كيف اختفى المخزون العائم من النفط الإيراني دون اتفاق نووي؟ أنس الحجي يجيب (صوت)
وما علاقته بالسحب من "الإستراتيجي الأميركي"؟
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هناك ارتباطًا بين بناء المخزون العائم من النفط الإيراني في مرحلة تجديد العقوبات، وانخفاضه في أوقات إرخاء هذه العقوبات، إما بصورة رسمية وإما غير رسمية.
وأضاف الحجي -في حلقة من برنامجه "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدّمه على موقع "إكس"، وجاءت بعنوان "هل هناك تنسيق أميركي/إيراني للسحب من المخزونات الإستراتيجية والعائمة؟"- أن المخزون العائم تراجع بصورة كبيرة بعد توقيع الاتفاق النووي مع حكومة أوباما في عام (2014).
وأوضح أن هذا جاء بصورة رسمية، ومن ثم تمكّنت طهران من بيع المخزون العائم من النفط الإيراني إلى أن اختفى تمامًا، ولكن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن جاء إلى رئاسة أميركا، وهو يعِد شعبه بنقض ما قام به ترمب من العودة إلى العقوبات، مؤكدًا أنه سيعود إلى الاتفاق النووي، ولكن إيران رفضت.
وأضاف: "كان وعدًا انتخابيًا لم يحققه بايدن حتى الآن، فليس هناك اتفاق نووي مع إيران حتى الآن، ولكن كان هناك إرخاء للعقوبات بصورة غير رسمية، ومن ثم تمكّنت طهران من بيع كل المخزون العائم من النفط الإيراني، البالغ بين 70 و80 مليون برميل".
العقوبات والسحب من المخزون الأميركي
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن هناك 3 أمور يجب النظر إليها بتمعن عند الحديث عن العقوبات الأميركية ضد طهران والمخزون العائم من النفط الإيراني.
الأمر الأول، هو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاهلت عقوبات دونالد ترمب منذ اليوم الأول، والهدف من ذلك كان إبقاء الحكومة الإيرانية على طاولة المفاوضات في فيينا بشأن البرنامج النووي، وذلك لأن الأميركيين خافوا أنهم حال تشديد العقوبات بصورة كبيرة وملاحقة السفن والبنوك فستنسحب إيران من الاتفاق.
ومن ثم -وفق الدكتور أنس الحجي- لن يكون هناك اتفاق نووي حال انسحاب إيران من المفاوضات، لذلك فإنهم في سبيل إبقاء الحكومة الإيرانية على الطاولة، غضوا النظر عما تفعله طهران في أسواق النفط، خاصة بيع المخزون العائم من النفط الإيراني، ولم يشددوا العقوبات منذ اليوم الأول.
الأمر الثاني -بحسب الحجي- هو أن إدارة الرئيس جو بايدن بدأت مطالبة دول الخليج -وتحديدًا السعودية- بزيادة إنتاج النفط الخام في صيف عام 2021، وهو الأمر الذي رفضته دول الخليج والسعودية ولم ترفع إنتاجها من النفط.
وأضاف: "بعدها دخل بوتين أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، وجدد الرئيس جو بايدن طلبه من السعودية ودول الخليج بزيادة الإنتاج، وهو ما قُوبل بالرفض مجددًا"، لافتًا إلى أن العجيب في الأمر أنه لم يسأل إيران بصورة مباشرة، ومع ذلك استجابت إيران.
وقال إن إيران استجابت إلى أميركا من ناحيتين، الأولى عندما قرر بايدن السحب من المخزون الإستراتيجي، بمقدار 180 مليون برميل، تواءم ذلك في الوقت نفسه مع سحب طهران من المخزون العائم من النفط الإيراني، الذي يمكن تسميته -تجاوزًا- المخزون الإستراتيجي الإيراني.
ولفت الدكتور أنس الحجي، إلى أن المخزون الأميركي واصل انخفاضه، ومعه انخفض المخزون الإيراني طوال مدة السحب، وهناك أدلة على أن إدارة الرئيس جو بايدن أعطت استثناءات لشركتين أوروبيتين، هما "إيني" الإيطالية و"ريبسول" الإسبانية، لتصدير النفط الفنزويلي، رغم العقوبات المفروضة على فنزويلا.
وأوضح أن الإدارة الأميركية أعطت إيران الضوء الأخضر، بأنها ستغض النظر عن العقوبات ما دامت تُصدّر النفط إلى أوروبا، وبدأ النفط الإيراني يصل إلى أوروبا خلال شهرين علنًا، لأنه كان يصلها في الخفاء طوال الوقت.
أهداف بايدن قبل الانتخابات الرئاسية
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الأمر الثالث هو أن الرئيس الأميركي يريد أن يحقق مجموعة أهداف قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، أولها الإفراج عن السجناء الأميركيين في طهران، لذلك فهو مستعد لغض النظر عن العقوبات مقابل أن تتم المفاوضات ويُفرج عن السجناء.
وأضاف: "من ثم، كان هناك تنسيق على مستويات عدة، بصورة مباشرة وغير مباشرة، لتسمح أميركا لطهران ببيع المخزون العائم من النفط الإيراني من جهة، والسماح لها بزيادة الإنتاج منه من جهة أخرى، وسمعنا جميعًا الأخبار المتعلقة بالزيادات الكبيرة في الإنتاج والصادرات الإيرانية رغم العقوبات الدولية".
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أنه في خضم كل هذه الأحداث يسيطر الأميركيون على ناقلة نفط يونانية محملة بالنفط الإيراني، ويقولون إنها مخالفة للعقوبات، ويأتون بها إلى هيوستن، إذ بدؤوا تفريغها منذ أيام قليلة، مضيفًا: "نحن نتكلم عن مئات السفن شهريًا، ولكن الخبر الذي راج بصورة كبيرة هو خبر سفينة واحدة مملوكة لشركة يونانية بسيطة جدًا".
وأكد أنه لا يوجد شيء مهم في الأمر، ولكن الاستيلاء على هذه السفينة أعطى الحكومة الأميركية القدرة على الاستحواذ على 56 مليون دولار، ثمن النفط عليها، ولكن الغريب في الأمر أن هذا المبلغ سيذهب إلى صندوق لضحايا الإرهاب في حادثة 11 سبتمبر/أيلول.
وعن العلاقة بين المخزون العائم من النفط الإيراني وأسعار النفط، قال الحجي إن هناك ترابطًا بينهما، إذ إنه قد يكون مرتبطًا بالطلب على النفط، لأن انخفاض الطلب يعني تراجع الأسعار.
الآثار السياسية والاقتصادية
يقول الدكتور أنس الحجي، إن هناك أهمية كبيرة لإدراك أهمية تلاشي المخزون العائم من النفط الإيراني دون اتفاق نووي، لأنه منذ شهور عديدة يختلف الخبراء والمحللون وتجار النفط بشأن الأمر.
وأضاف: "إذا وقّعت حكومة بايدن اتفاقًا نوويًا مع طهران فستنخفض أسعار النفط، لأن إيران ستغرق السوق، ليس بزيادة الإنتاج فقط، وإنما ببيع المخزون العائم من النفط الإيراني الذي كان في السابق نحو 80 مليون برميل".
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أنه لا توجد طاقة إنتاجية فائضة في إيران، ومن ثم لن يكون هناك أثر للمخزون العائم من النفط الإيراني الذي سيختفي خلال مدة قليلة، ولكن الآن هذا المخزون يختفي دون اتفاق نووي، ومن ثم فإن التوصل إلى اتفاق نووي قبل الانتخابات الأميركية المقررة العام المقبل، سيكون أثره في السوق "صفرًا".
وبرر ذلك بأنه لا يوجد على الإطلاق مخزون عائم، في حين تنتج الدولة وتصدر كل طاقتها الإنتاجية، وبالتالي ليست هناك أي كميات نفط، فالأثر الاقتصادي الأول أنه في حال توقيع اتفاق نووي، فهذا لن يؤثر في أسواق النفط، ويأتي لصالح السعودية وأوبك، لأن إيران فقدت أثرها في هذه الحالة.
ومن الناحية السياسية، قال إن إيران ليست خاضعة للحصص الإنتاجية بسبب العقوبات عليها، ولكن مع زيادة الإنتاج سيأتي وقت تطلب منها أوبك -كما حصل في 2015-2016- إعطاءها حصة إنتاجية، ولكن الآن ليست لدى إيران أي قوة، لأنها ليس لديها مخزون عائم تهدد به، فتفقد هذه الورقة بتلاشي المخزون العائم من النفط الإيراني.
موضوعات متعلقة..
- المخزون العائم من النفط الإيراني يختفي.. ما دور الصين؟ (تقرير)
- هل يعوض المخزون العائم من النفط الإيراني الإمدادات الروسية في أوروبا؟ (تقرير)
- كيف تؤثر أزمة إيران في أسواق النفط.. وما قصة المخزون العائم؟ (صوت)
اقرأ أيضًا..
- الطاقة الشمسية العائمة الخيار الأنسب للدول الاستوائية (تقرير)
- مسؤول أممي: كوب 28 ستشهد سجالات حادة لتفعيل صندوق الخسائر والأضرار
- استثمارات الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا قد تتجاوز 119 مليار دولار بحلول 2027
- الطاقة النووية تعود للأضواء.. 3 تحديات وحلول مقترحة