أميركا تتلاعب بمخزون النفط الإستراتيجي.. وهذه خطتها لسعر 95 دولارًا (تقرير)
أحمد بدر
يتوقع الخبراء أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد يسحب من مخزون النفط الإستراتيجي لدى بلاده إذا ارتفعت أسعار النفط، ووصل سعر غالون البنزين إلى 4 دولارات، إذ إن السعر الحالي للغالون (4 لترات) 3.25 دولارًا.
وفي هذا السياق، يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أنه إذا ارتفع خام غرب تكساس الأميركي إلى نحو 90 دولارًا للبرميل، فإن إدارة بايدن ستسحب من المخزون قبل الانتخابات، سواء انخفضت الأسعار أم لا.
وأوضح الحجي -خلال حلقة من برنامجه "أنسيّات الطاقة"، قدمها على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان "أسواق الطاقة بين البيتكوين ومخزون النفط الإستراتيجي"-، أن هذا الأمر قد يختلف حوله الخبراء، ولكن يجب توضيح أمور عديدة، سواء من وجهة نظر الدول الخليجية والعربية أو من وجهة نظر الأسواق العالمية.
وأضاف: "عندما أسست أميركا وزارة الطاقة، التي افتتحت في 1977، أنشأت معها مخزون النفط الإستراتيجي، وفي الوقت نفسه تأسست وكالة الطاقة الدولية عام 1974، التي كان أحد الشروط الأساسية للانضمام إليها إنشاء مخزون إستراتيجي، يكفي 90 يومًا، من صافي واردات النفط بصورة عامة".
مخزونات الهند الإستراتيجية
يقول الدكتور أنس الحجي، إن شروط الوكالة أن تكون المخزونات من صافي واردات النفط الخام، والمقصود أنه إذا كانت الدولة تصدر يجب النظر إلى الصافي، وتخزين 90 يومًا لتصبح عضوًا، ويجب أن تثبت أن هذه الكمية موجودة، وهذا الأمر مهم من نواحٍ عدة.
وأضاف: "نجد في الأخبار أن الهند قدمت طلبًا رسميًا للانضمام إلى وكاله الطاقة الدولية، وهو أمر مهم -سياسيًا- للحكومة قبل الانتخابات، فهو يعني أن بلادهم أصبحت في مصافّ الدول المتقدمة مع دول أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا".
لكن هناك إشكالية كبيرة، وفق الدكتور أنس الحجي، وهي أنه بالنظر إلى شرط الوكالة أن تكون لدى الدولة الراغبة في الانضمام إليها مخزونات إستراتيجية تُقدر بنحو 90 يومًا من صافي الواردات، وليس مخزونًا تجاريًا، نجد أن الهند عليها شراء 450 مليون برميل، وتخزينها إستراتيجيًا لتصبح عضوة بالوكالة، في حين أنها لديها حاليًا 18 مليون برميل فقط.
وتابع: "لكننا عهدنا من الغرب الكذب والخداع، أتوقع التلاعب بهذه الطريقة وحساب المخزونات التجارية أيضًا، لا سيما مع سيطرة الحكومة على الشركات، إذ إن أغلبها شركات حكومية، فهم يحسبون المخزونات التجارية بوصفها ضمن مخزون النفط الإستراتيجي".
ولفت إلى أن المخزون الكامل "التجاري والإستراتيجي" في الهند يبلغ 90 مليون برميل فقط، في حين أن المطلوب 450 مليونًا، موضحًا أن هناك لعبة هندية، وهي أن تسمح الولايات المتحدة أو دول أخرى بما فيها دول الخليج بأن تخزن الهند نفطًا فيها.
بعبارة أخرى، وفق الحجي، أنه إذا أرادت الهند أن تشتري من الإمارات 10 ملايين برميل، فهي تشتريها ثم تطلب من الإمارات أن تخزنها لديها، لكي تفي الطلب من وكالة الطاقة الدولية، ثم تسحبها إلى أراضيها، ولكنها لا تملك إثبات أنها خزنت 10 ملايين برميل، لافتًا إلى أن الهنود يطالبون الدول الأخرى بأن تخزن لديهم.
وأشار إلى أن المضحك في الأمر أن وظيفه مخزون النفط الإستراتيجي هي الاستفادة منه في أوقات الطوارئ، ولكن كيف يمكن أن تستفيد الهند من الكميات التي تخزنها في أميركا حال حدوث أي طوارئ.
مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الولايات المتحدة حاليًا مصدر صافٍ للنفط، ومن ثم لا ينطبق عليها أي شرط من شروط وكالة الطاقة الدولية، أي أنه إذا باع الرئيس الأميركي جو بايدن مخزون النفط الإستراتيجي كله، فهذا لا يخالف قوانين الوكالة، لأن القانون يقول إن عليها أن تحتسب 90 يومًا من صافي الواردات.
وأضاف: "هناك الآن 355 مليون برميل في المخزون، يمكن التخلص منها بالكامل، ولكن المتوقع أنه إذا ارتفعت الأسعار إلى 95 دولارًا بالنسبة إلى خام برنت، فهذا يرفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة إلى 4 دولارات للغالون في المتوسط".
عندها، وفق الحجي، ستسحب إداره بايدن من مخزون النفط الإستراتيجي، والمتوقع أن تسحب بين 30 و60 مليون برميل، في محاولة -على الأقل- لمنع الأسعار من الارتفاع، لذا يجب الانتباه إلى ما تفعله الإدارة الأميركية الآن.
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن إدارة الرئيس جو بايدن قررت في البداية أنها ستعود إلى ملء مخزون النفط الإستراتيجي، لأنها سحبت 180 مليون برميل في عام 2022، إذ إنها أعلنت أنها ستشتري بأسعار أقل من 70 دولارًا للبرميل، ولكنها الآن تشتري بسعر 78 دولارًا.
وأردف: "السؤال الآن: عندما تشتري إدارة بايدن النفط بسعر 78 دولارًا لتخزينه، هل لديها ضمانات من دول أخرى أن أسعار النفط لن تنخفض عن هذا السعر؟ لأنه يبدو كذلك أن هناك بعض الضمانات".
شراء ثم بيع وشراء
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن إدارة بايدن تستهدف شراء 30 مليون برميل بحلول شهر يوليو/تموز أو أغسطس/آب قبل الانتخابات، وحال ارتفاع أسعار النفط إلى 95 دولارًا، تبيعها.
وتابع: "يريدون شراء النفط بنحو 78 دولارًا، وبيعه بنحو 95 دولارًا، أي أن جزءًا من الضمانات أن الأسعار لن تنخفض عن هذا، وهناك تخوف من ارتفاع الأسعار قبل الانتخابات، وبالتالي يحققون أرباحًا من هذه العملية".
ولفت إلى أن الملاحظ أن الإدارة الأميركية سحبت من مخزون النفط الإستراتيجي 211 مليون برميل في 2022، منها 180 مليونًا أقرها بايدن، و31 مليون برميل أقرها الكونغرس بسبب قانون الموازنة، والآن يحاولوا الشراء، إذ اشتروا حتى الآن 12 مليون برميل فقط -3 ملايين كل شهر- بسعر 78 دولارًا.
وصرح الدكتور أنس الحجي بأن أميركا تشتري 3 ملايين برميل فقط شهريًا، لأسباب تقنية، إذ إن هناك 4 أماكن يُخزّن فيها النفط، وهي عبارة عن أماكن فيها مغاور ملحية يخزن فيها النفط بكميات كبيرة، منها مكانان يخضعان للصيانة، وأحدهما للنفط الحلو، وهم لا يريدون ذلك، في حين الثاني للنفط الحامض.
وأشار إلى أن هذه المغاور -تقنيًا- لا يمكن حقنها بأي كميات تزيد على 100 ألف برميل يوميًا، فإذا اشتروا 90 مليون برميل، لا يمكنهم تخزينها، ويحتاجون إلى وقت طويل لإعادة حقنها في هذه المغاور، فكل ما يستطيعون تخزينه هو 3 ملايين برميل شهريًا.
بعبارة أخرى، وفق الحجي، فإنه بحلول موسم الانتخابات لن تكون هناك أي إضافات أكثر من 30 مليون برميل يوميًا، لذلك من المتوقع سحب هذه الكمية مرة أخرى، ثم إعادة شرائها بعد الانتخابات.
موضوعات متعلقة..
- مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي ينتظر إضافة 3 ملايين برميل
- مخزون النفط الإستراتيجي لأميركا في خطر.. هل تستطيع استعادته قريبًا؟
- كيف يؤثر مخزون النفط الإستراتيجي للدول المستهلكة في الأسعار؟ أنس الحجي يجيب (صوت)
اقرأ أيضًا..
- معلومات عن مجمع رأس لفان أكبر استثمارات قطر في البتروكيماويات
- انخفاض كبير بواردات الصين من النفط الإيراني.. وقلق حول المخزون العائم
- الغاز المسال في شرق المتوسط موضع اهتمام عالمي.. وهذا دور قطر (تقرير)