التقاريرتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةغازقمة المناخ كوب 28نفط

انتقادات مشاركة صناعة النفط والغاز في كوب 28.. مخاوف مشروعة أم رفض غير مبرر؟

هبة مصطفى

تُشكّل صناعة النفط والغاز الشاغل الأكبر لكثير من المعنيين قبيل، وفي أثناء، وبعد الانعقاد السنوي لقمة الأمم المتحدة للتغير المناخي أو ما يُعرف بـ"مؤتمر الأطراف"، إذ تُثير الجدل حول ما إذا كانت مشاركتها ضرورة فعلية أو أنها مجرد "إضافة تجميلية" للتوصيات النهائية.

وشهد انعقاد قمة العام الماضي 2022 في مصر "كوب 27" ظهورًا قويًا لكبار منتجي الوقود الأحفوري، ما فتح المجال لطرح إمكان استفادة الصناعة من التقنيات الخضراء لخفض الانبعاثات، حسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ومع اقتراب استضافة الإمارات قمة كوب 28 في الربع الأخير من العام الجاري 2023، عاد الصراع من جديد بين الداعمين لمشاركة منتجي النفط والغاز بجدية على طاولة المفاوضات وبين نشطاء المناخ، وفق تقرير نشرته منصة أرغوس ميديا (Argus Media) المعنية بشؤون الطاقة.

وتواجه صناعة النفط والغاز اتهامات بالوقوف وراء إطلاق كميات هائلة من الانبعاثات، سواء خلال عملية التنقيب والإنتاج أو الاستهلاك، في حين يدافع المنتجون عن ضرورة مشاركة الصناعة في مرحلة تحول الطاقة.

وأزاحت بعض كبريات شركات العالمية الستار عن مستهدفاتها حيال الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات، مثل شركة أدنوك الإماراتية التي يترأس رئيسها التنفيذي "سلطان الجابر" قمة "كوب 28" المقبلة، في حين أطلقت شركات أخرى مشروعات خضراء، سعيًا منها للتحول إلى شركات طاقة متكاملة.

تكامل ضروري

أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن منتجي صناعة النفط والغاز في الخليج والشرق الأوسط -خاصة الإمارات والسعودية- أبدوا رغبتهم بالتعاون في القضايا المناخية، رافضين أن يُظهرهم نشطاء البيئة في صورة "أعداء".

وأضاف أن المنتجين مدركون لمعدل تزايد استهلاك الطاقة وضرورة دمج مصادر متجددة كالرياح والطاقة الشمسية، لكنهم يرجّحون أن توظيف الطاقات الجديدة ينبغي أن يكون جنبًا إلى جنب مع مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز، وفق تصريحاته إلى منصة أرغوس ميديا.

مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي
مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي

ودلل الحجي على رؤيته بإمكان تحقيق التكامل والدمج بين مصادر الطاقة المتجددة والهيدروكربونات، بأن تشغيل حقول النفط والغاز بالكهرباء المولدة عبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المواقع النائية سيكون بديلًا ناجحًا عن نقل الديزل لمسافات طويلة.

وقال مستشار تحرير منصة الطاقة، إن خطة شركة أدنوك الإماراتية -لتسريع تحقيق أهدافها حيال خفض الانبعاثات والحياد الكربوني بحلول عام 2045 بدلًا من 2050- يمكن أن يحذو منتجو النفط حذوها، في محاولة لإظهار التزام الصناعة وجديتها.

ويدفع تنسيق الجهود بين الحكومات من جهة، ومنتجي النفط والغاز من جهة أخرى، نحو فتح المجال أمام التبادل التقني والمعرفي بين أطراف الخلاف الدائر وتحقيق التكامل بين الهيدروكربونات ومصادر الطاقة المتجددة.

الصناعة وكوب 28

تؤمن الإمارات -بوصفها الدولة المستضيفة لقمة المناخ كوب 28- بضرورة حجز مقعد لصناعة النفط والغاز، خلال الانعقاد المقبل المقرر له نهاية العام الجاري 2023.

وربما يعود التمسك بمشاركة منتجي الوقود الأحفوري إلى أنه ما دامت صناعة النفط والغاز طرفًا قويًا في أزمة المناخ ينبغي أن تكون جزءًا من علاج التداعيات.

وبالنظر إلى أن صناعة النفط والغاز تُسهم بنحو 55% من مزيج الطاقة في الآونة الحالية، فإن مشاركتها في طاولة المفاوضات حول المناخ في قمة كوب 28 أمر لا يمكن تجاهله، حسب رؤية مسؤول تنفيذي بإحدى الشركات المنتجة في الخليج والشرق الأوسط.

وتُسهم "العمليات التشغيلية" للصناعة بنحو 15% من انبعاثات قطاع الطاقة، في حين يُشكّل "الاستهلاك" 40% إضافية، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، وربما كانت هذه البيانات سببًا وراء منع عدد من كبار المنتجين والشركات من المشاركة في انعقاد قمة المناخ كوب 26 عام 2021 في غلاسكو.

وتحفّظ -حينها- أمين عام منظمة أوبك الراحل محمد باركيندو على ما وصفه بـ"نبذ" صناعة النفط والغاز، مشددًا على ضرورة مشاركة المنتجين في مرحلة انتقال الطاقة.

وعوّل الرئيس التنفيذي لشركة النفط البريطانية بي بي، برنارد لوني، على قمة المناخ كوب 28 لتغيير النظرة إلى الصناعة ودورها في مسار التحول نحو طاقة أنظف.

تجربة السعودية والإمارات

تُعد السعودية والإمارات من كبار منتجي الوقود الأحفوري في الشرق الأوسط، وقدم البلدان نموذجًا في مسار انتقال الطاقة ودمج التقنيات النظيفة.

ولعل مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" -التي استضافتها السعودية العام الماضي 2022 على هامش انعقاد كوب 27، في مدينة شرم الشيخ المصرية- كانت خير دليل على الدور المهم لصناعة النفط والغاز خلال التخطيط لمعالجة قضايا المناخ.

ولم تقتصر القمة على مشاركة منتجين من الشرق الأوسط فقط، إذ شهدت مشاركة من شركة أرامكو السعودية ورئيسها التنفيذي أمين الناصر، بجانب الرئيس التنفيذي لعملاقة الطاقة الفرنسية توتال إنرجي باتريك بويانيه.

خلال انعقاد المبادرة على هامش كوب 27 بمشاركة قادة صناعة النفط والغاز
خلال انعقاد المبادرة على هامش كوب 27 بمشاركة قادة صناعة النفط والغاز - الصورة من The Arab Weekly

يأتي هذا بخلاف المبادرات المحلية التي أعلنتها الرياض تباعًا في مجالات الهيدروجين والسيارات الكهربائية وغيرها، بالتوازي مع أداء دور حيوي نحو استقرار الأسواق وضمان إمدادات الطاقة بأسعار منضبطة.

ومن جانب آخر، يُعد إسناد رئاسة مؤتمر الأطراف كوب 28 إلى الرئيس التنفيذي لشركة أدنوك -شركة النفط الحكومية في البلاد- رسالة مهمة خاصة أن الإمارات منتج رئيس في المنطقة.

ومع الأخذ في الحسبان التوسع في تطبيقات الطاقة النظيفة الذي تنتهجه الإمارات مؤخرًا، نجحت الدولة الخليجية الرائدة في صناعة النفط والغاز بتحقيق معادلة صعبة ربما عجزت عنها دول أوروبية عدة، بعدما أعلنت شركة أدنوك نيّتها تحقيق أهدافها المناخية في موعد يسبق الموعد المُعلن سلفًا (بحلول 2050) بنحو 5 سنوات (أي في 2045).

رئاسة كوب 28

رغم الدلائل والبراهين التي قدمتها اثنتان من كبريات الدول المُنتجة والرائدة في صناعة النفط والغاز (السعودية، والإمارات) على ضرورة التكامل بين المنتجين والأهداف المناخية، فإن الجدل ما زال قائمًا حول تولي أبوظبي انعقاد كوب 28 المقبل.

وانتقدت منظمات منح الرئيس التنفيذي لأدنوك سلطان الجابر مسؤولية رئاسة القمة، متجاهلين ترؤّسه -أيضًا- شركة الطاقة المتجددة التابعة للدولة "مصدر" التي كانت لها إنجازات ملموسة في مسار الطاقة النظيفة مؤخرًا.

وربما كانت تجربة الإمارات العملية في تحقيق التوازن بين (صناعة النفط والغاز المعززة بتقنيات مُخفضة للانبعاثات، وتوسعات الطاقة النظيفة والمتجددة) مثالّا مهمًا في تأكيد أن معالجة قضايا المناخ دون مشاركة منتجي الوقود أمر غير عملي.

ويدعم سلطان الجابر مشاركة صناعة النفط والغاز في قمة المناخ كوب 28، في حين فسّر الرئيس التنفيذي للقمة عدنان أمين التمسك بمشاركة منتجي الصناعة، بأنه ربما كان في إطار "المساءلة والمحاسبة" أمام المجتمع الدولي رغم ما سماه "مخاوف مشروعة" من هذه المشاركة.

وفي غضون ذلك، لم تحدد حتى الآن طبيعة مشاركة الصناعة بصورة رسمية، ولم تعلن كبريات الشركات العالمية المُنتجة موقفها من المشاركة.

أجندة قوية

رغم الجدل الدائر، تطرح الإمارات رؤية واضحة تجاه صناعة النفط والغاز، إذ دعا سلطان الجابر إلى تحقيقه الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن (2050)، أو في توقيت قبل ذلك.

وتحمل القمة أهدافًا تتعلق بالوصول للحياد الكربوني بالنسبة إلى انبعاثات غاز الميثان بحلول نهاية العقد الجاري 2030 رغم صعوبة تحقيق ذلك، ويُعلق تنفيذ هذا الهدف على التوصل إلى تعهد قبيل انعقاد القمة أو خلال الانعقاد.

رئيس قمة المناخ كوب 28 سلطان الجابر
رئيس قمة المناخ كوب 28 سلطان الجابر - الصورة من موقع شركة مصدر

وسبق أن طالب الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه بضرورة إلزام شركات النفط بالتعهد بخفض انبعاثات النطاقين 1 و2، والتوقيع على ذلك، إذ يظل ملف خفض انبعاثات النطاق 3 غائبًا حتى الآن عن أجندة كوب 28 رغم خطورتها.

ويتعيّن على المشاركين في كوب 28 حسم الخلاف حول المتسبب في إطلاق الجانب الأكبر من انبعاثات النفط والغاز، حتى ينجحوا في احتوائها فعليًا.

ويمكن القول بأن انبعاثات النطاق 1 تتعلق بحجم الانبعاثات المباشر والإجمالي للمؤسسة أو الشركة في الاستعمالات المختلفة، أما انبعاثات النطاق 2 فتركز على الانبعاثات غير المباشرة الناجمة عن عملية توليد الكهرباء المستعملة في التشغيل.

وتمتد انبعاثات النطاق 3 -وهو الأصعب في السيطرة- إلى سلسلة القيمة بأكملها خارج نطاق مسؤولية الشركة، مثل الانبعاثات الناتجة عن استهلاك العملاء لمنتجات الشركات.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق