التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

كاتبة بريطانية: التخلص من النفط والغاز يستحق الاحتقار.. والطاقة المتجددة ليست حلًا

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • مصادر الطاقة المتجددة غير كافية لتلبية الطلب بسبب "تقطع" الإنتاج
  • المطالبات بنشر السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية غير منطقية
  • "كهربة" النقل والتدفئة بدافع "وطنية الطاقة" قد تدفع إلى انقطاع التيار وانهيار الشبكة
  • قد تضطر بريطانيا إلى استيراد الغاز والسيارات الكهربائية ما يزيد من الأعباء المالية
  • لا بديل عن استمرار الوقود الأحفوري وتشجيع استثمارات النفط والغاز في بحر الشمال

ارتبط توليد الكهرباء لسنوات طويلة بمصادر الوقود الأحفوري (خاصة النفط والغاز) في غالبية دول العالم، غير أن رحلة انتقال الطاقة أقحمت مصادر أخرى بهدف تجنّب الانبعاثات.

ويبدو أن الدعوات والشعارات الرنانة للتخلي عن مصادر الوقود كثيفة الانبعاثات لم تثبت أركانها على أرض صلبة، ولم تقرأ واقع بعض الدول بعناية، لإدارك مدى استعداد مصادر الطاقة النظيفة للوفاء بالطلب بصورة كافية، مثل حالة بريطانيا.

ورغم أن بريطانيا تُصنّف بوصفها ضمن الدول الصناعية الكبرى، فإن تقدمها لم يمنحها حتى الآن ضمانة كافية للتحول، ووقفت -حسب مقال تابعته منصة الطاقة المتخصصة- حائرة بين أهداف الحياد الكربوني من جهة وأزمة شبكة الكهرباء من جهة أخرى.

وتضمنت إستراتيجية انتقال الطاقة في بريطانيا خفض الاعتماد على النفط والغاز، لصالح مساحة أكبر لمصادر الطاقة المتجددة، وبين هذا وذاك ظلت قدرة شبكة الكهرباء على الصمود المعيار الأكبر للنجاح.

خطوات غير محسوبة

للتخلص من الوقود الأحفوري في بريطانيا، كانت هناك مسارات محددة للعمل عليها، سواء من الحكومة أو المواطنين، أبرزها نشر السيارات الكهربائية بدلًا من التقليدية العاملة بالبنزين والديزل، واستعمال المضخات الحرارية بدلًا من غلايات الغاز.

ويتطلب كلا المسارين توافر كميات هائلة من الكهرباء النظيفة لدى الشبكة، فماذا يعني التوسع في مسارات تحتاج جميعها إلى إمدادات كهرباء دون توافرها، أو دون اختبار قدرة الشبكة على تحملها؟

مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة المتحدة
مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة المتحدة - الصورة من Sunday Times Driving

وبدلًا من الإقبال على الشراء بشراهة، تراجعت مبيعات السيارات الكهربائية نتيجة عوامل عدة، من بينها: التكلفة المرتفعة في ظل إلغاء للدعم الحكومي وزيادة الضرائب ورسوم التأمين، ونقص نقاط الشحن والبنية التحتية اللازمة.

وهنا، تعالت الدعوات من قبل مؤيدي الحياد الكربوني لتبني شعار "وطنية الطاقة"، وتحمل التكلفة الباهظة للتخلي عن السيارات والغلايات المعتمدة على الوقود الأحفوري، والتحول لـ"كهربة" النقل والتدفئة، وفق مقال للكاتبة في موقع ذا تليغراف (The Telegraph) جيل كيربي.

وبنى مؤيدو الحياد الكربوني افتراضهم بضرورة "كهربة" قطاعي النقل والتدفئة على توقعات بمعدل توليد كبير للإمدادات من مصادر متنوعة لا تطلق انبعاثات، حتى وإن تكبّد المستهلك ضعف تكلفة السيارات التقليدية وغلايات الغاز.

واقع الطاقة المتجددة

يُعد التوسع في مصادر الطاقة المتجددة مرادفًا لتراجع الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري، لكن بالنظر إلى الواقع نجد أن التوسع في بناء مزارع رياح جديدة لا يفي بالغرض، خاصة إذا توقفت حركة الرياح في مواسم معينة، أو زادت عن المعدل المطلوب وشكّلت عبئًا على الشبكة.

ورغم الفرص المواتية لحصة أكبر للرياح في مزيج الكهرباء البريطاني، فإن توليدها بوتيرة فائقة عن الحد يصيب الشبكة بـ"الإعياء" ويضغط على خطوط النقل، ما يضطر المسؤولين إلى إصدار قرار بتوقف التوربينات وتعويض أصحابها.

وبعيدًا عن الرياح، فإن أداء الطاقة الشمسية لا يختلف كثيرًا، نظرًا إلى الإنتاج غير المستقر المرتبط بالطقس، مقابل التكلفة الهائلة للتركيبات والصيانة الدورية، وبذلك يصبح التعويل الزائد عن الحد عليها "غير منطقي".

وسواء انخفض توليد الكهرباء من الرياح أو ارتفع، أو توقف الإنتاج من الألواح الشمسية، فإن الحالتين تثبتان مدى هشاشة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بالكامل.

مزرعة رياح في المملكة المتحدة
مزرعة رياح في المملكة المتحدة - الصورة من Power Technology

حالة الشبكة

بافتراض أن بريطانيا والمملكة المتحدة بأسرها نجحت في نشر السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية على نطاق واسع، وتجاوزت تحديات التكلفة والرسوم، فإن تزايد الطلب على الكهرباء يضغط على الشبكة، وقد يصل الأمر إلى انقطاع التيار.

وحال نجاح المملكة في صيانة الشبكة وتأهيلها للتعامل مع الضغط الجديد الناجم عن الـ"كهربة"، فإنها ستواجه معضلة جديدة.

فمع التشكك في إمكان الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وحدها، نتيجة التقطع أو عدم جاهزية البنية التحتية ونقص المشروعات، فإن الخيارات أمام القائمين على القطاع باتت محدودة.

ويمكن القول -بحسب رؤية الكاتبة جيل كيربي في مقالها- إن المخرج الوحيد حينها سيكون العودة مرة أخرى للاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري، خاصة الغاز، للحصول على إمدادات كهرباء تلبي الطلب.

وتتوجه الأنظار إلى محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز لسد فجوة الطلب، لكن ما الحل إذا كانت المملكة كانت قد قررت خفض الإنتاج المحلي من الهيدروكربونات؟

كارثة الاستيراد

لإعادة تشغيل محطات الكهرباء المعتمدة على الغاز (التي تتعرض للتوقف استجابة إلى دعوات الحياد الكربوني والطاقة النظيفة)، يتعين اللجوء إلى الاستيراد وإضافة المزيد من الأعباء المالية على كاهل المملكة المتحدة.

ولن يقتصر الاستيراد حينها على الغاز فقط، وإنما سيمتد إلى السيارات الكهربائية إذا ما نجحت إستراتيجية "وطنية الطاقة" في إقناع المستهلكين بتحمل أعباء تكلفة الشراء والرسوم تلبية لأهداف الحياد الكربوني.

وفي هذه الحالة، تصبح السيارات الكهربائية الصينية الخيار الأفضل للمشترين في المملكة المتحدة، لانخفاض سعر طرازاتها مقارنة بنظيرتها البريطانية المنتجة محليًا.

ويعزز ذلك من هيمنة الصين على مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا بصورة عامة، والمملكة المتحدة بصورة خاصة، وهو أمر يشكل قلقًا على مستوى قادة القارة العجوز.

ولا يقتصر شبح الاستيراد على الغاز والسيارات الكهربائية فقط، وإنما يمتد إلى الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وغيرها من مكونات صناعة الطاقة المتجددة، خاصة في ظل فرض ضرائب ورسوم على إنتاج هذه المعدات محليًا، وعلى الاستثمار في مصادر الوقود الأحفوري أيضًا.

منصة للنفط والغاز في بحر الشمال
منصة للنفط والغاز في بحر الشمال - الصورة من STV News

إستراتيجية أمن الطاقة

يتزامن الاضطراب الذي يحيط بمسار التخلص من الوقود الأحفوري في المملكة المتحدة، والتوسع في مصادر الطاقة النظيفة، مع توترات جيوسياسية هائلة في أسواق الطاقة العالمية.

وتشهد أسعار الغاز تقلبًا واسع النطاق خلال العامين الأخيرين، مع الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات المفروضة على موسكو، بالإضافة إلى ذلك فإن الصراع الذي يشهده الشرق الأوسط قد يعرّض إمدادات النفط للخطر، بخلاف تلف خطوط الكهرباء البحرية من حين إلى آخر.

ولتجاوز هذه العوامل كافّة، تشدد جيل كيربي في مقالها على أن الحل الأمثل بالنسبة إلى المملكة المتحدة يتمثل في تبني إستراتيجية تضمن أمن الطاقة بصورة ذاتية.

ووصفت المطالبات بالتخلص من الوقود الأحفوري بأنها "تشويه للواقع" الذي تعانيه المملكة المتحدة، مطالبة بالتعامل مع مثل هذه المطالبات بالاحتقار وعدم التقدير.

وأكدت كيربي ضرورة تعزيز استثمارات النفط والغاز في بحر الشمال بهدف زيادة الإنتاج، داعية إلى التوسع في التكسير المائي (الهيدروليكي) لضمان أمن الطاقة محليًا.

وقالت إن هذه الخطوة تشبه إلى حد كبير السياسة التي تبنتها أميركا، ودفعتها خلال السنوات الـ5 الفائتة إلى تعزيز الإنتاج المحلي والانطلاق نحو التصدير، في الوقت الذي عانت فيه المملكة المتحدة الاضطراب بين مساعي التخلص من الوقود الأحفوري والمضي قدمًا لتحقيق الحياد الكربوني وتوسعات الطاقة النظيفة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق