تقارير النفطرئيسيةنفط

حسابات مصافي الهند ترتبك بسبب صواريخ "بولوكس".. كيف تتدخل إيران وحماس؟

أسماء السعداوي

كانت مصافي الهند مطمئنة لوصول شحنات النفط الروسي قبل يوم 17 فبراير/شباط (2024)، عندما سددت جماعة الحوثي رشقات صاروخية إلى ناقلة النفط بولوكس (POLLUX) التي كانت تحمل على متنها شحنة من خام الأورال إلى ميناء براديب الهندي.

ولثاني مرة منذ اشتعال فتيل توترات البحر الأحمر، تستهدف جماعة الحوثي اليمنية المسلحة سفينة تحمل نفطًا مملوكًا لشركة روسية، وفق تقارير ترصدها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي 26 يناير/كانون الثاني 2024، استهدف الحوثيون أيضًا الناقلة أكيليس (Achilles) التابعة لشركة "إنديا غاوريك شيب مانجمنت" (India Gaurik Ship Management) عندما كانت تنقل شحنة من خام الأورال من ميناء أوست لوغا على بحر البلطيق في روسيا إلى ميناء سيكا على الساحل الغربي للهند.

وسبق استهداف الحوثيين ناقلة الوقود الروسي مارلين لواندا (MARLIN LUANDA)، ولكن كانت تملكه شركة تجارة السلع العالمية ترافيغورا (Trafigura)،

وروسيا هي أكبر مصدر للنفط إلى الهند، ورغم أن الخامات الروسية كانت لا تشغل حيزًا كبيرًا في واردات مصافي الهند قبل غزو أوكرانيا في مطلع 2022، فإن الخصومات أغرت نيودلهي بالشراء لتلبية الطلب المتزايد في أكبر بلدان العالم من حيث التعداد السكاني.

والهند هي ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، وتضاعفت مشترياتها من الخام الروسي في 2023 المنصرم، إلى 1.79 مليون برميل يوميًا.

ويبدد الهجوم الصاروخي غير المتوقع على الناقلة بولوكس تأكيدات سابقة بشأن سلامة شحنات النفط الروسية والصينية، بسبب الدعم الهندي لإسرائيل.

كما يثير المخاوف بشأن الأسعار، وتكلفة الشحن والتأمين، إذا اضطرت الناقلات إلى تجنّب عبور البحر الأحمر، ما قد يُفقد النفط الروسي بريقه.

النفط الروسي إلى مصافي الهند

في 24 يناير/كانون الثاني، حمّلت شركة روسنفط الروسية (Rosneft) 628 ألف برميل من خام الأورال الحامض متوسط الكثافة على متن الناقلة بولوكس المسجلة في بنما بمحطة في ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود، وكان من المقرر أن تُسلّم الشحنة إلى ميناء باراديب الهندي يوم 28 فبراير/شباط الجاري.

وأفادت بيانات وكالة عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة (UKMTO) ووزارة الخارجية الأميركية، باستهداف ناقلة النفط في المنطقة الواقعة شمال غرب ميناء المخا اليمني بـ3 صواريخ على الأقل، وأصاب أحدها جانب السفينة الأيسر.

الناقلة بولوكس
الناقلة بولوكس- الصورة من "bnnbreaking"

وعن تأثير الحادثة في مشتريات مصافي الهند من النفط الروسي، نفى مسؤول بصناعة التكرير المحلية وجود حالة من الذعر بالسوق حتى يوم السبت 17 فبراير/شباط، مؤكدًا أن النفط الروسي ما زال يعبر قناة السويس في البحر الأحمر.

واستبعد خبير الطاقة المقيم في لندن، تيلاك دوشي، وجود نية لدى الحوثيين للهجوم على سفن الشحن التجارية غير المرتبطة بإسرائيل، مشيرًا إلى أن حادثة "بولوكس" كانت استثناءً.

ويقول دوشي: "ليس من مصلحتهم فعل ذلك، لأن داعميهم في إيران الحليفة لروسيا والصين لن يكسبوا من تلك الأفعال".

ويشير المسؤول الهندي أيضًا إلى العلاقات الطيبة التي تجمع روسيا بإيران، لدرجة تمكّنها من السيطرة على الحوثيين.

وتقول جماعة الحوثي، إن استهدافها للسفن المتجهة إلى مواني إسرائيل بالطائرات المسيرة أو الصواريخ هدفه الضغط من أجل وقف الحرب في غزة.

كما تواصل الحركة إصابة السفن الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن، وحتى أمس 17 فبراير/شباط، وصلت حصيلة السفن المستهدفة (ومنها بولوكس*) إلى 5، وفق بيانات وكالة أمبري لأمن الملاحة، ومقرّها المملكة المتحدة (Ambrey).

دعم الهند لإسرائيل

لفت مسؤولون حكوميون إلى الدعم الذي تقدّمه نيودلهي لإسرائيل في حربها على غزة، بوصفه عاملًا مساعدًا في استهداف ناقلات النفط الروسية إلى مصافي الهند.

وربما كان ذلك الدعم هو ما تسبَّب في انقلاب حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة والحوثيين ضد الهند، ما تجلّى في استهداف السفن التي يعمل على متنها هنود أو الناقلة لبضائع متجهة إلى الهند، وفق ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "بيزنس ستاندرد" (business-standard).

ومن جانبها، حاولت الهند -بسبب تلك الهجمات- تبنّي موقف متوازن من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقال المسؤول بصناعة التكرير، إن بعض ناقلات النفط إلى الهند (ومنها الروسية) المارّة بطريق البحر الأحمر لجأت إلى إخفاء بيانات تفيد بأن وجهتها الرئيسة الهند، لكن الحوثيين يبحثون في بيانات ملكية السفينة، وليس الوجهة التي تقصدها فقط.

رئيسا وزراء إسرائيل والهند
رئيسا وزراء إسرائيل والهند- الصورة من "وول ستريت جورنال"

هل يصبح النفط الروسي غير تنافسي؟

يثير الوضع الحالي شكوكًا لدى مصافي الهند، بشأن مدى تأثّر ناقلات النفط الروسي المتجهة إلى البلاد بهجمات الحوثيين.

ويؤكد المسؤول بمصفاة تكرير هندية تديرها الدولة أن حالة عدم اليقين ستؤثّر في تنافسية النفط الروسي، ما لم تمتص موسكو ارتفاع التكاليف، وتُبقي الخصومات الحالية التي تتراوح بين 3 و4 دولارات لكل برميل.

ويقول مسؤولون بصناعة التكرير الهندية، إنه في حالة استمرار تلك الهجمات، ربما ستضطر السفن الروسية إلى اتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح الأطول، وهو ما سيزيد مدة الوصول لأسابيع، وسيرفع تكاليف الشحن، لكنهم توقّعوا أن تتدخل موسكو وإيران لحلّ الأزمة.

وتشير بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) (UNCTAD) إلى أن طريق رأس الرجاء الصالح سيرفع تكلفة الشحن والتأمين لكل ناقلات البضائع.

كما تفيد بيانات الشحن الصادرة عن شركة "إل إس إي جي" (LSEG) بأن التكاليف الإضافية لتحويل ناقلة إلى رأس الرجاء الصالح تبلغ نحو مليون دولار أميركي للرحلة الواحدة.

كما ارتفعت تكلفة الرحلة لناقلة من فئة أفراماكس المساوية في الحجم لناقلات بولوكس، بنسبة 110%.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق