غازالتقاريرتقارير الغازتقارير دوريةسلايدر الرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

مشروعات الغاز المسال الأميركية تصطدم بقيود سياسة التجارة الحرة (تقرير)

مفاجآت قد تغيّر سياسة التصدير إذا فاز ترمب بالانتخابات المقبلة

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • إدارة بايدن تشدد تراخيص التصدير للدول غير الموقعة على اتفاقية التجارة الحرة
  • وزارة الطاقة تقيّد مد التراخيص للمشروعات الجديدة المتأخرة في أعمال البناء
  • مشروع بحيرة شارلز للغاز المسال أول ضحايا السياسة الجديدة
  • مشروع ريو غراندي قد ينجو من قيود سياسة التصدير الجديدة
  • تضرر الأسعار المحلية للغاز قد يحاصر التوسع في الصادرات مستقبلًا

تواجه مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة قيودًا سياسية على التصدير إلى الدول غير الموقعة على اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، ما قد يربك بعض المشروعات ويعوقها عن اتخاذ قرار الاستثمار النهائي خشية المستقبل.

ويشهد الاستثمار في قطاع الغاز المسال الأميركي انتعاشة قوية منذ العام الماضي مع سلسلة من المشروعات المقترحة لزيادة القدرة الإنتاجية والتصديرية خلال السنوات المقبلة، وفقًا لما ترصده وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.

ورغم طفرة مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة، فإن بعضها لم يصل بعد إلى قرار الاستثمار النهائي، وربما يصطدم بسياسة التصدير الجديدة المتشددة في منح تراخيص البيع إلى الدول غير الموقعة على اتفاقيات تجارة حرة مع أميركا، وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي".

وألحقت الحرب الروسية الأوكرانية ضررًا بالغًا بأوروبا نتيجة انقطاع الغاز الروسي، ما أدى إلى زيادة آمال الأوروبيين في مشروعات الغاز المسال الأميركية ومن ثم تعزيز الصادرات للقارة العجوز.

ورغم معاناة أوروبا أزمة طاقة حادة نتيجة اشتعال أسعار الغاز بعد الحرب الأوكرانية فإن حدة الأزمة كانت مرشحة للأسوأ، لولا زيادة تدفقات صادرات الغاز المسال الأميركية، إلى جانب صادرات دول أخرى سواء عبر الأنابيب أو الناقلات.

وأسهمت الحرب في نمو موجة الاستثمار في السعة الجديدة للغاز الطبيعي المسال حول العالم، في إطار تلبية الطلب المتزايد واستبدال الغاز الروسي على المدى الطويل بالنسبة إلى أوروبا.

تحديات مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة

من المتوقع أن تؤدي مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة دورًا مركزيًا في إضافات السعة العالمية الجديدة بأسواق الغاز المسال، وسط توقعات باتخاذ قرارات الاستثمار النهائية لمشروعات بسعة 84 مليون طن سنويًا حتى نهاية 2023، سيكون 73% منها في الولايات المتحدة، وفقًا لتقديرات وود ماكنزي.

ووصلت 5 من مشروعات الغاز المسال الأميركية إلى قرار الاستثمار النهائي خلال الأشهر الماضية، آخرها مشروع ريو غراندي في تكساس، الذي يُوصف بأنه أكبر مشروع طاقة يحصل على تمويل في تاريخ الولايات المتحدة (تبلغ تكلفته 15.7 مليار دولار).

وعلى الجانب الآخر، تواجه مشروعات أخرى سلسلة تأخيرات في اتخاذ قرارات الاستثمار النهائية، بسبب إخفاقها في تأمين اتفاقيات شراء طويلة الأجل.

واتخذت شركة نيكست ديكيد المطورة لمشروع ريو غراندي قرار الاستثمار النهائي لأول 3 خطوط إنتاج في منشأة الإسالة بميناء بروانزفيل الأسبوع الماضي، بعد نجاحها في تأمين صفقة شراء طويلة الأجل مع شركة توتال إنرجي الفرنسية لمدة 20 عامًا.

وتمتلك الولايات المتحدة في الوقت الحالي 7 محطات عاملة في إسالة الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى محطتين قيد الإنشاء، وقرابة 20 محطة أخرى ما زالت في مراحل التخطيط والدراسة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتعتمد أغلب مشروعات الغاز المسال حول العالم على اتفاقيات الشراء طويلة الأجل لمدد تتراوح بين 15 و25 عامًا في غالب الحالات، إذ تمنح هذه الاتفاقيات الثقة لأصحاب الشركات والممولين والمقرضين، للمضي قدمًا في خططهم وضخ الأموال اللازمة، دون قلق من استرداد التكاليف وتحقيق هوامش ربح مضمونة.

تشديد التصدير للدول خارج اتفاقيات التجارة الحرة

تأتي زيادة الاستثمار في مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة، في وقت متزامن مع تشديد إدارة الرئيس جو بايدن قواعد السماح بتصدير الغاز إلى الدول غير الموقعة على اتفاقيات تجارة حرة مع أميركا.

وتتوقع وود ماكنزي أن يؤدي تشديد سياسة التصدير إلى حالة عدم يقين جديدة بشأن مستقبل مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة التي لم تأخذ بعد قرار الاستثمار النهائي.

ويشير اتجاه إدارة الرئيس جو بايدن إلى تشديد سياسة التصدير إلى الدول غير المنخرطة في اتفاقيات التجارة الحرة، إلى عودة المخاطر السياسية لجدول أعمال صادرات الغاز المسال الأميركية والفاعلين في القطاع.

يوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- تطور صادرات الغاز المسال الأميركية خلال العامين الماضيين:

صادرات الغاز المسال الأميركية خلال 2022

وحددت الإدارة الأميركية موقفها الجديد من تصاريح تصدير الغاز الأميركي إلى الدول غير الأعضاء في اتفاقية التجارة الحرة عبر بيان صادر عن وزارة الطاقة الأميركية في أبريل/نيسان 2023.

وبدأ منح هذه التصاريح لمشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة في عام 2011، على أن تنتهي من العمليات وبدء التصدير في مدة أقصاها 7 سنوات من تاريخ الترخيص، وإلا تعرض المشروع غير الملتزم لسحب الإذن بالتصدير.

وتمكنت جميع مشروعات الغاز المسال الـ7 الكبرى، التي دخلت الخدمة منذ ذلك الحين من الالتزام بالموعد النهائي (7 سنوات) لإنهاء عمليات البناء وبدء العمليات، في حين تعرّضت مشروعات أخرى مقترحة حاصلة على إذن التصدير لمشكلات عاقتها عن الالتزام بالموعد النهائي.

شروط مشددة لمد تراخيص التصدير

غالبًا ما تقع مشروعات الغاز المسال في مأزق التوفيق بين تعقيدات اتفاقيات البيع والتمويل وعقود الهندسة والبناء والمشتريات، بالإضافة إلى الموافقات التنظيمية المفروضة من السلطات والهيئات المختصة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومنحت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بعض المشروعات المتأخرة تمديدات في تصاريح التصدير إلى الدول غير الموقعة على اتفاقيات التجارة الحرة، ما أسهم في منحها مزيدًا من الوقت لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي وإكمال البناء وبدء العمليات.

وتقول إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، إنها ستسمح بمثل هذه التمديدات في المستقبل، لكن في حالات محددة، أبرزها أن يكون المشروع قد بدأ في عمليات البناء المادي المحسوس، أو أن يثبت صاحب التفويض وقوعه تحت ظروف مخففة خارجة عن سيطرته تسببت في التأخير.

وتشير الظروف المخففة إلى بعض الأسباب والتحديات التي تعوق أصحاب المشروعات عن الالتزام بالآجال الزمنية في اتفاقياتهم، وتختلف عن الظروف القهرية المعروفة في القانون بـ"حالة القوة القاهرة"، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتستهدف وزارة الطاقة الأميركية فرز المشروعات الحاصلة على إذن التصدير، لكنها لم تبدأ أعمال البناء بعد، ما يمكنها من تقييم الآثار المتوقعة في أسواق الغاز بصورة دقيقة، خاصة مع تقدم عدد كبير من المشروعات بالحصول على هذه التراخيص.

وبلغت الطاقة التصديرية لمشروعات الغاز المسال الأميركية قيد التشغيل أو الإنشاء قرابة 24.2 مليار قدم مكعبة يوميًا حتى أبريل/نيسان 2023، في حين بلغ حجم المسموح به للتصدير خارج اتفاقية التجارة الحرة أكثر من ضعف هذا الرقم (49.8 مليار قدم مكعبة يوميًا).

ويمثل هذا الحجم مع التصاريح قرابة 40% من إنتاج الغاز الأميركي في الوقت الحالي، ما يشير إلى دوافع وزارة الطاقة الأميركية في رفض تمديد التراخيص للمشروعات المتأخرة مع استثناءات محدودة.

مشروع ليك تشارلز أول الضحايا

في أحدث تطبيق لهذه السياسة، رفضت وزارة الطاقة مد تصاريح التصدير الممنوحة لمشروع ليك تشارلز (بحيرة تشارلز) للغاز المسال، المملوك بالكامل لشركة "إنرجي ترانسفير"، وذلك في اليوم نفسه من إعلان الوزارة القواعد الجديدة (أبريل/نيسان 2023)، كما رفضت الوزارة التماسًا مقدمًا من الشركة لإعادة الاستماع في يونيو/حزيران الماضي.

وجادل أصحاب المشروع في حاجتهم الماسة إلى تمديد إذن التصدير حتى يكونوا قادرين على الوصول إلى اتخاذ قرار الاستثمار النهائي في المشروع خلال عام 2023، كما هو مخطط، مع إثبات إنفاق 350 مليون دولار على المشروع حتى الآن.

كما قدم أصحاب المشروع ما يفيد بتوقيع عقود شراء طويلة الأجل لنصف السعة الإنتاجية المخططة للمشروع، إلى جانب بدء مناقشات التمويل، لكن وزارة الطاقة الأميركية لم تر في تلك الحجج سببًا وجيهًا لأحقيتها في الحصول على تمديد إذن التصدير خارج اتفاقيات التجارة الحرة.

مشروع ليك تشارلز للغاز المسال
موقع مشروع ليك تشارلز للغاز المسال في ولاية لويزيانا- الصورة من lng prime

وأعلنت وزارة الطاقة هذا الشهر (يوليو/تموز 2023)، ترحيبها بإعادة تقديم طلب جديد للحصول على إذن التصدير، بعد نجاح المشروع في توقيع 3 اتفاقيات غير ملزمة للشراء طويلة الأجل، لكن قرارها السابق زاد من حالة عدم اليقين بشأن مستقبل المشروع، وفقًا لتقديرات وود ماكنزي.

ويمتلك مشروع ريو غراندي للغاز المسال تصريحًا للتصدير خارج اتفاقية التجارة الحرة مع موعد نهائي من المحتمل الوصول إليه قبل أن يبدأ تصدير الغاز، لكنه قد يحصل على إذن بالتمديد لشروعه في أعمال البناء.

ورغم ذلك، سيظل أصحاب المشروع ملزمين بشرح الظروف المخففة الخارجة عن إرادتهم، التي تسببت في عدم تمكنهم من الالتزام بالموعد النهائي المحدد، وفقًا للشروط الجديدة لوزارة الطاقة الأميركية.

خفض انبعاثات الميثان قد يحاصر التصاريح المستقبلية

بصورة عامة، تثير سياسة التصدير الجديدة لإدارة بايدن تساؤلات حول احتمال استغلال المصلحة العامة لتقييد الصادرات المستقبلية إلى الدول غير الموقعة لاتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، ما سيجعل المطورين لمشروعات الغاز المسال في حالة ترقب لتطورات هذه السياسة وتطبيقاتها.

كما تواجه مشروعات الغاز المسال الأميركية الجديدة تحديات أخرى، متمثلة في إعلان وزارة الطاقة الأميركية تأكيدها هدف خفض انبعاثات الميثان، ودعم المشروعات منخفضة الانبعاثات لتعزيز سلسلة قيمة الغاز الطبيعي في البلاد.

ويمكن لهذا الهدف أن يحدث أثرًا كبيرًا في تصاريح تصدير الغاز المسال في المستقبل، عبر تفضيل المشروعات منخفضة الانبعاثات، وفقًا لتقديرات وود ماكنزي.

ارتفاع أسعار الغاز المحلية تحدٍّ آخر

يمكن للمراجعات التي تجرى على أسعار الغاز المحلية في أميركا ومدى تأثرها سلبًا بسياسات التوسع في التصدير، أن تؤثر في منح تراخيص التصدير مستقبلًا، خاصة بعد ارتفاع أسعار العقود الآجلة في هنرى هوب إلى ذروتها العام الماضي، متجاوزة 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وتجادل مجموعة مستهلكي الطاقة في قطاع الصناعة الأميركي -الممثلة لأبرز الشركات المصنعة في البلاد- منذ أكثر من عام بأن صادرات الغاز المسال أدت إلى زيادة التضخم بصورة كبيرة عبر ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء على المستوى الوطني.

وتميل السياسة الجديدة لوزارة الطاقة الأميركية إلى إعطاء وزن أكبر للمخاوف بشان أسعار الغاز المحلية عند اتخاذ قرارات السماح بالتصدير مستقبلًا، ما يرجح لجوءها إلى تشديد قيود الموافقات الجديدة على الأقل ومراقبة تأثيرها في الأسعار عن قرب.

وعلى كل حال، فما زال عمر السياسة الجديدة لم يتجاوز 3 أشهر منذ إقرارها في أبريل/نيسان 2023، وربما يستغرق ظهور تأثيرها الكامل بعض الوقت، كما قد تحدث مفاجآت تقلب المسار في الانتخابات المقبلة، إذا فاز الرئيس السابق المرشح حاليًا (دونالد ترمب).

وتختلف وجهة نظر ترمب عن نظيره الديمقراطي بايدن في كثير من المسائل والقضايا المحلية والخارجية، وعلى رأسها قضايا صناعة النفط والغاز، إذ ينظر ترمب إلى صادرات الغاز المسال بصورة إيجابية، ليس فقط لأهميتها بالنسبة إلى أمن الطاقة العالمي، وإنما للاستثمار المحلي والوظائف، وهي اعتبارات لا يبدو الرئيس بايدن مهتمًا بها بالدرجة نفسها على الأقل، مع تفضيله تقييد مشروعات النفط والغاز والتوسع السريع في مصادر الطاقة المتجددة.

ورغم عدم وضوح التأثير الدائم لتحول سياسة تصدير الغاز التي أقرتها إدارة بايدن منذ أشهر، فإنها تعيد التذكير بأن المخاطر السياسية التي تتجاهلها مشروعات الغاز المسال الأميركية في إطار العوامل المؤثرة، أصبحت حاضرة وبقوة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق