التقاريرأسعار النفطتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفطوحدة أبحاث الطاقة

لماذا لم تتأثر أسعار النفط كثيرًا بالمخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط؟ (تحليل)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • اضطرابات الشحن في البحر الأحمر تؤثر في 15% من النفط الخام المتداول عالميًا
  • هجمات الحوثيين على السفن والضربات الأميركية المضادة زادت من مخاوف أسواق النفط
  • استجابة أسعار النفط للحرب في غزة وتوترات الشرق الأوسط لم تكن كبيرة
  • أساسيات السوق تؤثر في أسعار النفط أكثر من المخاطر الجيوسياسية
  • دول الخليج تتمتع بطاقة إنتاجية فائضة وموقفها من الحرب ما زال حذرًا

شغلت حركة أسعار النفط أنظار المراقبين وخبراء الأسواق العالمية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تبعها من توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط وتضرر حركة الشحن عبر البحر الأحمر، لكن الأسعار لم تُظهر ردة فعل قوية على هذه الأحداث.

وزادت مخاوف المراقبين بشأن ارتفاع أسعار الخام منذ إعلان الولايات المتحدة وبريطانيا توجيه ضربات عسكرية مباشرة إلى جماعة الحوثيين المستهدفة للسفن في مضيق باب المندب، ثم الجماعات المسلحة المستهدفة للقواعد العسكرية الأميركية في سوريا والعراق.

وأدت ظروف الحرب وهجمات الحوثيين على السفن إلى تعطل ممرات الشحن الرئيسة في البحر الأحمر، التي يمر عبرها نحو 6 ملايين برميل نفط يوميًا، أو ما يعادل 15% من النفط الخام المتداول في العالم، بالإضافة إلى 3 ملايين برميل يوميًا من المشتقات النفطية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

لماذا لم ترتفع أسعار خام برنت؟

أبدت أسعار النفط استجابة ضعيفة إلى المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن توترات الشرق الأوسط منذ الحرب على غزة، خلافًا لاستجابتها العالية للحرب الأوكرانية في عام 2022، بحسب تحليل صادر عن شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي".

ويرجع السبب في ذلك إلى أن أسعار الخام عادة ما تتأثر بأساسيات السوق أكثر من المخاطر الجيوسياسية ولو كانت متصاعدة، وهو ما لم يحدث منذ الحرب على غزة، إذ ما تزال أساسيات السوق جيدة رغم المخاطر الظاهرة.

أسعار النفط

واستمر تداول خام برنت إلى حد كبير في نطاق يتراوح بين 75 و81 دولارًا للبرميل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الآن، ما يعكس وفرة في المعروض وضعف المعنويات بشأن الطلب، على الرغم من التوتر المتزايد والهجمات الصاروخية في الشرق الأوسط.

وتستعمل أسعار خام برنت معيارًا لتسعير قرابة 70% من إنتاج النفط العالمي، خاصة في الأسواق الأوروبية والأفريقية، وعادة ما يُباع بسعر أعلى من سلة نفط أوبك بفارق دولار للبرميل، ما يجعله محط أنظار المراقبين لحركة أسعار النفط العالمية.

لماذا لم تؤثر الهجمات الصاروخية؟

يعتمد تأثير الهجمات الصاروخية في أسعار النفط على الأماكن التي تستهدفها، فإذا نجحت في تدمير البنية التحتية لإنتاج النفط أو معالجته أو نقله على نطاق واسع، حينها سيكون تفاعل سوق النفط مع المخاطر أعلى وأكبر.

بينما يتوقع أن تظل استجابة السوق ضعيفة أو متأرجحة إذا ظلت الهجمات الصاروخية المتبادلة بعيدة عن المنشآت النفطية المؤثرة مثل حقول النفط والغاز ومحطات التكرير وخطوط الأنابيب والمواني وغيرها، بحسب تحليل وود ماكنزي.

وحتى الآن ما تزال إيران تحاول تجنب توسيع الاضطرابات الإقليمية أو مهاجمة البنية التحتية لإنتاج النفط ومعالجته حتى الآن، أو الدخول في حرب مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، في الوقت نفسه تبدو واشنطن غير راغبة -أيضًا- في ذلك، مع حرصها على توجيه ضربات عسكرية محسوبة وحذرة تجاه الجماعات المسلحة المنخرطة في استهداف السفن والقواعد الأميركية.

ويشترك تحليل خبراء وود ماكنزي لآثار الهجمات الصاروخية، مع تحليل خبير أسواق الطاقة الدكتور أنس الحجي، الذي رجح مبكرًا تأثر أسعار النفط بصورة محدودة تتراوح بين 2 و3 دولارات فقط، على خلاف بعض المحللين الذي ذهبوا إلى توقعات مبالغ فيها، مستحضرين حالة حرب أكتوبر 1973 التي ارتفعت فيها الأسعار بنحو 20 دولارًا أو أكثر.

ويستند الحجي في توقعاته لأسعار النفط إلى أن نمط الهجمات العسكرية الحالي لم يُحدث أي دمار لأي طاقة إنتاجية في دول المنطقة على الإطلاق، بل كل ما هنالك هو زيادة المخاطرة من جهة، وزيادة وقت الدوران حول أفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح من جهة أخرى.

المقاطعة النفطية عام 1973

كما تختلف الهجمات الحالية على بعض السفن المارة من البحر الأحمر، عن الهجمات الضخمة التي حصلت على أرامكو في سبتمبر/أيلول 2019، والتي دمرت جزءًا من الطاقة الإنتاجية ورفعت الأسعار بنحو 20 دولارًا للبرميل، بحسب الحجي.

ويمكن لمثل هذه الهجمات أن تؤثر في الأسعار بصورة خفيفة، لكن لا يمكنها أن تمثل تهديدًا كبيرًا يرفع الأسعار على غرار السبعينيات، خاصة أنه لا يوجد حظر لصادرات النفط العربية أيضًا، بحسب الحجي.

مرونة إنتاج النفط والطاقة الفائضة الكبيرة

اقتربت الحرب في الشرق الأوسط من كبرى الدول المنتجة للنفط في منطقة الخليج -العراق والسعودية والإمارات والكويت- لكن إنتاجها لم يتأثر من جهة، كما أنها لم تنخرط في الحملات التي تدعو إلى وقف تصدير النفط العربي إلى الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل، كما حدث في أثناء حرب أكتوبر 1973.

بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الدول المنتجة للنفط في الخليج ومنظمة أوبك بطاقة إنتاجية فائضة سهلة يمكن اللجوء إلى تشغيلها في حالة تعطل الإمدادات، ما يكسبها مناعة أكبر ضد التوترات الجيوسياسية المحيطة.

ويقدر حجم الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى المنتجين الكبار في الشرق الأوسط -السعودية والإمارات والكويت- بنحو 4.8 مليون برميل يوميًا في الوقت الحالي، بما في ذلك التخفيضات التي أجرتها مؤخرًا، لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، ما يقرب من ضعف ما كانت عليه قبل عام، بحسب تحليل وود ماكنزي.

إمدادات النفط لم تتأثر كثيرًا

ظلّت إمدادات النفط متوفرة في السوق، رغم وجود تهديدات جدية بتعطلها، خاصة مع عدم تضرر المنتجين العرب، بحسب تحليل وود ماكنزي.

ويبدو التأثر الأكبر في عمليات نقل النفط بسبب هجمات الحوثيين المتزايدة على السفن في البحر الأحمر، لكن التجار وشركات الشحن تمكنوا من ضبط تدفقات شحنات النفط الخام والمنتجات المكررة، عبر توجيه مزيد من ناقلاتهم إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول مسافة ووقتًا.

وحتى الآن، لم يكن هناك تأثير يُذكر في إمدادات سوق النفط الخام العالمية، ما يفسر ضعف تفاعل أسعار النفط خلال الأشهر الماضية، لكن أوروبا تأثرت بدرجة ما نتيجة اعتمادها على واردات وقود الطائرات والديزل من الشرق الأوسط والهند.

وأسهمت اضطرابات الشحن بالبحر الأحمر في ارتفاع أسعار الشحن وأوقات الرحلات عبر الطرق البديلة لقناة السويس وباب المندب، ما أدى إلى زيادة هوامش التكرير في حوض الأطلسي، بحسب وود ماكنزي.

وتتوقع وود ماكنزي بدء ارتفاع أسعار النفط في الربع الثاني من عام 2024، مع تعزيز أساسيات السوق، وإذا لم يحدث تقوية للأساسيات، فمن المتوقع أن يحافظ تحالف أوبك+ على إستراتيجيات خفض الإنتاج الطوعي للحفاظ على توازن السوق ودعم الأسعار.

وفي كلتا الحالتين، ستبقى الطاقة الإنتاجية الفائضة في أوبك عند مستويات عالية، ما يعني أن تفاعلات أسعار النفط ستكون ضعيفة تجاه التوترات العسكرية المتصاعدة في المنطقة، ما دام الإنتاج لم يتأثر، بحسب وود ماكنزي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق