طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

الأنظمة الشمسية في الريف الهندي تستغيث: "تحولت لحظيرة ماشية"

أسماء السعداوي

اقرأ في هذا المقال

  • ركّبت الحكومة آلاف الأنظمة الشمسية في الريف الهندي
  • الهند تستهدف خفض الانبعاثات وزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء
  • معظم الأنظمة الشمسية في الريف توقّف عن العمل
  • الصيانة والرفض المجتمعي أبرز أسباب الأزمة

يبدو أن الأنظمة الشمسية في الريف الهندي قد سقطت من حسابات الحكومة التي أنفقت الملايين لتزويد القرى النائية بالكهرباء النظيفة.

وعلى مدار السنوات الـ3 الماضية، رُكّبت الآلاف من شبكات الكهرباء الشمسية الصغيرة بأنحاء البلاد، وتركّز معظمها بالقرى النائية التي لم تمتد إليها يد شبكة الكهرباء التقليدية.

تعدّ الحكومة الأنظمة الشمسية في الريف الهندي -تتضمن الألواح على الأسطح ومضخات المياه بالكهرباء وأعمدة الإنارة بالشوارع وشبكات التوزيع المحلية- وسيلة رئيسة لإمداد المناطق الفقيرة بالكهرباء، وتحفيز التحول الأخضر بعيدًا عن الوقود الأحفوري، بحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

يعتمد مزيج الكهرباء في الهند على الفحم بصورة رئيسة بنسبة تزيد على 70%، كما من المتوقع استمرار عمل محطات الفحم حتى 2040.

يفرض الفحم تحديًا أمام التزام الهند أمام العالم بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2070، ولذلك وضعت هدف رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 50% من مزيج الكهرباء، وتوليد 500 غيغاواط من مصادر غير الوقود الأحفوري بحلول 2030.

كل تلك الطموحات ستذهب هباءً، ما لم تُولِ الحكومة اهتمامًا بصيانة الأنظمة الشمسية في الريف، إذ أثبت الواقع أنها تفوق قدرة الحكومة، وهو ما ترك الوحدات الشمسية وبطاريات تخزين الكهرباء مهجورة في مكبّات النفايات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

فشل تجربة الأنظمة الشمسية في الريف الهندي

تطلق تجربة الأنظمة الشمسية في الريف الهندي جرس إنذار للعالم الذي يتسابق نحو الطاقة المتجددة بسرعة جنونية، دون تخطيط متعقل للصيانة على مدار السنوات التالية لتركيبها.

في تقرير صادم، كشفت منظمة "سمارت باور إنديا" تركيب 4 آلاف من شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة، موّلت الحكومة 3 آلاف و300 منها، لكن الجديد هو أن 5% منها فقط قيد التشغيل.

في عام 2014، أعلنت ولاية بيهار بشرق الهند أول قرية تُضاء بالطاقة الشمسية في البلاد، وقد حظيت بنصيب وافر من الدعاية.

في المقابل، كشفت منصة "مونغاباي إنديا" المعنية بشؤون البيئة والمناخ أن أول محطة كهرباء بالقرية تحولت إلى حظيرة للماشية!

كما وجدت دراسة أجراها الباحث الجامعي بالولاية، أفيرام شارما، أن قرابة نصف الأنظمة الشمسية هناك خرجت من الخدمة بعد عامين فقط من عملها.

وقال تقرير آخر لمنصة "مونغاباي إنديا"، إن أول قرية شمسية في ولاية أوديشا قد واجهت المصير المظلم نفسه.

وانتقد مدير مركز الأبحاث مجلس الطاقة والبيئة والمياه، أبشيك جين، إهدار الكثير من الأموال نظير نشر الأنظمة الشمسية في الريف الهندي، التي لا يستفيد منها السكان هناك بسبب تعطّلها عن العمل.

ووصف الأمر بأنه "إهدار للمال العام والتبرعات"، مُرجعًا السبب في المقام الأول إلى الفشل في إدارة التقنية الجديدة.

يُشار هنا إلى أن الهند تدفع المليارات سنويًا، لشراء مكونات الألواح الشمسية من الصين، التي تصدّر 90% من تلك المكونات إلى نيودلهي.

وفي السياق ذاته، يقول مدير صندوق العالم للطبيعة في الهند، أنوراغ داندا: "نسارع الخطى لإيجاد حلول.. لا أعتقد أننا نفكر بالعواقب غير المقصودة للحلول التي ندعمها في الوقت الحالي".

وأضاف: "ربما يخلق ذلك مشكلة إضافية، بينما نصلح أمرًا ما هنا، نخلق مشكلة في مكان آخر".

تنظيف الألواح الشمسية في الهند والأنظمة الشمسية الهندية بالريف تنظيف الألواح الشمسية في الهند - الصورة من "بي في ماغازين إنديا"

حلم الحصول على الكهرباء

لا يبدو خروج الأنظمة الشمسية، في الريف الهندي، من الخدمة أمرًا مثيرًا للاستغراب، فالأمر شائع ومعتاد.

في إحدى القرى النائية بولاية جهارخاند التي يقطنها 300 شخص فقط، تحوّل حلم توليد الكهرباء النظيفة إلى سراب، فالألواح الشمسية الزاهية وسط الحقول الزراعية أصبحت مجرد ذكرى، وحلّت بدلًا منها الزهور.

نظام الكهرباء بالطاقة الشمسية بالقرية عمل فقط لمدة يومين، ثم توقّف عن العمل، بحسب السكان المحليين، وأكد ذلك جهاز الطاقة المتجددة بالولاية.

بجوار أحد بقايا الألواح الشمسية المهجورة، يتساءل أحد سكان القرية، سالاسويس بوره: "ماذا نصنع بالوحدات الشمسية التي لا طائل منها؟ نريد كهرباء حقيقية".

الغريب في الأمر أن تلك الأنظمة الشمسية ما زالت تعمل، حتى أن بعض أطفال القرية يستفيدون منها لشحن هواتفهم المحمولة، معنى ذلك أنها مازالت قادرة على توليد الكهرباء، إلّا أن بطاريات تخزين الكهرباء وشبكة التوزيع ما زالت معطّلة.

يقول استشاري جهاز الطاقة المتجددة هناك، رفض ذكر اسمه، إن 90% من الشبكات الصغيرة في جهارخاند لا تعمل.

ويضيف المهندس بجهاز الطاقة المتجددة في الولاية موكيش براساد، بأن أمر تركيب الأنظمة الشمسية في الريف الهندي ليس بالعسير، لكن لا شكّ أن الصيانة ما زالت عقبة تعترض نموها، قائلًا: "هناك الكثير من الشبكات الصغيرة المهجورة".

عمود إنارة يعمل بالطاقة الشمسية
عمود إنارة يعمل بالطاقة الشمسية - الصورة من واشنطن بوست

أزمة عالمية

كشف فريق من الباحثين الهولنديين، في عام 2017، أن 3 فقط من 29 نظامًا شمسيًا في دول أفريقيا جنوب الصحراء تعمل بالكامل.

بالبحث عن أسباب ذلك، قالوا، إن الأمر يرجع لغياب خبرات الصيانة المحلية، وعدم شعبيتها بين السكان.

كما يقول خبير في الطاقة الشمسية الهندية، رفض ذكر اسمه، إن الحكومة الأوغندية طلبت المساعدة الدولية بسبب تعطُّل 80% من الأنظمة الشمسية المحلية في المراكز الصحية، كما أكدت تقارير صحفية معاناة نيجيريا المجاورة من المشكلة ذاتها.

مشكلات تبحث عن حلول

يقول مراقبون، إن أزمة الأنظمة الشمسية في الريف الهندي سببها الافتقار إلى الفنيين المحليين والصعوبات التي يواجهها السكان هناك في توفير قطع الغيار.

على الجانب الآخر، يُلقي مدافعون عن الطاقة الشمسية في الهند وفنّيون باللوم على السكان المحليين الذين لا يثقون بقدرة الطاقة الشمسية على العمل والاستمرار، ويقولون عنها: "لا نريد تلك الشبكات الوليدة والمزيّفة".

جانب آخر من أسباب الأزمة يلقي الضوء عليه المهندس في جهاز الطاقة المتجددة بولاية جهارخاند، موكيش براساد، إذ يقول، إن الحكومة تعتمد على مقاولين محليين لتركيب وصيانة الأنظمة الشمسية في الريف الهندي، إلّا أن المقاولين عادةً لا يعدّون الأمر مجديًا اقتصاديًا.

يقول المدير العام لشركة الطاقة الشمسية هامارا غريد، فيجاي بهاسكار، إن الأمر لا يتعلق بتركيب الأنظمة الشمسية، بل الاهتمام بدورة الحياة الكاملة لها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق