولة، تضمّنت تطوير 22 سياسة في مجالات النقل المستدام، والإنتاج والاستهلاك المستدامين للغذاء، والتصنيع المستدام، والبنية التحتية الخضراء.

صورة تعبيرية عن الاقتصاد الدائري
الاقتصاد الدائري - صورة تعبيرية من وكالة أنباء الإمارات

وتسعى الإمارات من خلال السياسات إلى الابتعاد عن الاقتصاد الخطي والانتقال نحو نهج الاقتصاد الدائري المتجدد، بحيث يكون الاستهلاك والإنتاج مستدامين ضمن الحدود البيئية؛ ما يضمن رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية.

ويهدف التحول إلى نهج الاقتصاد الدائري إلى تحسين استخدام الموارد وتقليل الفاقد وفتح آفاق جديدة عبر سلاسل القيمة المضافة؛ إذ يتماشى النهج مع تحقيق أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، والذي يتماشى مع الأجندة الخضراء للدولة 2030، ومئوية الإمارات 2071.

كما اعتمد مجلس الوزراء ميثاق حكومات الحياد الكربوني 2050؛ إذ يستهدف الميثاق تعزيز وحدة العمل المناخي في الإمارات وضمان التوافق والتنسيق بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية لتحقيق المسار الوطني للحياد الكربوني 2050 من خلال إيجاد إطار عمل مشترك بينهم لتوحيد ومواءمة البرامج ضمن مجالات التخطيط، والتنسيق، وسن السياسات، وتبنّي الإجراءات المجدية مناخيًا واقتصاديًا.

برامج شاملة

تبذل الإمارات جهودًا كبيرة لتعزيز الاستثمارات والمشروعات في مجالات الاقتصاد الدائري، وترسيخ التعاون بين الجهات الاتحادية والمحلية المعنية والقطاع الخاص؛ بما يدعم تحقيق الاستدامة.

وشهد العام الجاري تكثيفًا كبيرًا للمبادرات والبرامج النوعية قبل أشهر من انطلاق قمة المناخ كوب 28، في أبريل/نيسان الماضي، وأعلنت شركة أبوظبي لإدارة النفايات (تدوير) توقيع مذكرة تفاهم مع شركة أو إم في الرائدة عالميًا في مجال النفط والغاز والتي تحدد أطر التعاون الثنائي بين الجانبين في مجال إنتاج المواد الأولية وتحويلها إلى وقود مستدام ومواد كيميائية أخرى صديقة للبيئة؛ بما يخدم المساعي الوطنية الرامية إلى تعزيز الاقتصاد الدائري المستدام.

وجاء إبرام مذكرة التفاهم بعد نحو شهرين من توقيع "تدوير" اتفاقية تعاون مع شركة "سولو" إحدى أهم الشركات المتخصصة في تصنيع حاويات النفايات وحلول إدارة النفايات الذكية على مستوى العالم مع عمليات تنتشر في فرنسا وألمانيا والسويد، بهدف استكشاف الشراكات المحتملة للارتقاء بمستوى حلول الإدارة المستدامة للنفايات في جميع أنحاء أبوظبي وخارجها.

كما وقّعت "تدوير"، في فبراير/شباط الماضي، اتفاقية تعاون مع شركة "لانزاتك" المتخصصة في مجال تحويل الكربون الناتج عن النفايات لمواد بديلة مثل الوقود المستدام والأقمشة ومواد التعبئة والتخزين وغيرها من الموارد الصديقة للبيئة.

استدامة بيئية

أعلنت منصة الاستثمار العالمية "إنفستوبيا"، في أواخر مارس/آذار الماضي، أبرز مخرجات مؤتمرها السنوي 2023 الذي استضافته أبوظبي؛ ومنها دخول شركات عالمية إيطالية إلى الأسواق الإماراتية عبر إبرام اتفاقيات شراكة تحت مظلة مؤتمرها السنوي.
الاقتصاد الدائري وتأثيره في تغير المناخ

شملت الاتفاقيات مجالات صناعية عدة، فضلًا عن بناء مصنع يعمل وفق آلية الاقتصاد الدائري؛ إذ أعلنت شركة "غرين زيسيسس" GREENTHESIS الإيطالية المتخصصة في إعادة تدوير النفايات باستخدام نموذج الاقتصاد الدائري والاستدامة البيئية، توقيعَ شراكة مع شرف للاستثمار التابعة لمجموعة شرف.

وبموجب هذا التعاون، تستحوذ الشركة الإيطالية على 20% من رأسمال شركة "غرين فيوتشر" لإعادة تدوير البطاريات التابعة لشركة شرف للاستثمار، على أن يعمل الطرفان من أجل بناء وإدارة أول مصنع في الإمارات يعمل على معالجة وإعادة تدوير بطاريات الرصاص الحمضية المستعملة والمستخدمة بشكل رئيس في السيارات.

ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المصنع نهاية عام 2023، وسيعالج 22 ألف طن من البطاريات سنويًا وسيسمح باسترداد نحو 13 ألف طن رصاص وألف طن من البلاستيك كل عام.

حلول مبتكرة

نظّم الاتحاد النسائي العام، بالتعاون مع هيئة البيئة في أبوظبي، في مارس/آذار الماضي، أولى فعاليات مبادرة "البيوت المستدامة" التي تهدف إلى تسليط الضوء على الممارسات المستدامة لإكساب المرأة المفاهيم والمعارف النظرية والمهارات العملية الخاصة وتعزيز عمل المرأة لمعالجة تحديات الاستدامة ودورها في البحث عن حلول مبتكرة يستفيد منها الجميع للحفاظ على البيئة، في سياق سياسة التحول التدريجي لبدائل الأكياس البلاستيكية كالأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل والمتعددة الاستخدام والقماشية والقطنية والورقية.

وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت هيئة كهرباء ومياه دبي تحديث خطتها الإستراتيجية؛ حيث أضافت تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 إلى رؤيتها لتصبح "مؤسسة رائدة عالميًا مستدامة ومبتكرة ملتزمة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050"؛ بما يعزز جهود الإمارات لتعزيز الاقتصاد الدائري.

كما حدّثت الهيئة رسالتها لتصبح "نلتزم بتوفير خدمات عالمية رائدة وحلول مبتكرة في مجال الطاقة ومياه الشرب" انسجامًا مع المبادئ الـ8 لدبي ووثيقة الخمسين والأهداف الإستراتيجية لدولة الإمارات، بما يثري حياة الناس ويضمن سعادة المعنيين نحو الحياد الكربوني المستدام بحلول 2050.

مشروعات عملاقة

كما وُقِّعَت مذكرة تفاهم على هامش "أسبوع أبوظبي للاستدامة" في يناير/كانون الثاني الماضي، لإطلاق مشروع دراسة إنشاء مرفق لإعادة تدوير مادة البولي إيثيلين تيريفثاليت بسعة تبلغ 12 ألف طن سنويًا في أبوظبي.

الاقتصاد الدائري وتأثيره في تغير المناخ

ووقّعت شركة "ريبيت" التابعة لشركة "فيوليا" الشرق الأوسط، ومجموعة "بيئة" الإماراتية، ومجموعة "أغذية" لإنتاج الأغذية والمشروبات، مذكرةَ التفاهم لمشروع دراسة إعادة تدوير مادة "بولي إيثيلين تيريفثاليت"، البلاستيكية المستخدمة في تغليف الأغذية مثل عبوات المياه البلاستيكية؛ تماشيًا مع جهود الإمارات لخفض التلوث البلاستيكي وتعزيز التجارة عبر تصدير المواد المعاد تدويرها.

ويمكن للمشروع، الذي ستبلغ مساحته 40 ألف متر مربع، توفير 100 فرصة عمل جديدة، وتجنب انبعاثات تصل إلى 18 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا عند بلوغه كامل طاقته التشغيلية.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، وقّعت "أدنوك للتوزيع" وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) اتفاقًا يهدف إلى إطلاق شراكة جديدة تحت اسم "E2GO" لإنشاء وتشغيل البنية التحتية اللازمة لشحن المركبات الكهربائية في إمارة أبوظبي ومختلف أنحاء الإمارات.

ويتناسب مشروع إي 2 جو "E2GO" مع تطور سوق السيارات الكهربائية في الإمارات والتي تشهد نموًا متسارعًا؛ إذ يُتوقع أن تكون هناك حاجة إلى إنشاء ما يصل إلى 70 ألف نقطة شحن كهربائي في أبوظبي بحلول عام 2030 لتلبية الطلب المتنامي على المركبات الكهربائية.

ومع اقتراب قمة المناخ كوب 28، التي تستضيفها الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تتسارع وتيرة البرامج والمشروعات لتحقيق إستراتيجية الحياد الكربوني.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق