خطوات مزارع الرياح البحرية تسبق البرية رغم عمرها الأقصر بـ11 عامًا
المزارع البرية تواجه تحديات منها عدم جاهزية وسائل النقل لتوربيناتها
حياة حسين
رأت أولى مزارع الرياح البرية النور في أميركا عام 1980، وكانت تتكون من 20 توربينًا، بسعة 30 كيلو واط. وبعد 11 عامًا؛ أي في 1991، دشّنت الدنمارك أولى مزارع الرياح البحرية بعدد توربينات أقل، إذ لم يزِد على 11 توربينًا، وسعة تفوق البرية 15 ضعفًا تقريبًا؛ ما يعادل 450 كيلو واط.
وشهد النوعان تطورات كبيرة، لكن الفرق الهائل ظل واضحًا في قوة مزارع الرياح البحرية وسعتها مقابل البرية.
رئيس الإستراتيجيات ومعلومات السوق في المجلس العالمي لطاقة الرياح، فنغ تشاو، ومدير المركز الوطني لتكنولوجيا الرياح في المختبر الوطني للطاقة المتجددة، التابع للحكومة الأميركية، دانييل ليرد، شرحا لموقع "إن إس إنرجي"؛ تطور الفرق بين مزرعة رياح بحرية وأخرى برية، وتحديات تعوق الأخيرة عن السير بسرعة الخطوات ذاتها.
سيمنس وفيستاس
واصلت شركات -مثل سيمنس الألمانية، وجنرال إلكتريك "جي إي" الأميركية، وفيستاس الدنماركية- تطوير توربينات مزارع الرياح، على مستويين؛ الحجم والسعة.
ودشّنت جي إي توربين "هالياد-إكس" لمزارع الرياح البحرية، العام الماضي، في روتردام بهولندا، ويبلغ نطاق مروحته 220 مترًا مربعًا، والشفرة الواحدة 107 أمتار، وسعته 14 ميغاواط.
وتستعد فيستاس لإطلاق توربين بحري بسعة 15 ميغاواط في الدنمارك، ويبلغ طول شفرته 115.5 مترًا، وارتفاعه 261 مترًا.
ورفعت شركة مينغيانغ الصينية سعة توربين مزرعة رياح بحرية تعتزم إطلاقه العام الجاري -أيضًا- ويبلغ طول شفرته 118 مترًا مربعًا، ومحيط مروحته 242 مترًا مربعًا.
ويتوقع مجلس طاقة الرياح العالمي أن تشهد صناعة توربينات الرياح البحرية كثيرًا من التطور المدة المقبلة.
وأشار المجلس، في أحدث تقرير له، إلى أن عام 2030 سيشهد وصول سعة توربين الرياح البحري إلى 20 ميغاواط، ونطاق دوران مروحته إلى 245 مترًا مربعًا.
قصة البداية
قصة صناعة مزارع الرياح بدأت على الأرض برًا، ورغم ذلك، يسير شقّها البحري بخطى أسرع، محققًا نموًا أعلى خلال السنوات الأخيرة، وقد يعود ذلك إلى بعض العوامل؛ منها: بُعد البحر عن المناطق السكنية التي يثير مخاوفها التلوث بكل أشكاله في محيطها، وقلة وسائل النقل مقارنة بالبر.
وباتت طاقة مزارع الرياح أكثر تنافسية من ناحية التكلفة، لكنها ما زالت تكافح للاستحواذ على العملاء في ساحة الطاقة المتجددة، وتحديدًا من الطاقة الشمسية؛ لذلك تسعى توربينات الرياح لتكون أسرع من ذي قبل.
وقال مدير المركز الوطني لتكنولوجيا الرياح في المختبر الوطني للطاقة المتجددة، التابع للحكومة الأميركية، دانييل ليرد: "إنه كلما ارتفع التوربين؛ زادت سعة توليد الكهرباء منه؛ لأنه يساعد في تحريك الرياح لمروحته أكثر، كما يخفض التكلفة؛ لأن الارتفاع يقلل عدد التوربينات المطلوبة في المحطة، وهكذا".
وأضاف رئيس الإستراتيجيات ومعلومات السوق في المجلس العالمي لطاقة الرياح، فنغ تشاو: "زيادة ضغوط التكلفة أفرزت منتجات جديدة؛ ففي المزادات الأخيرة في الصين، كانت معظم الطرز من فئة 4.x، كما أطلق بعض المنتجين توربينات الرياح البرية من فئة 6.x".
جاهزية النقل
يُعَد عدم جاهزية قطاع النقل والطرق لتوربينات الرياح البرية، ونقلها، من أسباب عدم تطور حجمها، ومن ثم سعتها، وفق المصدرين.
وعلى سبيل المثال، اضطرت شركة "آر دبليو إي" إلى عمل معدة خاصة بتوربين ألكامو2 في مزرعة رياح في إيطاليا، حتى تتمكن من تمريره أسفل جسر في الطريق إلى مقره.
ويسعى منتجو توربينات مزارع الرياح إلى تطوير حلول ومعدات تُسهِم في نقلها، والتغلب على تلك التحديات.
وقال مدير المركز الوطني لتكنولوجيا الرياح في المختبر الوطني للطاقة المتجددة، التابع للحكومة الأميركية، دانييل ليرد: "إن المنتجين يبحثون -أيضًا- إمكان نقل المواد الخام المطلوبة لعملية تصنيع توربينات الرياح، في موقع محطة التوليد؛ تجنبًا لمشكلة نقلها".
وتواجه توربينات الرياح ومحطات الطاقة الأرضية معوقًا آخر، يتعلق بالسكان؛ إذ يقاومها قاطنو الأماكن القريبة؛ بسبب تلوثها السمعي والبصري، وباتت المحاكم ممتلئة بقضايا مضادة تطالب بوقف تشغيلها في أنحاء العالم.
أحدث القضايا
أحدث القضايا المرفوعة ضد محطات طاقة الرياح؛ في أستراليا؛ إذ أقام سكان منطقة قريبة من مزرعة رياح دعوى لوقف تشغيلها بسبب الضوضاء التي منعتهم من النوم، وانخفاض دخلهم وأسعار وحداتهم السكنية بسببها، وفي المقابل يردد مالك المشروع أنه اتخذ التدابير اللازمة للحد من الضوضاء.
ويرى الباحثان أنه عادة ما يتمتع سكان الريف في الدول المتقدمة بقدر مرتفع من التعليم، يمكّنهم من معرفة حقوقهم القانونية، ومقاومة توربينات الرياح، مثلما حدث في أستراليا.
بينما ينظر سكان الريف في الدول النامية إلى تلك المشروعات، أو كما يسميها البعض "الوحوش" على أنها وسيلة ستوفر وظائف، وهذا حدث في الصين؛ إذ أقيمت مشروعات طاقة الرياح في مناطق منخفضة الكثافة.
وقال تشاو: إنه لا يوجد وسيلة للتخلص نهائيًا من ضوضاء محطات طاقة الرياح، أو تلوثها البصري، خاصة مع اتجاه زيادة حجمها، لخفض التكلفة، إلا أنه يمكن جعلها جزءًا من حياة المجتمع المحيط.
وعلى سبيل المثال، خاضت الدنمارك تجربة ناجحة في هذا الإطار؛ بسبب ملكية نسبة من تلك المشروعات لبعض السكان المحيطين.
بينما يرى ليرد أن حجم التوربين الكبير ليس العائق الوحيد، في ظل التحسن الكبير الذي يدخل على أجزاء المحطة.
إلا أنه يرى -أيضًا- أن ضغط خفض التكلفة سيدفع إلى مزيد من تمدد حجم التوربينات مستقبلًا، والعمل على قبولها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..