أسعار النفطالتقاريرالنشرة الاسبوعيةرئيسيةسلايدر الرئيسيةعاجلنفط

هل تجاوزت أسعار النفط 100 دولار؟.. العقود الآجلة والأسعار المؤرخة تجيب

وحدة أبحاث الطاقة - سالي إسماعيل

ينصبّ التركيز مؤخرًا على أسعار النفط، وسط تكهنات بأن عام 2022 قد يشهد تداول الذهب الأسود عند مستوى 100 دولار فيما فوق للبرميل الواحد، بعد مكاسب تقارب 25% في غضون أول 6 أسابيع فقط من العام الجديد.

إذن؛ هل تخطى سعر برميل النفط حاجز 100 دولار حقًا؟ الإجابة -في الغالب- تعتمد على الزاوية التي تنظر منها: العقود الآجلة أم الأسعار المؤرخة، لكن من المؤكد أن الخام يُتداول عند مستويات غير مسبوقة منذ ما يزيد عن 7 أعوام.

سعر برميل النفطأمس الأربعاء 16 فبراير/شباط 2022، قيّمت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس سعر خام برنت المؤرخ عند 100.795 دولارًا للبرميل، لتكسر أسعار النفط بذلك حاجز 100 دولار للمرة الأولى منذ النصف الأخير من عام 2014.

ويعدّ هذا التقييم لسعر برنت المؤرخ أعلى بنحو 3.14 دولارًا للبرميل على أساس يومي، كما إنه الأعلى منذ 4 سبتمبر/أيلول 2014، عندما بلغ تقييمه 101.195 دولارًا للبرميل، بحسب ما رصدته بلاتس.

وحسب البيانات المتاحة على وكالة بلاتس، التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، كان سعر برنت المؤرخ يبلغ 77.02 دولارًا للبرميل عند نهاية تعاملات عام 2021، ما يعني زيادة قدرها 23.77 دولارًا في غضون 47 يومًا فقط من العام الجديد 2022.

خام برنت

خام برنت، في حدّ ذاته، هو درجة من النفط الخام الخفيف الحلو، الذي أُنتج لأول مرة عام 1976، لكن كلمة برنت تعبّر عن مزيج نفطي من 15 حقلاً مختلفًا في منطقتي برنت ونينيان ببحر الشمال.

وبمزيد من التفاصيل، فإن خام برنت خفيف، إذ تبلغ كثافته 38 درجة (أيّ كثافة أعلى من 35 درجة تعني أن النفط خفيفًا)، وخام حلو، إذ يبلغ الكبريت فيه 0.37% (الخام الحلو يكون محتواه من الكبريت منخفضًا، أي إن نسبة الكبريت تقلّ عن 1%).

ويُستخدم برنت معيارًا رئيسًا لأسعار النفط عالميًا ولتسعير ثلثي إمدادات الخام بين دول العالم كافة، وخاصة في الأسواق الأوروبية والأفريقية، وتلك الواقعة في حوض المحيط الأطلسي.

أسعار النفط

خام برنت المؤرخ

على عكس العقود الآجلة، فإن سعر خام برنت المؤرخ -وهو سعر النفط الأكثر أهمية في العالم، حسبما وصفته وكالة بلومبرغ- يحدد تاريخ تسليم النفط خلال شهر تقريبًا.

وبطريقة أكثر توضيحًا، فإن سعر خام برنت المؤرخ هو سعر الشحنات الفعلية من النفط الخام التي تُباع وتُشترى في بحر الشمال، والمحدد لها تواريخ تسليم محددة، كانت في البداية تتراوح بين 7 أيام إلى 15 يومًا بعد تحديد السعر، والآن أصبحت ما بين 10 إلى 30 يومًا.

وبعبارة أخرى، فإن مصطلح خام برنت المؤرخ (Dated Brent) -الذي يعدّ بمثابة تقييم مرجعي لسعر برنت الفعلي من بحر الشمال- يوضح مدى رغبة التجّار في الدفع لتأمين براميل النفط الفعلية بهدف تسليمها إلى مصافي التكرير، في إشارة على قوة الطلب.

تقييم بلاتس

بدأت مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس تقييم سعر برنت المؤرخ وفقًا لتاريخ التسليم، في الثمانينات، وتحديدًا عام 1987، قبل تضمين خامات أخرى في وقت لاحق؛ نظرًا لانخفاض إمدادات حقل برنت.

وفي عام 2002، أضافت وكالة تسعير السلع، بلاتس، درجتين من الخام للتقييم الفعلي لخام برنت (Brent)، وهما: فورتيس (Forties) وأوزبرج (Oseberg)، قبل توسيع نطاق المؤشر المرجعي وإضافة خام إكوفيسك (Ekofisk) عام 2007 وتشكيل ما يُعرف اختصارًا بـ(BFOE).

وبعد مرور عقد من الزمن تقريبًا، أو تحديدًا في 1 يناير/كانون الثاني عام 2018، أدرجت بلاتس الخام النرويجي ترول (Troll)، في مؤشرها برنت المؤرخ، لتصبح سلة برنت المؤرخة، مكونة 5 درجات للخام، وهي: برنت وفورتيس وأوزبرج وإكوفيسك وترول، لكن هذه الإمدادات آخذة في الانخفاض.

ومع هبوط الإمدادات من منطقة بحر الشمال، تعتزم بلاتس تضمين خام غرب تكساس الوسيط ميدلاند (US WTI Midland)، بدايةً من يونيو/حزيران 2023، كما هو معلن في وقت سابق من هذا العام.

ومع إدراجه العام المقبل، سيكون الخام الأميركي أول خام يُدرج بمؤشر برنت المؤرخ من خارج بحر الشمال، إذ يُنتج من النفط الصخري البري في الولايات المتحدة.

وتُستخدم سلة برنت المؤرخة في تسعير أكثر من ثلثي النفط المتداول حول العالم، بالإضافة إلى أنها تمثّل سعر الأساس للعقود الآجلة لخام برنت.

ماذا عن العقود الآجلة؟

على الجانب الآخر، تُتداول العقود الآجلة لأسعار النفط في بورصة لندن للعقود الآجلة وبورصة نيويورك التجارية عند مستويات أقلّ من 100 دولار للبرميل، وإن كان الذهب الأسود يحوم قرب أعلى مستوياته منذ عام 2014، بعدما تجاوز خام برنت القياسي والخام الأميركي مستوى 96 و95 دولارًا للبرميل على الترتيب، في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وأنهت العقود المستقبلية لخام برنت، تسليم شهر أبريل/نيسان، جلسة الأربعاء عند مستوى 94.28 دولارًا للبرميل، بينما بلغ سعر عقود خام غرب تكساس الوسيط، تسليم شهر مارس/آذار، 93.66 دولارًا للبرميل.

وكانت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، في تقريرها، قد رفعت تقديراتها لأسعار خامي برنت وغرب تكساس خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان المقبلين إلى ما متوسطه 88 و85 دولارًا للبرميل على التوالي، مقابل 90 و87 دولارًا على الترتيب في فبراير/شباط الجاري.

أسعار النفطوبالنظر إلى أن النفط يحتاج مساحات كبيرة للتخزين، ولعدم امتلاك التجّار خزّانات فعليًا، فإن شراء العقود المستقبلية أو الآجلة أمر شائع للغاية، إذ يشتري المستثمرون عقد أشهر مقبلة مع بيع هذه العقود عند اقتراب انتهاء صلاحية هذه العقود.

وفي بعض الأحيان، يمكن للمضاربين تبديل العقود المستقبلية من خلال بيع العقود الآجلة للنفط عند انتهاء صلاحية عقد ما، ثم شراء عقد الشهر التالي، وهي العملية التي يمكن تكرارها مرة أخرى، تفاديًا لعملية الاستلام الفعلي لبراميل النفط.

وحتى أسواق العقود الآجلة للذهب الأسود تشهد فروقات في الأسعار حسب شهر التسليم، وتشير فروقات الأسعار في الوقت الراهن إلى واحدة من أكثر الأسواق تشددًا على الإطلاق، بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ.

كونتانغو أم باكورداشن؟

يمكن أن تشهد أسواق العقود الآجلة حالات عديدة لأسعار السلع، كأن يكون سعر عقد الشهر المقبل -يعبّر عن السوق الفورية بالنسبة للنفط- أعلى من سعر عقد الشهر التالي له، وربما يكون أقلّ، وفي بعض الأحيان يكون الفارق كبيرًا للغاية.

وعندما تكون أسعار النفط لعقد أبريل/نيسان -على سبيل المثال- أعلى من سعر عقد مارس/آذار، فإن هذه الحالة تسمّى كونتانغو أو (contango).

وببساطة، يعني ذلك أنه عند تبديل العقود المستقبلية، عبر بيع العقد الرخيص (مارس/آذار) وشراء العقد الأعلى سعرًا (أبريل/نيسان)، فإن البائع يدفع لشخص آخر لتخزين النفط لمدة شهر، وهنا يمكن للمشتري الاحتفاظ بالنفط الفعلي وتسليمه لاحقًا.

وإذا كان سعر عقد شهر ما، ليكن شهر أبريل/نيسان مثلًا، أعلى بكثير من سعر عقد الشهر السابق له، مارس/آذار، فإن هذا الوضع يسمى سوبر كونتانغو (Super Contango)، وفق ما نقلته وكالة بلومبرغ في تقرير نُشر خلال النصف الأول من عام 2020.

وإذا كان السعر الفوري لسلعة -سعر الشهر المقبل بالنسبة للنفط- أعلى من سعر العقود الآجلة، فإن هذه الحالة تسمى باكورداشن أو (Backwardation)، وتعني أن شخصًا ما سيدفع أموالاً من أجل الحصول على النفط الذي يُحتَفظ به في مراكز التخزين.

وتحدث عملية (الباكورداشن) نتيجة فعلية لارتفاع الطلب على النفط في الوقت الحالي أكثر من الأشهر المقبلة.

أسعار النفط بالسالب؟

أسهم انهيار استهلاك النفط عالميًا جراء تفشّي وباء كورونا أوائل عام 2020، بتراكم مخزونات الخام داخل صهاريج التخزين بمدينة كوشينغ في ولاية أوكلاهوما الأميركية، وهو مركز التسليم الفعلي للعقود المستقبلية لخام غرب تكساس الوسيط.

ومع تراكم المخزونات النفطية، شهدت سوق العقود الآجلة للخام الأميركي، تسليم شهر مايو/أيار، واقعة تاريخية، إذ تراجع سعره إلى النطاق السالب (-40 دولارًا للبرميل) يوم 20 أبريل/نيسان 2020، وذلك في اليوم السابق لنهاية صلاحية عقد التسليم، إذ تدافع المتداولون للتخلّص من العقد.

وتجدر الإشارة إلى أن كل عقد مستقبلي محدد بتاريخ صلاحية، وعند انتهائه يجب على التجّار استلام النفط فعليًا من مركز كوشينغ، على أن يقوموا بتخزينه (وهو الأمر الصعب بالنظر لأن النفط سلعة تحتاج مساحات كبيرة للتخزين)، أو يمكنهم بيعه (وهو ما كان صعبًا حينذاك وسط انهيار الطلب).

ويعني وصول أسعار النفط إلى النطاق السالب في ذاك الوقت، أن المستثمرين اضطرّوا لدفع 40 دولارًا -في أسوأ الحالات- من أجل تجنّب الاستلام الفعلي لبراميل النفط.

سرّ قفزة الأسعار في 2022؟

يأتي ارتفاع أسعار الذهب الأسود -ما يقارب 25% منذ بداية العام وحتى الآن- بالتزامن مع الطلب القوي والمستمر على هذا الخام الحلو الخفيف -برنت- في مختلف أنحاء أوروبا وعالميًا، ووسط تفاقم التوترات الجيوسياسية، خاصةً بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، شهدت أسواق النفط تشديد المعروض بشكل كبير للغاية، مع ضخّ دول تحالف أوبك+ الـ23 إمدادات نفطية أقلّ بكثير من أهدافها الإنتاجية لشهور عدّة.

وفي المقابل، يتجاوز الاستهلاك العالمي للنفط توقعات المؤسسات الدولية مع انحسار وباء كورونا ونشر اللقاحات المضادّة للوباء، في حين يفشل تحالف أوبك+ بتسريع وتيرة تقليص اتفاق خفض الإمدادات التاريخي، بل والإبقاء -بدلاً من ذلك- على سياسة الزيادة التدريجية، والبالغة 400 ألف برميل يوميًا بشكل شهري.

وتتزايد التكهنات بشأن ارتفاع أسعار النفط، لتصل إلى مستوى 100 دولار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق