التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

طاقة الشمس والرياح في أفريقيا.. موارد "منسية" تنقذ القارة من الظلام

هبة مصطفى

تعكس الفجوة الهائلة بين مؤهلات موارد طاقة الشمس والرياح في أفريقيا وبين معدل إنتاج الحالي، عدم مواكبة استثمارات مشروعات الطاقة المتجددة للإنتاج المأمول منها، في ظل السباق العالمي نحو نشر التقنيات الخضراء والنظيفة.

وتُشكّل القارة السمراء فرصة سانحة للمطورين العالميين الباحثين عن موارد موثوقة وآمنة، غير أن تحديات حالت دون الاستغلال الأمثل لهذه الموارد حتى الآن، أبرزها حاجة البنية التحتية إلى تأهيل مُكلف، فضلًا عن اتّساع رقعة ممن يعانون عدم وصول الكهرباء لتشمل 600 مليون أفريقي.

ورغم الفرص الواعدة والإمكانات لمشروعات طاقة الشمس والرياح في أفريقيا، احتفظت القارة بحصّة ضئيلة من الاستثمارات المتجددة على المستوى العالمي، خلال العقد الماضي (من 2010 حتى 2020)، بلغت 3% فقط.

ولم يعد حجم الاستثمارات صديقة البيئة الحالي (البالغ 29.5 مليون دولار سنويًا) كافيًا لتغطية الإنفاق على تطوير الموارد كافة، ما دفع معنيين إلى إعادة النظر في تقديرات هذه الاستثمارات، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

أولًا: الطاقة الشمسية

  • موارد وإمكانات

تجذب موارد طاقة الشمس والرياح في أفريقيا مطوري الطاقة المتجددة والمستثمرين العالميين في غالبية الأحيان، غير أن الصراعات السياسية والمشكلات الأمنية وحاجة البنية التحتية إلى تكلفة إضافية لأعمال الصيانة، دفعت العديد من المستثمرين إلى إعادة النظر في الإقبال على مشروعات القارة السمراء.

وقُدِّرت الإمكانات الشمسية للقارة بصورة إجمالية بنحو 7900 غيغاواط، وهي قدرة ضخمة تفوق حجم الإنتاج الحالي بنحو 1000 ضعف، حسب بيانات ذكرها تقرير الاستثمارات لشركة كيه بي إم جي (KPMG) لعام 2023.

ويصل متوسط الإشعاع الشمسي في أفريقيا إلى 2119 كيلوواط ساعة/متر مربع، وهو متوسط يفوق مناطق في أميركا الشمالية وأوروبا وأوراسيا.

وتفصيليًا، قدّر التقرير معدل الإشعاع الشمسي في دول شرق أفريقيا بنحو 2100 كيلوواط ساعة/متر مربع، ودول وسط أفريقيا 2000 كيلوواط ساعة/متر مربع، ودول الجنوب الأفريقي 2160 كيلوواط ساعة/متر مربع، ودول شمال أفريقيا 2200 كيلوواط ساعة/متر مربع، ودول غرب أفريقيا 2100 كيلوواط ساعة/متر مربع.

ومقابل متوسط قدره 2119 بالمناطق الإفريقية، بلغ معدل الإشعاع الشمسي في مناطق أميركا الشمالية 1882 كيلوواط ساعة/متر مربع، ومناطق بأوروبا وأوراسيا 1124 كيلوواط ساعة/متر مربع.

الطاقة الشمسية والرياح في أفريقيا
ألواح شمسية بجوار مواقع للسكن في أفريقيا - الصورة من UNHCR
  • واقع الاستثمارات

حظيت استثمارات طاقة الشمس والرياح في أفريقيا بحصّة ضعيفة ضمن برامج الاستثمارات العالمية، رغم الإمكانات الهائلة التي تفوق مناطق بأوروبا وأميركا.

وخلال عام 2021، شكّلت استثمارات الطاقة الشمسية في أفريقيا والشرق الأوسط والكاريبي 8% من إجمالي الاستثمارات العالمية في القطاع، رغم تجاوز هذه الاستثمارات 200 مليار دولار أميركي.

وربما تختلف الموارد المتاحة عن الموارد المستغلة فعليًا، فرغم إمكانات طاقة الشمس والرياح في أفريقيا الهائلة، فإن الاستثمارات على أرض الواقع لا تعكس استفادة قصوى من هذه الإمكانات.

ولمقارنة القدرات المركبة من الطاقة الشمسية، تملك المملكة المتحدة 77 غيغاواط، والهند 416 غيغاواط، وإسبانيا 118 غيغاواط، وتركيا 100 غيغاواط، والبرازيل 189 غيغاواط.

وفي المقابل، تملك دول أفريقيا جنوب الصحراء قدرات مركبة، هي: موزمبيق 2.8 غيغاواط، كينيا 3 غيغاواط، نيجيريا 16 غيغاواط فقط.

  • التطبيقات والمشروعات

كانت التطبيقات خارج الشبكة -غير المتصلة بالشبكة الوطنية- الأوفر حظًا ضمن استثمارات طاقة الشمس والرياح في أفريقيا خلال العامين الماضيين، لانخفاض تكلفتها واتّساع نطاق مطوريها.

ونجح القطاع في جذب مستثمرين ومطورين معنيين بالمشروعات صديقة المناخ، إذ تتوافق المشروعات الشمسية خارج الشبكة مع أهداف تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات، لكن بتكلفة أكثر انخفاضًا من المشروعات كبيرة الحجم المتصلة بالشبكة.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- عدد مشروعات الطاقة الشمسية طبقًا للتوزيع الإقليمي في أفريقيا:

مشروعات الطاقة الشمسية طبقًا للتوزيع الإقليمي في أفريقيا

ثانيًا: طاقة الرياح

  • موارد وإمكانات

شكّلت إمكانات طاقة الشمس والرياح في أفريقيا جناحَي تطوير الطاقة المتجددة، وعصب الاستثمار الأخضر الحقيقي، خاصة أن الاستثمار في الطاقة الكهرومائية تشوبه المخاطر في ظل نقص المياه واحتمالات توقّف السدود.

ويمكن لإمكانات طاقة الرياح في القارة الإسهام بنحو 461 غيغاواط من مزيج الكهرباء، بما يفوق المعدل الفعلي في الآونة الحالية بقرابة 100 ضعف.

وفيما يتعلق بتقدير سرعة الرياح في مناطق القارة مقارنة بمناطق في أميركا الشمالية وأوروبا وأوراسيا، نجد أنها تصل إلى 5.5 مترًا/ثانية في دول شرق أفريقيا، و4 أمتار/ثانية في دول وسط القارة، و6.2 مترًا/ثانية في دول الجنوب الأفريقي، و7 أمتار/ثانية لدى دول شمال القارة، و6 أمتار/ثانية لدى دول غرب أفريقيا.

ومقابل متوسط قدره 5.7 مترًا/ثانية في المناطق الأفريقية، بلغت سرعة الرياح في مناطق بأميركا الشمالية 4.5 مترًا/ثانية، و5.5 مترًا/ثانية في مناطق بأوروبا وأوراسيا.

  • واقع الاستثمارات

كان الأمر بالنسبة للرياح أكثر انخفاضًا عن الطاقة الشمسية، إذ قُدّرت الحصة المستعملة من الموارد الأفريقية بنحو 0.01% فقط من الإمكانات المتاحة، طبقًا لبيانات نقلها تقرير "كيه بي إم جي" عن المجلس العالمي لطاقة الرياح.

وأقرّ المجلس بأن إمكانات طاقة الرياح الإجمالية في أفريقيا يمكنها تلبية الطلب على الكهرباء في القارة بأكملها 250 مرة، حال الاستفادة منها والاستثمار بها.

ويمكن لإمكانات الرياح في 27 دولة أفريقية فقط -من أصل 54 دولة بالقارة- تلبية الطلب السنوي على الكهرباء في القارة بأسرها، البالغ 700 تيراواط/ساعة، وفق نتائج بحث أجرته شركة إيفروز (Everoze).

وتملك سواحل القارة إمكانات مميزة لإنتاج الرياح من التوربينات صغيرة الحجم، وقُدِّرت إمكانات توليد الكهرباء من الرياح في أفريقيا بنحو 180 ألف تيراواط/ساعة، بما يكفي لتلبية الطلب على الكهرباء.

وتتربع الجزائر على قائمة الدول الأفريقية الأكثر امتلاكًا لموارد الرياح، ويحلّ بعدها السودان وليبيا.

وتملك 12 دولة (من بينها: موريتانيا، ومالي، ومصر، وناميبيا، وجنوب أفريقيا، وكينيا، وإثيوبيا) إمكانات تفوق 1000 غيغاواط.

الطاقة الشمسية والرياح في أفريقيا
مزرعة توركانا للرياح في كينيا - الصورة من Norfund
  • التطبيقات والمشروعات

لم تكن تطبيقات طاقة الشمس والرياح في أفريقيا مزدهرة بقدر متساوٍ، فرغم الإمكانات المهولة من الموارد المتاحة، فإن هناك تحديات تواجه مشروعات الرياح في القارة.

ومن بين هذه التحديات: صعوبة تلبية متطلبات هذه المشروعات من حيث اتّساع المساحة لاشتراطات الاقتراب من الشبكة والبنية التحتية، خاصة في ظل الحاجة المستمرة إلى صيانة شبكات النقل والتوزيع، ويلقي بأعباء وتكلفة إضافية إذا ما مُدَّت خطوط لنقل الكهرباء للربط بين الموقع والشبكة.

وأكد تقرير شركة "كيه إم جي بي" أنه منذ عام 2020 حتى الآن، أطلق المغرب ومصر وجيبوتي مشروعات مهمة في قطاع الرياح، نذكر منها:

1) المغرب:

كان مشروع مزرعة "بوجدور" بطاقة 300 ميغاواط أبرز المشروعات التي أطلقها المغرب، وتسهم بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 1.15 مليون طن سنويًا.

ويكشف الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حصة الطاقة المتجددة المستغلة في أفريقيا خلال عامي 2021 و2022:

الطاقة الشمسية والرياح

2) مصر:

تستضيف مصر أكبر مزرعة رياح في أفريقيا والشرق الأوسط، بالتعاون مع شركة أكوا باور السعودية، وتصل قدرتها إلى 10 غيغاواط، وتُنتج ما يزيد عن 40 ألف غيغاواط/ساعة، في حين تسهم بخفض الانبعاثات بمعدل 9% سنويًا.

3) جيبوتي:

خلال المدة المذكورة، أطلقت جيبوتي أول مشروعاتها في طاقة الرياح، بإنتاج متوقع يصل إلى 60 ميغاواط، بما يعزز سعة البلاد ويخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 250 ألف طن سنويًا.

4) كينيا:

يعدّ مشروع بحيرة توركانا في كينيا أكبر مزارع الرياح في القارة السمراء، إذ يضم 365 توربينًا، ومرّ بمراحل عدّة قبل أن يسجل (في مارس/آذار 2022) دورات عمل لمدة 3 أعوام متصلة.

وأسهمت المزرعة بنحو 16% من الكهرباء الكينية، وخفضت مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل 680 ألف طن عام 2022.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق