طاقة متجددةالتقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءتقارير دوريةرئيسيةكهرباءوحدة أبحاث الطاقة

مطالب مطوري الرياح البحرية في أميركا تفتح الباب لسابقة قانونية خطيرة (تقرير)

الشركات ترغب في تغيير العقود مع ارتفاع التكاليف

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • أغلب الشركات وقّعت عقودها مع الولايات الأميركية قبل 2022.
  • قفزة التضخم وأسعار الفائدة تدفع الشركات للتفاوض أو فسخ العقود.
  • أهداف الولايات المتحدة في الرياح البحرية بحلول 2030 مهددة.
  • الاستجابة لإعادة التفاوض على العقود تضع المنظمين في مأزق قانوني.

تواجه مشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا تحديات التأخير المتكرر وعقبات الربط بالشبكة الكهربائية؛ بسبب ارتفاع التكاليف ومطالب المطورين بمراجعة العقود الموقّعة؛ ما قد يفتح المجال لسابقة قانونية محفوفة بالمخاطر.

وتعاني صناعة الرياح تضخم التكاليف بصورة باهظة، منذ العام الماضي (2022)؛ ما أدى إلى تأخيرات متكررة في تنفيذ المشروعات الجديدة في أميركا وأوروبا، وفقًا لما ترصده وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.

وأدت تحديات التضخم وسلاسل التوريد إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي على مشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا، كما تصاعدت تكاليف التمويل والقروض مع زيادة أسعار الفائدة؛ ما دفع المطورين إلى المطالبة بإعادة التفاوض حول العقود المبرمة، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة (BloombergNEF).

ويطالب بعض الشركات المطورة لمشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا بإعادة التفاوض حول صفقات شراء الكهرباء طويلة الأجل الموقّعة معها سابقًا؛ لأنها لم تعد مربحة، في حين يحاول آخرون إلغاء العقود تمامًا.

شركات تُفضِّل الغرامة على الاستمرار

وافقت شركة أفانغريد "Avangrid" التابعة لمجموعة إبيردرولا الإسبانية للكهرباء -مؤخرًا- على دفع 4.5 مليون دولار غرامة إلى ولاية ماساتشوستس نظير فسخ تعاقد شراء الكهرباء من مزرعة رياح كومونولث البحرية تحت التطوير.

وقدرت بلومبرغ نيو إنرجي فايننس مبلغ الغرامة بأقل من 1% من إجمالي التكلفة الرأسمالية للمشروع؛ ما يمثّل صفقة لشركة "أفانغريد" بالنظر إلى حجم الغرامة المتواضعة التي تضمّنها العقد.

ومن المرجّح أن تشجع الغرامات المتواضعة في العقود، شركات أخرى على فسخ عقود شراء الكهرباء من مشروعاتها تحت التطوير، إذا فشلت مفاوضاتها في تحسينها؛ ما قد ينعكس على زيادة الغرامات في العقود الجديدة على الجانب الآخر.

شركات الرياح البحرية في أميركا
مقر شركة أفانغريد لطاقة الرياح - الصورة من موقع الشركة

ويُعَد مشروع كومونولث الضحية الأولى ضمن سلسلة مشروعات بسعة 9.7 غيغاواط، ما زالت تقف في طابور إعادة التفاوض أو فسخ التعاقدات بقطاع الرياح البحرية في أميركا.

ويمثل هذا الحجم من المشروعات أكثر من نصف المتعاقَد عليه في 4 ولايات أميركية هي: نيويورك، وماساتشوستس، ونيوجيرسي، وكونيتيكت، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتسعى شركات أخرى -حاليًا- إلى إجراء مراجعات لاتفاقيات شراء الكهرباء من مشروعاتها المشتركة، مثل شركتي شل "Shell" وأوشن ويندز "Ocean Winds"، وشركتي بي بي "BP" وإكوينور "Equinor"، وشركتي أورستد "Orsted" وإيفرسورس "Eversource".

وخسر المطور الدنماركي "أورستد" مناقصة لإنشاء مشروع طاقة رياح بحرية في ولاية رود آيلاند، بسبب زيادة التكاليف التي جعلت عرضها مُكلفًا للغاية بالنسبة إلى الولاية.

لماذا يشتكي المطورون؟

ارتفعت التكلفة المستوية للكهرباء -صافي تكلفة إنتاج وحدة واحدة من الكهرباء على مدار عمر المنشأة- من مشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا إلى 114.2 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة في عام 2023، بزيادة 50% على مستويات 2021، حتى مع أخذ الدعم المالي الحكومي في الحسبان، وفقًا لتقديرات بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.

وأسهمت زيادة النفقات الرأسمالية والمصروفات التشغيلية لمطوري مشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا في زيادة تكلفة كل ميغاواط/ساعة بمقدار 16.9 دولارًا.

كما أدت التكلفة المرتفعة لرأس المال -بسبب ارتفاع أسعار الفائدة- إلى زيادة أخرى في التكلفة بمقدار 27.2 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة؛ ما أرهق المطورين ودفعهم للمطالبة بتغيير عقود الشراء طويل الأجل.

وتعتقد شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس أن الحوافز الضريبية المتاحة في قانون خفض التضخم الأميركي، يمكنها أن تعوض المطورين، ولكن بنسبة بسيطة لا تتلاءم مع الزيادة الباهظة في التكاليف.

وبلغ معدل التمويل لليلة الواحدة -سعر الفائدة على القروض- 5.05% في منتصف يوليو/تموز 2023، مع استمرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في رفع الفائدة، وهو أعلى بكثير من المستويات القريبة من الصفر خلال المدة من 2020 إلى 2021، وهي المدة التي شهدت توقيع أغلب عقود الشراء طويلة الأجل التي يشتكي منها المطورون حاليًا.

ومن غير المتوقع تغير الظروف الدافعة لاستمرار أسعار الفائدة مرتفعة -قريبًا- ما قد يتسبب في مزيد من التشاؤم بين الشركات المطورة لمشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا ويضطرها إلى تقليص النشاط.

أسعار الفائدة عند أعلى مستوى في 22 عامًا

رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في 27 يوليو/تموز 2023، أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى 5.25% إلى 5.5%، وهو أعلى مستوى لها في 22 عامًا.

كما أشار الاحتياطي الأميركي إلى أن تكاليف الاقتراض قد ترتفع مرة أخرى بحلول نهاية هذا العام (2023)، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وأسهمت الزيادة في تكاليف المواد والعمالة والخدمات اللوجستية إلى إضافة أعباء أخرى فاقمت من إجمالي تكاليف مشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا بالنسبة للمطورين.

وبلغ متوسط أسعار المستهلك -معدل التضخم- في الولايات المتحدة 1.8% في عام 2019، عندما وقّعت ولاية نيويورك عقود الشراء من المشروعات المشتركة لشركتي بي بي وإكوينور، وكذلك شركتي أورستد وإيفرسورس، وهو الوقت نفسه، الذي وقّعت فيه ولاية ماساتشوستس عقود الشراء مع شركتي شل وأوشن ويندز.

وبلغ متوسط أسعار المستهلكين في أميركا 3% في نهاية يونيو/حزيران 2023، ما يزيد الضعف تقريبًا عن متوسطه وقت توقيع عقود مشروعات الرياح البحرية، رغم انخفاض معدل التضخم عن ذروته المسجلة في عام 2022.

مطالب بإدراج التضخم في العقود

يؤدي التضخم إلى تآكل قيمة الإيرادات والأرباح المحققة للمطورين بمرور الوقت؛ ما يزيد من صعوبة تمويل المشروعات الجديدة وبنائها، خاصة أن عقود الشراء الحالية لا تعترف بمراعاة التضخم في الحسابات المستقبلية.

ويطالب المطورون الجهات المنظمة بضرورة تضمين الاتفاقيات لآليات تراعي معدلات التضخم في المستقبل، عبر تعديل سعر البيع؛ ما يسهم في تخفيف المخاطر التي قد يتعرض لها أصحاب المشروعات مع تقلبات الأسعار الحادة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويحتاج عدد كبير من الولايات الأميركية إلى مواجهة هذه المخاوف لضمان تحقيق أهدافها المتعلقة بنشر طاقة الرياح البحرية على نطاق واسع ضمن خطط تحول الطاقة وخفض الانبعاثات.

وتستهدف ولاية نيويورك إضافة 9 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية التراكمية بحلول 2035، وبلغ حجم المتعاقد عليه حتى الآن 4.3 غيغاواط، إلا أن أغلب المطورين المالكين لـ95% من هذه العقود يحاولون إعادة التفاوض مع سلطات الولاية في الوقت الحالي؛ ما قد يُعرّض المشروعات لمخاطر التأجير لأجل غير مسمى.

كما تواجه ولاية ماساتشوستس مطالب مماثلة من مطورين يمتلكون 75% من السعة المقترحة، مع تهديدات بفسخ التعاقدات، وكذلك الأمر في ولاية كونيتيكت مع مطورين لـ73% من سعة الرياح المقترحة.

أحد مشروعات الرياح في أميركا
أحد مشروعات الرياح الأميركية - الصورة من offshorewind.biz

ويمتد الخطر إلى ولاية نيوجيرسي، التي تستهدف تركيب 11 غيغاواط تراكمية بحلول 2040، في حين تواجه في الوقت الحالي مطالب بإعادة التفاوض من مطورين مالكين 60% من المشروعات المقترحة في الولاية.

ولا تقتصر هذه الأزمة على الولايات المتحدة فحسب، بل تمتد إلى المملكة المتحدة التي شهدت وقف مشروع رياح ضخم تابع لشركة فاتنفول السويدية "Vattenfall" بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتضخم التكلفة؛ ما دفع الشركة إلى تعليق الأنشطة في الموقع.

مأزق الدولة القانوني

تعني جهود إعادة التفاوض حول العقود أن الأهداف الطموحة للولايات المتحدة في الوصول إلى 30 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول 2030، قد لا تتحقق كلها بسبب التأخيرات والعقود المحتمل إلغاؤها.

وخفضت بلومبرغ نيو إنرجي فايننس توقعاتها التراكمية لعام 2030 بنسبة 11% بسبب التأخيرات الناتجة عن إعادة التفاوض حول العقود؛ ما يرجح وصول الولايات المتحدة إلى 23.1 غيغاواط -فقط- بحلول 2030.

وتضع طلبات مراجعة العقود السلطات التنظيمية في الولايات الأميركية في موقف حرج للغاية؛ لما يمثله من سابقة محفوفة بالمخاطر قد تفتح الباب لشركات أخرى بأغلب القطاعات للمعاملة بالمثل.

على الجانب الآخر، يخشى المنظمون من فقدان أهداف الرياح البحرية في أميركا على المدى الطويل، مع إحجام الشركات عن تطوير مشروعات جديدة؛ ما يمثّل معضلة ما زالت تبحث عن حلول قانونية محترفة لتجاوزها.

وتبدو حجج الشركات في المطالبة بتعديل العقود مقنعة بعض الشيء للظروف الطارئة التي مر بها العالم، لكن المشكلة أن عملية حصول هذه الشركات على العقود تمت في بيئة تنافسية حرة شديدة الصرامة من حيث حسابات التكلفة والعائد والمخاطر المستقبلية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق