تقارير النفطالتقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةعام على حرب أوكرانيانفط

الحرب في أوكرانيا.. كيف أنقذ النفط السعودي الأسواق الآسيوية خلال عام؟

أحمد بدر

مع اندلاع الحرب في أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط 2022، تركزت أعين كثير من الدول على النفط السعودي، خاصة مع تصاعد وتيرة أزمة الطاقة العالمية، وارتفاع أسعار النفط مدفوعًا بالمخاوف من تأثير الحرب وتبعاتها في العرض بالأسواق العالمية.

في هذا الوقت من عام 2022، أدرك كثير من الدول، لا سيما في آسيا وأوروبا، أهمية توفير البديل للنفط الروسي من المملكة العربية السعودية، التي تعدّ من كبريات الدول المنتجة للنفط عالميًا، خاصة مع اعتزام الاتحاد الأوروبي حينها اتخاذ إجراءات مشددة ضد موسكو، وإمدادات الطاقة منها، بحسب تحليل أجرته منصة الطاقة المتخصصة، بمناسبة مرور عام على حرب أوكرانيا.

كما أدركت دول آسيا، التي تضررت بدورها من تبعات الحرب في أوكرانيا، أن النفط السعودي سيكون عنصرًا رئيسًا في حماية القارة من كارثة قد تحدث إذا توقفت، أو انخفضت، إمدادات النفط الروسي، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحول شحنات من السعودية إلى أوروبا لتعويض هذا النقص.

وعلى الرغم من أن المخاوف تبددت بشكل كبير مع تقديم موسكو تخفيضات على خامها، لفتح سوق جديدة لها في قارة آسيا، فإن النفط السعودي ما زال يشقّ طريقه هناك، من خلال عدّة إجراءات، منها خفض أسعار بيع الخام العربي الخفيف للمصافي الآسيوية.

النفط السعودي إلى دول آسيا

الحرب في أوكرانيا والنفط السعودي

خلال المدة التي أعقبت الحرب في أوكرانيا، أشارت الأرقام الروسية إلى أن النفط السعودي إلى الصين ظل متصدرًا مقارنة مع النفوط الأخرى، إذ إن متوسط واردات الصين منه، خلال نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2022، بلغ 1.68 مليون برميل يوميًا، مقارنة بنحو 1.64 مليون برميل يوميًا في المدة نفسها من 2021.

يشار إلى أن صادرات النفط السعودي إلى الصين، خلال الـ9 أشهر الأولى من العام المنصرم (2022)، ومنها 7 أشهر أعقبت الحرب في أوكرانيا، بلغت نحو 65.84 مليون طن، بانخفاض 1% على أساس سنوي، وفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

إلّا أن الوضع بالنسبة إلى الهند كان مختلفًا، إذ ارتفعت صادرات النفط الروسي إلى نيودلهي، لتصل إلى 28% في يناير/كانون الثاني الماضي 2023، متفوقةً على النفط السعودي، الذي سجلت صادراته إلى الدولة الآسيوية نحو 17% فقط، وفق تقرير صحيفة "فايننشال إكسبريس".

في الوقت نفسه، كشفت بيانات عن تحقيق صادرات النفط السعودي إلى كوريا الجنوبية قفزة كبيرة في أعقاب الحرب في أوكرانيا، إذ ارتفعت حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنسبة 30.3% على أساس سنوي، لتصل إلى 30.65 مليون برميل، وفق "إس آند بي غلوبال".

المنافسة مع النفط الروسي

تعدّ الصين والهند السوقين الرئيسيتين، اللتين يتنافس فيهما النفط السعودي مع الروسي، لذا أثيرت مسألة إمكان تراجع إمدادات أرامكو إلى الهند مؤخرًا، الأمر الذي اضطر المسؤولين في نيودلهي إلى الرد بنفي إمكان حدوث هذا التأثير.

في 8 فبراير/شباط الجاري 2023، وبعد نحو عام على حرب أوكرانيا، قال وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري، إن بلاده ثالث أكبر مستوردي ومستهلكي للنفط عالميًا، لذلك تنوّع مصادرها من الطاقة، لكنها ستواصل شراء معظم النفط من دول الشرق الأوسط لمدة طويلة، وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز.

ويشير الرسم البياني التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، إلى إيرادات صادرات النفط السعودي خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي:

الحرب في أوكرانيا والنفط السعودي

وخلال حلقة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، كشف مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، أن واردات الهند من النفط الخليجي، ومنها النفط السعودي، لم تتراجع بشكل حقيقي.

وأوضح الحجي أن البيانات كشفت -قياسًا إلى معلومات عام كامل بعد بدء الحرب في أوكرانيا- أن واردات الهند النفطية من روسيا أكلت من حصة الولايات المتحدة الأميركية، وليس على حساب وارداتها من النفط الخليجي.

الحرب في أوكرانيا والنفط السعودي

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحدَّث الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو المهندس أمين الناصر عن منافسة النفط السعودي مع النفط الروسي، قائلًا، إن شركته تركّز على السوق الآسيوية، بالرغم من تزايد الطلب من جانب السوق الأوروبية.

وأوضح الناصر، خلال مشاركته في منتدى إنتليغنس إنرجي، أن أرامكو لا ترى أن هناك منافسة متزايدة من جانب النفط الروسي في آسيا، خاصة أن الشركة السعودية تسير على الطريق الصحيح لرفع إنتاجها النفطي إلى نحو 13 مليون برميل يوميًا بحلول 2027.

الطلب على النفط السعودي

توقّع محللون ارتفاع الطلب على النفط السعودي خلال المدة المقبلة، إلّا أنهم ربطوا هذا الطلب بالأسعار، لا سيما مع تقديم موسكو تخفيضات ضخمة على أسعار خام الأورال الذي تورّده إلى المصافي الآسيوية، خاصة في الهند والصين.

وقال محلل السلع في بنك "يو بي إس" السويسري سويسرا جيوفاني ستانوفو، إن أسعار نفط أرامكو تُحدَّد وفقًا لظروف السوق، إلّا أنه أوضح أن خفض أسعاره يضمن حفاظ المملكة على قدرتها التنافسية في مواجهة المشاركين الآخرين في السوق، وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز.

وأضاف: "رغم هذه التوقعات، ما زال الطلب الإجمالي على الخام المتوسط ضعيفًا في آسيا، خاصة أن الطلب من الصين لم يشهد التعافي المتوقع، وهو أمر غير منتظر على المدى القريب"، وفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

يشار إلى أن الطلب على الوقود يشهد ارتفاعًا كبيرًا في الوقت الحالي، خاصة في الصين، التي تعدّ أكبر مستوردي النفط حول العالم، خاصة بعد أن خففت بكين من قيود كورونا الصارمة، إذ إن حركة التنقلات والطيران من الممكن أن تنعش هذا الطلب في أقرب وقت.

في الوقت نفسه، وبينما يواصل النفط السعودي شقّ طريقه إلى الأسواق الآسيوية، ما زالت براميل النفط الروسية الرخيصة تخيّم على الأسواق نفسها، مع تقديم موسكو تخفيضات إضافية لهذه الدول، وتيسير إجراءات الدفع بعيدًا عن الدولار الأميركي.

أسعار النفط السعودي إلى آسيا

للمرة الأولى منذ شهر سبتمبر/أيلول 2022، أعلنت عملاقة النفط السعودي "أرامكو" رفع أسعار البيع الرسمية لشحنات الخام العربي الخفيف لعملائها في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، خلال شهر مارس/آذار 2023، إذ رفعت الأسعار بمقدار 20 سنتًا أميركيًا إلى دولارين للبرميل، فوق متوسط أسعار سلطنة عمان/دبي.

وبلغت أسعار النفط السعودي إلى آسيا، خلال فبراير/شباط الجاري، أدنى مستوياتها في 15 شهرًا عند 1.8 دولارًا للبرميل، فوق متوسط أسعار سلطنة عمان/دبي، بتراجع 1.45 دولارًا عن يناير/كانون الثاني الماضي، الذي انخفضت فيه الأسعار إلى 3.25 دولارًا للبرميل.

وكانت الأسعار في ديسمبر/كانون الأول قد بلغت 5.45 دولارًا للبرميل، مقابل متوسط سلطنة عمان/دبي، بتراجع 0.40 دولارًا عن نوفمبر/تشرين الثاني 2022، الذي سجلت فيه 5.85 دولارًا للبرميل، حسب وثيقة تسعير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم إيرادات النفط السعودي خلال 9 أشهر الأولى من 2022:

الحرب في أوكرانيا والنفط السعودي

وفي أكتوبر/تشرين الأول، انخفض سعر بيع النفط السعودي، الخام العربي الخفيف، لآسيا، إلى 5.85 دولارًا للبرميل فوق متوسط عمان/دبي، بعد ارتفاعات متتالية لمدة 3 أشهر، بانخفاض 3.95 دولارًا عن سبتمبر/أيلول 2022، الذي سجلت فيه 9.80 دولارًا للبرميل فوق متوسط عمان/دبي.

ويأتي سعر سبتمبر/أيلول مرتفعًا بنحو 0.50 دولارًا عن أسعار أغسطس/آب السابق له، والذي سجل فيه الخام العربي الخفيف إلى 9.30 دولارات للبرميل فوق متوسط عمان/دبي لشهر أغسطس/آب، بارتفاع 2.80 دولارًا عن يوليو/تموز السابق له.

وشهد يونيو/حزيران 2022 خفض شركة أرامكو سعر بيع النفط السعودي لشحنات الخام العربي الخفيف إلى آسيا، عند 4.40 دولارًا للبرميل فوق متوسط عمان/دبي، مقارنة مع 9.35 دولارًا للبرميل فوق متوسط عمان/دبي في مايو/أيار، و4.4 دولارًا في أبريل/نيسان.

ويعدّ قرار رفع أسعار البيع لشحنات أبريل/نيسان 2022 هو الأول بعد الحرب في أوكرانيا، إذ إن اجتماع الشركة جاء في مارس/آذار 2022، بعد أيام قليلة من بدء الغزو الروسي، الذي انطلق في 24 فبراير/شباط من العام الماضي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق