التقاريرتقارير السياراتتقارير منوعةرئيسيةسياراتمنوعات

أسعار الليثيوم تهبط بقوة.. هل تنجح السعودية والإمارات في إنتاجه محليًا؟

هبة مصطفى

شهدت أسعار الليثيوم تقلبات عنيفة خلال عامين، وتأرجحت مستويات الأسعار من الارتفاع القياسي إلى الانخفاض، بعدما تراجع الطلب على السيارات الكهربائية.

وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة لسوق المعادن، فإن أسعار المعدن تُعد حساسة لمعدل الطلب على السيارات الكهربائية، وكلما زاد الإقبال على شراء هذه السيارات ارتفعت أسعار المعدن إثر تفوق الطلب على العرض.

وبالمثل، تنخفض أسعار الليثيوم -الذي يُطلق عليه (المعدن الرخو اللين) ويكتسب اللون الأبيض الفضي- في حال هدوء الطلب على السيارات الكهربائية وتراجعه، خاصة أنه يُعد مكونًا رئيسًا خلال تصنيع بطاريات السيارات.

تقلبات الأسعار

في المدة من عام 2022 حتى العام الجاري 2024، هبطت أسعار الليثيوم من حاجز 80 ألف دولار للطن المتري، إلى نطاق 13 ألف دولار للطن خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

ويبدو أن الاضطرابات التي شهدتها سوق الطاقة العالمية عام 2022، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، امتدت للمعادن -أيضًا- وسادت مخاوف من نقص المعروض العالمي من الليثيوم.

وتزامن ذلك مع توقيت حرج للغاية، إذ تسابقت الحكومات في الالتزام بمعدل انتشار طموح للسيارات الكهربائية على الطرق، وشرعت الشركات في زيادة إنتاجها وإنتاج طرازات متنوعة عاملة بالبطاريات، ما تسبب في ارتفاع أسعار الليثيوم نتيجة زيادة الطلب عليه.

منجم ليثيوم في تشيلي
منجم ليثيوم في تشيلي - الصورة من WSJ

ومع الهدوء النسبي في وتيرة خفض انبعاثات النقل، وبدء ظهور عيوب قاتلة في السيارات الكهربائية -مثل حرائق البطاريات وقصر مدة ونطاق البطارية- بدأت مبيعاتها في التراجع، ما أثر في معدل الطلب وخطط التصنيع.

وتدرج الأمر ليخسر الليثيوم 80% من قيمته خلال العام الماضي 2023، قبل أن يستهل العام الجاري (في يناير/كانون الثاني 2024) بالاستقرار عند 13 ألفًا و200 دولار للطن.

أبرز اللاعبين

تأثرت أسعار الليثيوم بحجم المعروض ومعدل الطلب، خاصة في أكبر أسواق المعدن العالمية، إذ بلغ معدل استهلاك الصين للمعدن -الرئيس بالنسبة إلى عملية انتقال الطاقة وتصنيع البطاريات- 63% من الاستهلاك العالمي في 2023.

ويتزامن ذلك مع توسعات ومستهدفات صينية للسيطرة على حصة كبيرة ضمن مبيعات السيارات الكهربائية، إذ تخطط أكبر الاقتصادات الآسيوية للهيمنة على 60% من مبيعات العام الحالي العالمية (امتلاك 6 سيارات من أصل كل 10 سيارات مبيعة).

وتحصل الصين على إمداداتها من الليثيوم عبر مسارين: الإنتاج المحلي لجزء من الاحتياج، والانضمام بكثافة إلى استثمارات خارجية في مواقع إنتاج موثوقة، مثل الحصول على حصة أغلبية في أكبر مناجم المعدن غرين بوشز (Green Bushes) الأسترالي.

وبالإضافة إلى ذلك، يندمج مستثمرون صينيون بحصص كبيرة في مشروعات أخرى، في: تشيلي، وكندا، وزيمبابوي.

ويبدو أن كثافة الإنتاج أتت بثمار عكسية، إذ زاد المعروض بوفرة في ظل سباق خاضه المنتجون لتلبية الطلب على المعدن وطموحات صناعة السيارات الكهربائية، وهو أمر لم يستمر طويلًا.

أين المعضلة؟

انخفضت أسعار الليثيوم مع تراجع الطلب على المعدن، وفاق المعروض منه أحجام الطلب في 2023، وفق صحيفة إربيان غولف بيزنس إنسايتس (AGBI).

وانتشرت طرق عدة للكشف عنه واستخراجه، أبرزها: التنقيب في المناجم عن الصخور التي تضم آثار المعدن، وهي وسيلة وفرت 57% من حجم الإمدادات العالمي خلال العام الماضي، في حين استُخرجت الحصة المتبقية عبر عملية تقطير المياه المالحة.

وتمنح وسيلة الإنتاج الثانية دعمًا قويًا للمعروض من الليثيوم، وتجعله أحد أكثر المعادن توافرًا، خاصة أن المياه المالحة ممتدة في مواقع عدة بسهولة وغير مستغلة بالقدر الكافي.

وتُستخرج حصة تقارب نصف معروض الليثيوم العالمي من أستراليا، في حين تُسهم تشيلي بما يقارب ربع الإنتاج.

وبرزت شركتان في هذا المجال بقوة، شركة إس كيو إم (SQM) وهي شركة تشيلية، وشركة ألبيمارل (Albemarle) الأميركية التي تتخذ من ولاية كارولينا الشمالية مقرًا لها، واستحوذت كل منهما على حصة قدرها 20% من معروض الليثيوم العالمي خلال العام الماضي.

ويتبيّن من طرق الإنتاج، وانتشار المواقع الغنية بالإمدادات، أن انخفاض أسعار الليثيوم كان بسبب زيادة المعروض في وقت يعاني به الاقتصاد الصيني وحجم مبيعات السيارات الكهربائية تراجعًا.

ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز الدول المُنتجة لاحتياطيات الليثيوم عالميًا:

التعدين في زيمبابوي

فرص دول الخليج

تسيطر الصين بنسبة كبيرة على سوق الليثيوم، سواء من حيث طموحات الإنتاج أو معدل الاستهلاك، لكن على الجانب الآخر بدأ نجم دولتين خليجيتين يسطع في هذا المجال.

وكشفت دولتان خليجيتان عن طموح اقتحام مجال إنتاج معدن الليثيوم، بالتزامن مع خوضهما تجربة مثيرة للإعجاب في تصنيع السيارات الكهربائية، ضمن إطار مساعي انتقال الطاقة.

وحتى الآن، تُعد أسعار الليثيوم المنخفضة، ووفرة المعروض منه، أبرز التحديات التي تواجه خطط الإنتاج لدى السعودية والإمارات، لكن يبعث التطور الأميركي والكندي في هذا الشأن برسالة طمأنة إلى حد كبير.

وأزاحت شركتا أرامكو السعودية (Aramco) وأدنوك الإماراتية (Adnoc)، خلال شهر مارس/آذار الجاري، الستار عن نيتهما اقتحام سوق الليثيوم والاستثمار في استخراج الليثيوم بطريقة ثالثة عبر الاستفادة من المياه المالحة الكامنة في آبار النفط.

1) السعودية:

كشفت شركة معادن السعودية (Maaden)، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن عزمها التعاون مع صندوق مشروعات الابتكار لدى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، بهدف إطلاق مشروع تجريبي لاستخراج الليثيوم من مياه البحر.

وتُعد هذه الخطوة تحديًا جديدًا للصناعة في المملكة، إذ تتطلب طريقة الاستخراج المذكورة استهلاك كميات هائلة من الطاقة، وهو أمر غير صعب بالنسبة إلى دولة تملك إمدادات الطاقة بوفرة.

وكان الخيار الأفضل هو البحث عن وسائل استخراج للمعدن تضمن مكاسب أعلى، خاصة أن إمداداته في مياه البحر المالحة تتسم بالتركيزات المنخفضة.

ووقع خيار المملكة على طريقة استخراج فريدة من نوعها، ويمكن القول إنها تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، إذ يعزز استفادتها من تدفقات المياه المالحة المستعملة في عملية ضخ النفط خارج الآبار المتهالكة وسيلة أفضل.

ويعزز ذلك من تنفيذ السعودية أهدافها المناخية بالتوسع في الطاقة النظيفة وزيادة نشر السيارات الكهربائية، جنبًا إلى جنب مع الاستمرار في عمليات تطوير النفط والوقود الأحفوري.

ولا يقتصر طموح شركة معادن السعودية على استخراج معدن الليثيوم فقط، لكنه يمتد إلى معادن أخرى، خاصة أن عددًا من كبريات شركات تصنيع السيارات الكهربائية افتتحت مصانع لها في المملكة.

ومثالًا على ذلك، تعكف شركة إي في ميتالز (EV Metals) الأسترالية على إنشاء مصنع لها، في مدينة ينبع السعودية، وهي المدينة ذاتها. إذ اختارت شركة لوسيد موتورز (Lucid Motors) الأميركية -في سبتمبر/أيلول 2023- افتتاح مصنع لها.

ويتزامن ذلك مع إطلاق العنان لشركة سير (Ceer) المحلية لبدء إنتاج السيارات الكهربائية، وتعزيز هذا المسار ببناء مصنع للشركة في المملكة.

منجم تابع لشركة ألبيمارل الأميركية
منجم تابع لشركة ألبيمارل الأميركية - الصورة من C&EN

2) الإمارات:

تتعلق أنظار المنتجين الجُدد بمستويات أسعار الليثيوم وحجم المعروض منه، لكن هذا لم يمنع الإمارات من اقتحام سوق تصنيع السيارات الكهربائية، وإنتاج الليثيوم محليًا.

ويبدو أن أسعار الليثيوم الضعيفة لم تُخمد تفاؤل المحللين، إذ تُشير التوقعات إلى زيادة الطلب على البطاريات في ظل محاولات تعافي سوق السيارات الكهربائية، ومن شأن ذلك أن يؤثر في حجم الطلب على المعدن.

ولم يكن طموح الإمارات ببعيد عن الخطوات التي اتخذتها السعودية، فالدولتان الخليجيتان تسعيان لإنتاج الليثيوم محليًا، جنبًا إلى جنب مع التوسع في تطوير شركات إنتاج السيارات المحلية.

وتؤدي شركة ليبيديكو (Lepidico) الأسترالية دور وسيط الشحن، لنقل تركيزات معدن الليثيوم المستخرجة من ناميبيا إلى مدينة خليفة الصناعية (التي يطلق عليها كيزاد KIZAD)، تمهيدًا لإنتاج البطاريات منها.

وفي سياق موازٍ، تستهدف الإمارات -التي تتبنى إستراتيجية للتطوير الصناعي، ممتدة لنحو 10 سنوات- إنتاج السيارات الكهربائية محليًا، وتُعد شركة إن دبليو تي إن (NWTN) ذراعها الرئيسة لتنفيذ ذلك.

وفي ظل الإمكانات الواعدة التي تتمتع بها دول الخليج من فرص لإنتاج الطاقة المتجددة، تزداد فرص تطوير صناعة البطاريات وسلسلة توريدها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق