طاقة نوويةتقارير الطاقة النوويةرئيسية

مفاعلات الملح المنصهر.. تقنية جديدة قد تغيّر معادلة الطاقة النووية (فيديو)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يُعوّل على الكهرباء النظيفة المولدة بالطاقة النووية في تسريع جهود المناخ
  • يتزايد اهتمام العديد من الدول بمفاعلات الملح المنصهر
  • يساعد الملح المنصهر في جعل المحطات النووية أكثر أمانًا
  • يتسم وقود "تي آر آي إس أو" بالقوة ولديه القدرة على مقاومة درجات الحرارة العالية

يتنامى الاهتمام مجددًا بتقنية مفاعلات الملح المنصهر التي ظهرت للمرة الأولى في خمسينيات القرن الماضي، قبل أن تندثر لصالح المفاعلات النووية المُبردة بالمياه، لما لهذا النوع الأول من فوائد عديدة، أبرزها تقليل المخاطر وتعزيز كفاءة توليد الكهرباء.

ويُنظر إلى ذلك النوع من المفاعلات في بعض البلدان على أنه تقنية متقدمة وواعدة، بفضل الفوائد المختلفة المقترنة بها، إذ لديها القدرة على العمل في درجات حرارة عالية، ما يؤدي إلى زيادة الكفاءة في توليد الكهرباء، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

كما يمكن لضغوط التشغيل المنخفضة أن تقلّل من خطر حصول تعطل لمدة طويلة، وفقدان سائل التبريد نتيجة لحادث، ومن ثم تعزيز سلامة المفاعل، إلى جانب أن مفاعلات الملح المنصهر لا تُنتِج سوى القليل من النفايات المشعة عالية المستوى، كما أن تصميمها لا يحتاج إلى وقود صلب، ما يلغي الحاجة إلى بنائها والتخلص منها.

نوع جديد

تطور شركة كايروس باور (Kairos Power)، ومقرها ولاية نيو مكسيكو الأميركية، نوعًا جديدًا من المفاعلات النووية التي سيجري تبريدها باستعمال الملح المنصهر، وفق ما نشره الموقع الرسمي للشركة.

وأكمل نظام التبريد الاختباري واسع النطاق المطور بوساطة الشركة 1000 ساعة من التشغيل في بداية شهر يناير/كانون الثاني (2024).

ويُعد هذا ثاني إنجاز تحققه الشركة خلال الأسابيع الأخيرة، إذ إنه في ديسمبر/كانون الأول (2023)، منحت اللجنة التنظيمية النووية في الولايات المتحدة الأميركية ترخيصًا للشركة لبناء أول مفاعلاتها النووية الاختبارية.

وبمقدور محطات الطاقة النووية أن توفر مصدرًا ثابتًا للكهرباء منخفضة الكربون التي تُعد الركيزة الرئيسة في مواجهة آثار التغيرات المناخية عبر تحقيق الحياد الكربوني.

غير أن تركيب تلك المحطات النووية غالبًا ما يواجه تأخيرات ومخصصات إنفاق مرتفعة في الموازنات الحكومية.

تقنية الملح المنصهر في المفاعلات النووية
تقنية الملح المنصهر في المفاعلات النووية - الصورة من Getty Images

تقليل التكلفة والوقت

تأمل كايروس وشركات أخرى تعمل على تصميمات المفاعلات المتطورة في إحياء الآمال المعقودة على الطاقة النووية عبر طرح نسخة جديدة من مفاعلات الملح المنصهر التي من الممكن أن تخفض التكلفة ووقت البناء.

وتبرز تقنية كايروس وإستراتيجية البناء بصفتها "مختلفة تمامًا" عن المفاعلات التجارية الحالية، وفق ما قاله المؤسس المشارك، مدير التقنيات في كايروس إدوارد بلاندفورد، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتستعمل جميع المحطات النووية التجارية النوع نفسه من اليورانيوم المخصب بصفته وقودًا لإنتاج الكهرباء عبر تفاعلات الانشطار النووي، ويجري التحكم في درجة الحرارة عبر نظام تبريد يستعمل المياه.

لكن عددًا متناميًا من الشركات يعمل على تغيير تلك الصيغة، في مسعى منها لتحسين معياري التكلفة والأمان.

وقود "تي آر آي إس أو"

تخطط كايروس لاستعمال وقود بديل، يُطلق عليه تي آر آي إس أو (TRISO)، مصنوع من حبيبات صغيرة تحتوي على اليورانيوم، التي يمكن دمجها في أغلفة الغرافيت.

ويتسم هذا الوقود بالقوة، ولديه القدرة على مقاومة درجات الحرارة العالية والإشعاع والتآكل، كما أن نظام التبريد في هذا المفاعل يستعمل الملح المنصهر بدلًا من المياه.

ومن الممكن أن يساعد الملح المنصهر في جعل المحطات النووية أكثر أمانًا، بحسب تصريحات مدير التقنيات في كايروس إدوارد بلاندفورد.

ويحتاج نظام التبريد في المفاعلات المبردة بالمياه إلى أن يُحفظ في ضغط عالٍ، لضمان عدم وصول المياه إلى درجة الغليان، ما قد يترك المفاعل دون مبرد، ومن ثم يُصبح عرضة للسخونة الزائدة، والخروج عن السيطرة في النهاية.

حبيبات وقود تي آر آي إس أو
حبيبات وقود تي آر آي إس أو - الصورة من موقع وزارة الطاقة الأميركية

ظهور وتجاهل

ظهرت مفاعلات الملح المنصهر للمرة الأولى في العقد الخامس من القرن الماضي، غير أنه قد جرى تجاهلها لصالح المفاعلات المبردة بالمياه.

وقال المؤسس المشارك، المدير التنفيذي لمنظمة جود إنرجي كوليكتيف (Good Energy Collective) البحثية والمؤيدة لاستعمال الطاقة النووية: "الآن ومع تنامي الحاجة إلى الكهرباء منخفضة الكربون، هناك اهتمام كبير باستعادة تلك التقنية من جديد".

ومن الممكن أن تساعد خيارات تقنية مفاعلات الملح المنصهر على تجنُّب بعض المخاوف ذات الصلة بأمان المفاعلات المبردة بالمياه، ويمكنها كذلك أن تُنتِج الكهرباء بكفاءة أكبر.

مرحلة الاختبار

تغيّرت التقنية كثيرًا خلال العقود الـ7 الماضية، ولم تدخل مفاعلات الملح المنصهر بعد مرحلة التشغيل التجاري على نطاق واسع، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ولذا فإنه ما تزال هناك حاجة إلى إجراء اختبارات كافية قبل البدء في تشغيل هذا النوع من نظام التبريد في المفاعلات النووية التي تتطلب معايير سلامة خاصة.

ولعل هذا ما تحاول وحدة الاختبارات الهندسية التابعة لشركة كايروس تنفيذه، التي تُعد أكبر وحدة من نوعها في العالم تعمل على تدوير نظام مبرد ملحي مصنوع من الفلورايد.

ويستعمل هذا النظام سخانات كهربائية لتحفيز الحرارة التي سيجري توليدها بالتفاعلات النووية في المفاعل النهائي.

وتشتمل الاختبارات على ضخ المزيج الملحي المصنوع من الفلورايد عبر حلقة تبريد، في حين يراقب المهندسون المتخصصون درجة الحرارة عبر النظام، ونقاء الملح خلال العملية.

وقال مدير الأبحاث في تحالف الابتكار النووي -مركز أبحاث لا يهدف إلى الربح- باتريك وايت: "إن بناء نظام تبريد كامل هو استثمار كبير للوقت والمال والموارد، وهذا النهج المتمثل في اتخاذ خطوات صغيرة يمكن أن يساعد كايروس على النجاح في إدخال تقنية نووية جديدة، وهي مهمة صعبة تاريخيًا".

وتسعى كايروس لاتباع مسار مختلف، إذ تختبر المكونات بدرجة أكبر، للمساعدة في تسريع وتيرة التطوير، وتجنُّب التعثر في مراحل البناء المتأخرة.

ويوضح الفيديو التالي مقتطفات من استعمال تقنية الملح المنصهر في المفاعلات بوساطة شركة كايروس:

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق