السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة تنزلق لطريق مظلم.. حل "فيات" قد ينقذها
هبة مصطفى
تشكّل مستهدفات السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة لعام 2030 تيارًا معاكسًا لواقع الانتشار ومعدل المبيعات الآخذة في التراجع بشكل لافت للنظر.
وتهدف الحكومة إلى شغل مبيعات السيارات الكهربائية حصة قدرها 80% من إجمالي المبيعات، في خطوة تمهيدية لفرض حظر على مبيعات سيارات محرك الاحتراق الداخلي لاحقًا، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وكشفت أرقام المبيعات تراجعًا، بعدما شنّت الحكومة ما يشبه الحرب ضد نشر هذه السيارات على الطرق، عبر إعلان قرارات أدت في نهاية الأمر إلى عزوف المشترين عن السيارات الكهربائية وتفضيل سيارات البنزين والديزل.
المبيعات وقرارات الحكومة
انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، منذ بداية العام الجاري 2024 حتى الآن، عن التوقعات الصادرة في مارس/آذار العام الماضي 2023 عن أحجام المبيعات.
ويبلغ معدل الانخفاض 22 نقطة مئوية (الفارق الحسابي بين نسبة المبيعات المتوقعة والواقع الفعلي)، ما يعادل أقل من 15% من إجمالي السيارات الجديدة، حسب معلومات نشرها موقع سيتي إيه إم (City A.M).
ورغم تطلُّع الحكومة إلى أن تشكّل مبيعات هذه السيارات 100% بحلول عام 2035، فإن الواقع يُنذر بصعوبة تحقيق ذلك، خاصة أن نسبة الـ15% ضئيلة للغاية، وتحتاج لجهود مكثفة لرفعها.
وبدلًا من توفير التسهيلات لزيادة المبيعات، توالت القرارات الحكومية خلال العامين الماضيين لتضع مستهدفات السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة بمهب الريح.
وجاءت الضربة الأبرز لخطط الانتشار في يونيو/حزيران 2022 بعدما قررت الحكومة إلغاء آخر حزمة دعم مقدمة للسيارات الكهربائية.
وأثارت هذه الخطوة علامات استفهام كبرى، بعدما بقيت المملكة المتحدة وحدها في قائمة الدول الأوروبية التي تمنع حوافز السيارات.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وألحق رئيس الوزراء الحالي إلغاء دعم السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، بقرار مثير للجدل أيضًا، يقضي بتمديد بيع سيارات البنزين والديزل الجديدة حتى عام 2035، بعد أن كان مخططًا إنهاء بيعها في 2030.
حل فيات
طرحت شركة فيات (Fiat) الإيطالية لتصنيع السيارات حلًا قد يسهم بإنقاذ السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، وأطلقت تحذيرًا بشأن تراجع المبيعات.
ودعت الشركة التابعة لمجموعة ستيلانتس الحكومة إلى إعادة تقديم الحوافز والمنح لمشتري السيارات الكهربائية، في محاولة لإنقاذ أهداف المبيعات والانتشار التي تتطلع الحكومة لها.
وأشار المدير التنفيذي للشركة في المملكة المتحدة، ديميان دالي، إلى أن مرحلة التحول من السيارات التقليدية إلى نظيرتها الكهربائية، تتطلب تقديم المزيد من الدعم إلى المستهلكين.
وقال، إنه رغم نشر ما يزيد عن مليون سيارة كهربائية في شوارع المملكة حاليًا، فإن سوق هذه السيارات تواجه خطرًا حقيقيًا، خاصة في مبيعات السيارات الخاصة.
وأوضح مدير الشركة -التي أطلقت طراز فيات 500 إي الكهربائي- أن هذا التراجع يتطلب جهودًا مشتركة، حتى تتمكن المملكة المتحدة من تحويل أرقام مبيعات السيارات الكهربائية إلى ما يتلاءم مع مستهدفاتها.
دفاع حكومي
بعد إلغاء دعم السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، ارتفعت أسعارها، وأضافت أعباء التكلفة والتأمين وأسعار الفائدة إلى مبيعاتها المزيد من الأعباء.
وكشفت أرقام المبيعات خلال الأشهر الأخيرة عزوفًا واضحًا في شهية الشراء، خاصة بعد أن أرجأ ريشي سوناك حظر بيع سيارات البنزين والديزل -الأقل ثمنًا- إلى عام 2035.
وسبق أن اقترح مهتمون بمستهدفات انتشار السيارات حلولًا مشابهة، خلال شهر فبراير/شباط الجاري، لحثّ الحكومة على إعادة تقديم الحوافز والمنح للراغبين في شراء السيارات الكهربائية، بما يقلّص ثمنها الباهظ، ويقترب من مستوى السيارات التقليدية التي تشهد إقبالًا.
ومقابل هذا الواقع، دافع المتحدث باسم وزارة النقل عن قرار إلغاء الحوافز والمنح؛ نظرًا لأنه دعمَ السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة لمدة تزيد عن 10 سنوات، كلّفها ما يزيد عن ملياري جنيهًا إسترلينيًا.
وأضاف أنه خلال هذه المدة، زاد انتشار السيارات الكهربائية على الطرق، لتتجاوز مليون سيارة حتى الآن، مؤكدًا في الوقت ذاته أن قرارات الحكومة الأخيرة لا ينبغي أن تُقلق المُصنّعين، لوجود التزام حكومي عبر "تفويض السيارات عديمة الكربون".
ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية خلال العام الماضي 2023:
تضارب وارتباك
مع إلغاء آخر حزم دعم السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، لجأ بعض المهتمين باقتناء هذه السيارات إلى حلول خاصة، ومن بينها التقسيط الشهري من الراتب.
وبرز دور برنامج مخطط السيارات الكهربائية (The Electric Car Scheme) جليًا في هذه الاتجاه، واتهم مؤسس البرنامج ورئيسه التنفيذي "توم غروت" السياسات التي أقرّتها الحكومة بالوقوف وراء تراجع المبيعات.
ووصف غروت سياسات الحكومة حيال السيارات الكهربائية خلال السنوات الماضية بـ"المتضاربة"، مشيرًا إلى أن المستهلك تعرَّض لحالة من "الارتباك"، ما أثّر في تراجع استعمال هذه السيارات.
وأضاف أن الحكومة أخفقت بتنفيذ مستويات المبيعات التي استهدفتها، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، انخفضت توقعات المبيعات بالفعل، لكن الواقع حاليًا يُشير إلى مبيعات أقل من التوقعات.
وأوضح أن مستوى المبيعات، منذ بداية العام الجاري (15% فقط من إجمالي السيارات الجديدة المبيعة)، قد لا يتيح تنفيذ مستهدف اكتساحها المبيعات بنسبة 100% بحلول عام 2030 أو 2035 على أقصى تقدير.
موضوعات متعلقة..
- 5 عقبات تعترض طريق السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة (تقرير)
- السيارات الكهربائية في بريطانيا للأثرياء فقط.. استنزاف للطاقة وتحديات ضخمة
- سوق السيارات الكهربائية في بريطانيا تسجل نموًا ضعيفًا خلال 2023
اقرأ أيضًا..
- الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا.. 8 خبراء يرسمون توقعات أسعار النفط
- صادرات الطاقة الأميركية تتجنب قناة السويس وتتزايد عبر بنما
- تاريخ قطاع التعدين في السعودية.. وطفرة عالمية مرتقبة (تقرير)