المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات الطاقة النووية

مقال- أنس الحـجـي يكتب: المتوقّع من اجتماع الدول النفطية اليوم

مفتاح النجاح التركيز على ما يمكن التحكّم به وما يمكن تحقيقه بالفعل

أنس الحجي

اقرأ في هذا المقال

  • 3 دروس مستفادة من اجتماعات أوبك تاريخيًّا
  • خلف الكواليس... رغبة وقلق وشكوك وضغوط

لعلّ أهمّ درس تعلّمتُه من اجتماعات أوبك على مدار تاريخها هو أن الاتّفاق ليس نهائيًا حتّى يتمّ التوقيع عليه وينتهي الاجتماع. ويلي ذلك درس آخر، هو أن أغلب ما يُذكر في يوم الاجتماع من أخبار في وسائل الإعلام أو من الإعلاميين في وسائل التواصل الاجتماعي لا قيمة له، ويجب تجاهله. أمّا الدرس الثالث، فهو أن الخلاف بين الدول المنتجة للنفط في الخليج والدول الغربية ،بما في ذلك الولايات المتّحدة، هو خلاف حقيقي بسبب خسارة منتج الطاقة المنخفض التكاليف والأكثر كفاءة، بينما يحقّق المنتج المرتفع التكاليف والأقلّ كفاءة أرباحًا كبيرة بسبب المساعدات الحكومية والإعفاءات الضريبية، من الحكومات نفسها التي تطالب دول الخليج الآن بتخفيض إنتاج النفط ورفع الأسعار!

اجتماع اليوم

جرت خلف الكواليس اتّصالات كثيرة -ثنائية وثلاثية ورباعية- تحضيرًا لاجتماع اليوم، الذي قد يحضره عبر الفيديو حوالي 35 دولة، هي دول أوبك، ودول أوبك+، ودول من خارجهما مثل الولايات المتّحدة وكندا وبريطانيا والنرويج والبرازيل. وهدف تلك الاتّصالات هو التوصّل إلى نقاط أساسية تنطلق منها مباحثات اليوم. وكلّ ما نعرفه -حتّى الآن- ما يلي:

  • رغبة من الجميع في التخلّص من الوضع الحالي، بسبب الانخفاض المريع في الطلب على النفط الناجم عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا، لهذا فإن المقترح هو تخفيض الإنتاج ما بين 10 و12 مليون برميل يوميًا لمدّة ثلاثة شهور، قابلة للتمديد، إذا لزم الأمر.
  • قلق كبير من ارتفاع المخزونات في الفترات القادمة وفترة ما بعد كورونا، الأمر الذي يعني أن كورونا قد يلقي بظلاله على أسواق النفط لفترة طويلة من الزمن، حتّى بعد تخلّص العالم منه.
  • قلق إضافي من عدم القدرة على بيع كمّيات إضافية من النفط، وبالتالي فإن النتيجة الحتمية هي تخفيض قسري للإنتاج، وهو الأمر الذي أجبر بعض الدول على المشاركة في هذا الاجتماع.
  • هناك ضغوط سياسية ضخمة على الدول المنتجة للنفط، للقيام بتخفيض كبير للإنتاج.
  • انخفاض إنتاج كلّ من الولايات المتّحدة وكندا والبرازيل بشكل ملحوظ في الفترات الأخيرة.
  • الكمّية المقترح تخفيضها ما بين 10 و12 مليون برميل يوميًا أقلّ من انخفاض الطلب على النفط والمقدّرة بين 20 و35 مليون برميل يوميًا في الشهر الحالي.
  • هناك شكوك كبيرة حول نجاح هذه الدول بالوصول لأيّ اتّفاق بسبب المواقف الروسية والإيرانية من جهة، وشكوك حول المشاركة الفعلية للولايات المتّحدة في التخفيض. وعكست أسعار النفط هذا الوضع، حيث ارتفعت بشكل طفيف وحذِر.

هل ينجح المؤتمرون في الوصول إلى اتّفاق؟

نجاح أيّ اتّفاق يجري تقييمه بناءً على الهدف من الاجتماع. ما الهدف من الاجتماع؟ هل هو منع أسعار النفط من الانهيار الكامل؟ هل هو رفع أسعار النفط؟ وإلى أيّ مدى؟ هل هو منع ارتفاع مستويات مخزون النفط إلى مستويات تاريخية؟ هل هو خطوة مبدئية لتحقيق توازن السوق لاحقًا بعد رحيل فيروس كورونا؟ أم أن الهدف هو تخفيف الضغط السياسي عن كبار الدول المنتجة؟ أم هو مزيج من الأهداف؟

نجاح الاجتماع يتمّ بالتركيز على ما يمكن التحكّم به، وما يمكن تحقيقه فعلًا. وعلى هذا تنتفي بعض الأهداف المذكورة أعلاه. فلا يمكن التحكّم بأسعار النفط بسبب الانهيار الكبير في الطلب العالمي على النفط، مثلًا. لهذا فإن الهدف الأكثر معقولية وبمتناول المشاركين في الاجتماع هو التركيز على تخفيض مستويات المخزون في الشهور القادمة، وتجاهل كورونا حاليًا، وتجاهل أسعار النفط، وتجاهل الجهود لتحقيق التوازن في أسواق النفط. كلّ الأمور التي يجب تجاهلها لا يمكن السيطرة عليها، والحديث عنها مضيعة للجهد والوقت.

كما أن نجاح الاجتماع يتطلّب المرونة في التعامل مع الأطراف كافّةً. وهذا يتضمّن استخدام فكرة "تخفيض" الإنتاج في نطاقها الواسع، لأن التركيز على نطاقها الضيّق سيُفشل الاجتماع. مثلًا، هناك مقدرة قانونية لحكومة ولاية ألبرتا الكندية التي ستشارك في مباحثات اليوم، على تخفيض الإنتاج، وهو أمر قامت به في السابق عندما انخفضت أسعار النفط الكندي بشكل كبير. إلًا أن حكومة ترمب ليس لديها القدرة القانونية لعمل أيّ شيء. وعلى الرغم من أن بعض الولايات النفطية -مثل تكساس وأوكلاهوما- لديها القوّة القانونية لإجبار المنتجين فيهما على تخفيض الإنتاج، إلًا أنه ليس لديهما القدرات المالية والبشرية لتطبيق هذا التخفيض. لهذا، فإنه من المتوقّع أن يُحتَسب الإنتاج الذي أُغلِق فعلًا بسبب انخفاض الأسعار، على أنه المشاركة الأميركية في الاتّفاق. إلّا أن روسيا وإيران أعربتا عن معارضتهما لهذه الفكرة، وطالبتا بتخفيض إضافي. ولكن يمكن النظر إلى هذه المعارضة الروسية- الإيرانية على أنها لا تعدو سوى "زوبعة في فنجان".

نتائج الاجتماع

هناك احتمالات كثيرة لنتائج الاجتماع، ولكن أهمّها ثلاثة: تخفيض الإنتاج، تأجيل التخفيض واستمرار المباحثات، وفشل الاجتماع. نسبة فشل الاجتماع بعدم الوصول إلى أيّ اتّفاق ضعيفة، بسبب الضغوط السياسية على كبار الدول النفطية، بما فيها روسيا، إلّا أنه احتمال لا يمكن تجاهله، وحدوثه يعني انخفاضًا حادًّا في أسعار النفط.

أمّا إذا انتهى الاجتماع بتخفيض الإنتاج، فإن ردّة فعل السوق ستعتمد على كمّية التخفيض من جهة، وكيف جرى حساب التخفيض من جهة أخرى. وبشكل عامّ، يُتوقّع ارتفاع أسعار النفط في البداية، ثمّ انخفاضها، لأن كمّية التخفيض في النهاية، أقلّ من كمّية الانخفاض في الطلب حاليًا.

وإذا انتهى الاجتماع دون نتائج، على أن تستمر المباحثات، فإن أسعار النفط ستنخفض في كلّ الحالات.

ومن الواضح أن ردّة فعل السوق لن تكون متوازنة، حيث إن ارتفاع أسعار النفط نتيجة إعلان قرار التخفيض ستكون بسيطة، إلّا أنها ستنخفض بشكل كبير لو فشل الاجتماع.

ملحوظات مهمّة

وهنا، لابدّ من ذكر أمرين، الأوّل: بعد حدوث ما حدث في أسواق النفط منذ 6 مارس / آذار، يوم اجتماع "أوبك+" الأخير، وحتّى الآن، فإن الأفضل للسعودية ودول الخليج حاليًا الاستمرار في سياسة الإنتاج العالية والأسعار المنخفضة، لأنها أفضل وسيلة لتوازن السوق حاليًا، حيث إنّها ستخفض إنتاج النفط حول العالم، وستُنهي الفائض بسرعة مع انتهاء أزمة كورونا، وهو فائض استمرّت في محاربته خمس سنوات، ولم تفلح. لهذا فإن أيّ اتّفاق، حتّى لو كان التخفيض أقلّ من 10 ملايين برميل يوميًا، أو عدم الوصول إلى نتيجة والاستمرار في المحادثات، يصبّ في صالح دول الخليج على المديَين المتوسّط والبعيد، حيث تستطيع أن تنتج كمّيات أكبر بأسعار أعلى. أمّا فشل الاتّفاق، فيصبّ في صالح دول الخليج اقتصاديًا، ولكنّه ليس في صالحها سياسيًا.

الأمر الثاني، ما ردّة فعل الحكومة الأميركية على عدم ارتفاع أسعار النفط أو انهيارها، رغم الاتّفاق على التخفيض؟ وماذا ستفعل الحكومة الأميركية لو فشل الاتّفاق؟ هل ستفرض ضرائب على واردات النفط من السعودية وروسيا؟ هل ستوقف واردات النفط من هذين البلدين؟ وماذا عن التعاون الأمني والعسكري الذي هدّد بعض أعضاء مجلس الشيوخ بإيقافه؟

بعبارة أخرى، هناك نتائج اقتصادية وسياسية للاجتماع، وأفضل الحلول بالنسبة لدول الخليج هو التوصّل لاتّفاق يخفض الإنتاج، ولكن لا يرفع الأسعار بشكل كبير، حتّى ينخفض الإنتاج العالي التكلفة حول العالم، في الوقت الذي سيؤدّي فيه الاتّفاق إلى رفع الضغوط السياسية عن الدول المنتجة ولوم كورونا!

خلاصة القول: لن يؤدّي تخفيض الإنتاج إلى رفع أسعار النفط بشكل كبير ينقذ النفط الصخري، ونجاح الاجتماع يعتمد على أهدافه، ولعلّ أفضلها وأكثرها عمليةً هو تخفيض مستويات المخزون قدر الإمكان... ولكنّ هذا يتطلّب أن تكون مدّة التخفيض بضعة أشهر.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق