الهند تتجه لتعزيز الهيدروجين الأخضر في مسيرة تحوّلها إلى الطاقة النظيفة (تقرير)
نوار صبح
- الهند تحتل حاليًا المرتبة الثالثة في العالم من حيث استهلاك الطاقة
- تعهدت الهند بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول عام 2047
- الهيدروجين الأخضر بالغ الأهمية في تحقيق أهداف الهند المناخية
- الكهرباء تمثّل نحو 17% من إجمالي استهلاك الطاقة في الهند
تتجه الهند إلى تعزيز دور الهيدروجين الأخضر في مسيرة تحوّلها إلى الطاقة النظيفة، بصفته مصدر وقود محايدًا للكربون.
ونظرًا إلى أن الكهرباء تمثّل نحو 17% من إجمالي استهلاك الطاقة في الهند، تبْرز أهمية الجهود الرامية لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويمكن استعمال الهيدروجين الأخضر بصورة كبيرة في التحول إلى الطاقة النظيفة في القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها مثل الشحن والصلب والطيران، وفي الصناعات التي تستعمل حاليًا الهيدروجين الرمادي المشتق من الغاز الطبيعي، مثل المصافي والأسمدة.
وعلى مدى السنوات الـ10 الماضية، أظهر الاقتصاد الهندي أداءً استثنائيًا في تحقيق التوازن بين النمو والتضخم، حسبما نشره موقع صحيفة إيكونوميك تايمز الهندية (economictimes) في 12 مايو/أيار الجاري.
نتيجة لذلك، من المقرر أن تضاعف الهند ناتجها المحلي الإجمالي، ليصبح اقتصادها 7 تريليونات دولار أميركي بحلول عام 2030.
وبما أن الهند تحتل -حاليًا- المرتبة الثالثة في العالم من حيث استهلاك الطاقة، فمن المتوقع أن تشهد أعلى نسبة نمو في هذا القطاع خلال السنوات القليلة المقبلة.
وعلى الرغم من اعتمادها الكبير على الوقود الأحفوري المستورد، الذي يكلف أكثر من 90 مليار دولار أميركي سنويًا، فقد نفذت الهند عددًا من الخطوات لإزالة الكربون من مسار نموها الاقتصادي ولتحقيق الأهداف المناخية التي حددتها بعد اتفاقية باريس للمناخ.
ووفقًا لدراسة مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2023، تحتل الهند المرتبة الأولى بين الدول الـ5 الأولى، وهي الأفضل بين دول مجموعة الـ20.
بالإضافة إلى ذلك، تعهّدت الهند بتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2070 وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول عام 2047. وسيكون الهيدروجين الأخضر بالغ الأهمية في تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه.
مبادرات الهيدروجين الأخضر في الهند
وضعت الهند العديد من السياسات والمبادئ التوجيهية لتعزيز الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك سياسة إنتاج وتسخير الهيدروجين الأخضر لدى المعهد الوطني لانتقال وتطوير الهند "نيتي أيوغ"، والمهمة الوطنية للهيدروجين الأخضر (إن جي إتش إم).
من ناحيتها، تهدف المهمة الوطنية للهيدروجين الأخضر إلى تحقيق قدرة إنتاج الهيدروجين الأخضر على الأقل 5 ملايين طن متري سنويًا، وتوليد استثمارات تزيد على 8 لاخ كرور روبية هندية، وخلق أكثر من 600 ألف وظيفة.
وقد اتخذت الحكومة الهندية خطوات مهمة، مثل التنازل عن رسوم النقل بين الولايات وتزويد محطات الهيدروجين الأخضر بوصول مفتوح إلى الشبكة، حسبما نشره موقع صحيفة إيكونوميك تايمز الهندية (economictimes) في 12 مايو/أيار الجاري.
وأعلنت الحكومة تخصيص 19 ألفًا و744 كرور روبية هندية في أحدث موازنة لعدة برامج لتشجيع الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك التصنيع المحلي للمحللات الكهربائية وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
(روبية هندية = 0.012 دولارًا أميركيًا)، (لاخ = 100 ألف روبية هندية)، (كرور = 10 ملايين روبية هندية)، (لاخ كرور = تريليون روبية هندية).
خطط العمل المقبلة
تتخذ الهند خطوات كبيرة بشأن اعتماد الهيدروجين الأخضر واستعماله. وبحلول يونيو/حزيران 2023، تعتزم الحكومة إنشاء إطار عمل لتوزيع الحوافز بما يقرب من 1,300 كرور روبية، التي ستُوزع من خلال عملية تقديم عطاءات تنافسية.
ويتمثّل الهدف من ذلك في دعم قدرة إنتاج الهيدروجين الأخضر بنحو 3.6 مليون طن على مدى السنوات الـ3 المقبلة، مع انخفاض كمية الحوافز لكل كيلوغرام من الهيدروجين الأخضر سنويًا.
بالإضافة إلى ذلك، تعتزم مؤسسة الطاقة الشمسية الهندية إصدار مناقصة ضخمة لتجميع الطلب على مصانع الأسمدة والمصافي.
بالإضافة إلى ذلك، صُنّف ميناء كاندلا على الساحل الغربي وميناء توتيكورين على الساحل الشرقي بصفتهما أول مراكز للتزود بالوقود في الهند بالهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
وبحلول نهاية عام 2023، سيجري استعمال تقنية خلايا وقود الهيدروجين لتشغيل 8 قطارات على سكك ضيقة النطاق.
الجدوى الاقتصادية لتصنيع الهيدروجين الأخضر
تُعدّ التكلفة العالية لتصنيع الهيدروجين الأخضر باستعمال الطاقة المتجددة أهم عائق لاعتماده في الهند، إذ يمثّل نحو 65% من التكلفة الإجمالية، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتراوح تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بين (3-6.5 دولارًا/كغم)، في حين تكلفة الهيدروجين الرمادي 150 روبية هندية/كغم (1.8 دولارًا/كغم)، وفقًا للمفوضية الأوروبية.
ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة الهيدروجين الأخضر التي تستهلك الطاقة المتجددة على مدار الساعة مع التنازل عن رسوم النقل والتوزيع 2.1 دولارًا/كغم بحلول عام 2030، وفقًا للمعهد الوطني لانتقال الهند وتطويرها "نيتي أيوغ".
يأتي ذلك على الرغم من أن تكلفة الهيدروجين الأخضر الذي يستهلك الطاقة المتجددة في الموقع قد يتراوح بين 1.8 و2.4 دولارًا/كغم.
بدورها، يمكن أن تساعد محطات الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة، وتصنيع المحلل الكهربائي محليًا، والتقدم التكنولوجي في المحلل الكهربائي، على تقليل تكلفة الهيدروجين الأخضر.
تحفيز العرض والطلب
يتطلب نمو أي صناعة مقبلة من الحكومة الهندية تحفيز العرض والطلب من خلال التدخلات السياسية.
وبالنسبة إلى صناعة الهيدروجين الأخضر، لم تواكب تدابير تعزيز الطلب الحوافز الكبيرة المقدمة للعرض.
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، نصّت مسودة وثيقة مهمة الطاقة الهيدروجينية الوطنية على التزامات استهلاك الهيدروجين الأخضر لقطاعات إنتاج الأسمدة وتكرير البترول لزيادة تدريجية إلى 100% بحلول السنة المالية 2034-2035.
ووضعت الحكومة الهندية خططًا لشبكات الغاز بالمدينة لمزج الغاز الطبيعي مع الهيدروجين الأخضر بمعدل تصاعدي، حسبما نشره موقع صحيفة إيكونوميك تايمز الهندية (economictimes) في 12 مايو/أيار الجاري.
وتوقّعت مسودة الوثيقة أن الاعتماد المتزايد لاستهلاك الهيدروجين الأخضر سيقلل تدريجيًا من تكاليف الإنتاج، وسيكون له تأثير هامشي في أسعار المنتج النهائي.
وسيسمح هذا بانتقال أكثر سلاسة إلى اعتماد الهيدروجين الأخضر دون التأثير في القطاعات المستهلكة.
ويرى المحللون أن النسخة المنشورة من وثيقة المهمة الوطنية للهيدروجين الأخضر في يناير/كانون الثاني 2023 لم تحدد التزامات استهلاك الهيدروجين الأخضر.
وبدلًا من ذلك، قدمت إرشادات عامة للحد الأدنى من استهلاك الهيدروجين الأخضر أو مشتقاته من قبل المستهلكين المعنيين بصفته طاقة أو مادة أولية، مع مراعاة توافر الموارد والتكاليف النسبية والعوامل الاقتصادية الأخرى.
ورغم ذلك، تحذّر العديد من الشركات الهندية من الاستثمار في الهيدروجين الأخضر بسبب الضبابية المحيطة بالطلب.
توافر الطاقة المتجددة بسعر معقول
من الأهمية بمكان لنجاح إنتاج الهيدروجين الأخضر واعتماده في الهند ضمان إمداد ثابت وغير مكلف للطاقة المتجددة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى الرغم من العديد من السياسات لإتاحة الطاقة المتجددة، فإن الواقع على الأرض مختلف إلى حد ما. ويمكن أن يؤدي استعمال الطاقة المتجددة في الشبكة إلى تحول في ساعات العرض والطلب على منحنى الحمل اليومي.
ويُعدّ حساب المعدل النهائي لتوافر الطاقة المتجددة في الوقت الفعلي في مواقع الهيدروجين الأخضر هو التحدي الرئيس، ويختلف حسب الولايات.
وتفتقر الولايات الهندية إلى القواعد التي تحدد الحوافز لمحطات الهيدروجين الأخضر، ويشعر المستثمرون بالقلق بشأن استمرارية إمداد الطاقة المتجددة على مدار عمر المصنع الذي يبلغ 20-25 عامًا.
اقرأ أيضًا..
- تاريخ الطاقة النووية في العالم العربي.. الإمارات أول دولة تحقق الحلم (تقرير)
- الطلب العالمي على النفط يرتفع إلى مستوى قياسي
- خبير أوابك: مشروع قانون "لا أوبك" يهدد أسعار النفط والمنتجين الأميركيين