المقالاتغازكهرباءمقالات الغازمقالات الكهرباء

التصعيد بين باكستان وإيران وأثره في التعاون بمجال الطاقة (مقال)

أومود شوكري* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • مشروع خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان كان مستمرًا منذ نحو 10 أعوام
  • الاقتصاد الباكستاني يعاني بسبب التوترات الجيوسياسية التي أثّرت في سوق الأسهم
  • خط أنابيب الغاز المزمع بين إيران وباكستان شهد انتكاسات كبيرة بسبب الاضطرابات الجيوسياسية
  • علاقات إيران وباكستان تتميز بتداخلات معقّدة في مجال الطاقة

يمثّل التصعيد بين باكستان وإيران حلقة ساخنة في مسلسل العلاقات بين البلدين الجارين، التي اتّسمت بمراحل شدّ وجذب، ودفء وتوتّر، على مدى العقود السابقة.

يأتي هذا ضمن المشهد الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط الذي يتّسم بالتوازن الدقيق بين التعاون والصراع، في ظل التطورات المتلاحقة التي حصلت في السنوات الأخيرة.

وعلى الرغم من أن إيران واجهت تحديات على حدودها الغربية، فإن العلاقات مع باكستان في الجنوب الشرقي لم تتغير كثيرًا.

في المقابل، تضيف الضربة الصاروخية الأخيرة، التي شنّها الحرس الثوري الإيراني داخل باكستان، واستهدفت تنظيم "جيش العدل"، مستوى جديدًا من التعقيد والتداعيات المحتملة.

ورغم أن مشروع خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان كان مستمرًا منذ ما يقرب من 10 أعوام، فإن الصعوبات المستمرة تلفت الانتباه إلى تقاعس باكستان وإلقاء اللوم على قوى أخرى، وهو ما ينمّ عن الافتقار إلى الالتزام إلى حدّ مثير للقلق.

ويزيد الاحتمال الوشيك، المتمثل في الاضطرار إلى دفع تعويضات بقيمة 20 مليار دولار لإيران، من أهمية دفع باكستان مستحقات التأخير في إنجاز خط الأنابيب.

من جهته، يعاني الاقتصاد الباكستاني من التوترات الجيوسياسية التي أثّرت في سوق الأسهم، وتسببت في انخفاض قيمة السندات.

بالإضافة إلى ذلك، أدت التوغلات الباكستانية الأخيرة داخل الأراضي الإيرانية إلى ازدياد توتر العلاقات، وأثارت مخاطر اقتصادية فورية، بما في ذلك انخفاض النشاط التجاري وانقطاعات الكهرباء.

خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان

شهد خط أنابيب الغاز المزمع بين إيران وباكستان، الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية، انتكاسات كبيرة بسبب الاضطرابات الجيوسياسية، والعقوبات الأميركية، والمخاوف النووية.

وعلى الرغم من أن هذه القضايا مطروحة في المناقشات الحالية، فإن مستقبل المشروع ما يزال مجهولًا، وتتجلى الطبيعة المعقّدة لربط الطاقة بين البلدين في خط أنابيب السلام الذي يبلغ طوله 2775 كيلومترًا، وهو الآن قيد الإنشاء، ويهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من إيران إلى باكستان.

من ناحية ثانية، تمّ الجزء الإيراني، إلّا أن الجزء الباكستاني لا يشهد تقدمًا، وخُفِضَت قدرته الأولية إلى 8.7 مليار متر مكعب سنويًا.

وتعكس حالة التأخير والضبابية الحالية للمشروع التوترات الجيوسياسية المستمرة وتأثير العقوبات الأميركية.

دلائل التصعيد بين باكستان وإيران

تتميز علاقات إيران وباكستان بتداخلات معقدة في مجال الطاقة، وبترابطات تشمل التجارة والتعاون والقضايا الجيوسياسية.

وقد أبدى البلَدان رغبة بتعميق التعاون المشترك في مجالي الاقتصاد والطاقة، وقد ركّزت المحادثات على سبل تحسين التعاون في مجال الطاقة، مثل تزويد باكستان بالغاز الطبيعي والكهرباء والوقود من إيران.

رغم ذلك، فإن العلاقة تواجه عقبات، مثل التوترات الجيوسياسية والتأخير الناجم عن العقوبات الأميركية والضبابية في مشروعات الطاقة، مثل خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان.

ويُظهر التصعيد بين باكستان وإيران، متمثّلًا بالاعتداءات الأخيرة والتوترات المستمرة، أن العلاقة الهشة بين البلدين كانت تقترب أحيانًا من حافة الهاوية.

وتُعدّ المخاوف الأمنية، والبيئة الجيوسياسية الأكبر، وديناميكيات القوة الإقليمية، من بين المتغيرات التي تؤثّر في هذه الصعوبات.

ويؤكد الانقسام الحالي بين البلدين مدى أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وخصوصًا لدى أخذ الأسلحة النووية واحتمال وقوع مشكلة كارثية في الحسبان.

بوجه عامّ، تتداخل علاقات الطاقة والترابط بين باكستان وإيران بشكل معقّد مع المخاوف الجيوسياسية والأمنية الأكبر، ما يشكّل شراكة تتّسم بالعقبات الكبيرة والتعاون.

وتُظهر العواقب المالية ــ مثل انهيار سوق السندات وانحدار سوق الأوراق المالية ــ مدى تأثّر الاقتصاد الباكستاني بالقوى الجيوسياسية الخارجية، ويشكّل الوضع المتدهور بسرعة تهديدًا عاجلًا للعلاقات بين إيران وباكستان، من خلال تقليص التجارة والتسبب في نقص الطاقة.

ويسلّط تعقيد خط أنابيب السلام، الذي ما يزال قيد الإنشاء، الضوء على الشكوك المحيطة باستكماله وتأثيرات التوترات الجيوسياسية الحالية.

تظهر سيناريوهات مختلفة بشأن مستقبل العلاقات الإيرانية الباكستانية في ضوء الجهود الدبلوماسية الأخيرة التي بذلتها الحكومة الباكستانية لإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران، على الرغم من تصريحات وزير الخارجية، جليل عباس جيلاني، التي تشير إلى إحجام إسلام آباد عن تصعيد التوتر مع طهران.

تشير الاجتماعات الأمنية المطولة، التي أجراها رئيس الوزراء الباكستاني، أنور الحق كاكار، مع القيادة العسكرية بعد الأحداث بين إيران وباكستان، إلى تقييم أمني شامل.

الجدير بالذكر أن رئيس أركان الجيش الباكستاني ورؤساء أجهزة المخابرات شاركوا في هذه المحادثات، بحسب وسائل إعلام فرنسية.

وتكشف المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية وأمير عبد اللهيان في أعقاب الهجوم الصاروخي الإيراني والتوترات التي تلت ذلك، استعداد إسلام آباد للتعاون في مجموعة متنوعة من المجالات.

في الوقت نفسه، أعرب المدير العام لشؤون جنوب آسيا في وزارة الخارجية الإيرانية عن تفاؤله بشأن المكالمات الهاتفية المثمرة بين وزارتي الخارجية، مسلطًا الضوء على إمكان كبير لخفض التوتر.

جزء من خط أنابيب نقل الغاز من إيران إلى باكستان
جزء من خط أنابيب نقل الغاز من إيران إلى باكستان – الصورة من thecradle

العوامل الجيوسياسية والأمنية والدبلوماسية

تشكّل العوامل الجيوسياسية والأمنية والدبلوماسية المعقّدة والمتأصلة عقبات أمام علاقات الطاقة بين إيران وباكستان.

وكان للعقوبات الأميركية ضد إيران تأثير دائم، إذ عاقت مشروع خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان، وأدت إلى تأخيرات شديدة وحالة من الضبابية، وهو عائق خطير أمام الاعتماد المتبادل المنشود في العلاقات الثنائية.

وتتشكّل ديناميكيات العلاقات الإيرانية الباكستانية، إلى حدّ كبير، من خلال البيئة الجيوسياسية الأكبر، التي تؤثّر في جدوى واستقرار مشروعات الطاقة.

وتؤدي ديناميكيات القوة الإقليمية والمخاوف الأمنية إلى ظهور نقاط ضعف ومخاطر محتملة للتعاون في مجال الطاقة.

وما يزيد من تعقيد علاقة الطاقة بين باكستان وإيران بسبب الصراعات الحدودية والصعوبات الدبلوماسية، وفي بعض الأحيان، كانت العلاقات الدبلوماسية المتوترة تعوق إمكان الترابط والتعاون في مجال الطاقة، الأمر الذي جعل مشروعات الطاقة التعاونية أكثر إثارة للشكوك.

صعوبات تنفيذ وتمويل مشروعات الطاقة

تأثرت مشروعات الطاقة بصعوبات في تنفيذ المشروعات وتمويلها، مثل خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان، وتشمل هذه التحديات القيود المالية، والضغوط الدولية، وتأخير المشروعات التي تعوق العلاقات الإيجابية.

على صعيد آخر، يزيد تكرار التهديدات الأمنية والصراع الطائفي من حدّة التوترات، ويثير الشكوك التي تؤثّر في استقرار واستمرار التعاون في مجال الطاقة عمومًا.

وتعتمد الآفاق المستقبلية لباكستان على مدى استمرار العلاقات الدبلوماسية، أو ما إذا كانت المشكلات الاقتصادية في باكستان تتفاقم بسبب التوترات الجيوسياسية المستمرة.

وقد يسهم إحياء مشروع خط أنابيب الغاز المتوقف في حل المشكلات من خلال الوساطة الدولية.

إضافة إلى ذلك، يوجد سيناريو مختلف قد يتضمن بحث الدولتين في مصادر مختلفة للطاقة، والعمل معًا لتعزيز سياسة الطاقة لديهما.

وبالنظر إلى أن الترابط المعقّد بين المكونات الدبلوماسية والاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة سوف يحدد التطورات المستقبلية، فمن الضروري اتخاذ تدابير استباقية لمعالجة النزاعات والحفاظ على استقرار العلاقات الثنائية في الأمد البعيد.

ويسلّط التصعيد بين باكستان وإيران في الآونة الأخيرة الضوء على ضرورة اتخاذ خطوات استباقية للحدّ من التوترات وإيجاد حلول دبلوماسية لتحقيق الاستقرار الإقليمي في المدى الطويل.

محادثات الربط الكهربائي بين إيران وباكستان بحضور قيادات البلدين
محادثات الربط الكهربائي بين إيران وباكستان بحضور قيادات البلدين - الصورة من وكالة إرنا

وفي الختام، فإن العلاقة بين إيران وباكستان تشكّل أهمية بالغة لاستقرار المنطقة التي تواجه مزيجًا صعبًا من التحديات والتعاون.

وقد برزت التقلبات المتأصلة في المنطقة واحتمالات التصعيد في الهجمات الصاروخية الأخيرة التي شنّها الحرس الثوري الإيراني في إقليم بلوشستان بباكستان، والتأخير المطول في بناء خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان.

وتُظهر التداعيات المالية، كما حصل عند انهيار سوق السندات والأوراق المالية، قابلية باكستان للتأثر بالقوى الخارجية، وتسلّط الضوء على مدى خطورة المناخ الجيوسياسي الحالي.

ويتطلب خط أنابيب السلام، الذي يُعدّ الآن قيد الإنشاء، ويواجه صعوبات بسبب التوترات الجيوسياسية المستمرة، اتّباع نهج دبلوماسي وذكي لإدارة المشهد المعقّد للعلاقات الإقليمية.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق