التقاريرتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةغازنفط

الطائرات المسيرة ذراع أرامكو لمراقبة حقول النفط والغاز في السعودية

تؤدي الطائرات المسيرة دورًا مهمًا في خطط شركة أرامكو السعودية لمراقبة الانبعاثات ومتابعة عمليات التشغيل والصيانة في العديد من مرافقها البحرية والبرية المنتشرة في كل ربوع المملكة.

وتوفر الطائرات دون طيار، المعرّفة باسم (الدرونز)، مزيجًا فريدًا يجمع بين الحركة والقدرة على جمع البيانات والدقة، مما يجعلها أداة مهمة في العديد من القطاعات.

وتعددت استعمالات الطائرات المسيرة في مختلف القطاعات بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، سواءً في قطاع الإنشاء، حيث تُستعمل لمسح الأراضي ورسم خرائط لها، أو في القطاع الزراعي لزراعة البذور ورش الأسمدة، أو في القطاع الأمني لمراقبة المساحات الكبيرة.

وشقّت "الدرونز" طريقها إلى قطاع الطاقة، إذ تقوم بالعديد من الأعمال، بدءًا من فحص خطوط الأنابيب، ووصولًا إلى أعمال المراقبة البيئية في مجال الطاقة والبتروكيماويات، عن طريق أداء مهام قد تكون صعبة أو خطيرة أو مكلفة بالنسبة إلى البشر.

ووفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بدأت أرامكو السعودية استعمال المسيّرات في عام 2015، لإجراء أعمال الفحص في 7 مرافق، وواصلت توسيع نطاق استعمالها لتصل حاليًا إلى أكثر من 100 طائرة مسيرة منتشرة في جميع مرافق الشركة الرئيسة.

دور الطائرات المسيرة في التفتيش والمراقبة

تعدّ الطائرات المسيرة ضرورية لفحص مرافق أرامكو وصيانتها، مثل المواقع البرية والبحرية، وصهاريج التخزين، والبنية التحتية لشبكة الكهرباء، وتساند الأعمال الميدانية، كالاستجابة للحالات الطارئة، والمراقبة الأمنية، ورسم الخرائط من الجو، والمراقبة البيئية.

يقول النائب الأعلى للرئيس للخدمات الهندسية في أرامكو خالد القحطاني: "ظهور الطائرات المسيرة في قطاع النفط والغاز أحدث نقلة نوعية وتغييرات جذرية، إذ يؤدي استعمال الروبوتات وتطبيقات الدرونز في مختلف أعمال أرامكو إلى انتهاج ممارسات أكثر سلامة وأقل كلفة وأكثر كفاءة".

وتستعمل أرامكو المسيرات بصفتها وسيلة سريعة ومقتصدة التكلفة لمعاينة ومراقبة أصولها من النفط والغاز، مما يقلل الحاجة إلى التفتيش اليدوي الذي قد يشكّل خطرًا، ويستغرق وقتًا طويلًا.

موظف في أرامكو يتابع عمليات التشغيل بأحد الحقول من حلال الطائرات المسيرة
موظف في أرامكو يتابع عمليات التشغيل بأحد الحقول من حلال الطائرات المسيرة - الصورة من موقع الشركة

إذ تتضمن عمليات التفتيش التقليدية لسلامة الأصول في قطاع النفط والغاز على عمل يدوي ونصب سقالات وأوقات تعطُّل مكلفة، ويمكن أن تكون خطرة، خاصة عند إجرائها في مواقع العمل النائية، أو عند حدوث حالة طارئة تستدعي العمل ليلًا.

وعند استعمال المسيّرات لفحص صهريج، على سبيل المثال، لا تحتاج إلى تركيب السقالات وفكِّها فيما بعد عند انتهاء أعمال الفحص، وهو ما يوفر الوقت ويحدّ من المخاطر، فضلًا عن عدم اضطرار كوادر الصيانة إلى العمل على ارتفاعات عالية أو في أماكن محصورة.

لا تؤدي الاستعانة بهذه الطائرات بالضرورة إلى إغلاق المرافق، كمداخن الشعلات، لإجراء عمليات التفتيش، إذ تجمع الطائرة صورًا حرارية عالية الدقة خلال تشغيل مدخنة الشعلة، وتتحقق من خلوّها من أيّ تشوهات أو تصدعات أو تآكل أو تلف.

وتشمل التطورات المستجدة المتعلقة باستعمال الطائرات المسيرة لتنفيذ أعمال المعاينة إجراء الاختبارات "اللاإتلافية"، التي تتضمن جمع بيانات عن مادة محددة دون إلحاق الضرر بها.

وتنشر إدارة التفتيش في أرامكو الطائرات المسيرة التي تعمل بالموجات فوق الصوتية، وتستعمل موجات صوتية عالية التردد للكشف عن أيّ عيوب أو شوائب أو تآكل قد يؤثّر في أداء الأصول الصناعية والبنية التحتية وسلامتها.

كما تستعمل عملاقة النفط السعودية في عمليات التفتيش فئة خاصة من المسيّرات، وهي طائرة الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL)، التي يمكنها الطيران باستمرار لعدّة ساعات، دون الحاجة إلى مدرّج خلال الإقلاع والهبوط، مما يجعلها مثالية لمراقبة الآبار، خاصة في حقول الشركة العملاقة التي تنتشر فيها الآبار بمناطق واسعة، وتستعمل هذه الفئة من المسيرات لمراقبة خطوط الأنابيب ورصدها.

أرامكو السعودية

تمنح الطائرات المسيرة نظرة علوية شاملة لمشغّليها، وتؤدي دورًا رئيسًا في مراقبة مرافق أرامكو بحثًا عن تسربات محتملة لغاز، بفضل قدرتها على تغطية مساحات كبيرة من الأراضي بسرعة وبتكلفة منخفضة ودقة عالية.

يقول القحطاني: "نستعمل طائرات مسيرة مزودة بتقنية التصوير الحراري للغاز من أجل مسح آلاف النقاط في مرافق الشركة لمراقبة التسربات المحتملة لغاز الميثان وقياسها، وهذه الطائرات مزودة أيضًا بجهاز القياس الطيفي لامتصاص الليزر، وهي تقنية يمكنها التحقّق من نطاق التسرب وتحديد تركيز غازات معينة".

وتؤدي المسيّرات دورًا مهمًا في أعمال الفحص والصيانة المنتظمة على مدار الساعة للمكونات الهندسية في حقول خريص وأبو جفان ومزاليج النفطية، التي تغطي مجتمعة مساحة 8 آلاف كيلومتر مربع، وتحتوي على أكثر من 5 آلاف كيلومتر من خطوط الأنابيب، وقرابة 900 فوهة بئر للإنتاج والحقن.

وتحلّق المسيّرات باستمرار فوق مجموعة كبيرة من الأنابيب والعدّادات والصمامات وشفاه الأنابيب التي تمتد إلى آلاف الكيلومترات لرصد التسريبات المحتملة والمشكلات الأخرى المرتبطة بالبنية التحتية الكبيرة للإنتاج في الحقول، إذ تؤدي المهمة بدقة في وقت قياسي مقارنة بالتفتيش اليدوي.

يضيف القحطاني: "إذا فتّشنا يدويًا بواسطة السيارة، فسيستغرق الأمر من مشغّلينا الميدانيين نحو ساعة لفحص بئرين فقط، أمَّا باستعمال الطائرات المسيرة، فيمكننا فحص 70 بئرًا في 4 ساعات".

أرامكو وزراعة الأشجار

أجرت أرامكو تجارب لاستعمال تقنية الطائرات المسيرة في زراعة الأشجار المحلية ومراقبة نمو أشجار المانغروف، إذ تفوق سرعة تقنية الزراعة بهذه التقنية الطرق التقليدية للزراعة بـ10 مرات، ويمكنها أن تزرع آلاف الأشجار يوميًا من خلال نشر كرات البذور الغنية بالعناصر الغذائية في مساحات كبيرة.

وزرعت الشركة، في إطار مشروع تجريبي، 100 ألف شجرة محلية باستعمال المسيّرات، وحققت نسبة نجاح لعملية الزراعة تجاوزت 88%.

وتتمتع أرامكو اليوم بفوائد كثيرة جلبها توسيع نطاق استعمال المسيّرات في أعمالها، إذ نجح معمل الغاز في العثمانية، على سبيل المثال، في تقليص وقت المعاينة بنسبة 90%، من خلال استعماله هذه التقنية والتقنيات القابلة للارتداء في معاينة خطوط الأنابيب والمعدّات.

إحد منشآت أرامكو
إحدى منشآت أرامكو - الصورة من موقع الشركة

وتُجري الروبوتات والمسيّرات في مرفق معامل بقيق ما يقارب ثلث الأعمال الاعتيادية، مثل معاينات السلامة، إذ أدى استعمال هذه الطائرات، إلى جانب حلول الثورة الصناعية الرابعة الأخرى، إلى زيادة قدرة المرفق على توليد الكهرباء بنسبة 4.5% وخفض كثافة انبعاثاته الكربونية بنسبة 31.8% بين عامي 2019 و2022.

وتستعمل أرامكو أجهزة مسح بالطائرات المسيرة مزودة بتقنية نمذجة ثلاثية الأبعاد لأعمال الإنشاء في مشروعاتها الكبرى، إذ تستعمل هذه الطائرات لقياس تضاريس مواقع الإنشاء وتحليلها، ثم وضع خطط تشغيلية بناءً على بيانات هذه التضاريس، وهو ما أسهم في اختصار عمليات المسح، وحساب حجم أعمال التهيئة الأرضية، والتخطيط لأعمال الإنشاء من عدّة أشهر إلى يوم أو يومين فقط.

وتسعى الشركة إلى مواصلة البحث عن تقنيات جديدة للطائرات المسيرة، ودراسة الفوائد المحتملة لاستعمالها فيما يخص زيادة الكفاءة التشغيلية وسلامة أماكن العمل، بالإضافة إلى الحدّ من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أعمالها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق