أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

كيف يؤثر مخزون النفط الإستراتيجي للدول المستهلكة في الأسعار؟ أنس الحجي يجيب (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الصين تستعمل مخزون النفط الإستراتيجي لديها لمنع أسعار النفط من الارتفاع بصورة كبيرة.

وأوضح الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة" على مساحات "تويتر"، قدّمها بعنوان "ما دور إيران في أسواق النفط العالمية؟"- أن ارتفاع المخزونات لدى الدول المستهلكة، مثل الصين والولايات المتحدة وغيرهما من الدول التي تمتلك مخزونات إستراتيجية، يؤثر بالسلب في أسعار النفط الخام.

وأضاف: "الجديد في الأمر أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أعلنت الأسبوع الماضي أنها اشترت 3 ملايين برميل من الخام المُنتَج داخل الولايات المتحدة، لإضافته ضمن مخزون النفط الإستراتيجي، رغم أنها ما زالت ستسحب نحو 10 ملايين برميل خلال الأسبوعين المقبلين".

ولفت إلى أن هناك قرارًا من الكونغرس الأميركي بسحب 26 مليون برميل من مخزون النفط الإستراتيجي خلال العام الجاري (2023)، تبقى منها 10 ملايين ستسحبها الإدارة خلال الأسبوعين المقبلين، وعندما ينتهي السحب تستطيع الشراء وإعادة التخزين.

يُشار إلى أن مخزون النفط الإستراتيجي في الولايات المتحدة كان قد ارتفع بمقدار 7.9 مليون برميل الأسبوع الماضي، ليصل إلى 467.1 مليون برميل، في حين صعدت مخزونات البنزين بمقدار 2.1 مليون برميل، وارتفعت مخزونات المقطرات بنحو 2.1 مليون برميل، وفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

لماذا تشتري إدارة بايدن النفط الآن؟

قال الدكتور أنس الحجي، إن الولايات المتحدة اشترت 3 ملايين برميل لإعادة التخزين ضمن مخزون النفط الإستراتيجي خلال أشهر الصيف، وهو أمر يتطلّب الشرح بسبب وجود أخطاء كثيرة من جانب الإعلام والمحللين، الذين أخطؤوا في تشخيص ما يحدث.

وأضاف: "إدارة بايدن أعلنت أنها ستشتري 3 ملايين برميل إضافية، بعبارة أخرى أنها ستشتري في هذا العام 6 ملايين، فما جرى سحبه من المخزون الإستراتيجي الأميركي في عام 2022 كان 211 مليون برميل، وما يجري سحبه خلال العام الجاري 26 مليون برميل، والآن تشتري 6 ملايين فقط، وهذا لا يُعد شيئًا على الإطلاق".

مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي
مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي - الصورة من موقع وزارة الطاقة الأميركية

وتابع الحجي: "طبعًا لا صحة لكلام من يروجون لفكرة ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة والأثر الإيجابي للتخزين الإستراتيجي إذا اشترت الحكومة الأميركية، فهذا الكلام باطل لسبب بسيط، هناك 4 أماكن لتخزين مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي، واحد منها ما زال شبه ممتلئ، و2 تجري فيهما أعمال صيانة ستستمر لمدة طويلة، والأخير الذي يسمى (بيغ هيل)، ليست فيه مشكلة".

وأوضح أن الأزمة أنه لا يمكن الضخ في هذه المغاور تحت الأرض، وهي مغاور عمودية وملحية، ولا يمكن الضخ فيها بأكثر من 100 ألف برميل يوميًا، ومن ثم فإن شراء 3 ملايين برميل يعني أن الضخ سيستمر على مدى شهر كامل.

ولفت الحجي إلى أنه ليكون هناك تأثير للشراء الحكومي للنفط بغرض تخزينه، يجب أن يكون بكميات كبيرة، ولكن أميركا لا يمكنها ذلك، لأنه تقنيًا لا يمكن ضخ كميات كبيرة، وحتى لو انتهت عمليات الصيانة في المحطات الأخرى وبدأ الضغط، لن يمكنهم ضخ أكثر من 450 ألف برميل يوميًا في أحسن الحالات، لذلك إذا أرادوا استعادة الـ180 مليون برميل التي سحبتها إدارة بايدن فسيحتاجون على الأقل إلى عام ونصف العام.

وأردف: "من ثمّ إذا وزّعنا هذه الكميات على مدى عام ونصف العام، نجد أنها ليس لها أثر في السوق، كما أن الدول النفطية التي توقعت أنها ستستفيد من إعادة ملء مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي لن تستفيد، لأن القرار أن يكون النفط أميركيًا وليس من بلاد أخرى".

وأشار إلى أن شركات النفط الصخري بدورها لن تستفيد على الإطلاق، بما أن الحكومة الأميركية ستخزّن النفط المتوسط الحامض، في حين أن المستفيد هو الشركات الكبيرة التي تنقّب عن النفط في خليج المكسيك فقط، وهذه تنتج من المنطقة في حدود 1.8 مليون برميل يوميًا فقط، وهناك كميات كافية، ولكن أغلب هذا يُباع إلى الأسواق الأوروبية.

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- حجم مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي خلال المدة بين 2017 و2022:

احتياطي النفط الإستراتيجي

لذلك -وفق الحجي- فإن أي قرار -حتى إذا توفرت إمكانات تقنية لضخ كميات أكبر في مخزون النفط الإستراتيجي- سيؤثر بصورة كبيرة في أوروبا، التي تحاول الولايات المتحدة دعمها في قطاع الطاقة بكل الطرق الممكنة، لكي لا تعود إلى الاعتماد على النفط الروسي مجددًا.

أثر السحب من المخزون الأميركي

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن قرار شراء 3 ملايين برميل لضمها إلى مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي ليس له تأثير كبير، ولكنّ هناك أمرًا مهمًا أثاره الخبراء، وأُثير داخل الكونغرس، وهو أمر غريب يجب التركيز عليه، إذ إن هناك مطالب داخل الكونغرس بالتحقيق فيه.

وأضاف: "الفكرة أن الـ26 مليون برميل التي يجري سحبها خلال العام الجاري سُحبت أغلبها، ولم يتبق سوى 10 ملايين برميل كلها من النفط الخفيف الحلو، وهذا متوافر في كل مكان، ولكن الشراء يجري للنفط المتوسط الحامض، الذي حاولوا شراءه من قبل ولم ينجحوا".

وتابع: "هناك شك أن بعض المغاور في (بيغ هيل) تعاني مشكلة كبيرة بعد السحب منها، إذ إن هناك فراغًا عندما يسحبون من المغاور، فإما أن يضعوا الماء فيها وإما أن يدخلها الهواء، فقد تكون جدرانها قد تأثرت بشيء ما، لذلك هم يحتاجون إلى كميات لمنع المشكلة التي تحدث، ولا أحد يعرف إن كانت هناك مشكلة تقنية أم لا".

الخبر المضحك -وفق الحجي- أن إدارة الرئيس جو بايدن عندما أعلنت خلال الأسبوع الماضي شراء 3 ملايين برميل، قالت إنها اشترت بمتوسط سعر 73 دولارًا للبرميل، وهذا سعر عال جدًا، ولا يمكن لمسؤول حكومي أن يقوم بهذا الشراء إلا إذا كانت هناك مشكلة تقنية في هيكل المغاور.

الرئيس الأميركي جو بايدن
الرئيس الأميركي جو بايدن - الصورة من بلومبرغ

وأوضح أنه "بعبارة أخرى، كل الناس تسخر من الحكومة الأميركية، فهم يتهمون بايدن بدعم الوقود الأحفوري ومعاداة المناخ، لأنه دعّم شركات النفط بأخذ أموال دافعي الضرائب وإعطائها لها، ولكن ستضحكون عندما أقول لكم إنهم اشتروا النفط بـ73 دولارًا، في حين باعوا 26 مليون برميل بسعر يتراوح بين 71 و72 دولارًا".

ولفت إلى أن إدارة بايدن بررت الأمر بأنها باعت النفط بنحو 96 دولارًا للبرميل خلال العام الماضي، وبالطبع كل الحسابات تشير إلى أنه ما من برميل سحب من مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي في 2022 إلا بِيع بخسارة.

ولكن -وفق الحجي- حال النظر إلى المنافع الاقتصادية والسياسية، فهي لا تُقدّر بثمن، وهناك دروس كثيره من هذا السحب، لأنه يحصل لأول مرة في التاريخ، وهذه الدروس غيّرت الفكر العام في مجال الطاقة، فالمنافع السياسية والاقتصادية لا تُقدّر بثمن، ولكن محاسبيًا كانت هناك خسارة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق