احتجاجات واسعة على إلغاء دعم الوقود في نيجيريا.. والرئيس يلتقي المتظاهرين
أسماء السعداوي
يبدو أن قرار إلغاء دعم الوقود في نيجيريا، الذي اتخذه رئيس البلاد بولا تينوبو فور وصوله إلى سدة الحكم، لن يمر مرور الكرام، مع خروج مئات المتظاهرين في المدن الكبرى اعتراضًا على القرار.
وخرج النيجيريون إلى الشوارع، اليوم الأربعاء، 2 أغسطس/آب 2023، احتجاجًا على قرار رئيس البلاد إلغاء دعم الوقود فجأة، الذي امتد لسنوات بحجة الإصلاحات الاقتصادية، وهو ما فاقم ظروف المعيشة وأدى إلى زيادة تعرفة الركوب.
وفي أحدث التطورات، التقى زعماء النقابات العمالية المحتجون على إلغاء دعم الوقود في نيجيريا، مع رئيس البلاد في القصر الرئاسي بالعاصمة أبوجا، حسبما ذكرت صحيفة "بانش" (punchng) المحلية.
يأتي ذلك استجابة للدعوة التي أطلقها مؤتمر العمل النيجيري -أكبر تجمع نقابي في البلاد- إلى الإضراب، احتجاجًا على رفع الدعم عن الوقود في نيجيريا، وللمطالبة برفع الحد الأدنى للأجور، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي العاصمة أبوجا، كسر المحتجون بوابة الجمعية الوطنية (الهيئة التشريعية في نيجيريا)، وشقوا طريقهم إلى الداخل، ومن المتوقع أن يُلقي رئيس مجلس الشيوخ غودسويل أكابابيو كلمة إليهم.
ومن المتوقع أن يستمر الإضراب أسبوعًا بأكبر اقتصاد في أفريقيا، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
أصداء رفع الدعم عن الوقود في نيجيريا
لم يعلم النيجيريون وهم ينتخبون الرئيس بولا تينوبو لقيادة البلاد صاحبة أكبر احتياطيات للنفط في أفريقيا، أنهم سيخرجون ضده في الشوارع بعد سلسلة إصلاحات اقتصادية هي الأجرأ منذ عقود.
وفي يوم تنصيبه رئيسًا للبلاد 29 مايو/أيار 2023، قرر تينوبو إلغاء دعم الوقود في نيجيريا، بحجة تخفيف العبء عن كاهل الدولة التي تعاني أزمة في توفير النقد الأجنبي.
وفور الإعلان، ارتفعت أسعار الوقود بنسبة 400%، إلى أكثر من 500 نايرا نيجيرية للتر (0.63 دولارًا أميركيًا)، ثم في 18 يوليو/تموز المنقضي، أقرت الحكومة زيادة ثانية، بنسبة 30% بمقدار 80 نايرا (0.10 دولارًا).
وتقول هيئة الإحصاءات الرسمية، إن أسعار الوقود بلغت أعلى مستوى لها في 18 عامًا إلى 22.8%، ومن المتوقع أن تشهد ارتفاعات أخرى بعد رفع الدعم وضعف العملة مقابل الدولار.
وكلفت واردات الوقود نيجيريا 10 مليارات دولار في العام الماضي (2022)، وخلال الأشهر الـ5 الأولى من عام (2023) أنفقت البلاد نحو 2.41 مليار دولار لدعم الوقود.
ورغم كونها أكبر منتج للنفط في أفريقيا، تستورد نيجيريا كل أنواع المشتقات النفطية، بسبب عدم قدرتها على التكرير، والإهمال الذي طال المصافي القائمة وسرقة النفط.
احتجاجات واسعة
في الوقت الذي رحّب فيه المستثمرون بالإصلاحات الاقتصادية، قالت النقابات العمالية إنها أدت إلى رفع الأسعار في وقت يعاني فيه النيجيريون أعلى معدل للتضخم في نحو عقدين من الزمان.
وخرج المحتجون، على رأسهم زعماء النقابات، إلى شوارع لاغوس وولاية بايلسا ومدينتي "كانو" و"كادونا"، احتجاجًا على إلغاء دعم الوقود في نيجيريا.
وحملوا لافتات تطالب بعدم الامتثال لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين، وأخرى رافضة لزيادة أسعار الرسوم الجامعية ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 200 ألف نايرا (264.5 دولارًا أميركيًا)، وعودة دعم الوقود في نيجيريا.
ويقول رئيس نقابة العاملين بالكهرباء في كانو، أوال موسى محمد: "احتجاجات اليوم مجرد بداية وتحذير للحكومة.. سنمنحها أسبوعًا واحدًا لتحقيق مطالبنا".
قرار طائش
يقول مؤتمر العمل النيجيري، إن رفع الدعم عن الوقود في نيجيريا كان قرارًا طائشًا لم يأخذ في الحسبان تأثيره في الفقراء.
وفي تصريحات سابقة، قال المؤتمر إنه لا يستطيع أن يقف مكتوف اليدين وهو يشاهد المواطنين يعانون آثار رفع الدعم عن الوقود في نيجيريا، واصفًا الأمر بأنه أدى إلى "معاناة لا تُوصف".
وفي بيان أصدره المؤتمر اليوم الأربعاء 2 أغسطس/آب 2023، قال إن كل عائلة تشعر بوطأة السياسات الحكومية القاسية التي أدت إلى زيادة فلكية في تعرفات الركوب والغذاء والسلع والخدمات والتعليم، والرعاية الصحية.
وانتهى اجتماع دام يومين بين الحكومة وممثلي مؤتمر العمل أمس الثلاثاء 1 أغسطس/آب (2023)، دون التوصل لحل، وخرج ممثلو المؤتمر والنقابات التجارية عاقدي العزم على بدء إضراب احتجاجًا على رفع الدعم عن الوقود في نيجيريا، بحسب تقرير نشرته صحيفة "بانش" المحلية، الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال رئيس مؤتمر العمل النيجيري جو أجيرو، أمس الثلاثاء 1 أغسطس/آب (2023)، إنه لا يوجد ما يبرر وقف الاحتجاجات الوطنية والإضرابات، مؤكدًا أن المؤتمر لن يوقف مسيرة الاحتجاجات والإشارات حتى يلمس الاستجابة المنشودة من الحكومة.
وأضاف: "نحن هنا للاحتجاج وللتصريح بأنه منذ بدء المفاوضات، لم نحقق شيئًا ملموسًا".
جاء ذلك بعد وصول جولة محادثات أخرى داخل قصر الرئاسة في العاصمة أبوجا، إلى طريق مسدود أيضًا.
على الجانب الآخر، حذّر المفتش العام للشرطة، كايودي إجبتكون، من مغبة الاحتجاجات الشعبية العنيفة بأنحاء البلاد.
إضراب الأطباء
على الجانب الآخر، أعلن الأطباء دخولهم في إضراب مفتوح، احتجاجًا على إلغاء دعم الوقود في نيجيريا، يوم الأربعاء (26 يوليو/تموز 2023).
وقالت الرابطة الوطنية للأطباء المقيمين، إن أعضاءها البالغ عددهم نحو 15 ألف طبيب مقيم من أصل 40 ألفًا، دخلوا في إضراب لأجل غير مسمى، للمطالبة بزيادة الرواتب، بعدما أدى إلغاء دعم الوقود في نيجيريا إلى ارتفاع الأسعار، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وترى الرابطة أن الحكومة فشلت في تعديل رواتب الأطباء الذين هاجر معظمهم بسبب تدني الرواتب، وسفرهم إلى الخارج بحثًا عن رواتب أفضل.
يُشار هنا إلى أن الأطباء النيجيريين دخلوا في إضرابات أكثر من مرة، بسبب ظروف العمل، وخلال عام 2020 -في وقت ذروة الإصابات بفيروس كورونا (كوفيد-19)- أعلنوا دخولهم في 3 إضرابات.
موضوعات متعلقة..
- إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يقلص الواردات.. ما علاقة مصافي التكرير الأوروبية؟
- رفع الدعم عن الوقود في نيجيريا يفاقم ظروف المعيشة: "معاناة لا توصف"
- قفزة بأسعار الوقود في نيجيريا بعد إلغاء الدعم وتعويم العملة
اقرأ أيضًا..
- إعلان تطورات حقل مفرق في سلطنة عمان.. وإنجاز نفطي هو الأول من نوعه
- مخزونات النفط الأميركية تسجل أكبر انخفاض في تاريخها (تحديث)
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب يستقطب مشروعًا تجريبيًا