توقعات أسعار النفط لمدة 3 أشهر.. وأنسب سعر للسعودية وأوبك+
دينا قدري
تواصل توقعات أسعار النفط جذب انتباه المراقبين في السوق، نظرًا إلى الظروف الجيوسياسية والاقتصادية التي تلقي بظلالها على توقعات المحللين.
وحسب الرصد اليومي لمنصة الطاقة (مقرها واشنطن)، فقد استهلت أسعار النفط بداية عام 2024 عند نطاق يتراوح بين 75 و78 دولارًا، ثم ارتفعت في المدّة الأخيرة إلى 80-87 دولارًا، وفي 19 مارس/آذار 2024، تجاوز خام برنت حاجز الـ87 دولارًا للمرة الأولى منذ بداية العام، استمرارًا لحصد المكاسب
فيما رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال عام 2024 إلى 1.3 مليون برميل يوميًا، مقابل 2.3 مليون برميل يوميًا في 2023.
من جانبها، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة آراء نخبة من الخبراء حول توقعاتهم لأسعار النفط في الربع الثاني من عام 2024، ومدى إمكان ارتفاعها إلى 90 دولارًا.
توقعات أسعار النفط في الربع الثاني 2024
توقع المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، استمرار أسعار النفط عند النطاق الحالي بين 81 و85 دولارًا، نظرًا إلى ظروف المنطقة الجيوسياسية والاقتصادية في شرق آسيا، خاصةً في الصين.
وقال الريامي -في تصريحات خاصة لمنصة الطاقة المتخصصة- إن هذا السعر هو الأفضل حتى الربع الثالث أو الرابع من العام، لأن الظروف غير مستقرة وغير مشجعة على ارتفاع أسعار النفط، مؤكدًا أنه لا يوجد مبرر لارتفاع الأسعار إلى 90 دولارًا.
وأشار الريامي إلى أن تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية الذي يتحدث عن سعر 87 دولارًا في المتوسط بنهاية العام "متفائل جدًا"، إلا إذا حدثت تطورات في المنطقة فيما يتعلق بالظروف الجيوسياسية.
ومن جانبه، قال كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، إن توقعات أسعار النفط تشير إلى نطاق يتراوح بين 78 و85 دولارًا، مع تأثر التعديلات بالإنتاج العالمي والظروف الاقتصادية والطلب.
وقال شوكري -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "باختصار، في حين أن الزيادة متوقعة، يشير الإجماع إلى أن الأسعار قد لا تصل إلى 90 دولارًا للبرميل".
وأشار رئيس شركة رابيدان إنرجي الأميركية بوب مكنالي، إلى أن أسعار النفط الخام بصورة عامة ستظل في النطاق الحالي حتى نهاية العام الجاري (2024).
إلا أنه رأى أن المخاطر الاتجاهية لأسعار النفط (الناجمة عن الحركة في أسعار الأسهم والفائدة) في وقت لاحق من العام، تُعد أعلى بسبب مخاطر الاضطرابات الجيوسياسية.
في سياقٍ متصل، صرّح محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، بأنه من المتوقع أن تظل أسعار النفط في نطاقها الحالي خلال الربع الثاني من 2024.
وقال: "ما نزال نرى بعض الضعف في جانب الطلب، ليس فقط من الصين، ولكن أيضًا من اقتصادات حوض المحيط الأطلسي مثل الولايات المتحدة، وفي أوروبا".
وأضاف -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "لذلك، نعتقد أن استمرار التخفيضات من قبل أوبك+ عند المستويات الحالية أمر ضروري".
ويرى الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة شعيب بوطمين، أن تمديد الخفض الطوعي الذي أقره تحالف أوبك+ مؤخرًا حتى نهاية الربع الثاني من 2024، والبالغ نحو 2.2 مليون برميل يوميًا، سيسهم في استقرار أسعار النفط -ولو نسبيًا- في الأسابيع المقبلة.
وأكد أنه ليس العامل الوحيد المؤثر في سوق النفط العالمية، إذ هناك بعض التأثيرات الجيوسياسية والسياسية والأزمة الاقتصادية العالمية التي تؤدي دورًا مهمًا في تحديد ملامح السوق.
وقال: "بناءً على هذه المعطيات، أرى من الصعب أن يبلغ سعر خام برنت 90 دولارًا في الربع الثاني من 2024".
كما توقعت مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس"، المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن يظل خام برنت في نطاق 75-80 دولارًا في الربع الثاني من عام 2024، مؤكدة أن المعنويات الاقتصادية ستظل ذات تأثير كبير في أسعار النفط.
وقالت إنه على الرغم من وجود بعض الثقة في السوق الآن فيما يتعلق بـ"الهبوط الناعم" في أميركا (تباطؤ التوسع الاقتصادي دون أن يؤدي إلى ركود)، "ستستمر نوبات الشك والقلق"، على الأقل حتى يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، ويصبح تيسير السياسة النقدية أكثر وضوحًا.
وأضافت أنه ما يزال من غير الممكن التنبؤ باتجاه الحرب في قطاع غزة، وقد يؤدي اندلاع حرب إقليمية إلى تعطيل الإمدادات من الشرق الأوسط، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط نحو 90 دولارًا، "لكن مثل هذا التصعيد ليس وجهة نظري الأساسية"، وفق ما أكدته هاري في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة.
مستوى الـ90 دولارًا مطروح.. ولكن!
في سياقٍ متصل، توقع محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري، جيوفاني ستانوفو، أن يصل سعر خام برنت إلى 86 دولارًا للبرميل في منتصف عام 2024، مدعومًا بنقص المعروض في سوق النفط.
وحول توقعات أسعار النفط، ترى رئيسة شركة "إي إس إيه آي إنرجي" لتحليل سوق الطاقة، سارة إيمرسون، أنه من المرجح أن ترتفع الأسعار مع انتهاء أعمال صيانة المصافي، وارتفاع الطلب على النفط الخام موسميًا.
وشددت -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- على أن مدى ارتفاعها سيعتمد على مدى تنفيذ أوبك+ لقيود الإنتاج خلال الربع الثاني من العام.
وشاركها الرأي رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست" بول هيكن، إذ صرح بأنه من المرجح أن ترتفع أسعار النفط في الأشهر المقبلة، نظرًا إلى تخفيضات إنتاج أوبك+.
ولكنه أشار إلى أنه لا يُمكن استبعاد مستوى 90 دولارًا للبرميل، رغم أنه يبدو أن هناك رغبة قليلة في دفع النفط إلى الارتفاع الكبير، بالنظر إلى أساسيات العرض والطلب على النفط، وأن أي تحول كبير في الأسعار سيؤدي على الأرجح إلى بدء أوبك+ التراجع عن التخفيضات، عندما يجتمع المنتجون في بداية يونيو/حزيران 2024.
وقال هيكن -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "نحن حاليًا في وضع جيد بالنسبة إلى النفط بالأسعار الحالية، فالمستهلكون لا يشتكون، ويبدو المنتجون مرتاحين".
وتابع: "حتى إن بعض اللاعبين في السوق قد يقولون إن الأسعار مملة.. وهذا دليل على الاستقرار الذي جلبه تحالف أوبك+ إلى السوق، على الرغم من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي".
ومن جانبه، أشار الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن، إلى أن تصريحات قادة أوبك+ تُشير إلى أنه يبدو أن معظمهم يتوقعون أن يكون نطاق السعر نحو 80 دولارًا للبرميل.
وتوقع وودرشوفن ارتفاع الأسعار، إذا لم يضرب الركود الأسواق الكبرى، وهو ما لا يلوح في الأفق بعد، واستمر الطلب كما يظهر حاليًا.
ورأى أن الأسعار الحالية منخفضة للغاية، بالنظر إلى الضغوط الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية أو عدم الاستقرار، مشيرًا إلى أن الأسعار ستكون -في الوضع الطبيعي- أعلى بمقدار 10 دولارات للبرميل عما هو عليه الحال الآن.
وقال: "دون مخاوف الركود، أو الأزمة المالية الصينية، فإن مستويات الأسعار عند 90 دولارًا للبرميل لن تشكّل مشكلة كبيرة"، وفق تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة.
هل السعر الحالي مناسب لـ"أوبك+"؟
بشأن ما إذا كانت أسعار النفط الحالية مناسبة للسعودية ودول أوبك+، ترى مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس"، المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن سعر النفط الخام المثالي هو الأعلى بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية.
وقالت: "قد تكون المستويات الحالية مقبولة بالنسبة إلى المملكة، وهو ما يعني أيضًا بالنسبة إلى أعضاء أوبك+ الآخرين"، في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة.
وتابعت: "لكن ليس لدى السعودية ولا الأعضاء الآخرين خيار حقيقي.. فمن الصعب أن نتصور أن الأعضاء الحاليين يشاركون في تخفيضات طوعية من شأنها أن تقلص الإنتاج بصورة أكبر.. وأشك في أن أيًا من الأعضاء المتبقين لديه الرغبة في المشاركة بتخفيضات".
وأكد كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، أن النطاق السعري الذي يتراوح بين 80 و85 دولارًا للبرميل يُعد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية ودول أوبك+.
وأشار إلى أن سعر التعادل (النقطة التي تتساوى عندها التكلفة مع الإيرادات) في السعودية، الذي يقدره صندوق النقد الدولي بنحو 86 دولارًا للبرميل، يؤكد الحاجة إلى الحفاظ على الأسعار عند هذا المستوى أو أعلى منه لتحقيق أهداف الإنفاق المخطط لها.
وقال -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "يتجلى دور السعودية في أوبك+ من خلال تخفيضات الإنتاج، ما أدى إلى استقرار أسعار النفط في نطاق 80 إلى 85 دولارًا للنصف الأول من العام".
وشاركه الرأي محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، الذي أكد أن الأسعار الحالية بين 80 و85 دولارًا مناسبة إلى حد كبير للمملكة العربية السعودية والعديد من دول أوبك+ الأخرى.
وأضاف أنه من الطبيعي أن يحرص البعض على رفع الأسعار، لكن دول أوبك لم تفضل تاريخيًا أوقاتًا طويلة من الأسعار المرتفعة، لأنها تدرك أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تقليل الطلب على نفطها، ويضرها على المدى الطويل.
كما قال رئيس شركة رابيدان إنرجي الأميركية بوب مكنالي، إن السعودية ودول أوبك+ مرتاحون عمومًا للأسعار عند المستويات الحالية، مشددًا على أنهم لا يستهدفون الأسعار على أساس سنوي، وإنما يهدفون إلى منع التقلبات الكبيرة في المخزونات.
من جانبه، أشار المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، إلى أن الدول تختلف في وضع موازناتها، خاصةً اعتمادها على النفط بصفته مصدرًا أساسيًا للدخل الوطني.
وقال الريامي -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "إذا أخذنا السعودية مثالًا، فلا يكفي الـ83-85 دولارًا لتغطية العجز في الموازنة، ولكنه مناسب للظروف الحالية، وكلما ارتفع السعر أكثر كان ذلك مفيدًا للمملكة".
وتابع: "لكن بالنسبة إلى الإمارات أو سلطنة عمان، سعر 81-83 دولارًا في المتوسط يُمكن أن يكون مناسبًا جدًا".
ويرى الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة شعيب بوطمين، أن سعر 77 إلى 80 دولارًا قد يكون السعر الأنسب للمنتجين وحتى المستهلكين، ولكن تخطي سعر 85 دولارًا للبرميل سيشجع الإنتاج خارج منظمة أوبك "وسينقلب السحر على الساحر"، في حين أن أسعار تحت 75 دولارًا لا تخدم كثيرًا أوبك+ اقتصاديًا، لأنها لا تخدم معادلة السعر مع الكمية مقارنةً بما تخفض يوميًا.
وأوضح -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن المشكلة المطروحة الآن هي أن دول أوبك+ تخفض الآن نحو 5.8 مليون برميل يوميًا، وعلى الرغم من استمرارية حربين في أوكرانيا وفلسطين المحتلة، فإن الأسعار تبلغ 83 دولارًا تقريبًا، أي أن التحالف يخسر بعضًا من حصته السوقية لصالح بعض المنتجين من الخارج.
ورأى الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن، أنه حتى الآن لا تشكّل الأسعار مشكلة بالنسبة إلى الزعيمين الحقيقيين في أوبك، السعودية والإمارات، مشيرًا إلى أن الأسواق المالية العالمية ما تزال مفتوحة للغاية للاستثمار داخل السعودية والإمارات وغيرهما.
وبالنسبة إلى الأطراف الأخرى في أوبك، مثل العراق وإيران ونيجيريا، فإن الوضع أكثر إلحاحًا، لكنها جميعها غير قادرة فعليًا على زيادة الإنتاج بصورة كبيرة أو الوصول إلى الأسواق، وفق تصريحات وودرشوفن لمنصة الطاقة المتخصصة.
وتابع: "أما روسيا فهي قصة أخرى، فما دامت العقوبات قائمة، فإن البلاد لم تتعرض لضربة شديدة بعد.. مستويات الأسعار الحالية جذابة للغاية، ما دام المستهلكون الآسيويون يأخذون كل شيء".
ومع ذلك، أكد أنه إذا تغيرت هذه العوامل، أو استمر تعرض عمليات التنقيب والإنتاج والتكرير في روسيا لضربات أوكرانيا والعقوبات، فستكون هناك ضغوط متزايدة لرفع الأسعار.
موضوعات متعلقة..
- ارتفاع أسعار النفط وهبوط المخزونات العالمية.. ما دور أوبك+ وتوترات البحر الأحمر؟
- الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا.. 8 خبراء يرسمون توقعات أسعار النفط
- أسواق الطاقة تترقب 3 صدمات.. وأسعار النفط قد ترتفع 15% (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- صادرات الغاز المسال الأميركية تتجنب قناة السويس.. 46 شحنة تطوف حول أفريقيا
- أكبر طائرة شحن في العالم قد تضاعف إنتاجية طاقة الرياح (صور)
- باحثون يستفيدون من عيوب الخلايا الشمسية لتحسين كفاءتها
- استدعاء 232 ألف سيارة كهربائية من 12 طرازًا بسبب عيوب فنية