التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

المضاربون على ائتمانات الكربون قد يخسرون المليارات.. هل تحولت لأصول متعثرة؟

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • يتم إنشاء ائتمانات الكربون غالبًا على أساس أنها تُسهِم في التخفيف من تغير المناخ.
  • الأعداد الضخمة من ائتمانات الكربون لا تفعل شيئًا للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري.
  • العديد من التعويضات التي اشتراها المضاربون ليست لها أي قيمة بيئية وأصبحت أصولًا متعثرة.
  • بعض تجار ائتمان الكربون يشطبون استثمارات كانت تساوي مئات الملايين من الدولارات.

أظهرت أدلة علمية أن العديد من التعويضات التي اشتراها المضاربون على ائتمانات الكربون ليست لها أي قيمة بيئية وأصبحت أصولًا متعثرة؛ ما قد يُعرِّض هؤلاء إلى خسائر بمليارات الدولارات.

وتوصلت إحدى الدراسات إلى أن بعض التعويضات يمكن أن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، ولا تُسهِم في مواجهة أزمة التغير المناخي المتفاقمة، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وكشفت أدلة متزايدة عن أن الأعداد الضخمة من ائتمانات الكربون غير مُجدية في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري ويمكن ربطها في بعض الأحيان بمخاوف مزعومة بشأن حقوق الإنسان.

في هذا السياق، توجد مجموعة متزايدة من ائتمانات الكربون تعادل الانبعاثات السنوية لليابان، خامس أكبر مصدر تلوّث في العالم، وهي غير مستعملة في الأسواق الطوعية غير المنظمة، وفقا لتحليل السوق.

ائتمانات الكربون وجهود الاستدامة

استعمل العديد من أكبر الشركات في العالم -على سبيل المثال: أبل وديزني وغوتشي وشل- ائتمانات الكربون في إطار جهود الاستدامة لديها من الأسواق الطوعية غير المنظمة، التي نما حجمها إلى ملياري دولار في عام 2021.

وشهد العديد من ائتمانات الكربون ارتفاعًا في الأسعار إلى أكثر من 20 دولارًا لكل تعويض، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية (theguardian) في 24 أغسطس/آب الجاري.

حرق الغابات لتوسيع مزارع الماشية في حوض الأمازون
حرق الغابات لتوسيع مزارع الماشية في حوض الأمازون – الصورة من مجلة فوربس

وغالبًا ما يتم إنشاء الائتمانات على أساس أنها تُسهِم في جهود مكافحة تغير المناخ، والتخفيف من آثاره مثل وقف إزالة الغابات الاستوائية، وزراعة الأشجار وإنشاء مشروعات الطاقة المتجددة في البلدان النامية.

ويقول المؤيدون إنهم بحاجة إلى زيادة الحجم والنطاق بشكل كبير للمساعدة في تلبية أهداف اتفاق باريس للمناخ للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

مزاعم الحياد الكربوني

أشارت الفضائح المتكررة بشأن تأثير ائتمانات الكربون الحقيقي والحملة الصارمة التي شنتها الجهات التنظيمية على مزاعم "الحياد الكربوني" إلى أن الطلب وأسعار التعويض قد تراجعت، مع وجود دلائل على أن بعض تجار ائتمان الكربون يلغون استثمارات كانت تساوي مئات الملايين من الدولارات حتى العام الماضي.

وفي الولايات المتحدة، أصدرت هيئة تنظيم سوق المشتقات المالية إنذارًا للمبلغين عن المخالفات المتعلقة بالاحتيال وسوء السلوك في أسواق الكربون، كما أنشأت فريق عمل جديدًا لمكافحة الاحتيال البيئي، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وقال رئيس قسم الأبحاث في شركة الأبحاث والبيانات ألايد أوفستس، أنطون روت: "هناك أكثر من مليار طن من الائتمانات الصادرة وغير الملغاة في السوق، وهذا يشير إلى أنه يمكن شطب الكثير من الائتمانات، وسيظل هناك عرض كبير يمكن للمشترين الاستفادة منه"، موضحًا أن المشترين ينتظرون النتائج النهائية لمبادرات تحسين جودة ائتمان الكربون.

وأضاف "أن تصحيحًا كهذا يمكن أن يساعد في توجيه السوق نحو ديناميكيات العرض والطلب الأساسية، التي لا نميل إلى رؤيتها حاليًا، ورفع أسعار الائتمانات التي تعدّ أعلى من عتبة الجودة".

وقالت تاجرة النفط السابقة التي تشغل الآن منصب الرئيسة العالمية لتجارة الكربون في شركة ترافيغورا، أكبر شركة في العالم لتجارة ائتمانات الكربون، هانا هومان، إن حالة عدم اليقين الحالية متأصلة في أسواق الكربون.

وأضافت أن "من الغريب أن نرى الوحدات في أسواق الكربون تصبح غير صالحة بين عشية وضحاها بسبب تجارة النفط.. لكنني أعتقد أنه من طبيعتها أن تتطور باستمرار بفضل العلم، وأنها متأصلة في فئة الأصول"، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية (theguardian).

وأشارت إلى أنه "بقدر ما يريد تجار السلع الأساسية سياسات ثابتة ومتسقة على المدى الطويل؛ فإن هذا ليس ما يتطلبه تحول الطاقة في الواقع"، موضحة أن سوق الكربون يجب أن تكون تقدميةً ويجب أن تتوقع العقود ذلك.

في المقابل، وجدت دراسة جديدة في مجلة ساينس (العلوم) أن الملايين من ائتمانات الكربون للغابات التي وافقت عليها شركة فيرا، الجهة الرائدة في مجال التصديق على مستوى العالم، لا قيمة لها إلى حد كبير ويمكن أن تفاقم الاحتباس الحراري العالمي إذا استُعمِلَت للتعويض.

تعويضات الغابات المطيرة

كان البحث الذي أجراه علماء واقتصاديون في جامعة كامبريدغ والجامعة الحرة بأمستردام إحدى 3 دراسات استُعمِلت في تحقيق أجرته صحيفة الغارديان البريطانية وصحيفة دي تسايت الأسبوعية الألمانية ومشروع سورس في شهر يناير/كانون الثاني بشأن تعويضات الغابات المطيرة.

واستُعمِلَت دراسة العلوم في نموذج ما قبل الطباعة في أثناء انتظار مراجعة النظراء، التي أُقِرَّت منذ ذلك الحين.

ووجد التحليل، الذي نُشر يوم الخميس 24 أغسطس/آب، أن 18 مشروعًا كبيرًا لتعويض الغابات قد أنتجت ملايين من ائتمانات الكربون بناءً على حسابات أدت إلى تضخيم تأثيرها في الحفاظ على البيئة بشكل كبير. وتبين أن هذه الخطط، التي تولّد الائتمانات من خلال تجنب إزالة الغابات افتراضيًا، لم تنجح في الحد من فقدان الغابات أو الحد منها بكميات صغيرة فقط، أي أقل كثيرًا من المناطق الشاسعة التي كانت تطالب بحمايتها؛ الأمر الذي يجعل الائتمانات مجرد كلام فارغ إلى حد كبير.

مصفاة نفط تابعة لشركة شل قبالة جزيرة بوكوم في سنغافورة
مصفاة نفط تابعة لشركة شل قبالة جزيرة بوكوم في سنغافورة - الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

تأتي النتائج في أعقاب دراسة أجريت عام 2020 على 12 مشروعًا في منطقة الأمازون البرازيلية، أجرتها المجموعة نفسها، التي وجدت أن تأثيرها ضئيل في وقف إزالة الغابات على الرغم من توليد الائتمانات على أساس أنها تمنع تدمير مناطق كبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة أجريت عام 2022 على 40 مشروعًا وافقت عليها شركة فيرا بقيادة باحثين من جامعة كامبريدغ، أنه في حين أن بعض المشروعات أوقفت إزالة الغابات؛ فإن معظمها لم يوقف أي شيء أو كميات صغيرة.

اعترضت فيرا بشدة على نتائج الدراسة الجديدة، لكنها قالت إنها تُرحِّب بمساهمات المجتمع العلمي وتعترف بوجود مجالات للتحسين في النظام الحالي. وكان البنك بصدد استبدال منهجياته الخاصة بتوليد الائتمانات، التي من المقرر أن تَصدُر في وقت لاحق من هذا العام.

في شهر مايو/أيار، استقال الرئيس التنفيذي لشركة فيرا منذ مدة طويلة بعد مخاوف بشأن ائتمانات الكربون، وكانت سوق الكربون الطوعي قد شهدت بالفعل انخفاض الأسعار.

وقالت الرئيس العالمي لتجارة الكربون في شركة ترافيغورا: إنه إذا تمكنت الحكومات من تحديد ما يمكن اعتباره ائتمانات متوافقة مع اتفاق باريس للمناخ؛ فإن ذلك من شأنه أن يوفر قدرًا أكبر من اليقين.

وأوضحت أن "السؤال الأكبر الذي أتلقاه من العملاء هو: أين تنتهي حالة عدم اليقين هذه؟ ويقولون إنهم لا يستطيعون الوفاء بالتزامهم بالحياد الكربوني ضمن مسار إزالة الكربون لديهم دون ائتمانات الكربون".

وأضافت: "أحد الأشياء التي ستمنحنا قدرًا أكبر من اليقين هو المادة السادسة من اتفاق باريس للمناخ، التي ستحدد ائتمانات الكربون المتوافقة مع اتفاقية باريس للقطاع الخاص جنبًا إلى جنب مع الجهات السيادية".

وقالت: "نريد أن نرى المسؤولية تقع على عاتق البائع لتقديم الجودة المتفق عليها، وهذا من شأنه أن يعزز ثقة المشتري كثيرًا".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق