محاولات حظر النفط الروسي لم ترفع الأسعار العالمية رغم تشدد الاتحاد الأوروبي (مقال)
بقلم: فاندانا هاري – ترجمة: نوار صبح
- • مناقشات الاتحاد الأوروبي تركّزت على نطاق يتراوح بين 65-70 دولارًا للبرميل بحدّ أقصى
- • بولندا ودول البلطيق رأت أن سعر 65 دولارًا للبرميل كان سخيًا جدًا لروسيا
- • الانخفاض المستمر في أسعار النفط الخام الأسبوع الماضي كان مفاجئًا إلى حدّ ما
- • تحالف أوبك+ مستعد حتى لمزيد من خفض الإنتاج، إذا لزم الأمر
شهدت أسواق النفط أسبوعًا حافلًا بالمفاجآت، ولم تؤدِّ سياسة الاتحاد الأوروبي الرامية إلى حظر واردات النفط الروسي المنقولة بحرًا، وتوفير الخدمات البحرية لشحناته إلى دول ثالثة، بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول (2022)، إلى ارتفاع الأسعار كما كان متوقعًا. فقد حدث العكس.
وتشير عمليات البيع المستمرة في النفط الخام إلى أن القلق بشأن ضعف الطلب على النفط، الناجم عن توسعة قيود مكافحة وباء كوفيد-19 في الصين، قد أزاح جميع مخاوف بشأن اضطرابات الإمدادات الروسية.
وانتهى لقاء سفراء الاتحاد الأوروبي الذين ناقشوا وضع سقف لأسعار النفط في روسيا، ويريدون تنفيذه بالاشتراك مع حلفاء مجموعة الـ7، الأسبوع الماضي، إلى طريق مسدود، بشأن المستوى الذي سيُحَدَّد عنده.
ومن المقرر أن تستمر المحادثات خلال الأيام المقبلة.
وقد تركزت مناقشات الاتحاد الأوروبي على نطاق يتراوح بين 65-70 دولارًا للبرميل، بحدّ أقصى.
ورأت بولندا ودول البلطيق أن سعر 65 دولارًا للبرميل كان سخيًا جدًا لروسيا، وقال أعضاء آخرون، من أبرز البلدان التي لديها شركات شحن كبيرة مثل اليونان، إنهم لا يريدون الذهاب إلى ما دون هذا المستوى.
وتتلخص الفكرة وراء سقف أسعار النفط الروسي، وهي مبادرة تقودها الولايات المتحدة بالسماح للشركات في أميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي بمواصلة توفير تأمين الشحن والتمويل والخدمات البحرية الأخرى لصادرات الخام الروسي إلى دول ثالثة، بعد 5 ديسمبر/كانون الأول.
وتشترط المبادرة أن تُباع تلك الصادرات عند -أو دون- سقف الأسعار.
وعَدَّ الحلفاء الغربيون ذلك وسيلة لخفض عائدات موسكو النفطية، مع ضمان أن تعثر صادراتها من النفط الخام، التي رفضها الاتحاد الأوروبي، على مشترين في أماكن أخرى، وتجنّب أزمة الإمدادات.
ابتعاد الخطة المعقدة عن هدفها
يبدو الآن أن الهدف الأول لن يتحقق على الأرجح، وستكون روسيا قادرة على إعادة توجيه تدفقاتها النفطية والالتفاف على حظر الاتحاد الأوروبي، ولكن ليس بسبب سقف السعر.
ولم يَعدْ تداول خام الأورال الروسي يجري علنًا، وأصبح تقييم سعره الفوري شبه مستحيل، لكن أفضل تخمين لقيمته، في نهاية الأسبوع الماضي، كان أقلّ بنحو 20 دولارًا من خام برنت، أي ما يعادل نحو 63 دولارًا للبرميل.
هذا يعني أن سقف سعر الاتحاد الأوروبي قد يؤول إلى الوضع الراهن بالنسبة لدخل روسيا من تصدير النفط.
في غضون ذلك، من غير المرجح أن تشترك الصين والهند، المشتريان الرئيسان اللذان كثّفا وارداتهما من الخام الروسي في الأشهر الأخيرة، في الالتزام بسقف السعر.
ومن المتوقع أن تتمكن هاتان الدولتان، وأيّ مشترين جدد آخرين يظهرون في الأشهر المقبلة من تأمين الشحن والتأمين خارج دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ7.
ركود النفط الخام فاجأ بعضهم
مع الأخذ في الحسبان أن السوق لم تعد قلقًة بشأن مشكلات الإمداد بحلول 5 ديسمبر/ كانون الأول، وتفاقم الإغلاق في الصين بسبب قيود مكافحة فيروس كوفيد، فإن الانخفاض المستمر في أسعار النفط الخام الأسبوع الماضي كان مفاجئًا إلى حدّ ما.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت أدنى مستوى لها في 10 أشهر، مع تسوية عند 83.63 دولار للبرميل، يوم الجمعة 25 نوفمبر/تشرين الثاني.
وحصلت تحولات جذرية في هيكل السوق في العقود الآجلة للنفط الخام.
وتمّت تسوية التراجع على طول المنحنيات الأمامية لبرنت وغرب تكساس الوسيط ودبي إلى حدّ كبير.
وتحوّل الشهران الأوليان من العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط وخام برنت في بورصة شيكاغو التجارية إلى نظام تسعير تكون فيه تكلفة الشحنات الفورية أقلّ من تلك التي تُحَمَّل في الوقت المناسب، وترتبط بالسوق فائضة العرض.
ويوضح الرسم التالي حجم صادرات النفط الروسي ومشتقاته إلى بعض الدول الأوروبية والآسيوية، وفق بيانات الوكالة الدولية للطاقة ورويترز وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرًا "حصريًا" بصفحتها الأولى يوم الإثنين 21 نوفمبر/تشرين الثاني، مفاده أن تحالف أوبك+ يناقش زيادة الإنتاج بما يصل إلى 500 ألف برميل يوميًا، وجاء الخبر فجأة، ونُسِب إلى مصادر "مفوض" مجهولة.
وأصدر وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان، القائد الفعلي لأوبك، نفيًا قاطعًا، وأضاف أنه: "إذا اقتضت الضرورة لاتخاذ مزيد من الإجراءات بخفض الإنتاج لإعادة التوازن بين العرض والطلب، فنحن دائمًا على استعداد للتدخل".
في المقابل، استعادت العقود الآجلة للنفط الخام، التي انخفضت بأكثر من 5% بعد تقرير وول ستريت جورنال، كل ما فقدته بالسرعة نفسها، بعد تعليق وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان، ما أدى إلى إنتاج منحنى سعر حادّ على شكل حرف V.
اجتماع مرتقب لأوبك+
من المستغرب أن صحيفة وول ستريت جورنال عززت قصّتها الأصلية في اليوم التالي، وهذه المرة ذكرت المملكة العربية السعودية تحديدًا أنها تُجري مناقشات مع أعضاء أوبك+ بشأن ما إذا كان ينبغي إعادة النظر في التخفيض المستهدف البالغ 2 مليون برميل يوميًا المتفق عليه الشهر الماضي، لشهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.
وقالت الصحيفة، إن نفي وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان للخبر يعكس ببساطة "عدم ارتياحه للمناقشة العامة لعملية صنع القرار في المجموعة قبل الاتفاق"، واستمرت في الاستشهاد بإفادات مندوبين مجهولين بصفتهم مصدرًا للمعلومات.
وأوضحت التقارير مناقشات أوبك+ المزعومة محاولةً لمواجهة أيّ اضطرابات في العرض قد تنجم عن حظر الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر/كانون الأول، خصوصًا أنها تأتي في خضم موسم الشتاء الذي يرتفع فيه الطلب على النفط.
بدورهما، انضمت الكويت والإمارات العربية المتحدة، أعضاء أوبك، إلى وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان، في نفيهما علنًا أن زيادة الإنتاج المحتملة قيد المناقشة.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- متوسط إنتاج دول منظمة أوبك للنفط بدءًا من عام 2020 حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق بيانات المنظمة:
من المقرر أن يجتمع وزراء أوبك+ في 4 ديسمبر/كانون الأول لتحديد هدف الإنتاج لشهر يناير/كانون الثاني، ونتوقع أن يتبنّى التحالف موقف الانتظار والمراقبة.
ويشير الضعف المستمر لأسعار النفط الخام في الأسابيع الأخيرة إلى أن السوق بعيدة عن الاستعداد لصدمة العرض، لذلك من غير المرجح أن ترغب دول أوبك+ في تعزيز الإنتاج.
تجدر الإشارة إلى أن التحالف الآن معتاد بشكل جيد على تعديل سياساته بشكل متكرر، ما يسمح له بالاستجابة بسرعة للاختلالات غير المتوقعة في السوق.
ويمكن أن يدعو التحالف إلى اجتماع طارئ، إذا ارتفعت الأسعار فجأة، وظلت في اتجاه صعودي.
في المقابل، فإن إجراء تخفيض أكبر دون الحصول على الوقت الكافي لتقييم تأثير التخفيض المستهدف بمقدار 2 مليون برميل يوميًا في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، سيبدو سابقًا لأوانه.
وقد يبدو الإجراء سابقًا لأوانه، وقادرًا على إثارة المشاعر الصعودية قبيل الحظر الأوروبي مباشرة، الذي يحمل مخاطر هامشية من تعطّل الإمدادات.
* فاندانا هاري، مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- قفزة متوقعة في إيرادات النفط للكويت وانخفاض حاد بعجز الموازنة (إنفوغرافيك)
- مسؤول عراقي يحدد دوافع قرار أوبك+ في اجتماعه المقبل
- أميركا تعتزم بناء أكبر محطة لتصدير النفط الخام على أراضيها
- أوروبا تعارض دعم السيارات الكهربائية بقانون خفض الضرائب الأميركي (تقرير)
- هل تركيب ألواح الطاقة الشمسية في منازل أميركا استثمار جيد؟ تقرير يجيب