تقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

احتراق بطاريات تخزين الكهرباء يهدد منظومة الطاقة المتجددة في نيويورك

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • بطاريات تخزين الكهرباء مهمة لاستقرار منظومة الطاقة المتجددة.
  • تبرز الحاجة إلى تعزيز سعة تخزين الكهرباء لمواكبة الطفرة المرتقبة في الطاقة النظيفة المضافة.
  • لم تضف سوق تخزين الكهرباء في الولايات المتحدة سوى 778 غيغاواط في الربع الأول من 2023.
  • توقعات بعودة النمو إلى مستوياته القوية خلال الربع الثاني من 2023.
  • يهدد احتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك عمليات الشبكة الكهربائية بالولاية.

وضع احتراق بطاريات تخزين الكهرباء استقرار منظومة الطاقة المتجددة في نيويورك على صفيح ساخن، وهو ما قد يُفجِّر أزمة وشيكة في إمدادات الكهرباء النظيفة، نتيجة الطبيعة المتقطعة لموارد الطاقة "الخضراء"، إلى جانب عرقلة الجهود الرامية لتطوير شبكة كهرباء خالية من انبعاثات الكربون.

وتشتد الحاجة -حاليًا- إلى تعزيز سعة تخزين الكهرباء؛ لمواكبة الطفرة المرتقبة في الطاقة النظيفة المضافة إلى الشبكة في الولايات المتحدة الأميركية، خلال السنوات المقبلة، بفضل الحوافز السخية الممنوحة بموجب قانون خفض التضخم، والمقدرة بمليارات الدولارات.

وفي ضوء تلك الخلفية الباعثة على القلق، تكافح ولاية نيويورك لتنفيذ خططها الطموحة بشأن تخزين الكهرباء النظيفة بعد اندلاع حرائق في 3 مشروعات بطاريات منفصلة خلال المدة بين شهري مايو/أيار وأواخر يوليو/تموز (2023)، وفق ما أورده موقع "كناري ميديا" Canary Media.

كانت التلفيات المباشرة الناجمة عن حوادث احتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك محدودة للغاية، ولم يسفر أي منها عن إصابات، بحسب ما أعلنته هيئة أبحاث الطاقة وتطويرها بولاية نيويورك التي تؤدي دورًا رياديًا في جهود تخزين الكهرباء بالولاية.

كما لم تنتج عن حوادث الحرائق الـ3 أي انبعاثات غازية سامة، وفق تقارير طالعت تفاصيلها منصة الطاقة المتخصصة.

تعزيز السعة ضروري

أجبر احتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك حاكمة الولاية كاثي هوتشول، على البحث عن طرق لتعزيز سعة بطاريات تخزين الكهرباء من نحو 300 ميغاواط -الآن- إلى 6 آلاف ميغاواط بحلول نهاية العقد الجاري (2030)؛ لاستكمال الخطط الموسعة لتوليد الكهرباء المتجددة.

وتؤدي بطاريات تخزين الكهرباء دورًا حاسمًا في تحقيق التوازن بين الارتفاع والهبوط في إنتاجية طاقتي الشمس والرياح، غير أنه لا يمكنها توليد الكهرباء المطلوبة حال اشتعلت فيها النيران.

وقع الحادث الأول في 31 مايو/أيار 2023، حينما اشتعلت النيران في بطارية ركّبتها شركة نكست إيرا إنرجي ريسورسيز (NextEra Energy Resources) في محطة فرعية ببلدة إيست هامبتون.

وقال ناطق باسم نكست إيرا إنرجي ريسورسيز، إحدى شركات التطوير الرائدة، والمالكة لبطاريات تخزين الكهرباء، إن نظام إطفاء الحرائق باستعمال المياه "كان يعمل وفق ما هو مُخطط له"، مشيرًا إلى أنه "لم تكن هناك حاجة لمزيد من الاستجابة الطارئة"، خلال تصريحات أدلى بها لصحيفة إيست هامبتون ستار (East Hampton Star).

وأضاف: "هذا هو أفضل سيناريو لحالة اشتعال النيران في بطارية تخزين كهرباء".

ووقع الحادث الثاني في 26 يونيو/حزيران (2023)، عندما انطلقت أصوات أجهزة إنذار الحرائق في وحدتي بطاريات تملكها وتشغلها شركة كونفيرجنت إنرجي آند باور (Convergent Energy and Power) في بلدة وارويك بمقاطعة كاونتي، قبل أن تشتعل النيران بإحدى هاتين الوحدتين في وقت لاحق.

أما الحادث الثالث فحصل في 27 يوليو/تموز 2023، فور اشتعال النيران في بطارية قريبة مختلفة بمحطة شمسية في تشومونت، واستمرت تلك النيران 4 أيام متواصلة.

ويوضّح الرسم البياني التالي توقعات سعة بطاريات التخزين في الولايات المتحدة بين عامي 2010 و2050، اعتمادًا على بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية لعام 2021:

شبكة الكهرباء الأميركية

أسباب مجهولة

في أعقاب حادث حريق البطارية في محطة تشومونت الشمسية، سارعت حاكمة نيويورك كاثي هوتشول إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمنع تكراره؛ إذ أسست مجموعة عمل مشتركة بين الوكالات بشأن سلامة البطاريات، وأصدرت أوامرها إلى هيئة أبحاث الطاقة وتطويرها بولاية نيويورك لفحص مشروعات البطاريات الأخرى العاملة، والتأكد من استيفائها معايير السلامة كافة.

والآن تحتاج نيويورك إلى اكتشاف أسباب وقوع 3 من حوادث احتراق بطاريات تخزين الكهرباء تملكها وتشغلها شركات رائدة في ذلك القطاع الحيوي.

كما تحتاج الولاية إلى طمأنة المواطنين القلقين من عدم تكرار مثل تلك الحوادث مجددًا، بينما تسعى سلطات نيويورك إلى مضاعفة سعة بطارياتها أكثر من مستواها الحالي بواقع 20 مرة.

وقال المدير التنفيذي لمجموعة تخزين الكهرباء "إن واي –بيست" (NY-BEST) وليام أكير: "لدى ولاية نيويورك أهداف صارمة بشأن شبكة الكهرباء التي تتطلب حقًا نوعًا جيدًا من تخزين الكهرباء، ولذا فمن بالغ الأهمية أن ننشر مثل تلك الأنظمة".

وأوضح أكير: "صناعتنا تُركِّز كثيرًا على التأكد من أن تلك الموارد يمكن نشرها بأمان".

مخاوف محلية

تفرض الحوادث الـ3 لاحتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك مخاوف ومشكلات تشغيلية للجهود الرامية إلى استعمال الكهرباء النظيفة في شبكة الولاية.

ولا تخفى المخاوف الناتجة عن تلك الحوادث على أحد، حتى مع عدم وجود أي إصابات، أو حتى أي أدلة على حصول تلوث في الهواء أو الماء.

وغطت الصحافة المحلية الحريق الحاصل في تشومونت، الذي دام 4 أيام، مشيرة إلى أن بلدة لايم المجاورة قد أرجأت أعيادها المحلية نتيجة "المشهد الفوضوي" السائد في محطة البطاريات الشمسية.

وأعرب سكان نيويورك في مناطق أخرى من الولاية عن مخاوفهم إزاء مشروعات مماثلة في مجتمعاتهم.

فعلى سبيل المثال، استأجر مشروع وارويك أرضًا من منطقة مدرسية؛ ما أثار مخاوف مما قد يحدث حال شب حريق آخر مماثل خلال العام الدراسي.

وطالب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك السيناتور مارك والتشيك، حاكمة نيويورك بوقف أعمال تركيبات بطاريات تخزين الكهرباء حتى تنتهي التحقيقات الجارية في هذا الخصوص.

تخزين الكهرباء في أميركا
تخزين الكهرباء في أميركا - الصورة من رويترز

تحسينات مستمرة

لدى مطوري البطاريات والمناطق المحيطة والسياسيين -على حد سواء- الحق في القضاء على المشكلة المسببة لاحتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك، قبل تركيب سعات جديدة للبطاريات في الولاية.

وفي هذا الصدد، قال المدير التنفيذي لمجموعة تخزين الكهرباء "إن واي –بيست" وليام أكير، إن صناعة بطاريات تخزين الكهرباء "منفتحة جدًا على التحسينات المستمرة" مثل تطبيق نظام قواعد السلامة الجديدة ومعاييرها، على أساس الأسباب الجذرية التي كشفت عنها التحقيقات.

ويدعم قادة الولاية "رؤية تخزين الكهرباء" طويلة الأجل.

وفي هذا السياق، قال ناطق باسم هيئة أبحاث الطاقة وتطويرها بولاية نيويورك: "تخزين الكهرباء هو مورد ضروري لتحويل شبكة الكهرباء إلى أخرى حيادية الكربون، كما أنه لا غنى عنه لنشر بطاريات تخزين الكهرباء على نطاق واسع بهدف الوفاء بمتطلبات قانون المناخ في ولاية نيويورك"، في تصريحات أدلى بها لموقع "كناري ميديا".

ويهدد احتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك عمليات الشبكة الكهربائية في الولاية.

المحطات "القذرة" إلى زوال

من المتوقع أن تحل بطاريات تخزين الكهرباء محل المحطات المتقادمة العاملة بالوقود "القذر"، عبر تخزين الطاقة الكهربائية النظيفة، ثم إعادة حقنها في الشبكة إبان أوقات ذروة الطلب.

غير أن تلك التقنية لا يمكنها أن تعمل -قط- حال كانت عُرضة للحرائق بين الحين والآخر؛ ما يتطلب وقف تشغيلها لشهور؛ انتظارًا لصدور نتائج التحقيقات وإعادة تحديث بنيتها التحتية.

كانت هيئة الكهرباء في لونغ آيلاند قد قالت إن الفقدان المؤقت لبطاريات تخزين الكهرباء التابعة لشركة "نكست إيرا" لن يمنع الشبكة المحلية من تلبية الطلب الموسمي المتنامي على الكهرباء خلال العام الجاري (2023)، في تصريحات أدلت بها إلى "إيست هامبتون ستار".

غير أن من حسن الطالع أن جزيرة لونغ آيلاند قد فقدت بطارية تخزين الكهرباء في وقت لم تكن بحاجة فيه إليها، لكن إذا كانت بطاريات تخزين الكهرباء ستؤدي دورًا حاسمًا في سد الطلب المتنامي على الكهرباء؛ فلن تكون لدى مشغلي الشبكة تلك الرفاهية.

البطاريات موضع شك

من غير المعروف -حتى الآن- ما إذا كانت البطاريات هي نفسها السبب في اندلاع الحرائق المذكورة.

ورفضت شركة "كونفرجنت" التعليق على الأسباب المحتملة لاحتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك حتى تصدر نتائج التحقيقات في هذا الأمر، وهو الموقف الذي تبنّته -أيضًا- شركتا بوين (Powin) وجنرال إلكتريك (GE) اللتان باعتا أنظمة البطاريات المتضررة.

وإلى حين صدور التقارير النهائية، من المهم عدم الانسياق وراء الفرضية القائلة إن احتراق بطاريات تخزين الكهرباء في نيويورك، كان سببه الرئيس هو البطاريات نفسها.

ويستند هذا الرأي إلى أن حوادث احتراق بطاريات تخزين الكهرباء التي شهدتها مناطق أخرى قد أُرجِعت فيها الأسباب إلى أعطال في المعدات الداعمة بمحطات بطاريات التخزين.

وهذا يعني أن هناك فرقًا بين احتراق البطارية واشتعال النيران في البطارية، من مصدر آخر.

فقد أرجع المحققون حادثة انفجار بطارية أريزونا في عام 2019، التي أصيب فيها 4 من عمال الطوارئ، إلى عيب في خلية بطارية الليثيوم أيون التي صنعتها شركة إل جي تشيم (LG Chem)، الكورية الجنوبية الرائدة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

وفي أغسطس/آب (2021) استدعت جنرال موتورز، عملاقة صناعة السيارات الأميركية، كل سياراتها الكهربائية من طراز شيفروليه بولت بهدف منع وقوع حرائق محتملة نتيجة عيب في البطاريات.

وسرعان ما حسّنت صناعة بطاريات تخزين الكهرباء في أميركا تصميماتها لمنع تكرار سيناريو تراكم الغاز المتفجّر الذي زاد من خطورة حرائق البطاريات في أريزونا.

ومنذ ذلك الحين، لا يُعزى العديد من حوادث احتراق بطاريات تخزين الكهرباء إلى البطاريات نفسها، بل إلى المعدات الداعمة في محطات الكهرباء.

بطاريات تخزين الكهرباء
بطاريات تخزين الكهرباء - أرشيفية

تراجع مستمر في السعة

تعكس بيانات سوق تخزين الكهرباء الأميركية، خلال الربعين الأخيرين، حجم التحديات التي تعرقل نموها، رغم التفاؤل إزاء نمو تلك السوق بعد المصادقة على قانون خفض التضخم والتحفيزات التاريخية التي يمنحها لمشروعات الطاقة المتجددة في أغسطس/آب (2022).

ولم تضف سوق تخزين الكهرباء في الولايات المتحدة سوى 778 غيغاواط، ما يعادل 2.145 غيغاواط/ساعة، بالقطاعات كافة، خلال الربع الأول من عام 2023، بتراجع نسبته 26% عن الربع الأخير من 2022، الذي شهد -أيضًا- هبوطًا بنسبة 33%، بحسب ما ورد في تقرير حديث صادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي.

في غضون ذلك، لامست التركيبات على نطاق الشبكات الكهربائية 554 ميغاواط، ما يعادل 1.553 غيغاواط/ساعة خلال الربع الأول من عام 2023، بتراجع نسبته 33% عن الربع نفسه من 2022، مواصلةً الهبوط للربع الثاني على التوالي، على أساس سنوي، وفقًا للتقرير، الذي طالعت تفاصيله منصة الطاقة المتخصصة.

وعزت وود ماكنزي هذا الانخفاض إلى مجموعة من العوامل المركّبة، أبرزها اختناق سلسلة الإمدادات، وتراكم قوائم انتظار الربط البيني.

لكن توقّعت الشركة عودة النمو لمستوياته القوية، خلال الربع الثاني من عام 2023 (من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2023).

توقعات متفائلة

رغم الأرقام السلبية؛ فما زالت توقعات نمو سوق تخزين الكهرباء في أميركا متفائلة حتى عام 2027 وما بعده؛ إذ تشتد الحاجة إلى نمو التخزين لمواكبة الطفرة المرتقبة في الطاقة النظيفة المضافة إلى الشبكة خلال السنوات المقبلة؛ للاستفادة من الحوافز السخية لقانون خفض التضخم الأميركي، البالغة قيمتها 370 مليار دولار على الأقلّ.

ووفقًا لتقديرات وود ماكنزي، من المرجح أن تضيف سوق تخزين الكهرباء في أميركا 10.5 غيغاواط على مستوى جميع القطاعات خلال عام 2023، بينما يُتوقع إضافة 8.9 غيغاواط على مستوى الشبكة الكهربائية.

ورغم الهبوط الحاصل في الربع الأول من 2023؛ فما زالت وود ماكنزي تتوقع تضاعف النمو في الأشهر المقبلة، وانعكاس هذا على نتائج العام بأكمله، مقارنة بالعام الماضي (2022)، بحسب ما جاء على لسان خبيرة أسواق تخزين الكهرباء في وود ماكنزي، فانيسا ويت.

وأشارت "ويت" إلى أن تأثّر السوق بمشكلات سلسلة الإمدادات وتراكم قوائم انتظار الربط البيني أكثر من أيّ وقت مضى، خاصة مع زيادة معدل التركيبات وتوسُّع السوق، بعكس سنوات سابقة كانت السوق فيها ضعيفة والتركيبات أصغر ولا يمكن التنبؤ بها.

ولفتت إلى أن تراجع التركيبات، خلال الربع الأول من عام 2023، هو الأول لربعين متتاليين تشهده سوق تخزين الكهرباء في أميركا منذ عام 2015.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق