تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الطاقة الشمسية في الفضاء.. خيال علمي أم واقع مستقبلي؟

محمد عبد السند

بينما ظلت الطاقة الشمسية في الفضاء فكرة بعيدة المنال لعقود طويلة، جعلت التطورات الأخيرة في قطاع التكنولوجيا والتركيز المتنامي على الطاقة المتجددة، تلك التقنية قريبة من الواقع.

ومع التوجّه الملموس إلى جعل تلك التقنية جزءًا مهمًا من مزيج الكهرباء في المستقبل، يتضح أن هذا المفهوم لم يعد قاصرًا على عالم الخيال العلمي، بل إنه قد يصير حلًا إبداعيًا لأزمة الطاقة.

وقد يتبلور هذا الحل الإبداعي عبر رؤى تتعلق بمصفوفات شمسية ضخمة تطفو في الفضاء، وتنقل الكهرباء المتجددة النظيفة إلى الأرض، حتى يمكن استعمالها في سدّ الطلب المتنامي على تلك السلعة الحيوية، حسبما أورد موقع إنرجي بورتال. إي يو EnergyPortal.eu المتخصص.

ومع ذلك فقد أسهمت التطورات الأخيرة التي شهدها قطاع التكنولوجيا وكذلك المخاوف المتنامية إزاء التغيرات المناخية، في إعادة إحياء الاهتمام بتلك الفكرة المستقبلية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

أزمة الطاقة

مع تواصل استكشاف طرق جديدة لمكافحة أزمة الطاقة المتنامية على كوكب الأرض، والتي فاقمتها الحرب الروسية الأوكرانية، يبرز السؤال التالي: هل الطاقة الشمسية في الفضاء حل مُجدٍ، أم سوف يبقى ضربًا من ضروب الخيال؟

يعود مفهوم الطاقة الشمسية في الفضاء إلى ستينيات القرن الماضي، عندما اقترح العالم الأميركي بيتر غلاسر للمرة الأولى فكرة احتجاز الطاقة الشمسية في الفضاء، وإعادة إرسالها إلى الأرض عبر الموجات متناهية الصغر.

وتتلخص هذه الفكرة البسيطة في أن الألواح الشمسية في الفضاء ستكون عُرضة لضوء الشمس باستمرار، دون أيّ قيود يفرضها الطقس أو دورة الليل والنهار التي تعرقل الطاقة الشمسية المولَدة من المحطات الموجودة على الأرض.

وسيتيح هذا -افتراضيًا- إمدادات لا نهاية لها من الكهرباء النظيفة، يمكن نقلها لاسلكيًا إلى أجهزة استقبال على سطح الأرض، وتحويلها إلى كهرباء في النهاية.

لوحة شمسية في الفضاء
لوحة شمسية في الفضاء - الصورة من eurasiantimes

تحديات عديدة

رغم فوائدها المحتملة، واجهت فكرة الطاقة الشمسية في الفضاء تحديات هائلة على مدار سنوات طويلة، أبرزها على الإطلاق كلفة تدشين هذا النظام وصيانته.

فإرسال ألواح شمسية ومعدّات ضرورية أخرى إلى الفضاء الخارجي يتطلب استثمارات ضخمة بطبيعة الحال، وما تزال الكلفة الحالية لإطلاق الحمولات إلى الفضاء باهظة جدًا بالنسبة لكل من الشركات أو حتى المشروعات المشتركة.

وعلاوة على ذلك، ما تزال التقنية اللازمة لتحويل الكهرباء من الفضاء إلى الأرض بفاعلية وكفاءة وأمان في مراحلها الأولى، مع وجود مخاوف بشأن الآثار المحتملة على البيئة وصحة الإنسان.

ومع ذلك، فقد ساعدت التطورات الأخيرة التي شهدتها تكنولوجيا الفضاء والطاقة على إحياء الاهتمام بالطاقة الشمسية في الفضاء.

ونظرًا للتكاليف المتناقصة بسرعة -حاليًا- لإطلاق الحمولات في الفضاء بفضل جهود شركات عملاقة مثل "سبيس إكس" الأميركية، إلى جانب تكنولوجيا الصواريخ القابلة لإعادة الاستعمال، صار احتمال نشر الألواح الشمسية في الفضاء ذا جدوى من الناحية المالية.

وفضلًا عن ذلك، فإن التطورات المتسارعة في تحسين كفاءة الخلايا الشمسية ونقل الكهرباء لاسلكيًا إلى الأرض جعلت مفهوم احتجاز الكهرباء ونقلها من الفضاء عمليًا أكثر.

وعلى هذا الأساس، شرعت دول عديدة وشركات خاصة باستكشاف إمكانات الطاقة الشمسية في الفضاء.

وتُجري وكالة استكشاف الفضاء اليابانية "جيه إيه إكس إيه" أبحاثًا بشأن هذا المفهوم منذ سنوات، وتستهدف إطلاق منظومة الطاقة الشمسية في الفضاء بحلول عام 2030.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، موّلت وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للطاقة "دي إيه آر بي إيه" التابعة لوزارة الدفاع الأميركية مشروعات عدّة ترتبط بالطاقة الشمسية، كما أبدت شركات خاصة مثل "سولارين" و"نورثروب غرومان" اهتمامًا بتطوير تلك التكنولوجيا.

مخاوف ومخاطر

على الجانب الآخر، يقول منتقدو الطاقة الشمسية في الفضاء، إن الموارد والجهود اللازمة لتطوير تلك المنظومة ونشرها ستُنفَق بنحوٍ أفضل على تحسين تقنيات الطاقة المتجددة القائمة، مثل الطاقة الشمسية الأرضية وطاقة الرياح.

وأشار هؤلاء إلى المخاطر البيئية والصحة المحتملة المرتبطة بنقل كميات كبيرة من الكهرباء عبر الغلاف الجوي للأرض.

ورغم تلك المخاوف، يقول مؤيدو تلك التقنية، إن الفوائد المحتملة للطاقة الشمسية في الفضاء تتجاوز المخاطر، مشيرين إلى أن الطاقة الشمسية في الفضاء من الممكن أن توفر مصدرًا لا ينضب من الكهرباء النظيفة؛ ما يساعد في خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، ومن ثم مكافحة التغيرات المناخية.

وفضلًا عن ذلك، فإن تطوير تلك التقنية من الممكن أن يجلب فوائد عدّة، مثل التطورات في مجالات العلوم وتخزين الكهرباء ونقل الكهرباء لا سلكيًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق