التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير النفطرئيسيةنفط

كندا تتوسع في إنتاج الوقود الأحفوري وتتجاهل سياسات تحول الطاقة

أمل نبيل

بينما تسعى معظم دول العالم للتخلص من الوقود الأحفوري، والتحول نحو توليد الكهرباء من مصادر متجددة للطاقة أقلّ تلوثًا للبيئة، تسبح كندا بصفتها دولة مُصّدرة للطاقة ضد التيار.

وفي الوقت الذي تستهدف فيه الدولة الواقعة في أميركا الشمالية تخفيضًا بنسبة 42% في الانبعاثات من قطاع النفط والغاز، تجاهلت كندا لمدة طويلة عنصرًا حاسمًا في العمل المناخي الهادف، وهو الحدّ من إنتاج الوقود الملوث، بحسب مقال للمدير التنفيذي المشارك في مؤسسة "ري جينيراشين" للاقتصاد المتجدد، والباحث في سياسة المناج بجامعة فيكتوريا، غاريث غرانساول، نقله موقع كوربوراتيك نايتس (corporateknights).

وأضاف غرانساول في المقال الذي اطّلعت عليه -منصّة الطاقة المتخصصة: "بينما نفّذت الحكومة الفيدرالية الكندية بعض الإجراءات المصممة لخفض الطلب على الوقود الأحفوري، بما في ذلك تسعير الكربون، فإنه لا توجد حتى الآن سياسات خاصة بتحويل قطاع الطاقة من أجل مستقبل منخفض الكربون".

انبعاثات قطاع الطاقة في كندا

في قمة المناخ (كوب 27) التي عقدتها الأمم المتحدة في مصر خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، تعرضت كندا لانتقادات حادّة لفشلها في الالتزام بالتخلص التدريجي المنظّم من الوقود الأحفوري.

الوقود الأحفوري
انبعاثات ناجمة عن حرق الوقود الأحفوري - الصورة من موقع theglobeandmail

وعلى الرغم من وعد كندا بوضع حدّ أقصى لانبعاثات قطاع الطاقة، فإن هذا الحدّ لن يعالج انبعاثات النطاق 3، والتي تمثّل نحو 88% من إجمالي انبعاثات صناعة النفط والغاز.

وتعمل الحكومة الكندية على دعم التقنيات النظيفة لزيادة إزالة الكربون، وتقليل غاز الميثان من قطاع النفط والغاز بنسبة 75% على الأقلّ، بحلول عام 2030

يتعارض رفض كندا لتنفيذ السياسات التي تقلّص إمدادات الوقود الأحفوري مع التوجه العالمي، إذ يحدث التحول إلى الطاقة النظيفة بشكل أسرع مما كان متوقعًا، مع نمو معدلات نشر الطاقة المتجددة بما يتماشى مع سيناريو وكالة الطاقة الدولية للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ووجد باحثون في معهد التفكير الاقتصادي الجديد التابع لجامعة "أكسفورد" أن الانتقال السريع إلى طاقة نظيفة بنسبة 100% هو الأرخص بين جميع وسائل توليد الكهرباء في المستقبل، مما سيؤدي إلى توفير 12 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2070.

وأكد المدير التنفيذي المشارك في مؤسسة "ري جينيراشين" للاقتصاد المتجدد غاريث غرانساول أن صنّاع القرار في كندا مازالوا في غفلة عن هذا التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، إذ تضاعف شركات الطاقة والمؤسسات المالية الكندية من التوسع في الوقود الأحفوري في وقت يتحرك فيه العالم في الاتجاه المعاكس.

التوسع في إنتاج الوقود الأحفوري

بينما تخطّط الشركات الأوروبية مثل "توتال إنرجي"، وشركة النفط البريطانية "بي بي"، و"إيني"، لتقليص إنتاج النفط والغاز بحلول عام 2030، وزيادة نفقاتها الرأسمالية بشكل كبير على مصادر الطاقة المتجددة، تعتزم شركات الطاقة الكندية توسيع الإنتاج بنسبة 30% بحلول 2030، بمعدل نمو يتجاوز هدف كندا لانبعاثات النفط والغاز في عام 2050، بنسبة 94%.

الوقود الأحفوري
الباحث في سياسة المناج بجامعة فيكتوريا غاريث غرانساول

ويمثّل استخراج النفط والغاز نحو 26% من إجمالي الانبعاثات الكربونية في كندا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وبينما تتوقع الشركات الأوروبية أن تتراوح أسعار النفط المستقبلية بين 25 و45 دولارًا للبرميل بحلول عام 2050، تتوقع الشركات الكندية أسعارًا تصل إلى 80 دولارًا للبرميل في المستقبل غير المحدد.

وزوّدت أكبر 5 بنوك كندية قطاع الوقود الأحفوري بـ700 مليار دولار منذ عام 2015، وضاعفت تمويلها السنوي في عام 2021.

ويتسبّب عدم القدرة على الاستعداد بشكل مناسب لانتقال الطاقة، في زيادة التكاليف الاقتصادية، ووجدت دراسة نُشرت في مجلة ناتشر، أن كندا وحدها ستواجه 100 مليار دولار من الأصول العالقة بحلول عام 2036، وهو ما يمثّل 35% من القيمة الدفترية لأصول النفط والغاز المدرجة في بورصة تورنتو للأوراق المالية.

وفي حين إن شركات الطاقة الكندية الكبرى تتشدق بفكرة الحياد الكربوني، فإن إستراتيجياتها المناخية الحالية تؤخر هذه الأهداف.

التقاط الكربون وتخزينه

يعدّ تعزيز تقنيات التقاط الكربون واستعماله وتخزينه، طريقًا إلى مستقبل منخفض الكربون، ووسيلة لإطالة الاعتماد على الوقود الأحفوري، مع عدم القيام بأيّ شيء لمعالجة انبعاثات النطاق 3.

تُظهر بيانات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن التقاط الكربون واستعماله وتخزينه، هو أغلى أداة لإزالة الكربون مع أدنى احتمال لخفض الانبعاثات على المستوى العالمي.

كما أن احتجاز الكربون له تاريخ طويل من الفشل، وجدت مراجعة لـ 200 دراسة حول مشروعات التقاط وتخزين الكربون، إنها تؤدي إلى زيادة صافي انبعاثات الكربون، وليس خفضها، وفقًا للباحث في سياسة المناج بجامعة فيكتوريا، غاريث غرانساول.

في الوقت الذي تنخفض فيه تكاليف الطاقة المتجددة بشكل حادّ، فإن بناء مرافق التقاط وتخزين الكربون باهظة الثمن لن يؤدي إلّا إلى جعل الطاقة الكندية أقلّ قدرة في المنافسة على مستوى العالم.

ويرصد الرسم البياني التالي، من منصّة الطاقة المتخصصة، الخطط الكندية للتحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة:

الوقود الأحفوري

كيفية حل الأزمة؟

يرى الباحث في سياسة المناج بجامعة فيكتوريا غاريث غرانساول أن هناك عددًا من الخيارات السياسية المتاحة لمعالجة هذه الثغرات، بدايةً، يجب على كندا التوقف عن دعم تمويل الوقود الأحفوري، وتنفيذ تدابير لمواءمة نظامها المالي، مع الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية

وأضاف أن قانون التمويل الموائم مع المناخ هو تشريع تاريخي قدمته السيناتور روزا غالفيز، من شأنه أن يخلق اليقين التنظيمي الضروري لتوجيه الاستثمار نحو مستقبل آمن مناخيًا.

وتابع المدير التنفيذي المشارك في مؤسسة "ري جينيراشين" للاقتصاد المتجدد، أنه يمكن للحكومة الكندية -أيضًا- استعمال أشكال أخرى من التخطيط الاقتصادي لتسريع الانتقال السريع، والجمع بين أدوات البنوك المركزية الخضراء مع إستراتيجية صناعية نظيفة.

واختتم غاريث غرانساول مقاله بتأكيد أهمية دمج كل هذه الإجراءات مع إطار عمل قوي لانتقال الطاقة، يُدرَج في قانون الانتقال العادل الفيدرالي، لضمان جَني جميع المجتمعات الكندية فوائد التحول الطاقي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق