المقالاتسلايدر الرئيسيةسياراتمقالات النفطنفط

تحالف السعودية وروسيا يمنع سعر النفط من الانخفاض (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • أزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا أدت إلى تركيز أوروبا على تنويع مصادر الطاقة
  • • أسعار النفط في السوق العالمية ارتفعت إلى مستوى لم تشهده منذ عام 2008
  • • الزيادة في أسعار الطاقة كانت العامل الرئيس لارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة
  • • مع استمرار حرب أوكرانيا، ستواجه روسيا تدريجيًا تحديًا جدّيًا لدورها المهم في سوق الطاقة
  • • لن تتمكن روسيا من استعادة حصتها في سوق الطاقة الأوروبية قريبًا
  • • طاقة الرياح والطاقة الشمسية سجّلتا أعلى نمو بإنتاج الكهرباء في الاتحاد الأوروبي

منذ اندلاعها في 24 فبراير/شباط (2022)، أدخلت الحرب في أوكرانيا أسواق الطاقة العالمية حالة من الفوضى والاضطرابات، دفعت السعودية وأوبك+ إلى محاولة السيطرة على أسواق النفط

وأدت أزمة الطاقة، التي أسفرت عنها الحرب في أوكرانيا، إلى تركيز أوروبا على تنويع مصادر الطاقة.

جرّاء ذلك، انصبّ الاهتمام على إمكانات الدول الأوروبية في مجال الطاقة المتجددة، وفي الوقت نفسه، تراجَع التركيز على تغير المناخ والاستدامة.

وكان ارتفاع أسعار النفط أول تأثيرات الحرب في أوكرانيا، إذ ارتفعت الأسعار في السوق العالمية، في الأسابيع والأشهر التي أعقبت الهجوم العسكري الروسي، إلى مستوى لم نشهده منذ عام 2008.

وتسبَّب قرار الحكومة الأميركية وقف استيراد النفط الروسي باضطرابات كبيرة في قطاع التكرير، وكان معظم النفط المستورد من روسيا عبارة عن منتجات مكررة نهائية، أو نفطًا شبه معالج.

وأدى غياب واردات النفط الروسي إلى تعطيل إمدادات البنزين، ثم إنتاج الديزل خلال مدة ارتفاع الطلب على هذا الوقود، وتسبَّب هذا بأعلى متوسط أسبوعي لأسعار الديزل والبنزين في الولايات المتحدة.

وكانت الزيادة في أسعار الطاقة العامل الرئيس بارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، التي وصلت إلى أعلى مستوى لها في الـ40 عامًا الماضية.

انعكاسات استمرار الحرب

من المتوقع أنه إذا استمرت الحرب في أوكرانيا حتى الشتاء المقبل، فإن أمن الطاقة في أوروبا سيواجه تحديًا في تلك المدة؛ إذ تحتاج القارة العجوز إلى زيادة الاستثمار في تخزين الغاز الطبيعي، وفي بناء شبكة كهرباء وغاز طبيعي متكاملة.

الحرب في أوكرانيا تعزز الطاقة المتجددة
وحدة معالجة الغاز في محطة سالفيانسكايا التابعة لشركة غازبروم الروسية – الصورة من قناة سي إن إن

ويمكن لزيادة استيراد الغاز الطبيعي المسال من الدول العربية والأفريقية وزيادة دور الطاقات المتجددة على المدى القصير أن تقلل من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، ويصل إلى الصفر على المدى المتوسط.

تتأثر سوق الطاقة غالبًا بالأحداث الجيوسياسية، وإذا توسَّع نطاق الحرب في أوكرانيا، فسيكون ذلك تحديًا خطيرًا لسوق الطاقة في عام 2023، إذ لا تريد روسيا أن تنتهي حرب أوكرانيا قريبًا.

وستواجه موسكو تدريجيًا تحديًا جدّيًا لدورها المهم في سوق الطاقة، مع استمرار الحرب في أوكرانيا.

طفرة الطاقة المتجددة

أعرب المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول عن قلقه بشأن أمن إمدادات الطاقة وانخفاض أسعار الطاقة المتجددة، التي ستصبح المحرك الرئيس للنمو المتوقع وغير المسبوق لهذه الفئة من الطاقة في السنوات الـ5 المقبلة.

وأفادت وكالة الطاقة الدولية أن طاقة الطاقة المتجددة العالمية من المقرر أن تتضاعف، لتصل إلى 5 آلاف و650 غيغاواط من 2400 غيغاواط بحلول عام 2027.

وأصبحت الزيادة المتوقعة في الطاقة المتجددة، حاليًا، أعلى بنسبة 30% من قيمة توقعات النمو العام الماضي، وفقًا لإعلان وكالة الطاقة الدولية.

ومن المتوقع أن تمثّل مصادر الطاقة المتجددة أكثر من 90% من تطوير الكهرباء العالمية في السنوات الـ5 المقبلة، متجاوزة الفحم بصفته أكبر مصدر لتوليد الكهرباء بحلول أوائل عام 2025.

وتؤدي الحرب في أوكرانيا أيضًا إلى أن تشكّل الصين والهند وأوروبا والولايات المتحدة معظم النمو في الطاقة المتجددة خلال مدة التوقعات.

في المقابل، كان تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي وتركيز روسيا على السوق الآسيوية أحد نتائج بدء روسيا الحرب في أوكرانيا، وواجه الاقتصاد الأوروبي تحديًا جرّاء ارتفاع أسعار النفط والغاز.

ومن المتوقع أن تؤدي زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة في أوروبا إلى تسارع انتقال الطاقة خلال السنوات المقبلة.

لن تتمكن روسيا من استعادة حصتها في سوق الطاقة الأوروبية قريبًا، وإذا استمرت الحرب في أوكرانيا، فستستمر العقوباتـ، وستُفرض عقوبات أخرى على روسيا.

وقد تضرَّر الاقتصاد الروسي من العقوبات، وإذا فُرضت عقوبات جديدة على روسيا، فسيواجه الاقتصاد الروسي تحديًا خطيرًا.

نمو طاقتي الرياح والشمس

الحرب في أوكرانيا تعزز الطاقة المتجددة
إحدى محطات طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة – الصورة من باور تكنولوجي

سجلت طاقة الرياح والطاقة الشمسية أعلى نمو بإنتاج الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، إذ بلغت 19.1% مقارنة بالعام السابق، متجاوزة الغاز الطبيعي لأول مرة، وبلغت حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية 22.3%، مقابل 20% للغاز.

بدورها، احتلّت الطاقة النووية المرتبة الثانية بعد طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إذ شكّلت 22% من إجمالي إمدادات الطاقة، وشكّلت الطاقة الكهرومائية 10%.

واستعملت بعض الدول الأوروبية المزيد من الفحم لإنتاج الكهرباء، ما تسبَّب في تلوث الهواء، وزادت حصة الفحم بقطاع توليد الكهرباء في الاتحاد الأوروبي من 1.5% إلى 16% في عام 2022.

في الوقت نفسه، وافقت دول مثل ألمانيا والنمسا والدنمارك على إبقاء محطات توليد الكهرباء بالفحم لديها جاهزة للاستعمال.

الغاز الطبيعي المسال

أدى الدور المتزايد للغاز الطبيعي المسال بأمن الطاقة في أوروبا إلى زيادة دور دول الخليج في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، وقد صدّرت الإمارات العربية المتحدة أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا.

واستفادت أميركا، بصفتها حليفًا لأوروبا، من صادرات الطاقة للمساعدة في أمن الطاقة في أوروبا.

وشهدت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية إلى أوروبا زيادة بنسبة 100% في عام 2022، مع زيادة الصادرات إلى 841 شحنة مقارنة بـ383 في العام السابق، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ومثّل هذا 70% من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية، ووضع الولايات المتحدة الأميركية في مرتبة متقدمة على قطر بصفتها أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم.

وشكّل حجم الغاز الطبيعي المسال المتجه إلى أوروبا تحولًا مهمًا في صادرات الطاقة الأميركية، إذ إنه منذ ربيع عام 2016، عندما بدأت الصادرات، اتجه معظم الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى آسيا.

ولو لم تشنّ روسيا الحرب في أوكرانيا، فمن المرجح أن الحصة الأكبر من الصادرات الأميركية ستظل تتجه شرقًا، وقد دفعت الأزمة في أوكرانيا البلدان إلى التفكير في طرق جديدة لإنتاج الطاقة.

السعودية وأوبك
محطة تدتش غيت لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في هولندا – الصورة من مجلة أوفشور إنرجي

وعلى الرغم من طموح بعض الدول في الاستغناء عن الوقود الأحفوري خلال العقود القليلة المقبلة، اتُّخِذَت خطوات جادّة لإبعاد المستهلكين عن الوقود الكربوني، في عام 2022.

على سبيل المثال، شهدت الولايات المتحدة أكبر خطوة، وتمثّلت في موافقة الكونغرس على قانون خفض التضخم.

على عكس الاسم، يُعرف قانون خفض التضخم (آي آر إيه) ضمن نطاق واسع باسم "قانون تغير المناخ". ويهدف إلى وضع الولايات المتحدة على طريق خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 40% بحلول عام 2030.

ويُعدّ هذا القانون أكبر استثمار مناخي في تاريخ الولايات المتحدة، لكن عمومًا، كانت شركات الطاقة المتجددة أكبر الرابحين في هذا القانون.

أوبك+ وتأثير ارتفاع أسعار الطاقة

يرجع هذا التأثير الطفيف إلى استعمال الطاقة بصفته مدخلات وسيطة، في الوقت نفسه، قد يؤدي ارتفاع تكاليف الطاقة إلى انخفاض الفائض الاجتماعي، ما يُسبّب تباطؤ النمو الاقتصادي.

ويعود هذا لميل العملاء إلى شراء عدد أقلّ من العناصر باهظة الثمن، مثل العقارات والمركبات، وتخفيض الشركات الاستثمار، مع زيادة تكاليف الطاقة العالمية.

ونظرًا لأن الوقود الكربوني يخدم أساسًا دور المدخلات الوسيطة في سلسلة التوريد الأولية، تؤدي زيادة تكاليف الطاقة إلى ارتفاع التكاليف العامة في جميع أنحاء العالم.

وبما أن المستهلكين سيتأثرون بشكل أكبر بارتفاع التكاليف، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع، فيجب أن يصبحوا محور اهتمام صانعي السياسات.

على صعيد آخر، كانت الحرب في أوكرانيا بمثابة صدمة كبيرة للاقتصادات العالمية، ما أدى إلى انخفاض بمقدار 2.7 تريليون دولار أميركي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال 5 أشهر من هجوم روسيا.

بعد مرور عام على الحرب في أوكرانيا، منع تحالف السعودية وروسيا في إطار أوبك+ السعر من الانخفاض في السوق، ويمكننا أن نتوقع رؤية اتجاه جديد في سوق النفط مستقبلًا.

ومع ذلك، فإن الطلب في سوق النفط آخذ في الازدياد، وأعلنت الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، تغييرات شاملة في إجراءات مكافحة وباء كوفيد، التي يمكن أن تعد بزيادة الطلب.

ومن الصعب تخيُّل عالم مستقر دون طاقة روسية، ومع ذلك، إذا تحققت توقعات بنك جيه بي مورغان ووكالة الطاقة الدولية وغيرهما، فسوف يكون لدينا إمدادات أقل وأسعار أعلى في الأشهر المقبلة، وسيتعين على منظمة أوبك أن تعمل على إبقاء الأسواق في حالة توازن.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق