نشطاء المناخ ينتقدون أكبر بنك ألماني في تشديد تمويل الفحم دون النفط والغاز
يتهمونه بالتهاون في تمويل الوقود الأحفوري
رجب عز الدين
انتقد نشطاء المناخ قرارات أكبر بنك ألماني بتشديد شروط تمويل مشروعات الفحم الجديدة، دون التقيد بالشروط نفسها مع شركات النفط والغاز.
وأعلن دويتشه بنك تحديث قواعد تمويل المشروعات التي تعتمد على الفحم جزئيًا عبر فرض شروط مشددة تستهدف محاصرة أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة، وفقًا لوكالة رويترز.
ونصّت القواعد الجديدة على رفض تمويل أي مشروع جديد يعتمد في إيراداته على الفحم بنسبة تتجاوز 30%، ولا يقدم خطة جادة لتنويع الإيرادات بعيدًا عن الفحم.
تشديد معايير الفحم
كانت القواعد السابقة أقل تشددًا؛ إذ كانت تقبل المشروعات التي تعتمد إيراداتها على الفحم بنسبة 50%، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتختص هذه القواعد بالمشروعات التي تعتمد على الفحم بصورة جزئية، أما مشروعات الفحم الحراري ذاتها فلن تحصل على أي تمويل، وفقًا للبنك.
ورغم تماشي تشديد القواعد الجديدة مع معايير خفض الانبعاثات في الصناعة؛ فإن نشطاء المناخ لم يعجبهم الأمر؛ لاستمرار البنك على قواعده في تمويل مشروعات النفط والغاز دون تشديد، كما حصل مع الفحم.
تأجيل النفط والغاز
يقول دويتشه بنك إن لديه خططًا لتحديث معايير التمويل المتعلقة بمشروعات النفط والغاز، لكنه لم يحدد لها أجلًا زمنيًا معينًا؛ ما دفع نشطاء المناخ لمهاجمة المصرف؛ لتهاونه في هذه الجزئية.
ويروج دويتشه بنك لنفسه منذ سنوات بوصفه مقرضًا مساعدًا للشركات الراغبة في الانتقال إلى الطاقة المتجددة عبر برامج تمويل رائدة يسعى لتعزيزها عامًا بعد عام.
ويرغب أكبر مصرف ألماني في حجز مقعد قيادي بمجال تمويل مشروعات الطاقة المتجددة التي يدفع الاتحاد الأوروبي في اتجاهها بقوة بحلول عام 2030.
لماذا يعترض النشطاء؟
في المقابل، يخشى نشطاء المناخ استمرار سياسات تمويل مشروعات النفط والغاز دون تشديد؛ ما قد يعطّل خطط خفض الانبعاثات الأوروبية التي تستهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ولا يعول نشطاء المناخ على تشديد تمويل مشروعات الفحم في أوروبا كثيرًا، لانحصار نطاقه وقرب احتضاره على حد تعبير رئيسة منظمة "350 دوت أو آر جي" البيئية، كيت كاهون.
وتقول كاهون إن محاولة البنوك الألمانية النأي بنفسها عن تمويل الفحم متوقعة ولا تثير الاهتمام، خلافًا لمشروعات النفط والغاز التي يمولونها دون حرج.
ضغوط هائلة
يواجه دويتشه بنك ضغوطًا هائلة من نشطاء المناخ مثل غيره من البنوك الأوروبية المتهمة بتقصيرها في حماية المناخ، عبر منح التسهيلات "للملوثين" على حد تعبير المنظمات البيئية التي تشترك في استعمال اصطلاحات ذات دلالات بيئة واضحة.
وخاطب مجموعة من المستثمرين -يديرون أصولًا تتجاوز 1.5 تريليون دولار- دويتشه بنك لحثه على وقف تمويل مشروعات النفط والغاز الجديدة بصورة حازمة بداية من عام 2023، وفقًا لرسالة وصلت للبنك في فبراير/شباط الماضي.
كما تعرّض البنك لضغوط مماثلة منذ أشهر من قبل شركة أموندي الفرنسية لإدارة الأصول، ومجموعة نورديا الفنلندية للخدمات المالية.
تفسيرات ملتوية
يقول البنك الألماني -في محاولة للدفاع عن نفسه- إن تمويله قطاع النفط والغاز انخفض بنسبة تجاوزت 20% خلال العام الماضي (2022)؛ ما يعزز التزامه بالمساهمة في خطط خفض الانبعاثات المرتبطة بإقراض القطاع.
ويرد نشطاء المناخ بأن هذا الانخفاض ناتج عن خروج البنك من روسيا وتوقفه عن دعم شركات الغاز الروسية، وليس ناتجًا عن قرار جاد بوقف تمويل القطاع.
وتشدد وكالة الطاقة الدولية منذ عام 2021، على ضرورة وقف الاستثمار في مشروعات النفط والغاز والفحم الجديدة على مستوى أوروبا والعالم لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن على الأقل.
تريليون دولار في 2021
أظهرت بيانات مصرفية مجمعة استمرار البنوك حول العالم في تمويل مشروعات الوقود الأحفوري بصورة ضخمة تتفوق على تمويلها لمشروعات الطاقة المتجددة بصورة واضحة.
وبلغ إجمالي التمويل المخصص لمشروعات الطاقة بفرعيها الأحفوري والنظيف قرابة 1.9 تريليون دولار خلال عام 2021، وفقًا لوكالة رويترز.
وتجاوز التمويل الممنوح للوقود الأحفوري تريليون دولار خلال 2021، بينما حظيت مشروعات الطاقة المتجددة بـ842 مليار دولار فقط.
ويلاحق نشطاء المناخ شركات الوقود الأحفوري بأساليب مختلفة، من أبرزها مهاجمة البنوك والمؤسسات المانحة، وشركات التأمين.
كما يستخدمون أساليب أخرى، مثل الوقفات الاحتجاجية والحملات الإعلامية والدعاوى القضائية والضغوط البرلمانية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- تمويل تغير المناخ يُحرج رئيس البنك الدولي.. أين ذهبت 7 مليارات دولار؟
- دعم الوقود الأحفوري.. ماذا لو أوقف العالم استثمارات المسبّب الرئيس للانبعاثات؟
- الطاقة المتجددة تستحوذ على 7% من التمويل المصرفي (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- كارول نخلة: الجزائر ومصر موردان مهمان للغاز إلى أوروبا.. وتكهنات حول احتياطيات المغرب
- 7 دول آسيوية وأفريقية تتبنى السيارات الكهربائية رغم معاناتها مع الظلام
- الألواح الشمسية المتداخلة.. منتج صيني مُطور لتلبية الطلب الأوروبي
- الطاقة الحرارية الأرضية.. مستقبل واعد ينتظر سلطنة عمان (تقرير)