مسؤول سابق: سلطنة عمان تتجه إلى العالمية بمجال الهيدروجين.. وهذا مصير مفاوضات الغاز الإيراني (حوار)
أجرى الحوار: عبدالرحمن صلاح - أعده للنشر: أحمد بدر
يخوض قطاع الطاقة في سلطنة عمان منافسة قوية مع الأسواق العالمية في عدّة قطاعات، سواء الغاز المسال أو الهيدروجين، بالإضافة إلى مشروعات أخرى خاصة بالنفط.
وتعمل الدولة على تنويع مصادر دخلها، سواء من قطاعات الطاقة، التقليدية والمتجددة، أو القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل السياحة والثروة السمكية، بالإضافة إلى إنشاء مشروعات جديدة في مجال الهيدروجين، الذي يعدّ الوقود المستقبلي الذي تتجه إليه كثير من دول العالم.
في حوار مع منصة الطاقة المتخصصة على هامش منتدى غلف إنتليجنس في الإمارات مؤخرًا، يكشف المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية سابقًا، علي بن عبدالله الريامي، خطط الدولة لتنمية قطاع الطاقة، والتوجهات المستقبلية في ظل التحديات التي تشهدها الأسواق العالمية الآن، وإلى نص الحوار:
بداية.. دعنا نتحدث عن خطط تنمية قطاع الطاقة بسلطنة عمان في ظل التركيز عليه لزيادة الإيرادات؟
مع وجود رؤية عمان 2040، تتجه الدولة إلى تنويع مصادر الدخل، وليس فقط الاعتماد على النفط والغاز، ولكن الدخول في مجالات أخرى يسهم بتنمية زيادة إيراداتها، وخاصة مجالات السياحة والثروة السمكية والطاقة المتجددة.
وكل هذه المشروعات سوف تشكّل قيمة مضافة بالنسبة إلى سلطنة عمان خلال السنوات المقبلة.
نرى مشروعات عملاقة بمجال الهيدروجين ومحاولات لجذب الاستثمارات الأجنبية.. ما هي خطة الدولة للمرحلة المقبلة؟
في الحقيقة، منح الله سلطنة عمان مصادر كثيرة ومتنوعة يمكن استغلالها في الطاقة المتجددة، مثل الرياح والشمس.
وبالنسبة لقطاع الهيدروجين، يمكن عَدّ السلطنة دولة متقدمة في هذا المجال، إذ قطعت أشواطًا كبيرة في التنسيق مع شركات الاستثمار بهذا المجال، ونأمل أن نرى خلال الأيام المقبلة عقودًا مع بعض الشركات، وخاصة الشركات الألمانية والأوروبية والأميركية.
وهذه الشركات الأجنبية موجودة حاليًا في عمان، وتُجري مفاوضات واتفاقات مع الدولة في الوقت الحالي، لذا نأمل أن ترى المشروعات الجديدة النور خلال الأشهر أو السنوات القادمة.
ومن المتوقع خلال السنوات الـ10 المقبلة أن تتطور سلطنة عمان بشدة، مع تركيزها على البنية التحتية في مجال الهيدروجين، الذي من المنتظر أن يؤدي دورًا كبيرًا بإنتاج الطاقة في البلاد خلال السنوات القادمة.
وقّعت سلطنة عمان 5 اتفاقيات في مجال الهيدروجين.. كيف تنظر إلى حجم الاستثمارات في هذا القطاع؟
بالفعل تم توقيع عدد من الاتفاقيات، وعددها يزيد كل يوم، والمعروف في مجال الطاقة عمومًا، والهيدروجين خصوصًا، أن الاستثمارات لا تتطلب توجهًا تقنيًا فحسب، بل أيضًا في الاستثمار المالي.
ونحن نتحدث عن استثمارات تُقدَّر بمليارات الدولارات خلال الـ10 إلى 15 عامًا المقبلة.
كيف تنظر إلى مشروع تخزين النفط في رأس مركز الذي تعدُّه عُمان من أكبر المشروعات عالميًا؟
رأس مركز هو فكرة اقتصادية مستقبلية، وحجم الاستثمارات فيها كبير، ولكن الاستثمار في هذا المجال يعتمد على القطاع الخاص العالمي.
والبنية الأساسية لتخزين النفط في هذا المشروع موجودة، لأن المنطقة رائدة وواعدة، ولكن المشروع نفسه يحتاج إلى التسويق الجيد لاستجلاب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال.
هل يدفع ارتفاع أسعار النفط في 2022 إلى زيادة الاستثمارات النفطية في سلطنة عمان؟
بالتأكيد، فنحن بحاجة إلى زيادة الاستثمارات في الشق العلوي للاستمرار بإنتاج النفط والغاز، ولاحظنا -وهذا أمر على مستوى العالم وليس في سلطنة عمان فقط- خلال السنوات الـ5 الماضية، أن هناك هدوءًا بالاستثمار في الشق العلوي، وأدى ذلك إلى نوع من انعدام التوازن في السوق بين العرض والطلب.
ونتوقع خلال السنوات المقبلة أن يكون التركيز بشكل أكبر على استثمارات الشق العلوي.
وبالنسبة للاستثمارات في عمان، فإنها لم تتوقف خلال السنوات الماضية، على الرغم من وجود جائحة كورونا، إذ كانت سياسة السلطنة هي الاستمرار في الاستثمار.
هل ترى أن نقص الاستثمارات الذي تحدثتَ عنه الآن سبب في أزمة الطاقة العالمية؟
أرى أنه جزء من الأسباب بالطبع، وهو سبب كبير، فللأسف الشديد لم يكن حجم الاستثمارات خلال العامين الماضيين مناسبًا لمواكبة النمو المتوقع في الاقتصاد بعد انتهاء جائحة كورونا، ومن ثم لاحظنا وجود هذه الفجوة في العرض والطلب.
ولكن هناك أيضًا أسباب سياسية وجيوسياسية، وأسباب أخرى اقتصادية، فالنمو العالمي غير موجود، والتضخم يفرض نفسه بشكل كبير، والركود يثير كثيرًا من التخوف عالميًا في الوقت الحالي، لأنه سيؤدي إلى كثير من المتاعب بالنسبة للاقتصادات العالمية.
هل يمكن القول، إن الاستثمار في الوقود الأحفوري يضمن أمن الطاقة خلال السنوات المقبلة؟
ضروري جدًا، فنحن نتحدث كثيرًا عن الطاقة النظيفة، ولكنها في حاجة إلى سنوات، والاعتماد على الوقود الأحفوري سوف يستمر خلال الـ 30-40 عامًا المقبلة بسبب الحاجة إليه.
كيف ترى دخول سلطنة عمان إلى سوق تصدير الغاز المسال العالمية؟
تُصدِّر السلطنة الغاز الطبيعي المسال إلى بعض الأسواق في قارة أوروبا، مثل بريطانيا وإسبانيا وألمانيا والدومنيكان.
وسلطنة عمان موجودة في سوق الغاز منذ عام 2000، ولكن كان الاتجاه للتصدير إلى السوق الآسيوية، وخاصة اليابان وكوريا، ومع وجود الهاجس الكبير بشأن الغاز في أوروبا، انفتح المجال لمنتجين آخرين، بالدخول إلى الأسواق الأوروبية.
والضغوط التي تمارسها دول أوروبا على روسيا جعلت إمدادات الغاز شحيحة هناك، ومن ثم دخلت سلطنة عمان على الخط، وأرسلت بعض الشحنات الفورية إلى أوروبا، ونتوقع أن تكون هناك زيادة في الطلب على الغاز الخليجي خلال الأشهر المقبلة، وليس العماني فقط، بل أيضًا القطري والإماراتي.
هل تفكر سلطنة عمان في استيراد الغاز الطبيعي لمعالجته ثم إعادة تصديره.. للاستفادة من فارق الأسعار؟
نعم، هناك بالفعل مشروع مطروح منذ مدة طويلة، وهو تحت المناقشة حاليًا، بالتعاون مع إيران، ولكن الظروف التي تواجهها طهران، وفي مقدّمتها العقوبات والحصار، أدت إلى تعطّل المفاوضات المتعلقة باستيراد الغاز الإيراني.
ولكن نأمل أن يرى هذا المشروع النور خلال المدة المقبلة، خاصة أن المفاوضات بشأن المشروع لم تتوقف، ولكنها مرهونة بالوصول إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة وأوروبا.
هل يمكن أن يُغضب هذا المشروع بعض الدول الخليجية؟
لا أبدًا، فهناك تنسيق دائم بين سلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي في كل الخطوات السياسية والاقتصادية، ولا أتوقع أن يحدث أيّ ضمور في العلاقات بين السلطنة والخليج، وخصوصًا أنها بدأت المناقشات بشأن المشروع منذ نحو 10 سنوات.
هل تفكر عمان في بناء مشروعات جديدة لمعالجة الغاز المسال؟
لدينا 3 خطوط إنتاج عاملة حاليًا في الدولة بسعة كاملة، والتوسع في سعة إسالة الغاز يعتمد على السوق أولًا، وإنتاج الغاز في السلطنة ثانيًا، وإستراتيجية الحكومة في كيفية استغلال الغاز ثالثًا، سواء للتصدير أو الاستغلال المحلي، لتنويع وتنمية مصادر الدخل، والاعتماد على صناعات أخرى.
اقرأ أيضًا..
- حقل كاريش للغاز المتنازع عليه بين إسرائيل ولبنان يبدأ اختبار التدفق العكسي
- بوتين ينتزع إدارة سخالين 1 من إكسون موبيل بمرسوم جديد
- وزير النفط الهندي: قرار أوبك+ يرفع أسعار النفط ويخفض الطلب
- 3 مدن صناعية في قطر.. مشروعات ضخمة تشمل أكبر مرفق عالميًا لتصدير الغاز المسال