سلايدر الرئيسيةتقارير الغازغاز

الغاز المسال القطري يواجه معضلة تسويقية.. هل يتجاوزها؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يمر قطاع الغاز المسال القطري بتحديات صعبة في الوقت الراهن
  • تشهد ديناميكيات سوق الغاز المسال العالمية تغيرًا جذريًا
  • قطر واحدة من أكبر البلدان المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم
  • يتردّد المشترون الأوروبيون في التعاقد مع شركة قطر للطاقة
  • لامست أسعار الغاز المسال الأوروبية المسلمة مستوى قياسيًا مرتفعًا

يمر قطاع الغاز المسال القطري بمفترق طرق في ظل معاناة المسؤولين في البلد الخليجي، من أجل بيع سعته الإنتاجية الجديدة، نتيجة ظهور أسواق تصدير أخرى أكثر جاذبية لمشتري تلك السلعة التي تبرز -عادةً- سلاحًا فاعلًا في أزمات الطاقة.

وتشهد ديناميكيات سوق الغاز المسال العالمية تغيرًا جذريًا منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط (2022)، وفق مؤشرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

فقد بدت أوروبا متعطشة لإمدادات الغاز المسال منذ شهر يوليو/تموز (2022)، لتعويض النقص الناتج عن قطع روسيا إمدادات الطاقة الواصلة عبر الأنابيب إلى القارة العجوز، لتبدو خيوط اللعبة وكأنها في أيدي بائعي تلك السلعة الإستراتيجية.

لكن هذا الوضع لم يستمر طويلًا، إذ تغيّر الحال إلى النقيض مع عودة ميزان القوة إلى المشترين، بعد السقوط الذي سجلته الأسعار الفورية للغاز المسال التي هوت بنسبة 90%، قياسًا بأعلى مستوى وصلت إليه في العام الماضي (2022).

البحث عن مشترين

ما يزال يتعيّن على صناعة الغاز المسال القطري أن تبذل مزيدًا من الجهد لبيع جميع سعتها الإنتاجية الجديدة من هذا الوقود منخفض الكربون، البالغة 48 مليون طن متري سنويًا، التي تعكف على بنائها في الوقت الراهن، في حين يبحث المشترون عن شروط تعاقد أكثر مرونة، حسبما صرح محللون لمنصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس".

وفي شهر مايو/أيار (2023)، قال وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي، إن بلاده تتوقع إبرام جميع عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل من المرحلتين في مشروع توسعة حقل الشمال بحلول نهاية العام الحالي (2023).

لكن التعاقدات التي أُبرمت لا تتجاوز قيمتها 11.8 مليون طن سنويًا.

الغاز المسال القطري
إحدى ناقلات الغاز المسال القطرية - الصورة من موقع شركة (ناقلات) القطرية

قطر واثقة

قال المدير المساعد للغاز المسال العالمي في "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، مهرون إيتباري: "هناك كمية كبيرة من الغاز المسال المتبقي".

لكن شركة قطر للطاقة أبدت ثقتها بأن هناك موجة من التعاقدات تلوح في الأفق، مع انتهاء فصل الصيف، مضيفة: "لكن يتعيّن علينا أن ننتظر لنرى".

وأوضح إيتباري: "إذا ما استمرت المفاوضات، ربما تضطر قطر إلى تقديم شروط ميسرة، مقارنة بتعاقداتها محددة الوجهة التي تزيد مدتها على 25 سنة؛ نظرًا إلى تصاعد حدة المنافسة ليس من المشروعات الأميركية فحسب، وإنما -نوعًا ما- من المشروعات القائمة التي انتهت عقودها في كل من سلطنة عمان وأبوظبي".

وفي العام الماضي (2022) عمدت العديد من الدول الأوروبية -من بينها جمهورية التشيك وألمانيا والمملكة المتحدة- إلى التودد لدولة قطر، في مسعى منها لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تلاه من خفض موسكو لإمدادات الطاقة.

ومع ذلك، كانت ألمانيا الوحيدة من بين تلك الدول التي أبرمت اتفاقية مع قطر للطاقة، إذ وافقت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2022) على اتفاقية إمدادات طويلة الأجل مع شركة الطاقة الأمريكية كونوكو فيليبس، قوامها مليونا طن سنويًا من الغاز المسال.

كما أبرمت مؤسسة البترول الوطنية الصينية "سي إن بي سي" China National Petroleum Corp وشركة النفط والكيماويات الصينية "سينوبك" Sinopec، وشركة بتروبانغلا Petrobangla البنغالية الحكومية -أيضًا- عقودًا لاستيراد الغاز المسال القطري.

منافسة شرسة

قال المدير المساعد للغاز المسال العالمي في "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، مهرون إيتباري : "نموذج قطر القائم على بنود التعاقد الصارمة -نسبيًا- قد خدمها تاريخيًا، ولطالما حظيت الدولة الخليجية بسمعة طيبة بصفتها موردًا، وبقدرتها على تسليم الشحنات في أي ظروف سوقية تقريبًا".

وأوضح: "لكن نظرًا إلى بنود التعاقدات الأكثر مرونة التي تمنحها مشروعات أخرى، بقيادة محطات الغاز المسال الأميركية -الآن- ربما تجد قطر حافزًا لتعديل بنود التعاقد، على غرار ما فعلت حينما قدمت تعاقدات مدتها 15 سنة لصالح شركتي كونوكو فيليبس وبتروبانغلا، وهي مدة أقصر من المعتاد بالنسبة إلى مشروع قطري جديد".

وقيّمت وحدة "بلاتس"، التابعة لمنصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، أسعار الغاز المسال الفورية وفقًا لمؤشر "اليابان كوريا الجنوبية" للشحنات المسلّمة إلى شمال شرق آسيا عند 84.76 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

كما لامست أسعار تسليمات الغاز المسال الأوروبية مستوى قياسيًا مرتفعًا عند 75 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أغسطس/آب (2022).

وقيّمت وحدة "بلاتس" مؤشر "دي إي إس" للغاز المسال شمال غرب أوروبا عند 11.50 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 25 أغسطس/آب (2023).

الغاز المسال الأميركي
ناقلة غاز مسال أميركية متجهة إلى اليابان - الصورة من رويترز

تعاقدات "تسليم ظهر السفينة"

يتردد المشترون الأوروبيون في التعاقد مع شركة قطر للطاقة، نظرًا إلى أن أحجام الغاز المسال القطرية غالبًا ما تُقدم وفق مؤشر برنت، حسبما قال رئيس فريق الغاز لمنطقة الشرق الأوسط في شركة "فاكتس غلوبال إنرجي" Facts Global Energy، ومقرها سنغافورة سياماك أديبي.

وأوضح أديبي، أن هؤلاء المشترين يمكنهم قبول المخاطرة والتعرض لأسعار هنري هوب (Henry Hub)، ولكن ليس لأسعار برنت، مردفًا: "إنهم يفضلون تعاقدات (تسليم ظهر السفينة) كي يكون لديهم مرونة في تحويل الشحنات".

وتشير تعاقدات تسليم ظهر السفينة أو ما يُعرف اختصارًا بـ"إف. أو. بي" FOB إلى عملية بيع عادية يجري خلالها تسليم البضاعة وتنتقل ملكيتها من البائع إلى المشتري ما إن توضع فيه على ظهر السفينة، وفي هذا العقد يُبرّأ البائع من التزاماته وتنتهي مسؤوليته تجاه المشتري بمجرد وضع البضاعة على ظهر السفينة.

ولفت أديبي إلى أن رغبة الدوحة في تسليم شحنات الغاز المسال القطري من السفن مع شرط الوجهة تمثل -أيضًا- عقبة في طريق إتمام الصفقة، بالنسبة إلى بعض المشترين اليابانيين.

وأضاف: "شركة قطر للطاقة تبدو بطيئة في تسوق الغاز المسال طويل الأجل، لكننا نحتاج إلى أن نلحظ أن قطر لا تحتاج إلى انتهاج إستراتيجية تسويق غاز مسال تقليدية، إذ إنها مختلفة تمامًا مقارنة بالمشروعات التي يديرها لاعبون مستقلون في الولايات المتحدة الأميركية، على سبيل المثال".

وقال إن قطر تسعى جاهدة لبناء سعة إعادة تغويز في أوروبا، مردفًا أن قيمة شحنات واردات الغاز المسال التي تعاقدت عليها محطات أوروبية مختلفة من قطر عبر اتفاقيات طويلة الأجل تلامس قرابة 27 مليون طن سنويًا.

وواصل أديبي: "يتماشى حجز تلك السعة مع إستراتيجية مبيعات الغاز المسال القطرية طويلة الأجل التي تنتهجها الدوحة".

سوق عالمية مقيّدة

قال مراقبو السوق إنه من المرجح أن تظل سوق الغاز المسال العالمية مقيدة -نسبيًا- إلى أن تضيف قطر سعات إنتاجية جديدة، و-أيضًا- حتى تبدأ الولايات المتحدة الأميركية في تشغيل الإنتاج في وقت لاحق من العقد الحالي.

وهناك سبب آخر يدفع المشترين الأوروبيين إلى الإحجام عن التعاقد مع شركة قطر للطاقة، وهو أنهم لا يرغبون في استيراد كميات زائدة من ذلك الغاز المسال، في حين تسعى الدول إلى خفض استعمال الغاز لتحقيق أهدافها المناخية، بحسب ما قاله المدير المساعد للغاز المسال العالمي في "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" مهرون إيتباري.

وواصل: "تعاقدات (تسليم ظهر السفينة) التي تمنحها مشروعات أميركية كثيرة تسمح للمشترين بإعادة بيع تلك الشحنات، ما يخفض تلك المخاطرة، في حين تفضّل قطر عادةً تقييد الوجهات المستوردة لتلك السلعة الإستراتيجية منها".

وأردف: "تظل سوق الغاز المسال متزنة هذا العام (2023) نتيجة الطلب المتباطئ في الأسواق الآسيوية"، إلى جانب "مستويات التخزين الأوروبية القوية الناتجة عن طقس شتوي معتدل".

وقال إيتباري: "لكن ومع بدء تشغيل سعة إسالة الغاز الجديدة المحدودة جدًا خلال العامين المقبلين، تظل السوق مقيدة، وربما متقلبة على المدى القريب".

وأتم: "هذه القيود أشعلت موجة هائلة من الاستثمارات في مشروعات الإسالة الجديدة منذ غزو أوكرانيا، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ومن المرجح أن تشتمل على مرحلة حقل الشمال الجنوبي في قطر، ومن المرجح كذلك أن تتجاوز نمو الطلب العالمي، مع بدء تشغيل المشروعات؛ ما سيقود إلى تخفيف القيود في السوق في أواخر العقد الحالي".

أحد مشروعات إسالة الغاز في قطر
ناقلة تتزوّد بالغاز المسال في أحد المواني القطرية - أرشيفية

عملاق تصديري

تبرز قطر واحدة من أكبر البلدان المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، إذ تعتمد البلاد اعتمادًا كبيرًا على إنتاج النفط والغاز.

ويمثّل الغاز الطبيعي المسال 31.2% من الصادرات القطرية، في حين يمثّل البروبان السائل والنفط 27% و26% على الترتيب.

وتشكل اتفاقيات استغلال الغاز وتصديره طويلة الأجل العمود الفقري للاقتصاد القطري.

وتُعد أستراليا والولايات المتحدة -أيضًا- من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال، إذ تمثلان 23.1% و18.2% من الصادرات العالمية على الترتيب.

ونظرًا إلى التوترات بين الولايات المتحدة وأستراليا من جهة وبين الصين من جهة أخرى، فإن قطر هي البديل الواضح بالنسبة إلى العملاق الآسيوي، إذ يتزايد الاستثمار في الموارد على مر السنين، كما يُنظر إلى قطر على أنها ملاذ آمن للاستثمار في الطاقة النظيفة.

يُشار إلى أن قطر كانت قد وافقت على مشروعات توسعة من شأنها أن تعزز إنتاجها من الغاز المسال بنسبة 64%، بما يصل إلى 126 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. النقطة التي تركز عليها قطر في إقتصادها هو الطاقة وتنويع صادراتها يضمن سوق الطاقة دائما في حركة مع تلبية الطلبات المتزايدة ومنع الإحتكار والمنافسة غير أن الأجهزة المعتمدة حديثا تشتغل بموارد تختلف من جهاز عن جهاز آخر منها الهيدروجين والبعض بالفحم كالقطارات واليترول وغيرها لذاكالواجب على وزارة الطاقة تدعيم مشاريع صغيرة يساهم فيها شياب طموح مع توثير الإمكانات للفريق والتخطيط كحجر أساس لهذه الفروع من الطاقة
    [email protected]
    الجزائر
    تسيير وإدارة

  2. الاحترافيه هي أساس الاستراتيجيات الاقتصادية وبما ان دولة قطر ليست قوه سياسية عالمية وهي لاعب ضمن الحدود لإنتاج الطاقه وتصديرها الي آسيا وهناك عامل سياسي تخضع لهو تقلبات الأسواق العالميه لذلك عندما يكون الإنتاج من الولايات الأمريكية عالي جدا فيها تتمدد الي أسواق عالمية وتعطي عقود اكثر مرونة الي التجار الذين يشترون عقود غير محدد الجهة الثانية الي تستلم لذلك حاليا نشاهد اكتشاف الطاقه في أفريقيا يتطور بشكل مستمر والصين هو أقوي الشركاء الي أفريقيا بخصوص الطاقه وايضا ممكن أن تمتد الي مصر لأجل الاستثمارات في مجال الطاقه وايضا خط الغاز الممتد من نيجيريا الي المغرب وممكن أن يمدد أوربا لذلك التغيرات الاستراتيجية لإنتاج الطاقه مختلف عما كان عليه وخاصه البديل عن الغاز هو الهيدروجين وهذا هو طلب أوربا حاليا لأجل تخفيضات التلوث لذلك تنويع مصادر الدخل امر هام جدا وقطر متأخره جدا عن ذلك لذلك قطر تحتاج تنويع مصادر الاقتصادية وخاصه إقامة المشروعات الصناعية والسياحه والخدمات التجارية وايضا يجب أن تمتلك أسطول نقل متكامل الي جميع السلع وان تكون جهه ثانيه الي نقل المنتجات من آسيا الي العالم وبالعكس لذلك تستطيع أن تتجوز اي تقلبات تجارية وتكون دائما متواجده في الأسواق العالميه عندما تمتلك خطوط النقل لذلك نؤكد ونؤمن أن قطر تحتاج الي تغير المخططات السابقة حتى تستطيع ان تكون قويه ومرحب بها عالميا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق