التقاريرتقارير الهيدروجينروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةهيدروجين

سياسة الهيدروجين في الهند تتطلب حسم 5 ملفات.. وغزو أوكرانيا في صالحها

توقيت طرحها "حيوي" لكنها تفتقر لتحديد أُطر العمل

هبة مصطفى

تكتسب سياسة الهيدروجين في الهند، التي طرحتها الحكومة منتصف فبراير/شباط الماضي، أهمية من حيث "توقيت" طرحها الذي تزامن مع أحداث متصاعدة على الصعيد الدولي تنذر بمخاطر تقلب أسواق الطاقة، أبرزها الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 من الشهر ذاته، وما ترتّب عليه من اضطراب إمدادات الطاقة.

ونظرًا لاعتماد الهند على واردات الطاقة بنسبة كبيرة، حاولت الإبحار بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري، وسعت للتركيز على الهيدروجين كونه وقودًا نظيفًا وآمنًا، يسمح بتحررها من الإمدادات المسببة للانبعاثات.

ورغم توقيت الطرح الملائم، ومستقبل الهيدروجين في الهند وقودًا نظيفًا يعول قطاع النقل عليه بقوة، فإن السياسة الجديدة التي استهدفت الحكومة من خلالها إنتاج 5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030 تحتاج إلى "إطار" واضح لم يُعلَن حتى الآن.

توقيت حيوي

برز خيار الحكومة لإعلان سياسة الهيدروجين في الهند طوقَ نجاة، في ظل تأثر غالبية بلدان العالم بالصراعات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا، وتهديد أمن الطاقة والإمدادات، بالإضافة لعوامل محلية أخرى.أسعار النفط والاستثمار في الطاقة المتجددة

وتعتمد الهند على الواردات لتلبية الطلب المحلي بنسبة تُقدّر بـ85% للنفط و50% للغاز سنويًا، وتوقّع مسح اقتصادي نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند بنسبة تتراوح بين 8 إلى 8.5% خلال العام المالي 2022- 2023، استنادًا لأسعار النفط حول 70 إلى 75 دولارًا للبرميل.

لكن الغزو الروسي لأوكرانيا رفع أسعار النفط، وخفضت مؤسسة موديز الأميركية للتحليلات المالية توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.4%، مدفوعًا بزيادة فواتير استيراد الوقود.

وعلى الصعيد المحلي، لم يكن الوضع أفضل حالًا؛ إذ تواجه الهند صعوبات بالتوسع في الإنتاج، كما إن التكسير الهيدروليكي (تقنيات استخراج تعتمد على السوائل المضغوطة والمياه بضغط عالي لتكسير طبقات الصخور) يشكّل تحديًا كبيرًا أمامها؛ نتيجة نقص المياه.

ورغم وجود احتياطيات كبيرة للغاز الصخري، فإن حكومات الولايات الهندية امتنعت عن تنفيذ تعليمات الحكومة المركزية بمنح تراخيص التكسير الهيدروليكي لاستخراجه، فنقص المياه والمخاطر البيئية أدّيا لاستبعاده خيارًا ملائمًا لتعويض نقص الواردات.

وتنضم الأسس المناخية التي ترجّح عدم التوسع في التكسير الهيدروليكي، أو الاعتماد على الوقود الأحفوري، إلى أسباب اضطراب الإمدادات الفعلي في الآونة الحالية، لتصبح سياسة الهيدروجين في الهند "مخرجًا" ملائمًا.

جدوى سياسة الهيدروجين في الهند

تحظى سياسة الهيدروجين في الهند بعوامل مهمة تعزز من دعم الحكومة لها للاعتماد على وقود نظيف بدلًا من الوقوع تحت سيطرة اضطراب واردات الطاقة وتقلب السوق العالمية؛ إثر الصراعات الجيوسياسية.

وتشهد المواد اللازمة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا وفرة في الهند، مقارنة بمتطلبات إنتاج النفط والغاز ونقص توافر تقنياتها بالبلاد.

من جانب آخر، تشكّل سياسة الهيدروجين في الهند أداة جيدة لجذب الاستثمارات الأجنبية الراغبة في تطوير تقنيات إنتاجه، والتي تشهد -بصورة عامة- إقبالًا واسعًا على الصعيد العالمي في تلك المرحلة.

أمّا فيما يتعلق الأسس المناخية، فتُشكّل السياسة -فعليًا- أولى الخطوات الهندية على صعيد السياسات الحكومية التي تتّسق مع الأهداف والتعهدات المُعلن عنها بقمّة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26 في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي.

وبينما ركّزت الهند على استثمارات الفحم لسنوات طويلة، امتدت لأشهر عقب قمة المناخ كوب 26، فإنها تركّز في الآونة الحالية على دعم الهيدروجين، وزيادة نشر السيارات الكهربائية؛ من أجل قطاع نقل نظيف.

خيار آمن.. ولكن!

رغم المنفعة التي تعود بها سياسة الهيدروجين في الهند على أمن الطاقة وضمان الإمدادات والالتزام بالتعهدات المناخية وجذب الاستثمارات الأجنبية، فإنها تواجه تحديات ضخمة قد تهدد تحقيقها، وفق مقال للشريك الإداري بشركة بهاروشا لأعمال القانون والمحاماة، جوستن بهاروشا، نُشر بصحيفة إنديا تايمز - إيكونوميك تايمز.

وحدد بهاروشا 5 مظاهر كشفت عدم تحلي سياسة الهيدروجين في الهند المُعلَنة حكوميًا بضوابط وأُطر تنقّله من مصدر مهم لإنتاج الكهرباء النظيفة إلى مصدر أساس للوقود، وهذه المظاهر هي:

  • الإطار التنظيمي:

رغم أن وزارة الكهرباء هي التي تولّت إعلان سياسة الهيدروجين في الهند، فلم تصدر أيّة توضيحات حكومية حول الجهة الإدارية في الدولة التي ستعكف على تنظيم مشروعات الهيدروجين وإنتاجه وتخزينه وتصديره.

  • الإطار القانوني:

لم تكتسب سياسة الهيدروجين في الهند الصبغة القانونية اللازمة، واكتفت الحكومة الهندية بإعلان طموحاتها في السياسة والتوجه، دون الإشارة لتفعيلها في قانون مُلزم ومنظم.

وما زال مقترح وزارة النفط والغاز -الذي طرحته منتصف العام الماضي- لتعديل قانون حقول النفط (لتنظيم الإنتاج وتطويره) الصادر عام 1984، بما يضمن احتساب الهيدروجين زيتًا معدنيًا متعثرًا حتى الآن.

الهيدروجين - تحول الطاقة

  • حجم الإنفاق:

لم تتطرق ميزانية البلاد للعامين الماليين (2021-22، 2022-23) إلى أيّ مخصصات منفصلة بصورة واضحة لدعم سياسة الهيدروجين في الهند؛ ما يكشف مدى محدودية الاستثمارات الحكومية في هذا القطاع.

  • برنامج الحوافز:

تضمّن الإعلان الحكومي عن سياسة الهيدروجين في الهند قبل شهرين إعلان حوافز داعمة للإنتاج وتحقيق مستهدفات الخطة الطموحة، إلّا أنه لم يحدث التطرق لمخصصات تلك السياسة بصورة واضحة.

ولم تتضمن بيانات التقارير الحكومية لبرنامج الحوافز المرتبط بالإنتاج في قطاع الطاقة المتجددة أيّ إشارة للتوسع في صناعة المُحللات الكهربائية التي تُستَخدَم في إنتاج الهيدروجين عبر المصادر النظيفة.

بالإضافة لذلك، خلت المرحلة الثانية من خطة اعتماد وتصنيع السيارات الكهربائية والهجينة "فيم – 2" من تخصيص حوافز للسيارات العاملة بالهيدروجين وخلايا الوقود الهيدروجينية، سواء على مستوى التصنيع، أو الشراء.

  • البحث والتطوير:

دعا المقال لزيادة الإنفاق على البحث وتطوير الهيدروجين، مشيرًا إلى توقعات بوصول مخصصات أبحاث تطويره إلى 3 لاخ كرور روبية هندية بحلول 2035.

(1 روبية هندية = 0.013 دولارًا أميركيًا)

(كرور = وحدة بنظام الترقيم الهندي تساوي 10 ملايين)

(لاخ = وحدة بنظام الترقيم تساوي مئة ألف)

خطة طموحة

تخطط نيودلهي لإنتاج 5 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وتهدف عبر خطط طموحة للتحول لمركز إنتاج وتصدير للوقود النظيف، وفق إعلان وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة قبل ما يقرب من الشهرين.

إطلاق أول سيارة كهربائية تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في الهند
جانب من إطلاق سيارة تويوتا ميراي في الهند

وتسمح سياسة الهيدروجين في الهند بدعم الخطط المناخية الرامية لخفض الانبعاثات بمعدل مليار طن بحلول عام 2030، وكذلك زيادة حصة إسهام الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 430 غيغاواط.

وتعكس السياسة المُعلَنة نظرة الحكومة الهندية للهيدروجين مصدرًا شاملًا للطاقة والوقود، بما في ذلك استخدامات الأمونيا الخضراء بنقل وتخزين الهيدروجين النظيف والآمن.

وتلقّت سياسة الهيدروجين في الهند دعمًا من الحكومة عبر تقديم حوافز لدعم الإنتاج، وضمان الربط بين شبكات الكهرباء بالولايات وبين الأسواق، مع منح إعفاءات على النقل تمتدّ لـ25 عامًا، وبجانب ذلك، تسعى السياسة لتعزيز إنشاء موانئ تصدير للهيدروجين النظيفة.

وتنقسم السياسة الهندية الداعمة للهيدروجين لمراحل عدّة، تبدأ بمرحلة توفير مصادر الطاقة المتجددة اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وبدء عمليات الإنتاج والتخزين والتوزيع.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق